1857 - مسألة : ولا يصح أصلا ، حاشا الصداق الموصوف في الذمة أو المدفوع ، أو المعين ، وعلى أن لا يضر بها في نفسها ومالها : إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان . نكاح على شرط
وأما بشرط هبة أو بيع أو أن لا يتسرى عليها ، أو أن لا يرحلها ، أو غير ذلك كله ، فإن اشترط ذلك في نفس العقد فهو عقد مفسوخ ، وإن اشترط ذلك بعد العقد فالعقد صحيح والشروط كلها باطل ، سواء عقدها بعتق أو بطلاق أو بأن أمرها بيدها ، أو أنها بالخيار كل ذلك باطل .
وكذلك إن تزوجها على حكمه ، أو على حكمها ، أو على حكم فلان ، فكل ذلك عقد فاسد - وقد أجاز بعض ذلك قوم - : روينا من طريق عن عبد الرزاق عن معمر أيوب عن : أن ابن سيرين الأشعث تزوج امرأة على حكمها ثم طلقها قبل أن يتفقا على صداق ، فجعل لها صداق امرأة من نسائها - وهذا منقطع عن عمر ، لأن عمر لم يولد إلا بعد موت ابن سيرين رضي الله عنه . عمر
ومن طريق عن عبد الرزاق عن ابن جريج أنه قال : فمن تزوج على حكمه : إنه ليس لها إلا ما حكم به الزوج . عطاء
وقال أبو حنيفة ، ومالك والأوزاعي : إن اتفقا على شيء إذا تزوجها على حكمها أو حكمه جاز ، فإن لم يتفقا قال ، أبو حنيفة والأوزاعي : فلها مهر مثلها .
[ ص: 124 ] وقال : يفسخ قبل الدخول ولها مهر مثلها بعد الدخول . قال مالك : هذا شرط فاسد ، لأنه مجهول ، قد يمكن أن تحتكم هي بجميع ما في العالم ، وقد يمكن أن يحتكم هو بلا شيء ، فما كان هكذا فهو شرط ليس في كتاب الله عز وجل فهو باطل ، والنكاح عليه باطل مفسوخ . أبو محمد
فأما إن اشترطا ذلك بعد عقد النكاح فالعقد صحيح ، ولها مهر مثلها ، إلا أن يتراضيا بأقل أو أكثر . وقول يفسخ النكاح إن لم يتفقا : خطأ ، لأنه فسخ نكاح صحيح بغير أمر من الله تعالى بذلك ولا من رسوله صلى الله عليه وسلم . مالك
روينا من طريق نا البخاري عن عبيد الله بن موسى زكريا - هو ابن أبي زائدة - عن محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { أبي هريرة } فمن اشترط ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو شرط باطل ، وإن عقد عليه نكاح فالنكاح باطل . لا يحل لامرأة تسأل طلاق أختها لتستفرغ صحفتها فإنما لها ما قدر لها
ومن ذلك أن لا يشترط لها أن لا يرحلها فاختلف الناس في ذلك - : فروينا من طريق نا سعيد بن منصور عن حماد بن زيد عن أيوب السختياني إسماعيل بن عبد الله بن أبي المهاجر عن : أنه شهد عند عبد الرحمن بن غنم رجل أتاه فأخبره أنه تزوج امرأة وشرط لها دارها ؟ فقال له عمر : لها شرطها ، فقال له رجل عنده : هلكت الرجال إذ لا تشاء امرأة تطلق زوجها إلا طلقته ؟ فقال عمر : المسلمون على شروطهم عند مقاطع حقوقهم . عمر
وبه إلى سعيد نا - نا سفيان - هو ابن عيينة عن عبد الكريم الجزري أبي عبيد : [ ص: 125 ] أن أتي في ذلك فاستشار معاوية ؟ فقال : لها شرطها - وهو قول عمرو بن العاص القاسم بن محمد ، ، وسالم بن عبد الله - وروي عن وجابر بن زيد . شريح
وقال آخرون بإبطال ذلك - : كما روينا من طريق نا سعيد بن منصور أخبرني ابن وهب عن عمرو بن الحارث كثير بن فرقد عن سعيد بن عبيد بن السباق أن رجلا تزوج على عهد ، فشرط لها أن لا يخرجها ، فوضع عمر بن الخطاب عنه الشرط وقال : المرأة مع زوجها . عمر
وبه إلى سفيان عن عن ابن أبي ليلى عن المنهال بن عمرو عباد عن في علي بن أبي طالب ؟ فقال : شرط الله قبل شرطها . الرجل يتزوج المرأة يشترط لها دارها
ومن طريق ، نا سعيد بن منصور نا هشيم مغيرة ، ، قال ويونس مغيرة : عن ، وقال إبراهيم : عن يونس الحسن ، قالا جميعا : يجوز النكاح ويبطل الشرط . قال ، أبو حنيفة : يبطل الشرط إلا أن يكون معلقا بطلاق أو بعتاق ، أو بأن يكون أمرها بيدها أو بتخييرها . ومالك
قال : هذا قول لم يأت عن أحد من الصحابة ، فهو خلاف لكل ما روي عنهم في ذلك . علي
قال : احتج من قال بإلزام هذه الشروط - : بما رويناه من طريق أبو محمد أحمد بن شعيب نا عيسى بن حماد زغبة ، أخبرنا عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب أبي الخير عن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { عقبة بن عامر الجهني } . إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج
قال : هذا خبر صحيح ، ولا متعلق لهم به ، لأنهم لا يختلفون معنا ، ولا مسلم على ظهر الأرض : في أنه إن أبو محمد ، ونحو ذلك : أن كل ذلك كله باطل لا يلزمه . شرط لها أن تشرب الخمر ، أو أن تأكل لحم [ ص: 126 ] الخنزير ، أو أن تدع الصلاة ، أو أن تدع صوم رمضان ، أو أن يغني لها ، أو أن يزفن لها
فقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرد قط في هذا الخبر شرطا فيه تحريم حلال ، أو تحليل حرام ، أو إسقاط فرض ، أو إيجاب غير فرض ، لأن كل ذلك خلاف لأوامر الله تعالى ، ولأوامره عليه الصلاة والسلام .
- كل ذلك تحريم حلال ، وهو وتحليل الخنزير والميتة سواء ، في أن كل ذلك خلاف لحكم الله عز وجل . واشتراط المرأة أن لا يتزوج ، أو أن لا يتسرى ، أو أن لا يغيب عنها أو أن لا يرحلها عن دارها
فصح أنه عليه الصلاة والسلام إنما أراد شرط الصداق الجائز الذي أمرنا الله تعالى به ، وهو الذي استحل به الفرج لا ما سواه .
وأما تعليق ذلك كله بطلاق ، أو بعتاق ، أو تخييرها ، أو تمليكها أمرها فكل ذلك باطل لما ذكرنا في " كتاب الأيمان " من كتابنا هذا من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { } . من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله
فصح أن من حلف بغير الله تعالى فليس حالفا ، ولا هي يمينا ، وهو باطل ليس فيه إلا استغفار الله تعالى والتوبة فقط ، ولما نذكره بعد هذا - إن شاء الله عز وجل - من أن تخيير الرجل امرأته ، أو تمليكه إياها أمرها : كل ذلك باطل ، لأن الله تعالى لم يوجب قط شيئا من ذلك ، ولا رسوله صلى الله عليه وسلم .
وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : { } فكل ذلك باطل ، ولا يكون للمرأة خيار في فراق زوجها أو البقاء معه إلا حيث جعله الله تعالى في المعتقة ، ولا تملك المرأة أمر نفسها أبدا - فسقط كل ما ذكرنا - وبالله تعالى التوفيق . من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد
ولا يجوز ، وكل ذلك يبطل النكاح إن عقد عليه ، لأنه مجهول لا يعرف ما هو ، فلم يتفقا على صداق معروف ، بل على مالها أن تقول : قيمة كل ذلك ألف دينار ، ويقول هو : بل عشرة دنانير ، وإن تعاقدا ذلك بعد صحة النكاح ، [ ص: 127 ] فالنكاح صحيح ، والصداق فاسد ، ويقضي لها بمهر مثلها إن لم يتراضيا على أقل أو أكثر - : روينا إجازة ذلك عن النكاح على أن يكون الصداق وصيفا غير موصوف ، أو خادما غير موصوفة ، أو بيتا غير موصوف ولا محدود . إبراهيم النخعي
وصح عن أنه قال : من تزوج على وصيف فإنه يقوم عربي وهندي ، وحبشي ، وتجمع القيم ويقضي لها بمثلها . ابن شبرمة
قال : لها في الوصيف الأبيض خمسون مثقالا ، فإن أعطاها وصيفا يساوي خمسين دينارا من ذهب لم يكن لها غيره ، وإلا فيقضي عليه بتمام خمسين دينارا من ذهب ، ويقضي لها في البيت بأربعين دينارا من ذهب وفي الخادم بأربعين دينارا من ذهب . أبو حنيفة
قال : في هذين القولين عجب يغني إيراده عن تكلف الرد عليه ، لما فيهما من التحكم البارد بالرأي الفاسد في دين الله تعالى . أبو محمد
وقال ، مالك : لها الوسط من ذلك . والشافعي
قال : وهذا عجب آخر ، وليت شعري كم هذا الوسط ؟ ومن الوصفاء ما يساوي خمسمائة دينار ، ومنهم من لا يساوي عشرين دينارا ، فظهر فساد هذه الآراء - والحمد لله رب العالمين . علي