الأذان سمة المجتمع المسلم
بقيت قضية هـامة تكشف عن بعد آخر من الأبعاد الإعلامية لشعيرة الأذان، إذ به يعرف مجتمع المسلمين، ويستدل على استمساك القوم بمبادئ الإسلام.
ذكر مجاهد وقتادة في سبب نزول الآية الكريمة: ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ) (الحجرات: 6) أن الرسول عليه الصلاة والسلام أرسل الوليد بن عقبة لجمع الصدقات من بني المصطلق ، فتلقوه مرحبين به، فخاف [ ص: 78 ] وظن أن القوم قد ارتدوا ويريدون الفتك به، فعاد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره بما رأى، فأرسل الرسول عليه الصلاة والسلام خالد بن الوليد الذي وصل إلى هـناك وراقب القوم، وسمع الأذان للصلوات الخمس، واستبان له أن القبيلة ما هـي إلا مجتمع للمسلمين، فأخذ صدقاتهم، وسلمها لرسول الله صلى الله عليه وسلم . ( ابن كثير - ج 4) .
من خلال هـذه القصة ندرك قيمة الأذان في الأمة الإسلامية باعتباره معلما بارزا وسمة دالة على صلتها الوثيقة بالدين الحق.
إن كلمات الأذان شهادة للأمة ما دامت قوية بالتزامها بالمبادىء. مستمسكة بالقيم، كما أنها شهادة عليها عندما تضعف وتهون، وتتخلى عن المثل التي شرفها الله تعالى بها؛ وهي في الحالين إعلام متميز في الأمة المسلمة لا نظير له في أي مكان على وجه الأرض.
وسيأتي يوم-بإذن الله- تفيق فيه الأمة الغافلة، تحركها من سباتها أصوات المؤذنين، تصرخ فيهم: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله.. والله يهدينا جميعا سواء السبيل. [ ص: 79 ]