الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            معلومات الكتاب

            العروج الحضاري بين مالك بن نبي وفتح الله جولن

            الأستاذ الدكتور / فؤاد عبد الرحمن البنا

            3- الجهاد هو جسر العبور بالضعفاء إلى الحق والقوة:

            وحتى لا يتحول الجهاد إلى لافتة ترتكب تحتها أعمال إرهابية، فقد ألف كتابه المعروف: (روح الجهاد وحقيقته في الإسلام)، فبين أهدافه ومقاصده، ووضح ضوابطه وأخلاقه، وفعل مثل ذلك في استعراضه وتحليله لسيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في كتابه (النور الخالد).

            وتوصل بيقين كامل إلى أن وظيفة الجهاد الأساسية كما في المصدر الإلهي للإسلام: (القرآن والسنة) وتطبيقات الصحابة العظام لا تخرج عن نصرة المستضعفين المظلومين [1] .

            ولأن كف المظالم الداخلية من وظيفة الدولة التي تطبق تعاليم هذا الدين، ولأن الجهاد الذي ينقذ المستضعفين في شتى بقاع العالم، مهما كانت [ ص: 197 ] أديانهم وأعراقهم وطوائفهم، من الظلم والقهر والحرمان، هو من وظائف الدولة الإسلامية أيضا، فقد أكد على ضرورة عودة المسلمين لإقامة دولتهم التي تحقق (التوازن الدولي) الذي يمنع كل هذه المظالم التي يرتكبها الأقوياء بحق الضعفاء [2] .

            وفي ضوء قراءته لقصة الملك الصالح (ذو القرنين) والتي وردت في سورة الكهف، ذهب إلى أن قيام هذا الملك بجولاته في الأرض وقصصه الثلاث إنما كانت من أجل تحقيق (التوازن الدولي) [3] .

            وهكذا، فإن أفكار جولن في هذه الثنائية خصوصا تتضح بجلاء من خلال تجسدها في تركيبة وأنشطة وفاعليات تيار (الخدمة)، بل من خلال الاسم والعنوان: (الخدمة)، وماذا يعني هذا الاسم إن لم يكن جسرا يربط بين الأقوياء والضعفاء؟!

            أما في المسمى، فقد تجسرت العلاقة بين الطرفين، عندما مد الأغنياء أيديهم إلى الفقراء، ومد العارفون علومهم إلى الجاهلين، ومد النابهون خبراتهم إلى الغافلين، ومد المطيعون بصائرهم إلى العاصين، ومد المهتدون قناديلهم إلى الضـالين، ومـد القـادرون قوتهم إلى العاجزين. وصار هـؤلاء جميعا أبطالا للشفقة، وفدائيين في مضمار المحبة، ومسارعين في ميدان التضحية. [ ص: 198 ]

            التالي السابق


            الخدمات العلمية