التـحالف مـع الأقـويـاء
العالم في نظر اليهودي مقسم إلى: يهودي وغير يهودي، واليهود لا يهتمون كثيرا (بالأغيار) وكل ما يرجونه ويؤملونه، عدم صدور الأذى عنهم، كذلك لا يهتمون بماضي الأغيار ولا أخلاقهم، ولا نوعية سلوكهم، إلا أنهم يراقبون بدقة وحذر (مراكز القوة) وميزانها، والهدف معرفة الأقوياء من أجل التحالف معهم حفظا وصونا لمصالح اليهود. والقضية ليست بنت اليوم أو الأمس، ولكنها تعود لألوف السنين، ويحسن هـنا أن أعرض أولا نبذة تاريخية ثم أبسط القضية.
نبـذة تـاريخـية
انقسمت مملكة اليهود إلى قسمين، بعد موت سليمان عليه السلام مباشرة ( في مطلع الألف الأول قبل الميلاد) فكانت إسرائيل في الشمال، ويهودا في الجنوب. [ ص: 81 ]
مملكة الشمال سقطت على يد الأشوريين عام (720) ق. م. ومملكة الجنوب سقطت على يد بختنصر الكلداني عام (586) ق.م. وحين قام ( قورش ) الفارسي (وأمه يهودية) ساعده اليهود، واعتبروه مخلصا ربانيا لهم، بل وصفوه بالمسيح المنتظر [1] جاء في سفر أشعيا [2] (هكذا يقول الرب لمسيحه، لقورش الذي أمسكت بيمينه لأدوس أمامه أمما، وأحل أحزمة ملوك، لأفتح أمامه المصراعين، فلا تغلق الأبواب، إنني أمشي أمامك، وأمهد الهضاب، وأحطم مصراعي النحاس، وأكسر مزاليج الحديد، وأعطيك مكنونات الكنوز وذخائر المخابئ، حتى تعرف أني أنا الرب الذي يدعوك باسمك، لقبتك وأنت لا تعرفني) .
وقد قدم قورش هـذا وعدا لليهود بالعودة إلى فلسطين ، على نفس الطريقة التي صدر بها وعد بلفور، وذلك بأن يقوم طرف بالتبرع بوطن طرف ثان لمصلحة طرف ثالث.
والخلاصة: عندما كانت العلاقات بين الكلدانيين [ ص: 82 ] والمصريين متوترة، ومرشحة للاصطدام، قدر اليهود أن النصر سيكون حليف المصريين، لذلك سارعوا للتحالف معهم، وخالفهم في ذلك النبي (آرميا الكاهن) فقد كان اعتقاده بأن النصر سيكون من نصيب بختنصر وجيشه، وعلى هـذا ينبغي أن يكون التحالف مع المنتصر، وليس مع المهزوم، جاء على لسان آرميا ( ... هـكذا قال رب الجنود، إله إسرائيل، هـكذا تقولون لسادتكم، إني أنا صنعت الأرض والإنسان والحيوان، الذي على وجه الأرض، بقوتي العظيمة، وبذراعي الممدودة، وأعطيتها لمن حسن في عيني، والآن دفعت كل هـذه الأرض ليد نبوخذ ناصر ، ملك بابل عبدي، وأعطيته أيضا حيوان الحقل ليخدمه، فتخدمه كل الشعوب وابنه وابن ابنه، حتى يأتي وقت أرضه أيضا فتستخدمه شعوب كثيرة وملوك عظام، ويكون أن الأمة أو المملكة التي لا تخدم نبوخذ ناصر ملك بابل، والتي لا تجعل عنقها تحت نير ملك بابل، إني أعاقب تلك الأمة بالسيف والجوع والوباء، يقول الرب: حتى أفنيها بيده، فلا تسمعوا أنتم لأنبيائكم وعرافيكم وحالميكم وعائقيكم وسحرتكم الذين يكلمونكم قائلين: لا تخدموا ملك بابل، لأنهم إنما ينبئون لكم بالكذب، لكي يبعدوكم من أرضكم ولأطردكم فتهلكوا. والأمة التي تدخل عنقها تحت نير ملك بابل وتخدمه، أجعلها تستقر في أرضها وتعملها وتسكن بها ... .) الإصحاح 27 / 4 -11 [ ص: 83 ]
وهذا الكلام يتكرر عشرات المرات بحيث بلغت أقوال آرميا 53 إصحاحا وخمسة مراثي.
لم يسمع اليهود لنصيحة (آرميا) مما اضطره على أن يحتال للاتصال بجيش بختنصر وقائده، ويجرى معه مفاوضات مطولة، وبقي اليهود على قناعتهم وتحالفهم، حتى اقتحم جيش بختنصر القدس، وساق اليهود أسرى إلى بابل ، وقدر للنبي (آرميا) موقفة فترك له الحرية في البقاء أو الهجرة، وكان يخشى على نفسه من قومه، فهاجر سرا، ولكن اليهود لم يلبثوا أن قتلوه. وأحدث ذلك صدمة كبيرة لليهود، ومن ذلك اليوم وهم يراقبون بدقة وحذر (مراكز القوة) من أجل معرفة النجم القوي الصاعد ليتحالفوا معه، غير سائلين عن سلوكه وما يعتقده، ولا عن ماضيه ونظافته، المهم عندهم أن يكون قويا أو مرشحا ليكون كذلك.
وبالمثل فإن الحليف إذا فقد مركز قوته، أو أوشك على ذلك تركه اليهود بسرعة، ليتحالفوا مع نجم جديد طالع، والأمثلة في هـذا أكثر من أن تحصى أو تعد.
فحين برز المسلمون قوة عالمية سارع اليهود للتحالف معهم، وكسب ودهم، بل راحوا يتجسسون لهم على الروم وغيرهم. [ ص: 84 ]
يقول العالم اليهودي (إسرائيل ولفنسون) [3] : (كانت الضرورة الطبيعية لنجاح مشروعات المسلمين تقتضي حتما وقوع عراك شديد بين الطرفين -المسلمين واليهود- ومن أجل ذلك تغيرت الحالة تغيرا جوهريا، بعد أن انتهت الخصومة السياسية بين الرسول وبطون يثرب، حتى شرع اليهود ينظرون بعيون الإكبار والاحترام إلى جيوش المسلمين، التي كانت تغمر كالسيل أقطار العالم ونواحيه، وقد كان اليهود في أغلب مدن العراق يخرجون لاستقبال جيوش المسلمين بالحفاوة والإكرام، لأنهم يؤثرونهم على غيرهم، إذ يرون فيهم قوما يؤمنون بإله موسى وإبراهيم ، ولقد ازدادت هـذه الروابط متانة مع الزمن، حتى دخل اليهود في جيوش المسلمين ليقاتلوا معهم في أقاليم الأندلس، وينبغي أن لا يغيب عن البال، أن الخسارة القليلة التي لحقت بيهود بلاد الحجاز ، ضئيلة بالقياس إلى الفائدة التي اكتسبها اليهود من ظهور الإسلام، فقد أنقذ الفاتحون المسلمون آلافا من اليهود كانوا منتشرين في أقاليم الدولة الرومية، وكانوا يقاسون ألوانا شتى من العذاب) ا هـ.
وفي الأندلس استقبلوا المسلمين، فلما خرجوا منها كانوا معهم، واستقروا في أقطار المغرب وتركيا، فلما أفل نجم المسلمين، [ ص: 85 ] راحوا يتجسسون عليهم لمصلحة الاستعمار الغربي، بل راحوا يغرونه بالغزو. وحين سطع نجم ( هـولاكو ) في المشرق كاتبه يهود بغداد، وحالفوه، وقدموا له المال والمشورة، قبل أن يصل إلى بغداد ، فلما دخلها وقتل الخليفة ومليونا من المسلمين -كما يذكر ابن كثير [4] - سلم اليهود، فلم يقتل منهم أحد، كما سلمت أموالهم من النهب والسلب. وفي العصر الحديث ابتدأ رهانهم على فرنسا فحالفوها، وراحوا يتعلمون الفرنسية، ويعملون في خدمة النفوذ الفرنسي، فلما برزت إنكلترا قوة جديدة، تحولوا إليها، وربطوا مصيرهم بها، وراحوا يغرون الإنكليز باستعمار فلسطين وغيرها، واتخذوا من (لندن) مقرا لحركتهم ونشاطهم، فلما توحدت ألمانيا وبرزت قوة سياسية، تركوا لندن، وتوجهوا إلى برلين ، وقام بعضهم بترجمة التوراة الألمانية، كما راحوا يتعلمون الألمانية، ويعقدون المؤتمرات هـناك، ويكتبون بالألمانية كافة القرارات، وبقي الحال هـكذا حتى بعد ظهور هـتلر ، حيث ظلوا على صلة به، يحاولون استثمار كرهه للمساعدة في الهجرة إلى فلسطين . ويوم أن قام هـتلر بإغلاق النوادي اليهودية، ومصادرة صحفها، استثنى الصحف الصهيونية، حيث استمرت على الكتابة والنشر [5] [ ص: 86 ] وهذه الصلة صار البحث فيها، من المحرمات ومن يبحث فلن يجد دارا تنشر له، لأن سيف الإرهاب الصهيوني مصلت فوق الرءوس في الغرب.
ثم تحولوا بعد ذلك إلى لندن وحالفوا الإنكليز ، وبعد الحرب العالمية الثانية أدركوا أن مركز القوة قد تحول إلى أمريكا ، فتوجهوا إلى هـناك، رامين بكل ثقلهم المالي والإعلامي والتنظيمي.
وغدا إذا ما شعروا بأن روسيا أو الصين مرشحة للصعود، فسيسارعون للتحالف معها، طلبا للمغنم، وليس إيمانا بالصداقة، فالأغيار أشرار ولا خير فيهم. لقد صار اليهود أشبه (بمحرار الزئبق) يتحسسون القوة، ليحالفوا صاحبها، وربما قبل أن يشعر هـو بذلك، حتى إذا وقف الحليف على رجليه، طالبوه بالثمن، بعد أن يكونوا مدوه بالمال والرجال والتجسس لصالحه.
ومن غرائبهم في هـذا أنهم لا يجدون بأسا، في التحالف حتى مع الأعداء، ما دام هـذا العدو قويا، فحين وقعت في روسيا مذابح (بوغروم) [6] التي قتل فيها ألوف اليهود، [ ص: 87 ] واعتدي على أعراضهم وممتلكاتهم، والتي شهدها الكاتب الروسي (مكسيم غوركي) ووصف أهوالها، مع ذلك لم يجد الصهاينة غضاضة في التفاوض مع وزير داخلية روسيا، والمسئول عن هـذه المذابح.
ولعل الأغرب من كل هـذا مشاركة بعض اليهود في تلك المذابح، والدفاع عمن يشارك فيها. ومن الغرائب أيضا [ ص: 88 ] أن يقف اليهود إلى جانب العثمانيين ضد اليونان ، حين ثاروا في جزيرة (كريت) [7] مخالفين في ذلك سائر دول العالم، وقد فعلوا نفس الشيء مع الأرمن ، فقد استعملوا صحافتهم في تأييد العثمانيين، طمعا في حصول إذن بالهجرة ودخول فلسطين، أما الأرمن أو اليونان فلا مطمع فيهم. ومن مساهماتهم مساعدة النظام الماركسي في الحبشة ضد رغبة الحليف الكبير ( أمريكا ) فلماذا كل هـذا الحرص على التحالف مع الأقوياء؟؟ الذي أتصوره -إضافة للتجربة التاريخية- أن اليهود أصحاب رءوس أموال، وهم دوما بحاجة إلى صداقة الحاكم المحلي القوي، ليحميهم وأموالهم من الاعتداء، ومن هـنا يمكن أن نفهم سبب تجسسهم على مواطنيهم، فمن أجل أن تكون لهم مكانة لدى الحاكم، يتجسسون له، وإلا فالحاكم وشعبه من الأغيار، الذين لا خير يرتجى منهم.
ونظرا لأن الأموال صارت تتحرك عبر الحدود، من دولة لأخرى، لذا فالحكومات القوية عالميا، يمكن أن تساعد في حفظ هـذه الأموال، أما المراهنة على الضعيف ولو كان صديقا، فلا يعرفها اليهود. [ ص: 89 ] يذكر الكاتب اليهودي (سجيف) [8] أن الشاه وبعض كبار المسئولين، كانوا يناقشون الإسرائيليين حول الحملة ضد الشاه في أمريكا ، وأنها كانت تسير برضاهم، بالرغم من صداقة الشاه لإسرائيل ، ولما راح الصهاينة ينفون ذلك بشدة، ويتساءلون عن سبب هـذا الاعتقاد رد الإيرانيون بتقديم قائمة بأسماء الصحفيين اليهود الذين يحملون على الشاه، كما صرح الشاه بأنه يعتقد بأن إسرائيل خلف الحملة سواء بطريق مباشر، أو عن طريق الموافقة السرية.
والمتبادر هـنا أن إسرائيل -وهي صديقة للشاه- راحت تعمل على إسقاطه، وليس هـذا ما أعتقده، بل أن حساباتها كانت بأن نجمه في أفول، ولذا فهي تترك تحالفها معه، ولا يوجد سبب يدعوها لإسقاطه.
والدليل على هـذا من كتاب (سجيف) نفسه، فقد ذكر أن محادثات بينهم وبين الأمريكيين بشأن قوة الشاه ونفوذه، وكان الرأي الأمريكي بأنه قوي وسيحكم ما بين 10-15 سنة. أما الجانب الإسرائيلي فكان رأيه بأن الشاه قد انتهى، وهذا ما حصل، وبالفعل تحرك اليهود تجاه القوة الجديدة، [ ص: 90 ] يقول سجيف [9] (في أعقاب انتقال الخميني من النجف إلى باريس في (3 تشرين أول 1987م) ذهب إليه عدد من اليهود، وحصلوا منه على وعد، بعدم المساس باليهود في طهران ، كما أن حكومة أوروبية كانت تعمل في ذلك الوقت بناء على طلب من إسرائيل ، في سبيل الحفاظ على حياة يهود إيران، ومن مكان منفاه أبلغ الخميني الحكومة الفرنسية بأنه يميز بين اليهود وبين الصهيونيين، ووعد بتوجيه تعليمات إلى رجاله في إيران بعدم المساس باليهود) كما يذكر (سجيف) صورا من التحرك اليهودي، تجاه القيادة والقوة الجديدة، حيث خرج خمسة آلاف من يهود طهران، وعلى رأسهم الحاخام الأكبر لاستقبال الخميني وهم يحملون صوره ويهتفون: اليهود والمسلمون إخوان [10] . وقد أعقب ذلك اتصالات شخصية، ثم مظاهرة تأييد ثانية وهكذا.
بل وصل الأمر بالصهاينة إلى تشجيع الأمريكان على الاتصال بالخميني في باريس، ورشحوا شيخ الأزهر ليقوم بالمهمة.
والذي أريد الوصول إليه هـو: أن اليهود منذ ألوف السنين وهم يبحثون عن (الأقوى) ليحالفوه، فحينا يصير عميلا، [ ص: 91 ] بل مطية لهم، والأمثلة حية، وأحيانا مجرد صديق، وفي كثير من الأحيان يفهمهم جيدا فيكون الشعار (انفعني أنفعك، واحملني أحملك) ، ولا يعني هـذا أن كل قوي ظهر كان خلفه اليهود، ولا كل قوي سقط فبسبب من اليهود، فليس لليهود كل هـذه القوة وإن كانت لهم حقا فجدير بهم أن يحكموا العالم.
كثير من الكتاب اتخذ من اليهود (شماعة) يعلق عليها المصائب والنكبات ...
والقاعدة كما أفهم هـي حبهم للقوة، وتطلعهم للتحالف مع الأقوى، ونفض أيديهم من الضعيف، ولو كان صديقا أو حليفا.
فعلاقتهم بالأغيار محكومة بكونهم أقوياء، ما بعد ذلك أو فوقه أو قبله لا يهمهم كثيرا.
تبقى قضية حبهم للقوة، واستعمالهم لها، وتفضيلها على ما سواها في علاقتهم مع العرب، وعدم بذل أي جهد يذكر لكسب ودهم. هـذه القضية من غير المعقول أن اليهود لا يدركونها.
والذي أتصوره، أن حبهم للأقوياء سرى إلى حب القوة ذاتها، فجعلوا دولتهم عسكرية بالدرجة الأولى، كما صنعوا [ ص: 92 ] من شعبهم جيش احتياط، يدعى للخدمة في أية ساعة من ليل أو نهار، وهذا الأمر لم تأت به الصدفة، ولكن صنعه التخطيط، والخوف ممن حولهم وشعورهم بأنهم اغتصبوا أرض غيرهم وطردوا أهلها، وفي هـذا الخصوص يعجب الإنسان لصراحة (جولدا مائير) فقد كتبت لزوج أختها تقول [11] (عليك أن تحضر ولو لم يكن لدي قناعة تامة بأنك ستجد عملا جيدا، لما طلبت منك الحضور. في الحقيقة حتى العمل الصعب بالكاد تستطيع إيجاده. ولكنني على يقين من أنك ستجد عملا ما. بالطبع لا أعدك بحياة رغدة، خالية من ضائقة مالية أو صعوبات، ولكن أقول لك إن الذي يريد انتزاع أرض غيره ويسكنها ويتملكها، عليه أن يكون مستعدا لجميع الطوارئ والصعوبات ... ) .
هذه مذكرات امرأة قال عنها بن غوريون يوما بأنها الرجل الوحيد في وزارته، وقد تولت رئاسة الوزارة كما هـو معروف.
لذا فهي لا تمثل نفسها في هـذا، بل تمثل الشعب الصهيوني. وهذا يعني من جانب آخر بأن الهزيمة العسكرية للصهاينة، سيكون لها دوي هـائل في النفوس، وقد صرح بن غوريون مرة، بأن العرب يتحملون الهزيمة في مائة معركة، [ ص: 93 ] وأما إسرائيل فإنها متى انهزمت في معركة فستكون نهاية الدولة.
وقد قام (جورج تامارين) باستفتاء لطلبة إسرائيل - في الثانوية - حول ما فعله (يشوع بن نون ) من قتل جماعي للفلسطينيين ، صغارا وكبارا، وهل يمكن أن يفعل ذلك الجيش الإسرائيلي أم لا؟
وقد جاءت الإجابات تحبذ ذلك، ونتيجة هـذا الاستفتاء كان طرد (تامارين) من جامعة تل أبيب، كأستاذ لعلم النفس، وخلاصة ما خرج به من الاستفتاء [12] (إن تخطيط الصفوة الحاكمة الإسرائيلية الذي يتمثل في أن تكون إسرائيل قلعة عسكرية حصينة، بالنسبة إلى جيرانها العرب، قد أدى إلى عزل إسرائيل حضاريا، وتحولها إلى (غيتو) كبير، تسوده اتجاهات حضارية انعزالية ورجعية، هـي في حد ذاتها المناخ الصالح لنمو الأفكار العنصرية، وانتشار سياسات التمييز العنصري ضد العرب) .
هذه شهادة قيمة من رجل غير مطعون في صهيونيته ولا علمه، وقد دفع ثمن هـذه الشهادة، وأمثاله كثير. [ ص: 94 ]
إن عبادة القوة مثل عبادة العجل دليل على اتجاه معين، سيدفع العرب بسببه ثمنا غاليا، ولكن نصرا عسكريا كافيا للقضاء على إسرائيل، وإعادة الصهاينة للشتات مرة ثانية، وقد تعهد الله بأن يسلط عليهم حتى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب فإذا يسر الله لنا قيادة حكيمة مخلصة تجمعنا، وتقودنا في حرب يكون التوجه فيها لله فسوف ننتصر، وبانتصارنا نقضي على هـذه الدولة، المزروعة في وسطنا، والأحاديث في هـذا كثيرة، وسوابق الحروب الصليبية ما زالت مسطورة معروفة.