- المطلب الثالث: ممارسة النشاط العلمي:
تولي العـالم المنصب يصرفه كثيرا عن العـلم والقـراءة، وعن البحث الجاد، والرجوع إلى المصادر والمراجع؛ وذلك لأن وقته موزع بين الأعمال الإدارية، وجهـده في المتـابعة والمراقبة والملاحـظة، وهذا يجـور على الجانب العـلمي كثيرا، ويصـرف العـالم تماما عن مناخـه العـلمي وأجـوائـه البحثية.
لكن الإمام، رحمـه الله، لم يكن المنصـب عـائقا له عن طـلب العلم، ولا حاجزا عن الكتابة في المجلات، وإصدار الكتب والمؤلفات، وكان متمسكا بالإطار العلمي إلى آخر لحظات حياته.
فقـد "تولى الشـيـخ مشـيخـة الأزهر عـام 1952م واستقال منها عام 1954م، ولـكنه ظـل يمـارس نشـاطـه العـلمـي حـتى آخـر لحـظـة في حياته" [1] .
"وكان آخر مقال نشر له في عدد فبراير سنة1958م من مجلة لواء الإسلام، وهو الشهر الذي توفي فيه" [2] . [ ص: 80 ]
يقول الإمام، رحمه الله: "لم يقض حق العلم، بل لم يدر ما شرف العلم ذلك الذي يطلبه لينال به رزقا أو ينافس فيه قرينا، حـتى إذا أدرك وظيفة أو أنس من نفسه الفوز على القرين أمسك عنانه ثانية، وتنحى عن الطلب جانبا، وإنما ترفع الأوطـان رأسها، وتبرز في مظاهر عزتها، بهمم أولئك الذين يقبلون على العـلم بجـد وثـبات، ولا ينقطـعون عنـه إلا أن ينقطعوا عن الحياة" [3] .
وكان الإمـام على وفق ما كتب من الإقـبال على العلم بجد وثبات حتى الممات.
- مؤلفات الإمام:
ألف الإمام في ميادين العلم الواسعة، وكما يقول الدكتور محمد رجب البيومي في مقدمة هذا البحث:
"إن شـيخنا العـلامة الإمـام الأكـبر الشـيخ محمد الخضر حـسـين ذو ميادين واسعة في التأليف العلمي، فقد ألف في التاريخ الإسلامي والتشـريع الفقهي والإصـلاح الديني والنقد الأدبي كتبا رائعة تنطق بفضـله الكبير" [4] . [ ص: 81 ]
ومن هذه المؤلفات: حياة اللغة العربية؛ الخيال في الشعر العربي؛ بلاغة القرآن؛ محمد رسول الله؛ تونس وجامع الزيتونة؛ السعادة العظمى؛ خواطر الحياة؛ نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم؛ طائفة القاديانية؛ مدارك الشريعة الإسلامية [5] .
ومن الطبيعي أن يكون الشيخ محبا لهذه المؤلفات، حريصا على نشرها وإهدائها.
يقـول الشيـخ أبو الحسن النـدوي في مقابلة له مع الشيخ الخضـر:
(وأهـدى إلينا كتبا من تأليفه منها: "رسائل الإصـلاح" وهي مجمـوعة مقـالاته في الدين والاجتمـاع والأخلاق، في ثلاثة أجزاء، وآداب الحرب في الإسـلام و"خواطر الحياة" وهو ديوان شعره، و"طائفة القاديانية") [6] . [ ص: 82 ]