الفصل الثالث
العلاقة بين الحضارات في رؤى العالم
إن سؤال العصر هو: كيف يمكن أن نعيش سويا ومختلفين في "فضاءات التنوع والاختلاف؟" [1] ، تنوع الأعراق واختلاف المعتقدات والرؤى نحو العالم؟
بالنظر إلى تجارب الاحتكاك بين الحضارات عبر التاريخ يتبين أن هذا الاحتكاك سبيل إلى مخرجات تفاعلية حضارية وليس تأكيدا لحقيقة اختلاف الحضارات، التي يوظفها الغرب الآن كمحرك للصراعات، فتاريخ الاحتكاك بين الحضارات يبين عكس هذا، كما يبين أن الطرح الراهن من جانب الغرب لاختلاف الحضارات هو توظيف سياسي بالأساس [2] . [ ص: 115 ]
من المعلوم أن المركزية الغربية هي المسيطرة - في العصر الراهن - على مختلف الفضاءات، وهي مركزية تولدت من نسق ثقافي خاص، وأنه نتيجة لتمخض شهده الغرب منذ القرن السادس عشر الميلادي، وأنه اشتق من حالة الغرب الخاصة وتكمن كفاءته في أنه زبدة ذلك الواقع، الذي تجري محاولات تعميمه ليشمل العالم بكل الصيغ الممكنة [3] .
وقد ظلت الثقافة بوصفها منظومة للتصورات الذهنية حاضرة في كل الصـراعات عـبر التاريخ، ومن ذلك فقد استخدمت الثقافة في الفكر الغربي الحديث لتثبيت ضروب من التمايزات بين ما هو غربي وما هو غير ذلك، وبدأت تبنى على ذلك سلسـلة من التراتبات الثنائية بين ما للغرب وما لسواه [4] . [ ص: 116 ]