1399 - مسألة : وأما من - : فهؤلاء غير مخاطبين ولا ينفذ لهم أمر في شيء من مالهم لما ذكرنا من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لم يبلغ ، أو بلغ وهو لا يميز ولا يعقل أو ذهب تمييزه بعد أن بلغ مميزا } . رفع القلم عن ثلاث ، فذكر الصبي حتى يبلغ ، والمجنون حتى يبرأ
فإن كان المجنون يفيق تارة ويعقل ، ويجن أخرى - : جاز فعله في الساعات التي يفيق فيها ، وبطل فعله في الساعات التي يجن فيها لما ذكرنا آنفا ولأنه مخاطب في ساعات عقله غير مخاطب في ساعات جنونه .
قال : ومن حجر عليه ماله لصغر أو جنون ، فسواء كان عليه وصي من أب أو من قاض كل من نظر له نظرا حسنا في بيع أو ابتياع ، أو عمل ما - : فهو نافذ لازم لا يرد ، وإن أنفذ عليه الوصي ما ليس نظرا لم يجز ، لقول الله تعالى : { علي كونوا قوامين بالقسط شهداء لله } رحمهم الله : { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان } . [ ص: 200 ] لقول الله تعالى : { إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم } .
وقوله تعالى : { المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض } ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { } . المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه
فصح أن كل مسلم فهو ولي لكل مسلم ، وأنه مأمور بالنظر له بالأحوط وبالقيام له بالقسط ، وبالتعاون على البر والتقوى ; فكل بر وتقوى أنفذه المسلم للصغير ، والذي لا يعقل فهو نافذ بنص القرآن ، ولم يأت قط نص بإفراد الوصي بذلك ورد ما سواه .
فإن قيل : فأجيزوا هذا في الصغير الذي له أب ؟ قلنا : نعم ، هكذا نقول ، ولو أن أباه يسيء له النظر لمنع من ذلك .
فإن قالوا : فأجيزوا هذا من المسلمين بعضهم على بعض بهذا الليل نفسه ؟ قلنا : منعنا من ذلك قول الله تعالى : { ولا تكسب كل نفس إلا عليها } فالمخاطب المكلف المتملك ماله لا يجوز لأحد أن يكسب عليه غيره ، وأما من ليس مخاطبا ولا مكلفا ولا مملكا ماله فلا شك في أن غيره هو المأمور بإصلاح ماله ، فمن سارع إلى ما أمر به من ذلك فهو حقه ، وكذلك الغائب الذي يضيع ماله ، فكل من سبق إلى حسن النظر فيه نفذ ذلك ، إلا فيما يمنع منه إذا قدم وكان لا ضرر في ترك إنفاذه فهذا ليس لأحد إنفاذه عليه لما ذكرنا - وبالله تعالى التوفيق .