198 - مسألة :
nindex.php?page=treesubj&link=45_52_22623_32_75_22627_67_9وصفة الوضوء أنه إن كان انتبه من نوم فعليه أن يغسل يديه ثلاثا كما قد ذكرنا قبل ، وأن يستنشق وأن يستنثر ثلاثا ليطرد الشيطان عن خيشومه كما قد وصفنا ، وسواء تباعد ما بين نومه ووضوئه أو لم يتباعد ، فإن كان قد فعل كل ذلك فليس عليه أن يعيد ذلك الوضوء من حدث غير النوم ، فلو صب على يديه من إناء دون أن يدخل يده فيه لزمه غسل يده أيضا ثلاثا إن قام من نومه ، ثم نختار له أن يتمضمض ثلاثا ، وليست المضمضة فرضا ، وإن تركها فوضوءه تام وصلاته تامة ، عمدا تركها أو
[ ص: 295 ] نسيانا ، ثم ينوي وضوءه للصلاة كما قدمنا ، ثم يضع الماء في أنفه ويجبذه بنفسه ولا بد ، ثم ينثره بأصابعه ولا بد مرة فإن فعل الثانية والثالثة فحسن ، وهما فرضان لا يجزئ الوضوء ولا الصلاة دونهما ، لا عمدا ولا نسيانا ، ثم يغسل وجهه من حد منابت الشعر في أعلى الجبهة إلى أصول الأذنين معا إلى منقطع الذقن ويستحب أن يغسل ذلك ثلاثا أو ثنتين وتجزئ مرة ، ليس عليه أن يمس الماء ما انحدر من لحيته تحت ذقنه ، ولا أن يخلل لحيته ، ثم يغسل ذراعيه من منقطع الأظفار إلى أول المرافق مما يلي الذراعين ، فإن غسل ذلك ثلاثا فحسن ، ومرتين حسن ، وتجزئ مرة ، ولا بد ضرورة من إيصال الماء بيقين إلى ما تحت الخاتم بتحريكه عن مكانه ، ثم يمسح رأسه كيفما مسحه أجزأه ، وأحب إلينا أن يعم رأسه بالمسح ، فكيفما مسحه بيديه أو بيد واحدة أو بأصبع واحدة أجزأه .
فلو مسح بعض رأسه أجزأه وإن قل ، ونستحب أن يمسح رأسه ثلاثا أو مرتين وواحدة تجزئ ، وليس على المرأة والرجل مس ما انحدر من الشعر عن منابت الشعر على القفا والجبهة ثم يستحب له مسح أذنيه ، إن شاء بما مسح به رأسه وإن شاء بماء جديد ، ويستحب تجديد الماء لكل عضو ، ثم يغسل رجليه من مبتدإ منقطع الأظفار إلى آخر الكعبين مما يلي الساق ، فإن غسل ذلك ثلاثا فحسن ، ومرتين حسن ومرة تجزئ ، وتستحب
nindex.php?page=treesubj&link=22627_57_71_70_56_53_65تسمية الله تعالى على الوضوء ، وإن لم يفعل فوضوءه تام .
أما قولنا في المضمضة فلم يصح بها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر ، وإنما هي فعل فعله عليه السلام ، وقد قدمنا أن أفعاله صلى الله عليه وسلم ليست فرضا ، وإنما فيها الإيتار به عليه السلام ، لأن الله تعالى إنما أمرنا بطاعة أمر نبيه عليه السلام ولم يأمرنا بأن نفعل أفعاله .
قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=63فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=21لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة } وأما
nindex.php?page=treesubj&link=273_67_52الاستنشاق والاستنثار فإن
عبد الله بن ربيع حدثنا قال ثنا
محمد بن معاوية ثنا
أحمد بن شعيب أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=17029محمد بن منصور ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان هو ابن عيينة - عن
nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد عن
nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=9774إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم ليستنثر } ورويناه أيضا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17257همام بن منبه عن
[ ص: 296 ] nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة مسندا ، ومن طريق
سلمة بن قيس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : ليس الاستنشاق والاستنثار فرضا في الوضوء ولا في الغسل من الجنابة ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : هما فرض في الغسل من الجنابة وليسا فرضا في الوضوء ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود : الاستنشاق والاستنثار فرضان في الوضوء وليسا فرضين في الغسل من الجنابة ، وليست المضمضة فرضا لا في الوضوء ولا في غسل الجنابة ، وهذا هو الحق .
وممن صح عنه الأمر بذلك جماعة من السلف . روينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب إذا توضأت فانثر فأذهب ما في المنخرين من الخبث ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة : قال
nindex.php?page=showalam&ids=15741حماد بن أبي سليمان فيمن نسي أن يمضمض ويستنشق قال : يستقبل .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن
الحكم بن عتيبة فيمن صلى وقد نسي أن يمضمض ويستنشق قال : أحب إلي أن يعيد يعني الصلاة .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : الاستنشاق شطر الوضوء وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري عن
nindex.php?page=showalam&ids=15741حماد بن أبي سليمان nindex.php?page=showalam&ids=16330وابن أبي ليلى قالا جميعا " إذا
nindex.php?page=treesubj&link=1647_26466_1343_26768_52نسي المضمضة والاستنشاق في الوضوء أعاد " يعنون الصلاة - وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
الزهري من نسي المضمضة والاستنشاق في الوضوء أعاد - يعني الصلاة - وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11994أبي خالد الأحمر عن
هشام عن
الحسن في المضمضة والاستنشاق والاستنثار وغسل الوجه واليدين والرجلين : ثنتان تجزيان وثلاث أفضل .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي وشغب قوم بأن الاستنشاق والاستنثار ليسا مذكورين في القرآن وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47682لا تتم صلاة أحدكم حتى يتوضأ كما أمره الله تعالى } .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وهذا لا حجة لهم فيه لأن الله تعالى يقول : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=80من يطع الرسول فقد أطاع الله } فكل ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فالله تعالى أمر به .
وأما قولنا في
nindex.php?page=treesubj&link=53_23307_34الوجه ، فإنه لا خلاف في أن الذي قلنا فرض غسله قبل خروج اللحية ، فإذا خرجت اللحية فهي مكان ما سترت ، ولا يسقط غسل شيء يقع عليه
[ ص: 297 ] اسم الوجه بالدعوى ، ولا يجوز أن يؤخذ بالرأي فرق بين ما يغسل الأمرد من وجهه والكوسج والألحى .
وأما ما انحدر عن الذقن من اللحية وما انحدر عن منابت الشعر من القفا والجبهة ، فإنما أمرنا عز وجل بغسل الوجه ومسح الرأس وبالضرورة يدري كل أحد أن رأس الإنسان ليس في قفاه ، وأن الجبهة من الوجه المغسول ، لا حظ فيها للرأس الممسوح ، وأن الوجه ليس في العنق ولا في الصدر فلا يلزم في كل ذلك شيء ، إذ لم يوجبه قرآن ولا سنة .
وأما قولنا في
nindex.php?page=treesubj&link=51_44غسل الذراعين وما تحت الخاتم والمرفقين ، فإن الله تعالى قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6وأيديكم إلى المرافق } فمن ترك شيئا ولو قدر شعرة مما أمر الله تعالى بغسله فلم يتوضأ كما أمره الله تعالى ، ومن لم يتوضأ كما أمره الله تعالى فلم يتوضأ أصلا ، ولا صلاة له فوجب إيصال الماء بيقين إلى ما ستر الخاتم من الأصبع ، وأما المرافق فإن " إلى " في لغة
العرب التي بها نزل القرآن تقع على معنيين ، تكون بمعنى الغاية ، وتكون بمعنى مع ، قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=2ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم } بمعنى مع أموالكم ، فلما كانت تقع " إلى " على هذين المعنيين وقوعا صحيحا مستويا ، لم يجز أن يقتصر بها على أحدهما دون الآخر ، فيكون ذلك تخصيصا لما تقع عليه بلا برهان ، فوجب أن يجزئ غسل الذراعين إلى أول المرفقين بأحد المعنيين ، فيجزئ ، فإن غسل المرافق فلا بأس أيضا .
وأما قولنا في
nindex.php?page=treesubj&link=54_56_69_53مسح الرأس فإن الناس اختلفوا ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بعموم مسح الرأس في الوضوء . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة يمسح من الرأس فرضا مقدار ثلاث أصابع ، وذكر عنه تحديد الفرض مما يمسح من الرأس بأنه ربع الرأس ، وإنه إن مسح رأسه بأصبعين أو بأصبع لم يجزه ذلك ، فإن مسح بثلاث أصابع أجزأه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري : يجزئ من الرأس مسح بعضه ولو شعرة واحدة ، ويجزئ مسحه بأصبع وببعض أصبع ، وحد أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ما يجزئ من مسح الرأس بشعرتين ، ويجزئ بأصبع وببعض أصبع ، وأحب ذلك إلى
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي العموم بثلاث مرات .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل : يجزئ المرأة أن تمسح بمقدم رأسها ، وقال
الأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث : يجزئ مسح مقدم الرأس فقط ومسح بعضه كذلك ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15858داود :
[ ص: 298 ] يجزئ من ذلك ما وقع عليه اسم مسح .
وكذلك بما مسح من أصبع أو أقل أو أكثر وأحب إليه العموم ثلاثا ، وهذا هو الصحيح ، وأما الاقتصار على بعض الرأس فإن الله تعالى يقول : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6وامسحوا برءوسكم } والمسح في اللغة التي نزل بها القرآن هو غير الغسل بلا خلاف ، والغسل يقتضي الاستيعاب والمسح لا يقتضيه حدثنا
حمام بن أحمد ثنا
عباس بن أصبغ حدثنا
محمد بن عبد الملك بن أيمن ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16408عبد الله بن أحمد بن حنبل ثنا أبي ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى بن سعيد القطان ثنا
التيمي هو سليمان - عن
بكر بن عبد الله المزني عن
الحسن هو البصري - عن
ابن المغيرة بن شعبة هو حمزة - عن أبيه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47683أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح بناصيته ومسح على الخفين والعمامة } حدثنا
عبد الله بن ربيع ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16903محمد بن إسحاق ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي حدثنا
أبو داود ثنا
مسدد عن
المعتمر بن سليمان التيمي قال : سمعت أبي يحدث عن
بكر بن عبد الله المزني عن
الحسن عن
ابن المغيرة بن شعبة عن أبيه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47684أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمسح على الخفين وعلى ناصيته وعلى عمامته } قال
بكر : وقد سمعته من
ابن المغيرة .
وممن قال بهذا جماعة من السلف .
روينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب السختياني عن
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : أنه كان يدخل يده في الوضوء فيمسح به مسحة واحدة اليافوخ فقط .
ورويناه أيضا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله بن عمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن
فاطمة بنت المنذر بن الزبير : إنها كانت تمسح عارضها الأيمن بيدها اليمنى ، وعارضها الأيسر بيدها اليسرى من تحت الخمار
nindex.php?page=showalam&ids=129وفاطمة هذه أدركت جدتها
nindex.php?page=showalam&ids=64أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها وروت عنها .
[ ص: 299 ] وعن
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع عن
قيس عن
أبي هاشم عن
nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي قال : إن أصاب هذا - يعني مقدم رأسه وصدغيه - أجزأه - يعني في الوضوء - وعن
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع عن
إسماعيل الأزرق عن
الشعبي قال : إن مسح جانب رأسه أجزأه وروي أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء وصفية بنت أبي عبيد وعكرمة والحسن nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبي العالية nindex.php?page=showalam&ids=16330وعبد الرحمن بن أبي ليلى وغيرهم .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : ولا يعرف عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم خلاف لما رويناه عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر في ذلك ، ولا حجة لمن خالفنا فيمن روى عنه من الصحابة وغيرهم مسح جميع رأسه ; لأننا لا ننكر ذلك بل نستحبه ، وإنما نطالبهم بمن أنكر الاقتصار على بعض الرأس في الوضوء فلا يجدونه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : ومن خالفنا في هذا فإنهم يتناقضون ، فيقولون في المسح على الخفين : إنه خطوط لا يعم الخفين ، فما الفرق بين مسح الخفين ومسح الرأس ؟ وأخرى وهي أن يقال لهم : إن كان المسح عندكم يقتضي العموم فهو والغسل سواء ، وما الفرق بينه وبين الغسل ؟ وإن كان كذلك فلم تنكرون مسح الرجلين في الوضوء وتأبون إلا غسلهما إن كان كلاهما يقتضي العموم ؟ وأيضا فإنكم لا تختلفون في أن غسل الجنابة يلزم تقصي الرأس بالماء ، وأن ذلك لا يلزم في الوضوء ، فقد أقررتم بأن المسح بالرأس خلاف الغسل ، وليس هنا فرق إلا أن المسح لا يقتضي العموم فقط ، وهذا ترك لقولكم .
وأيضا فما تقولون فيمن ترك بعض شعرة واحدة في الوضوء فلم يمسح عليها ؟ فمن قولهم : إنه يجزيه ، وهذا ترك منهم لقولهم .
فإن قالوا : إنما نقول بالأغلب ، قيل لهم : فترك شعرتين أو ثلاثا ؟ وهكذا أبدا ، فإن حدوا حدا قالوا بباطل لا دليل عليه ، وإن تمادوا صاروا إلى قولنا ، وهو الحق .
فإن قالوا : من عم رأسه فقد صح أنه توضأ ، ومن لم يعمه فلم يتفق على أنه توضأ قلنا لهم فأوجبوا بهذا الدليل نفسه الاستنشاق فرضا والترتيب فرضا ، وغير ذلك مما فيه ترك لجمهور مذهبهم .
إن قالوا : مسحه عليه السلام مع ناصيته على عمامته يدل على العموم ، قلنا : هذا أعجب شيء لأنكم لا تجيزون ذلك من فعل من فعله ، فكيف تحتجون بما لا يجوز عندكم وأيضا فمن لكم بأنه فعل واحد ؟ بل هما فعلان متغايران على ظاهر الأخبار في ذلك .
[ ص: 300 ] وأما تخصيص
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة لربع الرأس أو لمقدار ثلاثة أصابع ففاسد ; لأنه قول لا دليل عليه ، فإن قالوا : هو مقدار الناصية ، قلنا لهم : ومن لكم بأن هذا هو مقدار الناصية ؟ والأصابع تختلف ، وتحديد ربع الرأس يحتاج إلى تكسير ومساحة وهذا باطل ، وكذلك قولهم في منع المسح بأصبع أو بأصبعين .
فإن قالوا : إنما أردنا أكثر اليد ، قلنا لهم : أنتم لا توجبون المسح باليد فرضا ، بل تقولون إنه لو
nindex.php?page=treesubj&link=54_56وقف تحت ميزاب فمس الماء منه مقدار ربع رأسه أجزأه ، فظهر فساد قولهم .
ويسألون أيضا عن قولهم بأكثر اليد ؟ فإنهم لا يجدون دليلا على تصحيحه ، وكذلك يسألون عن اقتصارهم على مقدار الناصية ؟ فإن قالوا : اتباعا للخبر في ذلك ، قيل لهم : فلم تعديتم الناصية إلى مؤخر الرأس ؟ وما الفرق بين تعديكم الناصية إلى غيرها وبين تعدي مقدارها إلى غير مقدارها ؟ وأما قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فإن النص لم يأت بمسح الشعر فيكون ما قال من مراعاة عدد الشعر ، وإنما جاء القرآن بمسح الرأس ، فوجب أن لا يراعى إلا ما يسمى مسح الرأس فقط ، والخبر الذي ذكرنا عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك هو بعض ما جاء به القرآن فالآية أعم من ذلك الخبر ، وليس في الخبر منع من استعمال الآية ، ولا دليل على الاقتصار على الناصية فقط . وبالله تعالى التوفيق .
198 - مَسْأَلَةٌ :
nindex.php?page=treesubj&link=45_52_22623_32_75_22627_67_9وَصِفَةُ الْوُضُوءِ أَنَّهُ إنْ كَانَ انْتَبَهَ مِنْ نَوْمٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَ يَدَيْهِ ثَلَاثًا كَمَا قَدْ ذَكَرْنَا قَبْلُ ، وَأَنْ يَسْتَنْشِقَ وَأَنْ يَسْتَنْثِرَ ثَلَاثًا لِيَطْرُدَ الشَّيْطَانَ عَنْ خَيْشُومِهِ كَمَا قَدْ وَصَفْنَا ، وَسَوَاءٌ تَبَاعَدَ مَا بَيْنَ نَوْمِهِ وَوُضُوئِهِ أَوْ لَمْ يَتَبَاعَدْ ، فَإِنْ كَانَ قَدْ فَعَلَ كُلَّ ذَلِكَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ ذَلِكَ الْوُضُوءَ مِنْ حَدَثِ غَيْرِ النَّوْمِ ، فَلَوْ صَبَّ عَلَى يَدَيْهِ مِنْ إنَاءٍ دُونَ أَنْ يُدْخِلَ يَدَهُ فِيهِ لَزِمَهُ غُسْلُ يَدِهِ أَيْضًا ثَلَاثًا إنْ قَامَ مِنْ نَوْمِهِ ، ثُمَّ نَخْتَارُ لَهُ أَنْ يَتَمَضْمَضَ ثَلَاثًا ، وَلَيْسَتْ الْمَضْمَضَةُ فَرْضًا ، وَإِنْ تَرَكَهَا فَوُضُوءُهُ تَامٌّ وَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ ، عَمْدًا تَرَكَهَا أَوْ
[ ص: 295 ] نِسْيَانًا ، ثُمَّ يَنْوِي وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ كَمَا قَدَّمْنَا ، ثُمَّ يَضَعُ الْمَاءَ فِي أَنْفِهِ وَيَجْبِذُهُ بِنَفْسِهِ وَلَا بُدَّ ، ثُمَّ يَنْثُرُهُ بِأَصَابِعِهِ وَلَا بُدَّ مَرَّةً فَإِنْ فَعَلَ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ فَحَسَنٌ ، وَهُمَا فَرْضَانِ لَا يُجْزِئُ الْوُضُوءُ وَلَا الصَّلَاةُ دُونَهُمَا ، لَا عَمْدًا وَلَا نِسْيَانًا ، ثُمَّ يَغْسِلُ وَجْهَهُ مِنْ حَدِّ مَنَابِتِ الشَّعْرِ فِي أَعْلَى الْجَبْهَةِ إلَى أُصُولِ الْأُذُنَيْنِ مَعًا إلَى مُنْقَطِعِ الذَّقَنِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَغْسِلَ ذَلِكَ ثَلَاثًا أَوْ ثِنْتَيْنِ وَتُجْزِئُ مَرَّةً ، لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَمَسَّ الْمَاءَ مَا انْحَدَرَ مِنْ لِحْيَتِهِ تَحْتَ ذَقَنِهِ ، وَلَا أَنْ يُخَلِّلَ لِحْيَتَهُ ، ثُمَّ يَغْسِلَ ذِرَاعَيْهِ مِنْ مُنْقَطَعِ الْأَظْفَارِ إلَى أَوَّلِ الْمَرَافِقِ مِمَّا يَلِي الذِّرَاعَيْنِ ، فَإِنْ غَسَلَ ذَلِكَ ثَلَاثًا فَحَسَنٌ ، وَمَرَّتَيْنِ حَسَنٌ ، وَتُجْزِئُ مَرَّةً ، وَلَا بُدَّ ضَرُورَةٌ مِنْ إيصَالِ الْمَاءِ بِيَقِينٍ إلَى مَا تَحْتَ الْخَاتَمِ بِتَحْرِيكِهِ عَنْ مَكَانِهِ ، ثُمَّ يَمْسَحُ رَأْسَهُ كَيْفَمَا مَسَحَهُ أَجْزَأَهُ ، وَأَحَبُّ إلَيْنَا أَنْ يَعُمَّ رَأْسَهُ بِالْمَسْحِ ، فَكَيْفَمَا مَسَحَهُ بِيَدَيْهِ أَوْ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ أَوْ بِأُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ أَجْزَأَهُ .
فَلَوْ مَسَحَ بَعْضَ رَأْسِهِ أَجْزَأَهُ وَإِنْ قَلَّ ، وَنَسْتَحِبُّ أَنْ يَمْسَحَ رَأْسَهُ ثَلَاثًا أَوْ مَرَّتَيْنِ وَوَاحِدَةٌ تُجْزِئُ ، وَلَيْسَ عَلَى الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ مَسُّ مَا انْحَدَرَ مِنْ الشَّعْرِ عَنْ مَنَابِتِ الشَّعْرِ عَلَى الْقَفَا وَالْجَبْهَةِ ثُمَّ يُسْتَحَبُّ لَهُ مَسْحُ أُذُنَيْهِ ، إنْ شَاءَ بِمَا مَسَحَ بِهِ رَأْسَهُ وَإِنْ شَاءَ بِمَاءٍ جَدِيدٍ ، وَيُسْتَحَبُّ تَجْدِيدُ الْمَاءَ لِكُلِّ عُضْوٍ ، ثُمَّ يَغْسِلُ رِجْلَيْهِ مِنْ مُبْتَدَإِ مُنْقَطَعِ الْأَظْفَارِ إلَى آخِرِ الْكَعْبَيْنِ مِمَّا يَلِي السَّاقَ ، فَإِنْ غَسَلَ ذَلِكَ ثَلَاثًا فَحَسَنٌ ، وَمَرَّتَيْنِ حَسَنٌ وَمَرَّةٌ تُجْزِئُ ، وَتُسْتَحَبُّ
nindex.php?page=treesubj&link=22627_57_71_70_56_53_65تَسْمِيَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْوُضُوءِ ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَوُضُوءُهُ تَامٌّ .
أَمَّا قَوْلُنَا فِي الْمَضْمَضَةِ فَلَمْ يَصِحَّ بِهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرٌ ، وَإِنَّمَا هِيَ فِعْلٌ فَعَلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ أَفْعَالَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَتْ فَرْضًا ، وَإِنَّمَا فِيهَا الْإِيتَارُ بِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا أَمَرَنَا بِطَاعَةِ أَمْرِ نَبِيِّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلَمْ يَأْمُرْنَا بِأَنْ نَفْعَلَ أَفْعَالَهُ .
قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=63فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=21لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=273_67_52الِاسْتِنْشَاقُ وَالِاسْتِنْثَارُ فَإِنَّ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَبِيعٍ حَدَّثَنَا قَالَ ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ثنا
أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17029مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16008سُفْيَانُ هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ - عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11863أَبِي الزِّنَادِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=13723الْأَعْرَجِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=9774إذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً ثُمَّ لْيَسْتَنْثِرْ } وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=17257هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ
[ ص: 296 ] nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ مُسْنَدًا ، وَمِنْ طَرِيقِ
سَلَمَةَ بْنِ قَيْسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064عَلِيٌّ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ : لَيْسَ الِاسْتِنْشَاقُ وَالِاسْتِنْثَارُ فَرْضًا فِي الْوُضُوءِ وَلَا فِي الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ : هُمَا فَرْضٌ فِي الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ وَلَيْسَا فَرْضًا فِي الْوُضُوءِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ nindex.php?page=showalam&ids=15858وَدَاوُد : الِاسْتِنْشَاقُ وَالِاسْتِنْثَارُ فَرْضَانِ فِي الْوُضُوءِ وَلَيْسَا فَرْضَيْنِ فِي الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ ، وَلَيْسَتْ الْمَضْمَضَةُ فَرْضًا لَا فِي الْوُضُوءِ وَلَا فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ ، وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ .
وَمِمَّنْ صَحَّ عَنْهُ الْأَمْرُ بِذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ . رُوِّينَا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ إذَا تَوَضَّأْتَ فَانْثُرْ فَأَذْهِبْ مَا فِي الْمَنْخَرَيْنِ مِنْ الْخُبْثِ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16102شُعْبَةَ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15741حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ فِيمَنْ نَسِيَ أَنْ يُمَضْمِضَ وَيَسْتَنْشِقَ قَالَ : يَسْتَقْبِلُ .
وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16102شُعْبَةَ عَنْ
الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ فِيمَنْ صَلَّى وَقَدْ نَسِيَ أَنْ يُمَضْمِضَ وَيَسْتَنْشِقَ قَالَ : أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُعِيدَ يَعْنِي الصَّلَاةَ .
وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17277وَكِيعٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16004سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ : الِاسْتِنْشَاقُ شَطْرُ الْوُضُوءِ وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16360عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16004سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15741حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ nindex.php?page=showalam&ids=16330وَابْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَا جَمِيعًا " إذَا
nindex.php?page=treesubj&link=1647_26466_1343_26768_52نَسِيَ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ فِي الْوُضُوءِ أَعَادَ " يَعْنُونَ الصَّلَاةَ - وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16360عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17124مَعْمَرٍ عَنْ
الزُّهْرِيِّ مَنْ نَسِيَ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ فِي الْوُضُوءِ أَعَادَ - يَعْنِي الصَّلَاةَ - وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11994أَبِي خَالِدٍ الْأَحْمَرِ عَنْ
هِشَامٍ عَنْ
الْحَسَنِ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَالِاسْتِنْثَارِ وَغَسْلِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ : ثِنْتَانِ تَجْزِيَانِ وَثَلَاثٌ أَفْضَلُ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064عَلِيٌّ وَشَغَبَ قَوْمٌ بِأَنَّ الِاسْتِنْشَاقَ وَالِاسْتِنْثَارَ لَيْسَا مَذْكُورَيْنِ فِي الْقُرْآنِ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47682لَا تَتِمُّ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يَتَوَضَّأَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى } .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ : وَهَذَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=80مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ } فَكُلُّ مَا أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاَللَّهُ تَعَالَى أَمَرَ بِهِ .
وَأَمَّا قَوْلُنَا فِي
nindex.php?page=treesubj&link=53_23307_34الْوَجْهِ ، فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّ الَّذِي قُلْنَا فَرْضُ غَسْلِهِ قَبْلَ خُرُوجِ اللِّحْيَةِ ، فَإِذَا خَرَجَتْ اللِّحْيَةُ فَهِيَ مَكَانُ مَا سَتَرَتْ ، وَلَا يَسْقُطُ غَسْلُ شَيْءٍ يَقَعُ عَلَيْهِ
[ ص: 297 ] اسْمُ الْوَجْهِ بِالدَّعْوَى ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤْخَذَ بِالرَّأْيِ فَرْقٌ بَيْنَ مَا يَغْسِلُ الْأَمْرَدُ مِنْ وَجْهِهِ وَالْكَوْسَجُ وَالْأَلْحَى .
وَأَمَّا مَا انْحَدَرَ عَنْ الذَّقَنِ مِنْ اللِّحْيَةِ وَمَا انْحَدَرَ عَنْ مَنَابِتِ الشَّعْرِ مِنْ الْقَفَا وَالْجَبْهَةِ ، فَإِنَّمَا أَمَرَنَا عَزَّ وَجَلَّ بِغَسْلِ الْوَجْهِ وَمَسْحِ الرَّأْسِ وَبِالضَّرُورَةِ يَدْرِي كُلُّ أَحَدٍ أَنَّ رَأْسَ الْإِنْسَانِ لَيْسَ فِي قَفَاهُ ، وَأَنَّ الْجَبْهَةَ مِنْ الْوَجْهِ الْمَغْسُولِ ، لَا حَظَّ فِيهَا لِلرَّأْسِ الْمَمْسُوحِ ، وَأَنَّ الْوَجْهَ لَيْسَ فِي الْعُنُقِ وَلَا فِي الصَّدْرِ فَلَا يَلْزَمُ فِي كُلِّ ذَلِكَ شَيْءٌ ، إذْ لَمْ يُوجِبْهُ قُرْآنٌ وَلَا سُنَّةٌ .
وَأَمَّا قَوْلُنَا فِي
nindex.php?page=treesubj&link=51_44غَسْلِ الذِّرَاعَيْنِ وَمَا تَحْتَ الْخَاتَمِ وَالْمِرْفَقَيْنِ ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6وَأَيْدِيَكُمْ إلَى الْمَرَافِقِ } فَمَنْ تَرَكَ شَيْئًا وَلَوْ قَدْرَ شَعْرَةٍ مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِغُسْلِهِ فَلَمْ يَتَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، وَمَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَلَمْ يَتَوَضَّأْ أَصْلًا ، وَلَا صَلَاةَ لَهُ فَوَجَبَ إيصَالُ الْمَاءِ بِيَقِينٍ إلَى مَا سَتَرَ الْخَاتَمَ مِنْ الْأُصْبُعِ ، وَأَمَّا الْمَرَافِقُ فَإِنَّ " إلَى " فِي لُغَةِ
الْعَرَبِ الَّتِي بِهَا نَزَلَ الْقُرْآنُ تَقَعُ عَلَى مَعْنَيَيْنِ ، تَكُونُ بِمَعْنَى الْغَايَةِ ، وَتَكُونُ بِمَعْنَى مَعَ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=2وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إلَى أَمْوَالِكُمْ } بِمَعْنَى مَعَ أَمْوَالِكُمْ ، فَلَمَّا كَانَتْ تَقَعُ " إلَى " عَلَى هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ وُقُوعًا صَحِيحًا مُسْتَوِيًا ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يَقْتَصِرَ بِهَا عَلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ ، فَيَكُونُ ذَلِكَ تَخْصِيصًا لِمَا تَقَعُ عَلَيْهِ بِلَا بُرْهَانٍ ، فَوَجَبَ أَنْ يُجْزِئَ غَسْلُ الذِّرَاعَيْنِ إلَى أَوَّلِ الْمِرْفَقَيْنِ بِأَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ ، فَيُجْزِئُ ، فَإِنْ غَسَلَ الْمَرَافِقَ فَلَا بَأْسَ أَيْضًا .
وَأَمَّا قَوْلُنَا فِي
nindex.php?page=treesubj&link=54_56_69_53مَسْحِ الرَّأْسِ فَإِنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ بِعُمُومِ مَسْحِ الرَّأْسِ فِي الْوُضُوءِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ يَمْسَحُ مِنْ الرَّأْسِ فَرْضًا مِقْدَارَ ثَلَاثِ أَصَابِعَ ، وَذُكِرَ عَنْهُ تَحْدِيدُ الْفَرْضِ مِمَّا يُمْسَحُ مِنْ الرَّأْسِ بِأَنَّهُ رُبْعُ الرَّأْسِ ، وَإِنَّهُ إنْ مَسَحَ رَأْسَهُ بِأُصْبُعَيْنِ أَوْ بِأُصْبُعٍ لَمْ يُجْزِهِ ذَلِكَ ، فَإِنْ مَسَحَ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ أَجْزَأَهُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16004سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ : يُجْزِئُ مِنْ الرَّأْسِ مَسْحُ بَعْضِهِ وَلَوْ شَعْرَةً وَاحِدَةً ، وَيُجْزِئُ مَسْحُهُ بِأُصْبُعٍ وَبِبَعْضِ أُصْبُعٍ ، وَحَدَّ أَصْحَابُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ مَا يُجْزِئُ مِنْ مَسْحِ الرَّأْسِ بِشَعْرَتَيْنِ ، وَيُجْزِئُ بِأُصْبُعٍ وَبِبَعْضِ أُصْبُعٍ ، وَأَحَبُّ ذَلِكَ إلَى
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ الْعُمُومُ بِثَلَاثِ مَرَّاتٍ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ : يُجْزِئُ الْمَرْأَةُ أَنْ تَمْسَحَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهَا ، وَقَالَ
الْأَوْزَاعِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=15124وَاللَّيْثُ : يُجْزِئُ مَسْحُ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ فَقَطْ وَمَسْحُ بَعْضِهِ كَذَلِكَ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15858دَاوُد :
[ ص: 298 ] يُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ مَسْحٍ .
وَكَذَلِكَ بِمَا مَسَحَ مِنْ أُصْبُعٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَأَحَبُّ إلَيْهِ الْعُمُومُ ثَلَاثًا ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ ، وَأَمَّا الِاقْتِصَارُ عَلَى بَعْضِ الرَّأْسِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ } وَالْمَسْحُ فِي اللُّغَةِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا الْقُرْآنُ هُوَ غَيْرُ الْغُسْلِ بِلَا خِلَافٍ ، وَالْغُسْلُ يَقْتَضِي الِاسْتِيعَابَ وَالْمَسْحُ لَا يَقْتَضِيهِ حَدَّثَنَا
حُمَامُ بْنُ أَحْمَدَ ثنا
عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16408عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ثنا أَبِي ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17293يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ الْقَطَّانُ ثنا
التَّيْمِيُّ هُوَ سُلَيْمَانُ - عَنْ
بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ عَنْ
الْحَسَنِ هُوَ الْبَصْرِيُّ - عَنْ
ابْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ هُوَ حَمْزَةُ - عَنْ أَبِيهِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47683أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْعِمَامَةِ } حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16903مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ حَدَّثَنَا
أَبُو دَاوُد ثنا
مُسَدَّدٌ عَنْ
الْمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ قَالَ : سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ
بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ عَنْ
الْحَسَنِ عَنْ
ابْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ أَبِيهِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47684أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَعَلَى نَاصِيَتِهِ وَعَلَى عِمَامَتِهِ } قَالَ
بَكْرٌ : وَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ
ابْنِ الْمُغِيرَةِ .
وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ .
رُوِّينَا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17124مَعْمَرٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12341أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17191نَافِعٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ : أَنَّهُ كَانَ يُدْخِلُ يَدَهُ فِي الْوُضُوءِ فَيَمْسَحُ بِهِ مَسْحَةً وَاحِدَةً الْيَافُوخَ فَقَطْ .
وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=16524عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17191نَافِعٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ . وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15744حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17245هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ
فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ : إنَّهَا كَانَتْ تَمْسَحُ عَارِضَهَا الْأَيْمَنَ بِيَدِهَا الْيُمْنَى ، وَعَارِضَهَا الْأَيْسَرَ بِيَدِهَا الْيُسْرَى مِنْ تَحْتِ الْخِمَارِ
nindex.php?page=showalam&ids=129وَفَاطِمَةُ هَذِهِ أَدْرَكَتْ جَدَّتَهَا
nindex.php?page=showalam&ids=64أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَرَوَتْ عَنْهَا .
[ ص: 299 ] وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17277وَكِيعٍ عَنْ
قَيْسٍ عَنْ
أَبِي هَاشِمٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12354النَّخَعِيِّ قَالَ : إنْ أَصَابَ هَذَا - يَعْنِي مُقَدَّمَ رَأْسِهِ وَصُدْغَيْهِ - أَجْزَأَهُ - يَعْنِي فِي الْوُضُوءِ - وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17277وَكِيعٍ عَنْ
إسْمَاعِيلَ الْأَزْرَقِ عَنْ
الشَّعْبِيِّ قَالَ : إنْ مَسَحَ جَانِبَ رَأْسِهِ أَجْزَأَهُ وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16568عَطَاءٍ وَصَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ وَعِكْرِمَةَ وَالْحَسَنِ nindex.php?page=showalam&ids=11873وَأَبِي الْعَالِيَةِ nindex.php?page=showalam&ids=16330وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وَغَيْرِهِمْ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ : وَلَا يُعْرَفُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ خِلَافٌ لِمَا رُوِّينَاهُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ فِي ذَلِكَ ، وَلَا حُجَّةَ لِمَنْ خَالَفَنَا فِيمَنْ رَوَى عَنْهُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ مَسْحَ جَمِيعَ رَأْسِهِ ; لِأَنَّنَا لَا نُنْكِرُ ذَلِكَ بَلْ نَسْتَحِبُّهُ ، وَإِنَّمَا نُطَالِبُهُمْ بِمَنْ أَنْكَرَ الِاقْتِصَارَ عَلَى بَعْضِ الرَّأْسِ فِي الْوُضُوءِ فَلَا يَجِدُونَهُ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064عَلِيٌّ : وَمَنْ خَالَفَنَا فِي هَذَا فَإِنَّهُمْ يَتَنَاقَضُونَ ، فَيَقُولُونَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ : إنَّهُ خُطُوطٌ لَا يَعُمُّ الْخُفَّيْنِ ، فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ وَمَسْحِ الرَّأْسِ ؟ وَأُخْرَى وَهِيَ أَنْ يُقَالَ لَهُمْ : إنْ كَانَ الْمَسْحُ عِنْدَكُمْ يَقْتَضِي الْعُمُومَ فَهُوَ وَالْغُسْلُ سَوَاءٌ ، وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغُسْلِ ؟ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلِمَ تُنْكِرُونَ مَسْحَ الرِّجْلَيْنِ فِي الْوُضُوءِ وَتَأْبَوْنَ إلَّا غُسْلَهُمَا إنْ كَانَ كِلَاهُمَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ ؟ وَأَيْضًا فَإِنَّكُمْ لَا تَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّ غُسْلَ الْجَنَابَةِ يَلْزَمُ تَقَصِّي الرَّأْسِ بِالْمَاءِ ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُ فِي الْوُضُوءِ ، فَقَدْ أَقْرَرْتُمْ بِأَنَّ الْمَسْحَ بِالرَّأْسِ خِلَافُ الْغُسْلِ ، وَلَيْسَ هُنَا فَرْقٌ إلَّا أَنَّ الْمَسْحَ لَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ فَقَطْ ، وَهَذَا تَرْكٌ لِقَوْلِكُمْ .
وَأَيْضًا فَمَا تَقُولُونَ فِيمَنْ تَرَكَ بَعْضَ شَعْرَةٍ وَاحِدَةٍ فِي الْوُضُوءِ فَلَمْ يَمْسَحْ عَلَيْهَا ؟ فَمِنْ قَوْلِهِمْ : إنَّهُ يُجْزِيهِ ، وَهَذَا تَرْكٌ مِنْهُمْ لِقَوْلِهِمْ .
فَإِنْ قَالُوا : إنَّمَا نَقُولُ بِالْأَغْلَبِ ، قِيلَ لَهُمْ : فَتَرْكُ شَعْرَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ؟ وَهَكَذَا أَبَدًا ، فَإِنْ حَدُّوا حَدًّا قَالُوا بِبَاطِلٍ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ تَمَادَوْا صَارُوا إلَى قَوْلِنَا ، وَهُوَ الْحَقُّ .
فَإِنْ قَالُوا : مَنْ عَمَّ رَأْسَهُ فَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ تَوَضَّأَ ، وَمَنْ لَمْ يَعُمَّهُ فَلَمْ يُتَّفَقْ عَلَى أَنَّهُ تَوَضَّأَ قُلْنَا لَهُمْ فَأَوْجِبُوا بِهَذَا الدَّلِيلِ نَفْسِهِ الِاسْتِنْشَاقَ فَرْضًا وَالتَّرْتِيبَ فَرْضًا ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ تَرْكٌ لِجُمْهُورِ مَذْهَبِهِمْ .
إنْ قَالُوا : مَسْحُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَ نَاصِيَتِهِ عَلَى عِمَامَتِهِ يَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ ، قُلْنَا : هَذَا أَعْجَبُ شَيْءٍ لِأَنَّكُمْ لَا تُجِيزُونَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ مَنْ فَعَلَهُ ، فَكَيْفَ تَحْتَجُّونَ بِمَا لَا يَجُوزُ عِنْدَكُمْ وَأَيْضًا فَمَنْ لَكُمْ بِأَنَّهُ فِعْلٌ وَاحِدٌ ؟ بَلْ هُمَا فِعْلَانِ مُتَغَايِرَانِ عَلَى ظَاهِرِ الْأَخْبَارِ فِي ذَلِكَ .
[ ص: 300 ] وَأَمَّا تَخْصِيصُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ لِرُبْعِ الرَّأْسِ أَوْ لِمِقْدَارِ ثَلَاثَةِ أَصَابِعَ فَفَاسِدٌ ; لِأَنَّهُ قَوْلٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ ، فَإِنْ قَالُوا : هُوَ مِقْدَارُ النَّاصِيَةِ ، قُلْنَا لَهُمْ : وَمَنْ لَكُمْ بِأَنَّ هَذَا هُوَ مِقْدَارُ النَّاصِيَةِ ؟ وَالْأَصَابِعُ تَخْتَلِفُ ، وَتَحْدِيدُ رُبْعِ الرَّأْسِ يَحْتَاجُ إلَى تَكْسِيرٍ وَمِسَاحَةٍ وَهَذَا بَاطِلٌ ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ فِي مَنْعِ الْمَسْحِ بِأُصْبُعٍ أَوْ بِأُصْبُعَيْنِ .
فَإِنْ قَالُوا : إنَّمَا أَرَدْنَا أَكْثَرَ الْيَدِ ، قُلْنَا لَهُمْ : أَنْتُمْ لَا تُوجِبُونَ الْمَسْحَ بِالْيَدِ فَرْضًا ، بَلْ تَقُولُونَ إنَّهُ لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=54_56وَقَفَ تَحْتَ مِيزَابٍ فَمَسَّ الْمَاءُ مِنْهُ مِقْدَارَ رُبْعِ رَأْسِهِ أَجْزَأَهُ ، فَظَهَرَ فَسَادُ قَوْلِهِمْ .
وَيُسْأَلُونَ أَيْضًا عَنْ قَوْلِهِمْ بِأَكْثَرِ الْيَدِ ؟ فَإِنَّهُمْ لَا يَجِدُونَ دَلِيلًا عَلَى تَصْحِيحِهِ ، وَكَذَلِكَ يُسْأَلُونَ عَنْ اقْتِصَارِهِمْ عَلَى مِقْدَارِ النَّاصِيَةِ ؟ فَإِنْ قَالُوا : اتِّبَاعًا لِلْخَبَرِ فِي ذَلِكَ ، قِيلَ لَهُمْ : فَلِمَ تَعَدَّيْتُمْ النَّاصِيَةَ إلَى مُؤَخَّرِ الرَّأْسَ ؟ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ تَعَدِّيكُمْ النَّاصِيَةَ إلَى غَيْرِهَا وَبَيْنَ تَعَدِّي مِقْدَارِهَا إلَى غَيْرِ مِقْدَارِهَا ؟ وَأَمَّا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ فَإِنَّ النَّصَّ لَمْ يَأْتِ بِمَسْحِ الشَّعْرِ فَيَكُونُ مَا قَالَ مِنْ مُرَاعَاةِ عَدَدِ الشَّعْرِ ، وَإِنَّمَا جَاءَ الْقُرْآنُ بِمَسْحِ الرَّأْسِ ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يُرَاعَى إلَّا مَا يُسَمَّى مَسْحَ الرَّأْسِ فَقَطْ ، وَالْخَبَرُ الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ هُوَ بَعْضُ مَا جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ فَالْآيَةُ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ الْخَبَرِ ، وَلَيْسَ فِي الْخَبَرِ مَنْعٌ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْآيَةِ ، وَلَا دَلِيلَ عَلَى الِاقْتِصَارِ عَلَى النَّاصِيَةِ فَقَطْ . وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .