الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

الرؤية الإسلامية والمسألة الحضارية (دارسة مقارنة)

الأستاذ الدكتور / عبد الله محمد الأمين

المبحث الثاني

الحضارة

- مقدمة:

لقد سبق أن تحدثنا عن خصوصية المصطلحات والمفاهيم، وأشرنا إلى أن كل حضارة تعتبر وليدة فكرة أو عقيدة لها تصوراتها وتساؤلاتها عن الإنسان والإله والعالم والتفاعلات الناشئة عن علاقات الإنسان بما حوله، وتلك التساؤلات والتصورات والإجابة عنها هي ما تشكل رؤية كلية للعالم أو نموذجا معرفيا، فإذا كانت الفكرة تتحكم في نشأة الحضارة ابتداء فإنها تتحكم كذلك في تطورها وسيرورتها.

وعلى هذا الأساس، فإن دراسة الحضارات لا تتم بمعزل عن حقيقة الوجود وغاية الحياة، "ولا يمكن بحال من الأحوال بناء حضارة أو إقامة ثقافة وبناء عالم أفكار على أصول ثقافية وحضارية لثقافة وحضارة أخرى، وإن كان هذا لا يعني الانغلاق والحيلولة دون التبادل المعرفي والمثاقفة والتلاقح وإنما ينفي الارتماء وإلغاء الذات وفقدان المعايير" [1] .

وقد طرح المنهج الغربي الوافد في أفق الفكر الإسلامي تفسيرا للحضارة استمد من مفاهيم وقيم النموذج الغربي، الذي "يطرح عالميا [ ص: 44 ] باعتباره النموذج الأرقى في مسار وحيد ممكن للتطور البشري ينبغي على كافة الحضارات تكراره واحتذاؤه" [2] .

ولقد ساد اضطراب واضح في استخدام مفهوم الحضارة واختلاطه بمفاهيم الثقافة والمدنية "نتيجة لتداخل المعنى الأوربي مع المعنى العربي لها. فاللغة العربية بها المفاهيم الثلاثة، أما اللغات الأوربية فلم تعرف سوى مفهوم"Civilization" ومفهوم "Culture" ومن ثم حدث تداخل شـديد، وبدأ كل كاتب يحـاول اختلاق تعريف أو ترتيب علاقات من نوع معين" [3] .

التالي السابق


الخدمات العلمية