2197 - مسألة :
وأما ؟ فإن الناس اختلفوا فيه : فقالت طائفة : الزاني غير المحصن ، يجلد مائة ، وينفى سنة - الحر ، والحرة [ ص: 101 ] ذات الزوج ، وغير ذات الزوج ، في ذلك سواء - وأما العبد الذكر فكالحر ، وأما الأمة فجلد خمسين ونفي ستة أشهر - وهو قول نفي الزاني ، وأصحابه ، الشافعي ، وسفيان الثوري ، والحسن بن حي . وابن أبي ليلى
وقالت طائفة : ينفى الرجل الزاني جملة ، ولا تنفى النساء .
وهو قول الأوزاعي .
وقالت طائفة : ينفى الحر الذكر ، ولا تنفى المرأة الحرة - ذات زوج كانت أو غير ذات زوج - ولا الأمة ، ولا العبد - وهو قول ، وأصحابه . مالك
وقالت طائفة : لا نفي على زان أصلا - لا على ذكر ، ولا على أنثى ، ولا حر ، ولا عبد ، ولا أمة - وهو قول ، وأصحابه . أبي حنيفة
قال رحمه الله : ونحن ذاكرون - إن شاء الله تعالى - ما جاء في ذلك عن المتقدمين فمن ذلك : ما ناه أبو محمد عبد الله بن ربيع نا محمد بن معاوية نا أحمد بن شعيب نا محمد بن العلاء أبو كريب نا سمعت عبد الله بن إدريس الأودي عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم عن عن نافع قال { ابن عمر ضرب وغرب ، وإن أبا بكر ضرب وغرب عمر } . إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضرب وغرب ، وإن
أنا حمام أنا أنا ابن مفرج أنا ابن الأعرابي الدبري أنا عن عبد الرزاق عن ابن جريج عن موسى بن عقبة عن نافع صفية بنت أبي عبيد أن رجلا وقع على جارية بكر فأحبلها فاعترف ولم يكن أحصن فأمر به فجلده مائة ثم نفي . أبو بكر
وعن عن عروة بن الزبير أم المؤمنين أنها قالت : أتى رجل إلى عائشة فأخبره أن أخته أحدثت - وهي في سترها وأنها حامل - فقال عمر بن الخطاب : أمهلها حتى إذا وضعت واستقلت فآذني بها ، فلما وضعت جلدها مائة وغربها إلى عمر البصرة عاما .
ومن طريق عن مالك ابن شهاب أن غرب في الزنى سنة . قال عمر بن الخطاب ، قال ابن وهب ابن شهاب : ثم لم يزل ذلك الأمر تمضي به السنة حتى غرب في إمرته مروان بالمدينة - ثم ترك ذلك الناس .
[ ص: 102 ] وعن أخبرني ابن وهب عن جرير بن حازم الحسن بن عمارة عن العلاء بن بدر عن كلثوم بن جبير قال ، تزوج رجل منا امرأة فزنت قبل أن يدخل بها ، فجلدها مائة سوط ونفاها سنة إلى نهر علي بن أبي طالب كربلاء فلما رجعت دفعها إلى زوجها ، وقال : امرأتك فإن شئت فطلق ، وإن شئت فأمسك .
وعن ابن شهاب عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن أبيه أن توفي وأعتق من صلى من رقيقه وصام ، وكانت له وليدة نوبية قد صلت وصامت - وهي أعجمية لم تفقه - فلم يرعه إلا حملها ، فذهب إلى حاطبا فزعا ، فقال له عمر : أنت الرجل الذي لا تأتي بخير ، فأرسل إليها عمر : أحبلت ؟ فقالت : نعم ، من عمر مرعوش بدرهمين ، فإذا هي تستهل به ، وصادفت عنده ، علي بن أبي طالب ، وعثمان بن عفان ، فقال : أشيروا علي ، وعبد الرحمن بن عوف جالس فاضطجع ، فقال وعثمان ، علي : قد وقع عليها الحد ، قال : أشر علي يا وعبد الرحمن ؟ قال : قد أشار عليك أخواك ، قال : أشر علي أنت ؟ قال : أراها تستهل به كأنها لا تعلمه ، وليس الحد إلا على من علمه ، فأمر بها فجلدت مائة وغربها . عثمان
وعن قال : البكر تجلد مائة وتنفى سنة . عطاء
وعن في البكر يزني بالبكر يجلدان مائة وينفيان سنة . عبد الله بن مسعود
وعن أنه حد مملوكة له في الزنى ونفاها إلى ابن عمر فدك .
قال رحمه الله : وأما من لم ير ذلك : فكما أنا أبو محمد حمام أنا أنا ابن مفرج أنا ابن الأعرابي الدبري أنا عن عبد الرزاق عن أبي حنيفة عن حماد بن أبي سليمان إبراهيم النخعي ، قال : قال في البكر يزني بالبكر ، فإن حبسهما من الفتيان ينفيان - وعن علي بن أبي طالب إبراهيم النخعي أن قال في أم الولد إذا أعتقها سيدها ، أو مات فزنت : أنها تجلد ولا تنفى ؟ قال علي بن أبي طالب رحمه الله : فلما اختلفوا نظرنا في ذلك لنعلم الحق فنتبعه - بعون الله تعالى - فنظرنا في قول من قال بالتغريب من حد الزنى يذكرون : ما رويناه من طريق أبو محمد أنا مسلم أنا قتيبة عن ليث ابن شهاب عن [ ص: 103 ] عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، أبي هريرة وزيد بن خالد أنهما قالا { الأعراب أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أنشدك الله إلا قضيت لي بكتاب الله ؟ فقال : الخصم الآخر وهو أفقه منه : نعم فاقض بيننا بكتاب الله وائذن لي فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم قل : قال : إن ابني كان عسيفا على هذا فزنى بامرأته وإني أخبرت أن على ابني الرجم فافتديت منه بمائة شاة ووليدة ، فسألت أهل العلم فأخبروني أنما على ابني جلد مائة وتغريب عام وأن على امرأة هذا الرجم ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله : الوليدة والغنم رد عليك ، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام ، واغد يا أنيس على امرأة هذا ، فإن اعترفت فارجمها ؟ قال : فغدا عليها فاعترفت ، فأمر بها فرجمت } . إن رجلا من
قال رحمه الله : وهكذا رويناه من طريق أبو محمد ، معمر ، وصالح بن كيسان ، ويونس بن يزيد ، وسفيان بن عيينة ، كلهم عن ومالك بن أنس الزهري بهذا الإسناد .
ومن طريق أنا مسلم أنا يحيى بن يحيى التميمي عن هشيم منصور عن الحسن عن حطان بن عبد الله الرقاشي عن قال { عبادة بن الصامت } . : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خذوا عني ، خذوا عني : قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام ، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم
ومن طريق أنا مسلم أنا عمرو الناقد بهذا الإسناد مثله . هشيم
ومن طريق أنا مسلم ، محمد بن المثنى ومحمد بن بشار جميعا عن عبد الأعلى نا سعيد - هو ابن أبي عروبة - عن عن قتادة الحسن عن حطان بن عبد الله عن قال { عبادة بن الصامت } . كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا أنزل عليه كرب لذلك ، وتربد له وجهه ، قال : فأنزل عليه ذات يوم ، فبقي كذلك ، فلما سري عنه قال : خذوا عني : قد جعل الله لهن سبيلا : الثيب بالثيب ، والبكر بالبكر ، الثيب جلد مائة ثم رجم بالحجارة ، البكر جلد مائة ثم نفي سنة
أنا عبد الله بن ربيع أنا محمد بن معاوية أنا أحمد بن شعيب أنا محمد بن عبد الأعلى [ ص: 104 ] أنا - أنا يزيد - هو ابن زريع سعيد بن أبي عروبة عن عن قتادة الحسن عن حطان بن عبد الله الرقاشي عن قال { عبادة بن الصامت } . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أنزل عليه كرب لذلك وتربد له وجهه ، فنزل عليه ذات يوم فلقي ذلك فلما سري عنه قال : خذوا عني : قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة ، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم
قال رحمه الله : ورواه أيضا أبو محمد ، شعبة ، كلاهما عن وهشام الدستوائي بإسناده أنا قتادة عبد الله بن ربيع أنا محمد بن معاوية أنا أحمد بن شعيب أنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن علية ، ومحمد بن يحيى بن عبد الله ، قال ابن علية : أنا أنا عبد الرحمن بن مهدي ، وقال عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة محمد بن يحيى : أنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أنا أبي عن ، ثم اتفق صالح بن كيسان صالح ، وابن أبي سلمة ، كلاهما عن الزهري عن عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود زيد بن خالد الجهني قال { } : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر فيمن لم يحصن إذا زنى بجلد مائة وتغريب عام .
وبه - إلى أحمد بن شعيب أنا أنا محمد بن رافع حجير أنا عن الليث عن عقيل بن خالد ابن شهاب عن عن سعيد بن المسيب عن { أبي هريرة } ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قضى فيمن زنى ولم يحصن أن ينفى عاما مع إقامة الحد عليه رحمه الله : فكانت هذه آثار متظاهرة رواها ثلاثة من الصحابة - رضي الله عنهم - أبو محمد ، عبادة بن الصامت ، وأبو هريرة وزيد بن خالد الجهني بإيجاب تغريب عام مع جلد مائة على الزاني الذي لم يحصن ، مع إقسام النبي - عليه السلام - بالله تعالى في قضائه به أنه كتاب الله تعالى وكتاب الله تعالى هو وحيه وحكمه مع أن الله تعالى يقول في القرآن { وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى } فهذا نص القرآن ، فإن كل ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم فعن وحي من الله تعالى يقوله .
[ ص: 105 ] وقال تعالى { فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب } .
وفرق عليه السلام بين في حديث حد المملوك ، وحد الحر ، وعلى الذي أوردنا قبل في باب حد المماليك فصح النص أن على المماليك ذكورهم وإناثهم - نصف حد الحر والحرة ، وذلك جلد خمسين ونفي ستة أشهر . ابن عباس
قال رحمه الله : ثم نظرنا في قول من لم ير التغريب على النساء والمماليك ، فوجدناهم يذكرون الخبر الذي قد أوردناه قبل بإسناده ، فأغنى عن ترداده ، وهو قوله عليه السلام { أبو محمد } فلا حجة لهم فيه لأنه خبر مجمل فسره غيره ، لأنه إنما فيه " فليجلدها " ولم يذكر فيه عدد الجلد كم هو ؟ فصح أنه إنما أحال - عليه السلام - بيان الجلد المأمور به فيه على القرآن ، وعلى الخبر الذي فيه بيان حكم المملوك في الحدود ، فإذ هو كذلك ، فليس سكوت النبي صلى الله عليه وسلم عن ذكر التغريب في ذلك الخبر : حجة في إبطال التغريب الذي قد صح أمره صلى الله عليه وسلم به فيمن زنى ولم يحصن . إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها ولا يثرب
كذلك ليس في سكوته صلى الله عليه وسلم عن ذكر عدد جلدها كم هو : حجة في إسقاط ما قد صح عنه - عليه السلام - من أن حدها نصف حد الحرة .
وأيضا - فإن هذا الخبر ، ليس فيه : أن لا تغريب ، ولا أن التغريب ساقط عنها ، لكنه مسكوت عنه فقط ، وإذا لم يكن فيه نهي عن تغريبها ، فلا يجوز أن يكون هذا الخبر معارضا للأخبار التي فيها النفي - وبالله تعالى التوفيق .
قال رحمه الله : وقال بعضهم : إن حق السيد في خدمة عبده وأمته ، وحق أهل المرأة فيها ، فلا يجوز قطع حقوقهم بنفي العبد ، والأمة ، والمرأة ؟ فيقال لهم : ليس بشيء ، لأن حق الزوجة والولد أيضا في زوجها وابنهم ، فلا يجوز قطعه بنفيهم . [ ص: 106 ] أبو محمد
فإن ادعوا أن حديث منسوخ بقول الله تعالى { عبادة الزانية والزاني } الآية ؟ وقالوا : لأن حديث { عبادة } ؟ قالوا : صح أن هذا الخبر كان بعد قول الله تعالى { خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم } الآية .
قال : فكان السبيل ما ذكر في حديث من الجلد والرجم والتغريب . عبادة
ثم جاء قول الله تعالى { الزانية والزاني } الآية ، فكان ناسخا لخبر . عبادة
قال رحمه الله : هذا كلام جمع التخليط والكذب ، أما التخليط : فدعواهم النسخ ، وأما الكذب : فهو التحكم منهم في أوقات نزول الآية ، وما في خبر عبادة بلا برهان . أبو محمد
ونحن نبين ذلك - بحول الله تعالى وقوته - فنقول : إن دعواهم أن خبر كان قبل نزول الآية من أجل ما فيه { عبادة } فظن منهم ، وقد حرم الله تعالى القطع بالظن بقوله تعالى { خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس } .
وقال تعالى { وإن الظن لا يغني من الحق شيئا } .
وبقوله صلى الله عليه وسلم { } . إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث
لكن القول الصحيح في هذا المكان ، هو أن القطع بأن حديث كان قبل نزول { عبادة الزانية والزاني } الآية ، أو بأن نزول هذه الآية كان قبل حديث ، فمن الممكن أن يكون حديث عبادة قبل نزول الآية المذكورة . عبادة
[ ص: 107 ] وجائز أن يكون نزول الآية قبل حديث ، وكل ذلك سواء ، أي ذلك كان لا يعترض بعضه على بعض ، ولا يعارض شيء منه شيئا ، ولا خلاف بين الآية والحديث - على ما نبين إن شاء الله تعالى - فنقول : إنه إن كان حديث عبادة قبل نزول الآية ، فقد صح ما في حكم حديث عبادة من الجلد ، والتغريب ، والرجم ، وكانت الآية وردت ببعض ما في حديث عبادة ، وأحالنا الله تعالى في باقي الحد على ما سلف في حديث عبادة . عبادة
وكما لم تكن الآية مانعة عندهم من الرجم الذي ذكر في حديث قبل نزولها - بزعمهم - ولم يذكر فيها ، فكذلك ليست مانعة من التغريب الذي ذكر في حديث عبادة قبل نزولها - بزعمهم - ولم يذكر فيها ، ولا فرق . عبادة
هذا هو الحكم الذي لا يجوز تعديه إن كان حديث قبل نزول الآية ، كما ادعوا - وإن كان حديث عبادة بعد نزول الآية ، فقد جاء بما في الآية من الجلد ، وزيادة الرجم ، والتغريب ، وكل ذلك حق ، ولم يكن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث عبادة { عبادة } بموجب أن يكون قبل نزول الآية ولا بد ، بل قد تنزل الآية ببعض الذي جعله الله تعالى لهن ، ثم بين رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث قد جعل الله لهن سبيلا تمام السبيل ، وهو الرجم ، والتغريب المضافان إلى ما في الآية من الجلد - وبالله تعالى التوفيق . عبادة