148 - مسألة :
nindex.php?page=treesubj&link=320_11_27116فإن سقط عنه اسم الماء جملة ، كالنبيذ وغيره ، لم يجز الوضوء به ولا الغسل ، والحكم حينئذ التيمم ، وسواء في هذه المسألة والتي قبلها ، وجد ماء آخر أم لم يوجد .
برهان ذلك قول الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا } ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم {
وجعلت تربتها لنا طهورا إذا لم نجد الماء } .
ولما كان اسم الماء لا يقع على ما غلب عليه غير الماء حتى تزول عنه جميع صفات الماء التي منها يؤخذ حده ، صح أنه ليس ماء ، ولا يجوز الوضوء بغير الماء ، وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود وغيرهم ، وقال به
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء بن أبي رباح nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور وغيرهم .
وروي عن
عكرمة أن النبيذ وضوء إذا لم يوجد الماء ولا يتيمم مع وجوده .
وقال
الأوزاعي : لا يتيمم إذا عدم الماء ما دام يوجد نبيذ غير مسكر ، فإن كان مسكرا فلا يتوضأ به .
وقال
حميد صاحب
الحسن بن حي : نبيذ التمر خاصة يجوز الوضوء به والغسل المفترض في الحضر والسفر ، وجد الماء أو لم يوجد ، ولا يجوز ذلك بغير نبيذ التمر ، وجد الماء أو لم يوجد .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة في أشهر قوليه : إن نبيذ التمر خاصة إذا لم يسكر فإنه يتوضأ به ويغتسل - فيما كان خارج الأمصار والقرى خاصة - عند عدم الماء ، فإن أسكر ، فإن كان مطبوخا جاز الوضوء به والغسل كذلك ، فإن كان نيئا لم يجز استعماله أصلا في ذلك ، ولا يجوز الوضوء بشيء من ذلك ، لا عند عدم الماء ولا في الأمصار ولا في القرى أصلا - وإن عدم الماء - ولا بشيء من الأنبذة غير نبيذ التمر لا في القرى ولا في غير القرى ، ولا عند عدم الماء ، والرواية الأخرى عنه أن جميع الأنبذة يتوضأ بها ويغتسل ، كما قال في نبيذ التمر سواء سواء .
[ ص: 196 ]
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد بن الحسن : يتوضأ بنبيذ التمر عند عدم الماء ويتيمم معا .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : أما قول
عكرمة والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن حي ، فإنهم احتجوا بحديث رويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود من طرق {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47553أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له ليلة الجن : معك ماء ؟ قال ليس معي ماء ، ولكن معي إداوة فيها نبيذ ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : تمرة طيبة وماء طهور ، فتوضأ ثم صلى الصبح } وفي بعض ألفاظه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47554أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ بنبيذ وقال : تمرة طيبة وماء طهور } .
[ ص: 197 ]
وقال بعضهم : إن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم ركبوا البحر فلم يجدوا إلا ماء البحر ونبيذا ، فتوضئوا بالنبيذ ولم يتوضئوا بماء البحر . وذكروا ما حدثناه
محمد بن سعيد بن نبات قال : ثنا
أحمد بن عبد البصير ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ ثنا
محمد بن عبد السلام الخشني ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون ثنا
عبد الله بن ميسرة عن
مزيدة بن جابر عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : إذا لم تجد الماء فلتتوضأ بالنبيذ .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى : وحدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12156أبو معاوية محمد بن خازم الضرير ثنا
[ ص: 198 ] nindex.php?page=showalam&ids=15689الحجاج بن أرطاة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق السبيعي عن
الحارث عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : لا بأس بالوضوء بالنبيذ . قالوا : ولا مخالف لمن ذكرنا يعرف من الصحابة رضي الله عنهم ، فهو إجماع على قول بعض مخالفينا .
وقالوا : النبيذ ماء بلا شك خالطه غيره ، فإذ هو كذلك فالوضوء به جائز .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : هذا كل ما يمكن أن يشغبوا به ، ولا حجة لهم في شيء منه ، ولله الحمد .
أما الخبر المذكور فلم يصح ; لأن في جميع طرقه من لا يعرف أو من لا خير فيه ، وقد تكلمنا عليه كلاما مستقصى في غير هذا الكتاب ، ثم لو صح بنقل التواتر لم يكن لهم فيه حجة ، لأن ليلة الجن كانت
بمكة قبل الهجرة ولم تنزل آية الوضوء إلا
بالمدينة في سورة النساء وفي سورة المائدة ، ولم يأت قط أثر بأن الوضوء كان فرضا
بمكة ، فإذ ذلك كذلك فالوضوء بالنبيذ كلا وضوء ، فسقط التعلق به لو صح .
وأما الذي رووه من فعل الصحابة رضي الله عنهم فهو عليهم لا لهم ; لأن
الأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن حي nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبا حنيفة وأصحابه كلهم مخالفون لما روي عن الصحابة في ذلك ، مجيزون للوضوء بماء البحر ، ولا يجيزون الوضوء بالنبيذ ، ما دام يوجد ماء البحر ، وكلهم - حاشا
حميدا صاحب
الحسن بن حي - لا يجيز الوضوء ألبتة بالنبيذ ما دام يوجد ماء البحر ،
وحميد صاحب
الحسن يجيز الوضوء بماء البحر مع وجود النبيذ ، فكلهم مخالف لما ادعوه من فعل الصحابة رضي الله عنهم في ذلك ، ومن الباطل أن يرى المرء حجة على خصمه ما لا يراه حجة عليه .
وأما الأثر عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه فلا حجة في أحد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم . وأيضا فإن
حميدا صاحب
الحسن بن حي يخالف الرواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي في ذلك ، لأنه يرى
nindex.php?page=treesubj&link=27116الوضوء بنبيذ التمر مع وجود الماء ، وهذا خلاف قول
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، ويرى أن سائر الأنبذة لا يحل بها الوضوء أصلا ، وهذا خلاف الرواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي .
وأما قولهم : إن في النبيذ ماء خالطه غيره ، فهو لازم لهم في لبن مزج بماء ،
[ ص: 199 ] وفي الحبر ; لأنه ماء مع عفص وزاج ، وفي الأمراق ; لأنها ماء وزيت وخل ، أو ماء وزيت ومري ونحو ذلك ، وهم لا يقولون بشيء من هذا ، فظهر تناقضهم في كل ما احتجوا به . ولله الحمد .
وأما قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة فهو أبعدهم من أن يكون له في شيء مما ذكرنا حجة . أما الحديث المذكور فليس فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان حين الوضوء بالنبيذ خارج
مكة ، فمن أين له بتخصيص جواز الوضوء بالنبيذ خارج الأمصار والقرى ؟ وهذا خلاف لما في ذلك الخبر ، لا سيما وهو لا يرى التيمم فيما يقرب من القرية ، ولا قصر الصلاة إلا في ثلاثة أيام ، أحد وعشرين فرسخا فصاعدا ، ولا سبيل له إلى دليل في شيء من ذلك إلا ودليله في ذلك جار في جميع هذه المسائل .
وأما قوله الثاني الذي قاس فيه جميع الأنبذة على نبيذ التمر ، فهلا قاس أيضا داخل القرية على خارجها وما المجيز له أحد القياسين والمانع له من الآخر ؟ لا سيما مع ما في الخبر من قوله {
nindex.php?page=hadith&LINKID=16950تمرة طيبة وماء طهور } فإذ هو ماء طهور فما المانع من استعماله مع وجود ماء غيره ، وكلاهما ماء طهور ؟ وهذا ما لا انفكاك منه . وإن كان لا يجيزه مع وجود الماء فليجزه للمريض في الحضر مع عدم الماء .
وأما فعل الصحابة رضي الله عنهم وقول
nindex.php?page=showalam&ids=8علي فهو مخالف له ، لأنه لا يجيز الوضوء بالنبيذ مع وجود ماء البحر ، ولا يجيز الوضوء بالنبيذ وإن عدم الماء في القرى ، وليس هذا في قول
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، ولم يخص علي نبيذ تمر من غيره ،
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة يخصه في أحد قوليه ، ولا أمقت في الدنيا والآخرة ممن ينكر على مخالفه ترك قول هو أول تارك له ولا سيما ومخالفه لا يرى ذلك الذي ترك حجة . قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=2لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون } .
وأما قولهم : إن النبيذ ماء وتمر فيلزمهم هذا كما قلنا في الأمراق وغيرها من الأنبذة وهو خلاف قوله . فظهر فساد قولي
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة معا . الحمد لله رب العالمين .
وأما قول
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد بن الحسن ففاسد ، لأنه لا يخلو أن يكون الوضوء بالنبيذ جائزا فالتيمم معه فضول . أو لا يكون الوضوء به جائزا فاستعماله فضول . لا سيما مع قوله :
[ ص: 200 ] إنه إذا
nindex.php?page=treesubj&link=1592_24990_17200_27116كان في ثوب المرء أكثر من قدر الدرهم البغلي من نبيذ مسكر بطلت صلاته . ولا شك أن المجتمع على جسد المتوضئ بالنبيذ أو المغتسل به وفي ثوبه أكثر من دراهم بغلية كثيرة . فإن قال من ينتصر له : إنا لا ندري أيلزم الوضوء به فلا يجزئ تركه أو لا يحل الوضوء به فلا يجزئ فعله . فجمعنا الأمرين . قيل لهم : الوضوء بالماء فرض متيقن عند وجوده ، فلا يجوز تركه ، والوضوء بالتيمم عند عدم ما يجزئ الوضوء به فرض متيقن ، والوضوء بالنبيذ عندكم غير متيقن ، وما لم يكن متيقنا فاستعماله لا يلزم ، وما لا يلزم فلا معنى لفعله ، ولو جئتم إلى استعمال كل ما تشكون في وجوبه لعظم الأمر عليكم ، لا سيما وأنتم على يقين من أنه نجس يفسد الصلاة كونه في الثوب ، وأنتم مقرون أن الوضوء بالنجس المتيقن لا يحل .
وأما المالكيون والشافعيون فإنهم كثيرا ما يقولون في أصولهم وفروعهم : إن خلاف الصاحب الذي لا يعرف له مخالف منهم لا يحل . وهذا مكان نقضوا فيه هذا الأصل وبالله تعالى التوفيق .
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة يقول بالقياس ، وقد نقض ههنا أصله في القول به ، فلم يقس الأمراق ولا سائر الأنبذة على نبيذ التمر ، وخالف أيضا أقوال طائفة من الصحابة رضي الله عنهم كما ذكرنا دون مخالف يعرف لهم في ذلك ، وهذا أيضا هادم لأصله ، فليقف على ذلك من أراد الوقوف على تناقض أقوالهم ، وهدم فروعهم لأصولهم . وبالله تعالى التوفيق .
148 - مَسْأَلَةٌ :
nindex.php?page=treesubj&link=320_11_27116فَإِنْ سَقَطَ عَنْهُ اسْمُ الْمَاءِ جُمْلَةً ، كَالنَّبِيذِ وَغَيْرِهِ ، لَمْ يَجُزْ الْوُضُوءُ بِهِ وَلَا الْغُسْلُ ، وَالْحُكْمُ حِينَئِذٍ التَّيَمُّمُ ، وَسَوَاءٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا ، وُجِدَ مَاءٌ آخَرُ أَمْ لَمْ يُوجَدْ .
بُرْهَانُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا } وَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا إذَا لَمْ نَجِدِ الْمَاءَ } .
وَلَمَّا كَانَ اسْمُ الْمَاءِ لَا يَقَعُ عَلَى مَا غَلَبَ عَلَيْهِ غَيْرُ الْمَاءِ حَتَّى تَزُولَ عَنْهُ جَمِيعُ صِفَاتِ الْمَاءِ الَّتِي مِنْهَا يُؤْخَذُ حَدُّهُ ، صَحَّ أَنَّهُ لَيْسَ مَاءً ، وَلَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِغَيْرِ الْمَاءِ ، وَهَذَا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=12251وَأَحْمَدَ nindex.php?page=showalam&ids=15858وَدَاوُد وَغَيْرِهِمْ ، وَقَالَ بِهِ
الْحَسَنُ nindex.php?page=showalam&ids=16568وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ nindex.php?page=showalam&ids=16004وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=14954وَأَبُو يُوسُفَ وَإِسْحَاقُ nindex.php?page=showalam&ids=11956وَأَبُو ثَوْرٍ وَغَيْرُهُمْ .
وَرُوِيَ عَنْ
عِكْرِمَةَ أَنَّ النَّبِيذَ وَضُوءٌ إذَا لَمْ يُوجَدْ الْمَاءُ وَلَا يَتَيَمَّمُ مَعَ وُجُودِهِ .
وَقَالَ
الْأَوْزَاعِيُّ : لَا يَتَيَمَّمُ إذَا عَدِمَ الْمَاءَ مَا دَامَ يُوجَدُ نَبِيذٌ غَيْرُ مُسْكِرٍ ، فَإِنْ كَانَ مُسْكِرًا فَلَا يَتَوَضَّأُ بِهِ .
وَقَالَ
حُمَيْدٌ صَاحِبُ
الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ : نَبِيذُ التَّمْرِ خَاصَّةً يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ وَالْغُسْلُ الْمُفْتَرَضُ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ ، وُجِدَ الْمَاءُ أَوْ لَمْ يُوجَدْ ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ بِغَيْرِ نَبِيذِ التَّمْرِ ، وُجِدَ الْمَاءُ أَوْ لَمْ يُوجَدْ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ فِي أَشْهَرِ قَوْلَيْهِ : إنَّ نَبِيذَ التَّمْرِ خَاصَّةً إذَا لَمْ يُسْكِرْ فَإِنَّهُ يُتَوَضَّأُ بِهِ وَيُغْتَسَلُ - فِيمَا كَانَ خَارِجَ الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى خَاصَّةً - عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ ، فَإِنْ أَسْكَرَ ، فَإِنْ كَانَ مَطْبُوخًا جَازَ الْوُضُوءُ بِهِ وَالْغُسْلُ كَذَلِكَ ، فَإِنْ كَانَ نِيئًا لَمْ يَجُزْ اسْتِعْمَالُهُ أَصْلًا فِي ذَلِكَ ، وَلَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ، لَا عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ وَلَا فِي الْأَمْصَارِ وَلَا فِي الْقُرَى أَصْلًا - وَإِنْ عَدِمَ الْمَاءَ - وَلَا بِشَيْءٍ مِنْ الْأَنْبِذَةِ غَيْرَ نَبِيذِ التَّمْرِ لَا فِي الْقُرَى وَلَا فِي غَيْرِ الْقُرَى ، وَلَا عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ ، وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَنْهُ أَنَّ جَمِيعَ الْأَنْبِذَةِ يُتَوَضَّأُ بِهَا وَيُغْتَسَلُ ، كَمَا قَالَ فِي نَبِيذِ التَّمْرِ سَوَاءً سَوَاءً .
[ ص: 196 ]
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ : يُتَوَضَّأُ بِنَبِيذِ التَّمْرِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ وَيُتَيَمَّمُ مَعًا .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ : أَمَّا قَوْلُ
عِكْرِمَةَ وَالْأَوْزَاعِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=14117وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ ، فَإِنَّهُمْ احْتَجُّوا بِحَدِيثٍ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ طُرُقٍ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47553أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ لَيْلَةَ الْجِنِّ : مَعَكَ مَاءٌ ؟ قَالَ لَيْسَ مَعِي مَاءٌ ، وَلَكِنْ مَعِي إدَاوَةً فِيهَا نَبِيذٌ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : تَمْرَةٌ طَيِّبَةٌ وَمَاءٌ طَهُورٌ ، فَتَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ } وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47554أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ بِنَبِيذٍ وَقَالَ : تَمْرَةٌ طَيِّبَةٌ وَمَاءٌ طَهُورٌ } .
[ ص: 197 ]
وَقَالَ بَعْضُهُمْ : إنَّ جَمَاعَةً مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ رَكِبُوا الْبَحْرَ فَلَمْ يَجِدُوا إلَّا مَاءَ الْبَحْرِ وَنَبِيذًا ، فَتَوَضَّئُوا بِالنَّبِيذِ وَلَمْ يَتَوَضَّئُوا بِمَاءِ الْبَحْرِ . وَذَكَرُوا مَا حَدَّثَنَاهُ
مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نُبَاتٍ قَالَ : ثنا
أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْبَصِيرِ ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16802قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْخُشَنِيُّ ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17376يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ثنا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ
مَزِيدَةَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : إذَا لَمْ تَجِدْ الْمَاءَ فَلْتَتَوَضَّأْ بِالنَّبِيذِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12166مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى : وَحَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12156أَبُو مُعَاوِيَةَ مُحَمَّدُ بْنِ خَازِمٍ الضَّرِيرُ ثنا
[ ص: 198 ] nindex.php?page=showalam&ids=15689الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11813أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ
الْحَارِثِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : لَا بَأْسَ بِالْوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ . قَالُوا : وَلَا مُخَالِفَ لِمَنْ ذَكَرْنَا يُعْرَفُ مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، فَهُوَ إجْمَاعٌ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ مُخَالِفِينَا .
وَقَالُوا : النَّبِيذُ مَاءٌ بِلَا شَكٍّ خَالَطَهُ غَيْرُهُ ، فَإِذْ هُوَ كَذَلِكَ فَالْوُضُوءُ بِهِ جَائِزٌ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ : هَذَا كُلُّ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَشْغَبُوا بِهِ ، وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .
أَمَّا الْخَبَرُ الْمَذْكُورُ فَلَمْ يَصِحَّ ; لِأَنَّ فِي جَمِيعِ طُرُقِهِ مَنْ لَا يُعْرَفُ أَوْ مَنْ لَا خَيْرَ فِيهِ ، وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَيْهِ كَلَامًا مُسْتَقْصًى فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ ، ثُمَّ لَوْ صَحَّ بِنَقْلِ التَّوَاتُرِ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةٌ ، لِأَنَّ لَيْلَةَ الْجِنِّ كَانَتْ
بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ وَلَمْ تَنْزِلْ آيَةُ الْوُضُوءِ إلَّا
بِالْمَدِينَةِ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ وَفِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ ، وَلَمْ يَأْتِ قَطُّ أَثَرٌ بِأَنَّ الْوُضُوءَ كَانَ فَرْضًا
بِمَكَّةَ ، فَإِذْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَالْوُضُوءُ بِالنَّبِيذِ كَلَا وُضُوءٍ ، فَسَقَطَ التَّعَلُّقُ بِهِ لَوْ صَحَّ .
وَأَمَّا الَّذِي رَوَوْهُ مِنْ فِعْلِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَهُوَ عَلَيْهِمْ لَا لَهُمْ ; لِأَنَّ
الْأَوْزَاعِيَّ nindex.php?page=showalam&ids=14117وَالْحَسَنَ بْنَ حَيٍّ nindex.php?page=showalam&ids=11990وَأَبَا حَنِيفَةَ وَأَصْحَابَهُ كُلَّهُمْ مُخَالِفُونَ لِمَا رُوِيَ عَنْ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ ، مُجِيزُونَ لِلْوُضُوءِ بِمَاءِ الْبَحْرِ ، وَلَا يُجِيزُونَ الْوُضُوءَ بِالنَّبِيذِ ، مَا دَامَ يُوجَدُ مَاءُ الْبَحْرِ ، وَكُلُّهُمْ - حَاشَا
حُمَيْدًا صَاحِبَ
الْحَسَنِ بْنُ حَيٍّ - لَا يُجِيزُ الْوُضُوءَ أَلْبَتَّةَ بِالنَّبِيذِ مَا دَامَ يُوجَدُ مَاءُ الْبَحْرِ ،
وَحُمَيْدٌ صَاحِبُ
الْحَسَنِ يُجِيزُ الْوُضُوءَ بِمَاءِ الْبَحْرِ مَعَ وُجُودِ النَّبِيذِ ، فَكُلُّهُمْ مُخَالِفٌ لِمَا ادَّعَوْهُ مِنْ فِعْلِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ ، وَمِنْ الْبَاطِلِ أَنْ يَرَى الْمَرْءُ حُجَّةً عَلَى خَصْمِهِ مَا لَا يَرَاهُ حُجَّةً عَلَيْهِ .
وَأَمَّا الْأَثَرُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَلَا حُجَّةَ فِي أَحَدٍ غَيْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَأَيْضًا فَإِنَّ
حُمَيْدًا صَاحِبَ
الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ يُخَالِفُ الرِّوَايَةَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ فِي ذَلِكَ ، لِأَنَّهُ يَرَى
nindex.php?page=treesubj&link=27116الْوُضُوءَ بِنَبِيذِ التَّمْرِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ ، وَهَذَا خِلَافُ قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ ، وَيَرَى أَنَّ سَائِرَ الْأَنْبِذَةِ لَا يَحِلُّ بِهَا الْوُضُوءُ أَصْلًا ، وَهَذَا خِلَافُ الرِّوَايَةِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ .
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ : إنَّ فِي النَّبِيذِ مَاءً خَالَطَهُ غَيْرُهُ ، فَهُوَ لَازِمٌ لَهُمْ فِي لَبَنٍ مُزِجَ بِمَاءٍ ،
[ ص: 199 ] وَفِي الْحِبْرِ ; لِأَنَّهُ مَاءٌ مَعَ عَفْصٍ وَزَاجٍ ، وَفِي الْأَمْرَاقِ ; لِأَنَّهَا مَاءٌ وَزَيْتٌ وَخَلٌّ ، أَوْ مَاءٌ وَزَيْتٌ وَمَرِيٌّ وَنَحْوُ ذَلِكَ ، وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا ، فَظَهَرَ تَنَاقُضُهُمْ فِي كُلِّ مَا احْتَجُّوا بِهِ . وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .
وَأَمَّا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ فَهُوَ أَبْعَدُهُمْ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا حُجَّةٌ . أَمَّا الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ فَلَيْسَ فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ حِينَ الْوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ خَارِجَ
مَكَّةَ ، فَمِنْ أَيْنَ لَهُ بِتَخْصِيصِ جَوَازِ الْوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ خَارِجَ الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى ؟ وَهَذَا خِلَافٌ لِمَا فِي ذَلِكَ الْخَبَرِ ، لَا سِيَّمَا وَهُوَ لَا يَرَى التَّيَمُّمَ فِيمَا يَقْرَبُ مِنْ الْقَرْيَةِ ، وَلَا قَصْرَ الصَّلَاةِ إلَّا فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ، أَحَدَ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا فَصَاعِدًا ، وَلَا سَبِيلَ لَهُ إلَى دَلِيلٍ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إلَّا وَدَلِيلُهُ فِي ذَلِكَ جَارٍ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ الثَّانِي الَّذِي قَاسَ فِيهِ جَمِيعَ الْأَنْبِذَةِ عَلَى نَبِيذِ التَّمْرِ ، فَهَلَّا قَاسَ أَيْضًا دَاخِلَ الْقَرْيَةِ عَلَى خَارِجِهَا وَمَا الْمُجِيزُ لَهُ أَحَدُ الْقِيَاسَيْنِ وَالْمَانِعُ لَهُ مِنْ الْآخَرِ ؟ لَا سِيَّمَا مَعَ مَا فِي الْخَبَرِ مِنْ قَوْلِهِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=16950تَمْرَةٌ طَيِّبَةٌ وَمَاءٌ طَهُورٌ } فَإِذْ هُوَ مَاءٌ طَهُورٌ فَمَا الْمَانِعُ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ مَعَ وُجُودِ مَاءٍ غَيْرِهِ ، وَكِلَاهُمَا مَاءٌ طَهُورٌ ؟ وَهَذَا مَا لَا انْفِكَاكَ مِنْهُ . وَإِنْ كَانَ لَا يُجِيزُهُ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ فَلْيُجِزْهُ لِلْمَرِيضِ فِي الْحَضَرِ مَعَ عَدَمِ الْمَاءِ .
وَأَمَّا فِعْلُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَقَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ فَهُوَ مُخَالِفٌ لَهُ ، لِأَنَّهُ لَا يُجِيزُ الْوُضُوءَ بِالنَّبِيذِ مَعَ وُجُودِ مَاءِ الْبَحْرِ ، وَلَا يُجِيزُ الْوُضُوءَ بِالنَّبِيذِ وَإِنْ عَدِمَ الْمَاءَ فِي الْقُرَى ، وَلَيْسَ هَذَا فِي قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ ، وَلَمْ يَخُصَّ عَلِيٌّ نَبِيذَ تَمْرٍ مِنْ غَيْرِهِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11990وَأَبُو حَنِيفَةَ يَخُصُّهُ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ ، وَلَا أَمْقُتُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِمَّنْ يُنْكِرُ عَلَى مُخَالِفِهِ تَرْكَ قَوْلٍ هُوَ أَوَّلُ تَارِكٍ لَهُ وَلَا سِيَّمَا وَمُخَالِفُهُ لَا يَرَى ذَلِكَ الَّذِي تَرَكَ حُجَّةً . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=2لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ } .
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ : إنَّ النَّبِيذَ مَاءٌ وَتَمْرٌ فَيَلْزَمُهُمْ هَذَا كَمَا قُلْنَا فِي الْأَمْرَاقِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَنْبِذَةِ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِهِ . فَظَهَرَ فَسَادُ قَوْلَيْ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ مَعًا . الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
وَأَمَّا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فَفَاسِدٌ ، لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ الْوُضُوءُ بِالنَّبِيذِ جَائِزًا فَالتَّيَمُّمُ مَعَهُ فُضُولٌ . أَوْ لَا يَكُونَ الْوُضُوءُ بِهِ جَائِزًا فَاسْتِعْمَالُهُ فُضُولٌ . لَا سِيَّمَا مَعَ قَوْلِهِ :
[ ص: 200 ] إنَّهُ إذَا
nindex.php?page=treesubj&link=1592_24990_17200_27116كَانَ فِي ثَوْبِ الْمَرْءِ أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ الْبَغْلِيِّ مِنْ نَبِيذٍ مُسْكِرٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ . وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُجْتَمِعَ عَلَى جَسَدِ الْمُتَوَضِّئِ بِالنَّبِيذِ أَوْ الْمُغْتَسِلِ بِهِ وَفِي ثَوْبِهِ أَكْثَرُ مِنْ دَرَاهِمَ بَغْلِيَّةٍ كَثِيرَةٍ . فَإِنْ قَالَ مَنْ يَنْتَصِرُ لَهُ : إنَّا لَا نَدْرِي أَيَلْزَمُ الْوُضُوءُ بِهِ فَلَا يُجْزِئُ تَرْكُهُ أَوْ لَا يَحِلُّ الْوُضُوءُ بِهِ فَلَا يُجْزِئُ فِعْلُهُ . فَجَمَعَنَا الْأَمْرَيْنِ . قِيلَ لَهُمْ : الْوُضُوءُ بِالْمَاءِ فَرْضٌ مُتَيَقَّنٌ عِنْدَ وُجُودِهِ ، فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ ، وَالْوُضُوءُ بِالتَّيَمُّمِ عِنْدَ عَدَمِ مَا يُجْزِئُ الْوُضُوءُ بِهِ فَرْضٌ مُتَيَقَّنٌ ، وَالْوُضُوءُ بِالنَّبِيذِ عِنْدَكُمْ غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ ، وَمَا لَمْ يَكُنْ مُتَيَقَّنًا فَاسْتِعْمَالُهُ لَا يَلْزَمُ ، وَمَا لَا يَلْزَمُ فَلَا مَعْنَى لِفِعْلِهِ ، وَلَوْ جِئْتُمْ إلَى اسْتِعْمَالِ كُلِّ مَا تَشُكُّونَ فِي وُجُوبِهِ لَعَظُمَ الْأَمْرُ عَلَيْكُمْ ، لَا سِيَّمَا وَأَنْتُمْ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّهُ نَجِسٌ يُفْسِدُ الصَّلَاةَ كَوْنُهُ فِي الثَّوْبِ ، وَأَنْتُمْ مُقِرُّونَ أَنَّ الْوُضُوءَ بِالنَّجِسِ الْمُتَيَقَّنِ لَا يَحِلُّ .
وَأَمَّا الْمَالِكِيُّونَ وَالشَّافِعِيُّونَ فَإِنَّهُمْ كَثِيرًا مَا يَقُولُونَ فِي أُصُولِهِمْ وَفُرُوعِهِمْ : إنَّ خِلَافَ الصَّاحِبِ الَّذِي لَا يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ مِنْهُمْ لَا يَحِلُّ . وَهَذَا مَكَانٌ نَقَضُوا فِيهِ هَذَا الْأَصْلَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .
nindex.php?page=showalam&ids=11990وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ بِالْقِيَاسِ ، وَقَدْ نَقَضَ هَهُنَا أَصْلَهُ فِي الْقَوْلِ بِهِ ، فَلَمْ يَقِسْ الْأَمْرَاقَ وَلَا سَائِرَ الْأَنْبِذَةِ عَلَى نَبِيذِ التَّمْرِ ، وَخَالَفَ أَيْضًا أَقْوَالَ طَائِفَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَمَا ذَكَرْنَا دُونَ مُخَالِفٍ يُعْرَفُ لَهُمْ فِي ذَلِكَ ، وَهَذَا أَيْضًا هَادِمٌ لِأَصْلِهِ ، فَلْيَقِفْ عَلَى ذَلِكَ مَنْ أَرَادَ الْوُقُوفَ عَلَى تَنَاقُضِ أَقْوَالِهِمْ ، وَهَدْمِ فُرُوعِهِمْ لِأُصُولِهِمْ . وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .