2187 - مسألة : أهل الذمة ؟ قال هل تقام الحدود على رحمه الله : اختلف الناس في هذا الخبر ؟ فجاء عن أبو محمد : لا حد على علي بن أبي طالب أهل الذمة في الزنى
وجاء عن : لا حد على ابن عباس أهل الذمة في السرقة
وقال : لا حد على أبو حنيفة أهل الذمة في الزنى ، ولا في شرب الخمر - وعليهم الحد في القذف ، وفي السرقة ، إلا المعاهد في السرقة ، لكن يضمنها ، وقال صاحبه : لا أمنع الذمي من الزنى ، وشرب الخمر - وأمنعه من الغناء محمد بن الحسن
وقال : لا حد على مالك أهل الذمة في زنى ، ولا في شرب الخمر - وعليهم الحد في القذف ، والسرقة
وقال ، الشافعي ، وأصحابهما : عليهم الحد في كل ذلك وأبو سليمان
حدثنا حمام نا نا ابن مفرج عبد الأعلى بن محمد نا الدبري نا نا عبد الرزاق أخبرني الثوري عن أبيه قال : كتب سماك بن حرب قابوس بن المخارق محمد بن أبي بكر إلى يسأله عن مسلمين تزندقا ، وعن مسلم زنى بنصرانية ، وعن مكاتب مات وترك بقية من كتابته ، وترك ولدا أحرارا ؟ فكتب إليه علي بن أبي طالب : أما اللذان [ ص: 66 ] تزندقا فإن تابا وإلا فاضرب أعناقهما - وأما المسلم الذي زنى بالنصرانية فأقم عليه الحد ، وارفع النصرانية إلى أهل دينها - وأما المكاتب فأعط مواليه بقية كتابته ، وأعط ولده الأحرار ما بقي من ماله : نا علي حمام نا نا ابن مفرج نا ابن الأعرابي الدبري نا عن عبد الرزاق ، ابن جريج ، كلاهما عن وسفيان الثوري عمرو بن دينار عن : أن مجاهد كان لا يرى على عبد ولا على ابن عباس أهل الذمة حدا
وعن أنه قال في اليهودي ، والنصراني : لا أرى عليهما في الزنى حدا ، قال : وقد كان من الوفاء لهم بالذمة أن يخلى بينهم وبين أهل دينهم وشرائعهم ، تكون ذنوبهم عليهم ؟ قال ربيعة رحمه الله : فلما اختلفوا وجب أن ننظر في ذلك لنعلم الحق فنتبعه ؟ فنظرنا في قول من قال : لا حد على ذمي ؟ فوجدناهم يقولون : قال الله تعالى { أبو محمد فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط }
ووجدناهم يقولون : قد عاهدناهم على الترك لهم على كفرهم ، وكان كفرهم يدخل فيه كل شريطة من أحكامهم ، فوجب أن لا يعترض عليهم بخلاف ما عوهدوا عليه ؟ قال رحمه الله : ما تعلم لهم حجة غير هذا ؟ فلما نظرنا في ذلك وجدناه لا حجة فيه للحنفيين ، والمالكيين أصلا ، لأن الآية المذكورة عامة لا خاصة ، وهم قد خصوا فأوجبوا عليهم الحد في السرقة ، وفي القذف لمسلم ، وفي الحرابة ، وأسقطوا الحد في الزنى ، وفي الخمر فقط ، وهذا تحكم لم يوجبه قرآن ، ولا سنة لا صحيحة ولا سقيمة ولا إجماع ، ولا قول صاحب أبو محمد
فإن قالوا : السرقة ظلم ، ولا يقرون على ظلم مسلم ، ولا على ظلم ذمي ، والقذف حكم بينهم وبين المسلم وإذا كان ذلك فلا خلاف في أنه يحكم في ذلك بحكم الإسلام ؟ قلنا لهم : وكذلك الزنى إذا زنوا بامرأة مسلم ، أو بأمته ، أو بامرأة ذمي أو أمته ، [ ص: 67 ] فإنه ظلم للمسلم ، أو سيدها ، وظلم للذمي كذلك ، ولا يقرون على ظلم
وعلى كل حال فقد خصصتم الآية بلا دليل وتركتم ظاهرها بلا حجة
فإن شغبوا بقول ، علي - رضي الله عنهما - في ذلك ؟ قلنا لهم : لا حجة لكم في ذلك ، لأن الرواية عن وابن عباس في ذلك لا تصح ، لأنها عن علي سماك بن حرب - وهو ضعيف يقبل التلقين - ثم عن قابوس بن المخارق - وهو مجهول - ثم لو صح لما كانت لهم فيه حجة ، لأنه لا حجة في قول أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأما الرواية عن فأبعد ، لأنه لا حجة في أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنهم قد خالفوا ابن عباس في هذه القضية ، لأن فيها : لا حد على عبد ، وهم لا يرون هذا ، ولا حد على ذمي - وهم يرون الحد عليه في القذف والسرقة ابن عباس
قال رحمه الله : فإذ قد تعارضت الروايتان عن أبو محمد عن مجاهد ؟ فقد بطل التعلق بإحداهما دون الأخرى ، ووجب ردهما إلى كتاب الله تعالى ، فلأي القولين شهد القرآن ، والسنة فهو الحق ، وعلى كل حال - فقد بطل كل قول شغب به الحنفيون ، والمالكيون ، ولم يبق لهم حجة أصلا ابن عباس
أما الآية فإنها منسوخة ، ولو صح أنها محكمة لما كان لمن أسقط بها إقامة الحدود عليهم متعلق ، لأنه إنما فيها التخيير في الحكم بينهم ، لا في الحكم عليهم جملة ، وإقامة الحدود حكم عليهم لا حكم بينهم ، فليس للحدود في هذه الآية مدخل أصلا ، بوجه من الوجوه - فسقط التعلق بها جملة
وأما عهود من عاهدهم على الحكم بأحكامهم ، فليس ذلك عهد الله تعالى ، بل هو عهد إبليس وعهد الباطل ، وعهد الضلال ، ولا يعرف المسلمون عقودا ولا عهودا إلا ما أمر الله تعالى به في القرآن والسنة ، فهي التي أمر الله تعالى بالوفاء بها ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم { } [ ص: 68 ] كل شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل
وقال عليه السلام { } من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد
وإن قالوا : قال الله تعالى { لا إكراه في الدين } قلنا : نعم ، ما نكرههم على الإسلام ، ولا على الصلاة ، ولا على الزكاة ، ولا على الصيام ، ولا الحج ، لكن متى كان لهم حكم حكمنا فيه بحكم الإسلام ، لقول الله تعالى { وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك }
وقال تعالى { أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون } ؟ فافترض الله تعالى على لسان رسوله عليه السلام أن لا تتبع أهواءهم ، فمن تركهم وأحكامهم : فقد اتبع أهواءهم ، وخالف أمر الله تعالى في القرآن