وقد روينا عن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري نا
أبو الوليد - هو الطيالسي - نا
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16558عدي بن ثابت قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=16474عبد الله بن يزيد يحدث عن
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48135لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد رجع ناس ممن خرج معه ، وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقتين : فرقة تقول : نقاتلهم ، وفرقة تقول : لا نقاتلهم ، فنزلت { nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=88فما لكم في المنافقين فئتين } } فهذا إسناد صحيح ، وقد سمى الله تعالى أولئك : منافقين .
وأما قوله تعالى في هذه الآية متصلا بذلك {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=89ودوا لو تكفرون كما كفروا [ ص: 130 ] فتكونون سواء } إلى قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=90فما جعل الله لكم عليهم سبيلا } فقد كان يمكن أن يظن أنه تعالى عنى بذلك أولئك المنافقين ، وهو كان الأظهر لولا قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=89فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله } فهذا يوضح غاية الإيضاح أنه ابتداء حكم في قوم آخرين غير أولئك المنافقين ، لأن أولئك كانوا من سكان
المدينة بلا شك ، وليس على سكان
المدينة هجرة ، بل الهجرة كانت إلى دارهم .
فإذا كان ذلك كذلك فحكم الآية كلها أنها في قوم كفار لم يؤمنوا بعد ، وادعوا أنهم آمنوا ولم يهاجروا ، وكان الحكم حينئذ : أن من آمن ولم يهاجر لم ينتفع بإيمانه ، وكان كافرا كسائر الكفار ولا فرق ، حتى يهاجر ، إلا من أبيح له سكنى بلده ، كمن بأرض
الحبشة ،
والبحرين ، وسائر من أبيح له سكنى أرضه ، إلا المستضعفين ، قال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=72والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا } .
وقد قال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض } فقد قطع الله تعالى الولاية بيننا وبينهم ، فليسوا مؤمنين .
وقال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=97إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم } إلى قوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=98إلا المستضعفين } الآية .
فإن قال قائل : معنى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=89حتى يهاجروا في سبيل الله } أي حتى يجاهدوا معكم ، بخلاف فعلهم حين انصرفوا عن
أحد وأرادوا أن يجعلوا الآية كلها في المنافقين المنصرفين عن
أحد ؟ قيل له - وبالله تعالى التوفيق - : هذا ممكن ، ولكن قد قال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=89فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم } فأخبرونا هل فعل ذلك النبي عليه السلام فقتل الراجعين عن
أحد حيث وجدهم ؟ وهل أخذهم أم لا ؟ فإن قالوا : قد فعل ذلك ، كذبوا كذبا لا يخفى على أحد ، وما عند مسلم شك في أنه - عليه السلام - لم يقتل منهم أحدا ولا نبذ العهد إلى أحد منهم .
وإن قالوا : لم يفعل ذلك - عليه السلام - ولا المؤمنون ؟
[ ص: 131 ] قيل لهم : صدقتم ، ولا يحل لمسلم أن يظن أن النبي - عليه السلام - خالف أمر ربه ، فأمره تعالى إن تولوا بقتلهم ، حيث وجدهم ، فلم يفعل ، وهذا كفر ممن ظنه بلا شك .
فإن قالوا : لم يتولوا بل تابوا ورجعوا وجاهدوا ؟ قيل لهم : فقد سقط حكم النفاق عنهم - بلا شك - وحصل لهم حكم الإعلام بظاهر الآية - بلا شك - فقد بطل تعلقهم بهذه الآية جملة في أنه - عليه السلام - كان يعرف المنافقين . ولكن في قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=90إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق أو جاءوكم حصرت صدورهم } إلى قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=90فما جعل الله لكم عليهم سبيلا } بيان جلي بأن هؤلاء لم يكونوا قط من
الأوس ولا من
الخزرج ، لأنهم لم يكن لهم قوم محاربون للنبي - عليه السلام - ولا نسبوا قط إلى قوم معاهدين النبي - عليه السلام - بميثاق معقود ، هذا مع قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=90فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم } إلى قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=97سبيلا } فإن هذا بيان جلي على أنهم من غير
الأنصار ، ومن غير المنافقين ، لكن من الكفار المجاهرين بالكفر .
إلا أن يقول قائل : إن قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=90إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق } استثناء منقطع مما قبله في قول {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=146آخرين } وعلى كل حال فقد سقط حكم النفاق على أولئك إن كان هكذا .
فإن قيل : فإن كان الأمر كما قلتم أن في قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=89ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء } أنه في قوم من الكفار غير أولئك ، فحسبنا أنه تعالى قد سمى أولئك الراجعين " منافقين " فصاروا معروفين ؟ قيل له - وبالله تعالى التوفيق : وقد قلنا إن
nindex.php?page=treesubj&link=19232_19231_19230النفاق قسمان : قسم لمن يظهر الكفر ويبطن الإيمان ، وقسم لمن يظهر غير ما يضمر فيما سوى الدين ولا يكون بذلك كافرا ، وقد قيل
nindex.php?page=showalam&ids=12لابن عمر : إنا ندخل على الإمام فيقضي بالقضاء فنراه جورا فنمسك ؟ فقال : إنا معشر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نعد هذا نفاقا ، فلا ندري ما تعدونه أنتم ؟ وقد ذكرنا قبل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48132ثلاث من كن فيه كان منافقا خالصا وإن صلى وإن صام وقال إني مسلم } .
[ ص: 132 ]
فإذا كان الأمر كذلك ، فلا يجوز أن نقطع عليهم بالكفر الذي هو ضد الإسلام إلا بنص ، ولكنا نقطع عليهم بما قطع الله تعالى به من اسم النفاق ، والضلالة ، والإركاس ، وخلاف الهدى - ولا نزيد ولا نتعدى ما نص الله تعالى عليه بآرائنا - وبالله تعالى التوفيق .
وقال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=138بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما } إلى قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=29أجرا عظيما } .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : أما هؤلاء فمنافقون النفاق الذي هو الكفر ، فلا شك لنصه تعالى على أنهم مذبذبون ، لا إلى المؤمنين ، ولا إلى المجاهرين بالكفر في نار جهنم ، وأنهم أشد عذابا من الكفار ، بكونهم في الدرك الأسفل من النار .
ولكن ليس في شيء من هذه الآيات كلها أنه - عليه السلام - عرفهم ، بأعيانهم ، وعرف نفاقهم ، إذ لا دليل على ذلك ، فلا حجة فيها لمن ادعى أنه - عليه السلام - عرفهم ، وعرف نفاقهم .
ثم لو كان ذلك لكان قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=145إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار } إلى قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=146أجرا عظيما } موجبا لقبول توبتهم إذا تابوا - وهم قد أظهروا التوبة ، والندم ، والإقرار بالإيمان بلا شك ، فبطل عنهم بهذا حكم النفاق جملة في الدنيا ، وبقي باطن أمرهم إلى الله تعالى .
وهذه الآية تقضي على كل آية فيها نص بأنه - عليه السلام - عرف منافقا بعينه ، وعرف نفاقه ، قال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=51يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم } إلى قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=53فأصبحوا خاسرين } .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : فأخبر الله تعالى عن قوم يسارعون في الذين كفروا حذرا أن تصيبهم دائرة ، وأخبر تعالى عن الذين آمنوا أنهم يقولون للكافرين {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=53أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم } يعنون الذين يسارعون فيهم ، قال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=53حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين } فهذا لا يكون إلا خبرا عن قوم أظهروا الميل إلى الكفار فكانوا منهم كفارا خائبي الأعمال ولا يكونون في الأغلب إلا معروفين ، لكن قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=52فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين }
[ ص: 133 ] دليل على ندامتهم على ما سلف منهم ، وأن التوبة لهم معروضة على ما في الآية التي ذكرنا قبل هذه - وبالله تعالى التوفيق .
وقال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=60وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة } إلى قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=101لا تعلمهم نحن نعلمهم }
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : فهذه في المنافقين بلا شك ، وقد نص الله تعالى على أن المسلمين لا يعلمونهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم مخاطب بهذا الخطاب مع المسلمين بلا شك فهو لا يعلمهم ، والله تعالى يعلمهم ، وقال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=42لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لاتبعوك } إلى قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=48كارهون } ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : ليس في أول الآية إلا أنهم يحلفون كاذبين وهم يعلمون كذبهم في ذلك ، وأنهم يهلكون أنفسهم بذلك ، وهذه صفة كل عاص في معصيته .
وفي الآية أيضا : معاتبة الله تعالى نبيه - عليه السلام - على إذنه لهم .
وأما قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=44لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر } إلى قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=45يترددون } فإن وجه هذه الآية التي يجب أن لا تصرف عنه إلى غيره بغير نص ، ولا إجماع : أنه في المستأنف ; لأن لفظها لفظ الاستقبال .
ولا خلاف في هذه الآية أنها نزلت بعد
تبوك ، ولم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد
تبوك غزوة أصلا ، ولكنا نقطع على أنها لو كانت هناك غزوة بعد
تبوك وبعد نزول الآية فاستأذن قوم منهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم في القعود دون عذر لهم في ذلك لكانوا بلا شك مرتابة قلوبهم كفارا بالله تعالى وباليوم الآخر مترددين في الريب - فبطل تعلقهم بهذه الآية .
ثم قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=46ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة } إلى قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=48كارهون } فهذه أخبار عما خلا لهم وعن سيئات اقترفوها ، وليس فيها شيء يوجب لهم الكفر ، حتى لو كانوا معروفين بأعيانهم - وبالله تعالى التوفيق .
وقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=49ومنهم من يقول ائذن لي } إلى قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=50وهم فرحون } .
[ ص: 134 ]
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : قد قيل : إن هذه الآية نزلت في
الحر بن قيس - وهذا لا ينسند ألبتة ، وإنما هو منقطع من أخبار المغازي ، ولكن على كل حال يقال : هذا كان معروفا بلا شك .
وليس في الآية أنه كفر بذلك ، ولكنه عصى و ( . . . ) وأذنب ، وبلى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=49إن جهنم لمحيطة بالكافرين }
ولا يجوز أن يقطع بهذا النص على أن ذلك القائل كان من الكافرين .
وأما الذي أخبر الله تعالى بأنه إن أصابت رسوله - عليه السلام - سيئة ومصيبة تولوا وهم فرحون ، أو أنه إن أصابته حسنة ساءتهم ، فهؤلاء كفار بلا شك ، وليس في الآية نص على أن القائل : ائذن لي ولا تفتني ، كان منهم ، ولا فيها نص على أنه عليه السلام عرفهم وعرف نفاقهم - فبطل تعلقهم بهذه الآية .
وقال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=53قل أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم } إلى قوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=56يفرقون } ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : أما هؤلاء فكفار بلا شك ، مظهرون للإسلام ، ولكن ليس في الآية أنه - عليه السلام - عرفهم بأعيانهم ، ولا دليل فيها على ذلك أصلا ، وإنما هي صفة وصفها الله تعالى فيهم ليميزوها من أنفسهم .
وليس في قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=55فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم } دليل على أنه كان يعرفهم بأعيانهم ، وأنه كان يعرف نفاقهم ، بل قد كان للفضلاء من
الأنصار - رضي الله عنهم - الأموال الواسعة ، والأولاد النجباء الكثير :
nindex.php?page=showalam&ids=228كسعد بن عبادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=86وأبي طلحة ، وغيرهما - فهذه صفة عامة يدخل فيها الفاضل الصادق ، والمنافق ، فأمر تعالى في الآية أن لا تعجبه أموالهم ، ولا أولادهم ، عموما ، لأن الله تعالى يريد أن يعذب المنافقين منهم بتلك الأموال ويموتوا كفارا ولا بد - وبالله تعالى التوفيق .
وقال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=58ومنهم من يلمزك في الصدقات } إلى قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=59راغبون } ؟
[ ص: 135 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : وهذا لا يدل ألبتة لا بنص ، ولا بدليل على كفر من فعل هذا ، ولكنها معصية بلا شك .
وقال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=61ومنهم الذين يؤذون النبي } إلى قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=63ذلك الخزي العظيم } .
قال : وهذه الآية ليس فيها دليل على كفر من قال حينئذ : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن ، وإنما يكون كافرا من قال ذلك ، وآذى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول النهي عن ذلك ، ونزول القرآن بأن من فعل ذلك فهو كافر ، وأن من حاد الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فله جهنم خالدا فيها .
فقد جاء أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم والله يا رسول الله إنك لأحب إلي من كل أحد إلا نفسي ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم كلاما معناه أنه لا يؤمن حتى يكون أحب إليه من نفسه ، فقال له
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : أما الآن فأنت أحب إلي من نفسي .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : لا يصح أن أحدا عاد إلى أذى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحادته بعد معرفته بالنازل في ذلك من عند الله تعالى إلا كان كافرا .
ولا خلاف في أن
nindex.php?page=treesubj&link=27989_27988امرأ لو أسلم ولم يعلم شرائع الإسلام فاعتقد أن الخمر - حلال ، وأن ليس على الإنسان صلاة ، وهو لم يبلغه حكم الله تعالى لم يكن كافرا بلا خلاف يعتد به ، حتى إذا قامت عليه الحجة فتمادى حينئذ بإجماع الأمة فهو كافر .
ويبين هذا قوله تعالى في الآية المذكورة {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=62يحلفون بالله لكم ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين } فقد أخبرهم تعالى أنهم إن كانوا مؤمنين فإرضاء الله ورسوله أحق عليهم من إرضاء المسلمين فصح هذا بيقين - وبالله تعالى نستعين .
وقال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=64يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزئوا إن الله مخرج ما تحذرون } قال : وهذه الآية أيضا لا نص فيها على قوم بأعيانهم فلا متعلق فيها لأحد في هذا المعنى .
وقال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=65ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب } إلى قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=66كانوا مجرمين } .
[ ص: 136 ]
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : هذه بلا شك في قوم معروفين كفروا بعد إيمانهم ولكن التوبة مبسوطة لهم بقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=66إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين } فصح أنهم أظهروا التوبة والندامة واعترفوا بذنبهم ، فمنهم من قبل الله تعالى توبته في الباطن عنده لعلمه تعالى بصحتها ، ومنهم من لم تصح توبته في الباطن فهم المعذبون في الآخرة ، وأما في الظاهر فقد تاب جميعهم بنص الآية - وبالله تعالى التوفيق .
وقال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=67المنافقون والمنافقات } إلى قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=37عذاب مقيم } .
قال : فهذه صفة عامة لم يقصد بها إلى التعريف لقوم بأعيانهم ، وهذه حق واجب على كل منافق ومنافقة - وبالله تعالى التوفيق .
وقال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=73يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم } إلى قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=74ولا نصير } .
قال : فهذه آية أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بمجاهدة الكفار والمنافقين ، والجهاد قد يكون باللسان ، والموعظة ، والحجة : كما نا
عبد الله بن ربيع نا
nindex.php?page=showalam&ids=16903محمد بن إسحاق نا
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي نا
أبو داود نا
nindex.php?page=showalam&ids=17173موسى بن إسماعيل نا
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد - هو ابن سلمة - عن
حميد عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=17642جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم } .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وهذه الآية تدل على أن هؤلاء كانوا معروفين بأعيانهم وأنهم قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم ، ولكن لما قال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=74فإن يتوبوا يك خيرا لهم وإن يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما } صح أن الله تعالى بذل لهم التوبة وقبلها ممن أحاطها منهم وكلهم بلا شك أظهر التوبة .
وبرهان ذلك : حلفهم وإنكارهم فلا متعلق لهم في هذه الآية - وبالله تعالى التوفيق .
[ ص: 137 ]
وقال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=75ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله } إلى قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=77يكذبون } .
قال : وهذه أيضا صفة أوردها الله تعالى يعرفها كل من فعل ذلك من نفسه ، وليس فيها نص ولا دليل ، على أن صاحبها معروف بعينه ، على أنه قد روينا أثرا لا يصح ، وفيه أنها نزلت في
ثعلبة بن حاطب - وهذا باطل ، لأن
ثعلبة بدري معروف ، وهذا أثر : نا
حمام نا
يحيى بن مالك بن عائذ نا
الحسن بن أبي غسان نا
زكريا بن يحيى الباجي ني
سهل السكري نا
أحمد بن الحسن الخراز نا
مسكين بن بكير نا
معان بن رفاعة السلامي عن
علي بن يزيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=14938القاسم بن عبد الرحمن عن
أبي أمامة قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48136جاء ثعلبة بن حاطب بصدقته إلى nindex.php?page=showalam&ids=2عمر فلم يقبلها وقال : لم يقبلها النبي صلى الله عليه وسلم ولا nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر ، ولا أقبلها ؟ } قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وهذا باطل بلا شك ، لأن الله تعالى أمر بقبض زكوات أموال المسلمين ، وأمر عليه السلام عند موته أن لا يبقى في
جزيرة العرب دينان ، فلا يخلو
ثعلبة من أن يكون مسلما ففرض على
أبي بكر ،
nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر قبض زكاته ولا بد ، ولا فسحة في ذلك - وإن كان كافرا ففرض أن لا يقر في
جزيرة العرب - فسقط هذا الأثر بلا شك ، وفي رواته :
معان بن رفاعة nindex.php?page=showalam&ids=14938والقاسم بن عبد الرحمن ،
وعلي بن يزيد - وهو أبو عبد الملك الألهاني - وكلهم ضعفاء ،
ومسكين بن بكير ليس بالقوي . وقال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=79الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات } إلى قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=80فاسقون } . وقال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=84ولا تصل على أحد منهم مات أبدا } إلى قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=84وماتوا وهم فاسقون } . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : قدمنا هذه الآية وهي مؤخرة عن هذا المكان ; لأنها متصلة المعاني بالتي ذكرنا قبلها ، لأنهما جميعا في أمر
عبد الله بن أبي - ثم نذكر القول فيهما جميعا - إن شاء الله تعالى . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : هذه الآيات فيها : أنهم يلمزون المطوعين من المؤمنين ،
[ ص: 138 ] ويسخرون منهم - وهذا ليس كفرا بلا خلاف من أحد من
أهل السنة . وأما قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=80استغفر لهم أو لا تستغفر لهم } إلى قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=80الفاسقين } . وقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=84ولا تصل على أحد منهم مات أبدا } إلى قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=84فاسقون } . فإن هذا لا يدل على تماديهم على الكفر إلى أن ماتوا ، ولكن يدل يقينا على أن فعلهم ذلك من سخريتهم بالذين آمنوا غير مغفور لهم ، لأنهم كفروا فيما خلا ، فكان ما سلف من كفرهم موجبا أن يغفر لهم لمزهم المطوعين من المؤمنين ، وسخريتهم بالذين لا يجدون إلا جهدهم - وإن تابوا من كفرهم - وأنهم ماتوا على الفسق لا على الكفر ، بل هذا معنى الآية بلا شك . برهان ذلك : ما روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم نا
nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر بن أبي شيبة نا
nindex.php?page=showalam&ids=11804أبو أسامة نا
nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله - هو ابن عمر - عن
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48137لما توفي عبد الله بن أبي ابن سلول جاء ابنه عبد الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله أن يعطيه قميصا يكفن فيه أباه فأعطاه ثم سأله أن يصلي عليه ؟ فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه ، فقام nindex.php?page=showalam&ids=2عمر وأخذ بثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أتصلي عليه وقد نهاك الله أن تصلي عليه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما خيرني الله تعالى فقال { nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=80استغفر لهم أو لا تستغفر لهم } إلى قوله تعالى { nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=80سبعين مرة } وسأزيد على السبعين قال : إنه منافق ؟ فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى { nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=84ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره } } قال
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم : نا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى نا
nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى - هو ابن سعيد القطان - عن
nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله بن عمر بإسناده ومعناه ، وزاد {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48138فترك الصلاة عليهم }
وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ نا
أَبُو الْوَلِيدِ - هُوَ الطَّيَالِسِيُّ - نا
nindex.php?page=showalam&ids=16102شُعْبَةُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16558عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ : سَمِعْت
nindex.php?page=showalam&ids=16474عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ يُحَدِّثُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=47زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48135لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى أُحُدٍ رَجَعَ نَاسٌ مِمَّنْ خَرَجَ مَعَهُ ، وَكَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِرْقَتَيْنِ : فِرْقَةٌ تَقُولُ : نُقَاتِلُهُمْ ، وَفِرْقَةٌ تَقُولُ : لَا نُقَاتِلُهُمْ ، فَنَزَلَتْ { nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=88فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ } } فَهَذَا إسْنَادٌ صَحِيحٌ ، وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى أُولَئِكَ : مُنَافِقِينَ .
وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ مُتَّصِلًا بِذَلِكَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=89وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا [ ص: 130 ] فَتَكُونُونَ سَوَاءً } إلَى قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=90فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا } فَقَدْ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يُظَنَّ أَنَّهُ تَعَالَى عَنَى بِذَلِكَ أُولَئِكَ الْمُنَافِقِينَ ، وَهُوَ كَانَ الْأَظْهَرَ لَوْلَا قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=89فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ } فَهَذَا يُوَضِّحُ غَايَةَ الْإِيضَاحِ أَنَّهُ ابْتِدَاءُ حُكْمٍ فِي قَوْمٍ آخَرِينَ غَيْرِ أُولَئِكَ الْمُنَافِقِينَ ، لِأَنَّ أُولَئِكَ كَانُوا مِنْ سُكَّانِ
الْمَدِينَةِ بِلَا شَكٍّ ، وَلَيْسَ عَلَى سُكَّانِ
الْمَدِينَةِ هِجْرَةٌ ، بَلْ الْهِجْرَةُ كَانَتْ إلَى دَارِهِمْ .
فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَحُكْمُ الْآيَةِ كُلِّهَا أَنَّهَا فِي قَوْمٍ كُفَّارٍ لَمْ يُؤْمِنُوا بَعْدُ ، وَادَّعُوا أَنَّهُمْ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا ، وَكَانَ الْحُكْمُ حِينَئِذٍ : أَنَّ مَنْ آمَنَ وَلَمْ يُهَاجِرْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِإِيمَانِهِ ، وَكَانَ كَافِرًا كَسَائِرِ الْكُفَّارِ وَلَا فَرْقَ ، حَتَّى يُهَاجِرَ ، إلَّا مَنْ أُبِيحَ لَهُ سُكْنَى بَلَدِهِ ، كَمَنْ بِأَرْضِ
الْحَبَشَةِ ،
وَالْبَحْرَيْنِ ، وَسَائِرِ مَنْ أُبِيحَ لَهُ سُكْنَى أَرْضِهِ ، إلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=72وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا } .
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ } فَقَدْ قَطَعَ اللَّهُ تَعَالَى الْوِلَايَةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ ، فَلَيْسُوا مُؤْمِنِينَ .
وَقَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=97إنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ } إلَى قَوْلِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=98إلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ } الْآيَةَ .
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : مَعْنَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=89حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ } أَيْ حَتَّى يُجَاهِدُوا مَعَكُمْ ، بِخِلَافِ فِعْلِهِمْ حِينَ انْصَرَفُوا عَنْ
أُحُدٍ وَأَرَادُوا أَنْ يَجْعَلُوا الْآيَةَ كُلَّهَا فِي الْمُنَافِقِينَ الْمُنْصَرِفِينَ عَنْ
أُحُدٍ ؟ قِيلَ لَهُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ - : هَذَا مُمْكِنٌ ، وَلَكِنْ قَدْ قَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=89فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ } فَأَخْبِرُونَا هَلْ فَعَلَ ذَلِكَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَتَلَ الرَّاجِعِينَ عَنْ
أُحُدٍ حَيْثُ وَجَدَهُمْ ؟ وَهَلْ أَخَذَهُمْ أَمْ لَا ؟ فَإِنْ قَالُوا : قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ ، كَذَبُوا كَذِبًا لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ ، وَمَا عِنْدَ مُسْلِمٍ شَكٌّ فِي أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يَقْتُلْ مِنْهُمْ أَحَدًا وَلَا نَبَذَ الْعَهْدَ إلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ .
وَإِنْ قَالُوا : لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَلَا الْمُؤْمِنُونَ ؟
[ ص: 131 ] قِيلَ لَهُمْ : صَدَقْتُمْ ، وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَظُنَّ أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - خَالَفَ أَمْرَ رَبِّهِ ، فَأَمَرَهُ تَعَالَى إنْ تَوَلَّوْا بِقَتْلِهِمْ ، حَيْثُ وَجَدَهُمْ ، فَلَمْ يَفْعَلْ ، وَهَذَا كُفْرٌ مِمَّنْ ظَنَّهُ بِلَا شَكٍّ .
فَإِنْ قَالُوا : لَمْ يَتَوَلَّوْا بَلْ تَابُوا وَرَجَعُوا وَجَاهَدُوا ؟ قِيلَ لَهُمْ : فَقَدْ سَقَطَ حُكْمُ النِّفَاقِ عَنْهُمْ - بِلَا شَكٍّ - وَحَصَلَ لَهُمْ حُكْمُ الْإِعْلَامِ بِظَاهِرِ الْآيَةِ - بِلَا شَكٍّ - فَقَدْ بَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِهَذِهِ الْآيَةِ جُمْلَةً فِي أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ يَعْرِفُ الْمُنَافِقِينَ . وَلَكِنْ فِي قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=90إلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ } إلَى قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=90فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا } بَيَانٌ جَلِيٌّ بِأَنَّ هَؤُلَاءِ لَمْ يَكُونُوا قَطُّ مِنْ
الْأَوْسِ وَلَا مِنْ
الْخَزْرَجِ ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ قَوْمٌ مُحَارِبُونَ لِلنَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَلَا نُسِبُوا قَطُّ إلَى قَوْمٍ مُعَاهِدِينَ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِمِيثَاقٍ مَعْقُودٍ ، هَذَا مَعَ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=90فَإِنْ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ } إلَى قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=97سَبِيلًا } فَإِنَّ هَذَا بَيَانٌ جَلِيٌّ عَلَى أَنَّهُمْ مِنْ غَيْرِ
الْأَنْصَارِ ، وَمِنْ غَيْرِ الْمُنَافِقِينَ ، لَكِنْ مِنْ الْكُفَّارِ الْمُجَاهِرِينَ بِالْكُفْرِ .
إلَّا أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ : إنَّ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=90إلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ } اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ مِمَّا قَبْلَهُ فِي قَوْلِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=146آخَرِينَ } وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَقَدْ سَقَطَ حُكْمُ النِّفَاقِ عَلَى أُولَئِكَ إنْ كَانَ هَكَذَا .
فَإِنْ قِيلَ : فَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا قُلْتُمْ أَنَّ فِي قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=89وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً } أَنَّهُ فِي قَوْمٍ مِنْ الْكُفَّارِ غَيْرِ أُولَئِكَ ، فَحَسْبُنَا أَنَّهُ تَعَالَى قَدْ سَمَّى أُولَئِكَ الرَّاجِعِينَ " مُنَافِقِينَ " فَصَارُوا مَعْرُوفِينَ ؟ قِيلَ لَهُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ : وَقَدْ قُلْنَا إنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19232_19231_19230النِّفَاقَ قِسْمَانِ : قِسْمٌ لِمَنْ يُظْهِرُ الْكُفْرَ وَيُبْطِنُ الْإِيمَانَ ، وَقِسْمٌ لِمَنْ يُظْهِرُ غَيْرَ مَا يُضْمِرُ فِيمَا سِوَى الدِّينِ وَلَا يَكُونُ بِذَلِكَ كَافِرًا ، وَقَدْ قِيلَ
nindex.php?page=showalam&ids=12لِابْنِ عُمَرَ : إنَّا نَدْخُلُ عَلَى الْإِمَامِ فَيَقْضِي بِالْقَضَاءِ فَنَرَاهُ جَوْرًا فَنَمْسِكُ ؟ فَقَالَ : إنَّا مَعْشَرَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعُدُّ هَذَا نِفَاقًا ، فَلَا نَدْرِي مَا تَعُدُّونَهُ أَنْتُمْ ؟ وَقَدْ ذَكَرْنَا قَبْلُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48132ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا وَإِنْ صَلَّى وَإِنْ صَامَ وَقَالَ إنِّي مُسْلِمٌ } .
[ ص: 132 ]
فَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ نَقْطَعَ عَلَيْهِمْ بِالْكُفْرِ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْإِسْلَامِ إلَّا بِنَصٍّ ، وَلَكِنَّا نَقْطَعُ عَلَيْهِمْ بِمَا قَطَعَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنْ اسْمِ النِّفَاقِ ، وَالضَّلَالَةِ ، وَالْإِرْكَاسِ ، وَخِلَافِ الْهُدَى - وَلَا نَزِيدُ وَلَا نَتَعَدَّى مَا نَصَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ بِآرَائِنَا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=138بَشِّرْ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا } إلَى قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=29أَجْرًا عَظِيمًا } .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ : أَمَّا هَؤُلَاءِ فَمُنَافِقُونَ النِّفَاقَ الَّذِي هُوَ الْكُفْرُ ، فَلَا شَكَّ لِنَصِّهِ تَعَالَى عَلَى أَنَّهُمْ مُذَبْذَبُونَ ، لَا إلَى الْمُؤْمِنِينَ ، وَلَا إلَى الْمُجَاهِرِينَ بِالْكُفْرِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ، وَأَنَّهُمْ أَشَدُّ عَذَابًا مِنْ الْكُفَّارِ ، بِكَوْنِهِمْ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ .
وَلَكِنْ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْآيَاتِ كُلِّهَا أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَرَفَهُمْ ، بِأَعْيَانِهِمْ ، وَعَرَفَ نِفَاقَهُمْ ، إذْ لَا دَلِيلَ عَلَى ذَلِكَ ، فَلَا حُجَّةَ فِيهَا لِمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَرَفَهُمْ ، وَعَرَفَ نِفَاقَهُمْ .
ثُمَّ لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَكَانَ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=145إنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ } إلَى قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=146أَجْرًا عَظِيمًا } مُوجِبًا لِقَبُولِ تَوْبَتِهِمْ إذَا تَابُوا - وَهُمْ قَدْ أَظْهَرُوا التَّوْبَةَ ، وَالنَّدَمَ ، وَالْإِقْرَارَ بِالْإِيمَانِ بِلَا شَكٍّ ، فَبَطَلَ عَنْهُمْ بِهَذَا حُكْمُ النِّفَاقِ جُمْلَةً فِي الدُّنْيَا ، وَبَقِيَ بَاطِنُ أَمْرِهِمْ إلَى اللَّهِ تَعَالَى .
وَهَذِهِ الْآيَةُ تَقْضِي عَلَى كُلِّ آيَةٍ فِيهَا نَصٌّ بِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَرَفَ مُنَافِقًا بِعَيْنِهِ ، وَعَرَفَ نِفَاقَهُ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=51يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ } إلَى قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=53فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ } .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ قَوْمٍ يُسَارِعُونَ فِي الَّذِينَ كَفَرُوا حَذَرًا أَنْ تُصِيبَهُمْ دَائِرَةٌ ، وَأَخْبَرَ تَعَالَى عَنْ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّهُمْ يَقُولُونَ لِلْكَافِرِينَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=53أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاَللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إنَّهُمْ لَمَعَكُمْ } يَعْنُونَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=53حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ } فَهَذَا لَا يَكُونُ إلَّا خَبَرًا عَنْ قَوْمٍ أَظْهَرُوا الْمَيْلَ إلَى الْكُفَّارِ فَكَانُوا مِنْهُمْ كُفَّارًا خَائِبِي الْأَعْمَالِ وَلَا يَكُونُونَ فِي الْأَغْلَبِ إلَّا مَعْرُوفِينَ ، لَكِنَّ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=52فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ }
[ ص: 133 ] دَلِيلٌ عَلَى نَدَامَتِهِمْ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْهُمْ ، وَأَنَّ التَّوْبَةَ لَهُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَى مَا فِي الْآيَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا قَبْلَ هَذِهِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .
وَقَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=60وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ } إلَى قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=101لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ }
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ : فَهَذِهِ فِي الْمُنَافِقِينَ بِلَا شَكٍّ ، وَقَدْ نَصَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَا يَعْلَمُونَهُمْ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُخَاطَبٌ بِهَذَا الْخِطَابِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ بِلَا شَكٍّ فَهُوَ لَا يَعْلَمُهُمْ ، وَاَللَّهُ تَعَالَى يَعْلَمُهُمْ ، وَقَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=42لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوك } إلَى قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=48كَارِهُونَ } ؟ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : لَيْسَ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ إلَّا أَنَّهُمْ يَحْلِفُونَ كَاذِبِينَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ كَذِبَهُمْ فِي ذَلِكَ ، وَأَنَّهُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ بِذَلِكَ ، وَهَذِهِ صِفَةُ كُلِّ عَاصٍ فِي مَعْصِيَتِهِ .
وَفِي الْآيَةِ أَيْضًا : مُعَاتَبَةُ اللَّهِ تَعَالَى نَبِيَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَى إذْنِهِ لَهُمْ .
وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=44لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ } إلَى قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=45يَتَرَدَّدُونَ } فَإِنَّ وَجْهَ هَذِهِ الْآيَةِ الَّتِي يَجِبُ أَنْ لَا تُصْرَفَ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ بِغَيْرِ نَصٍّ ، وَلَا إجْمَاعٍ : أَنَّهُ فِي الْمُسْتَأْنَفِ ; لِأَنَّ لَفْظَهَا لَفْظُ الِاسْتِقْبَالِ .
وَلَا خِلَافَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهَا نَزَلَتْ بَعْدَ
تَبُوكَ ، وَلَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ
تَبُوكَ غَزْوَةٌ أَصْلًا ، وَلَكِنَّا نَقْطَعُ عَلَى أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ هُنَاكَ غَزْوَةٌ بَعْدَ
تَبُوكَ وَبَعْدَ نُزُولِ الْآيَةِ فَاسْتَأْذَنَ قَوْمٌ مِنْهُمْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي الْقُعُودِ دُونَ عُذْرٍ لَهُمْ فِي ذَلِكَ لَكَانُوا بِلَا شَكٍّ مُرْتَابَةً قُلُوبُهُمْ كُفَّارًا بِاَللَّهِ تَعَالَى وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ مُتَرَدِّدِينَ فِي الرَّيْبِ - فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِهَذِهِ الْآيَةِ .
ثُمَّ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=46وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً } إلَى قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=48كَارِهُونَ } فَهَذِهِ أَخْبَارٌ عَمَّا خَلَا لَهُمْ وَعَنْ سَيِّئَاتٍ اقْتَرَفُوهَا ، وَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ يُوجِبُ لَهُمْ الْكُفْرَ ، حَتَّى لَوْ كَانُوا مَعْرُوفِينَ بِأَعْيَانِهِمْ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .
وقَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=49وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي } إلَى قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=50وَهُمْ فَرِحُونَ } .
[ ص: 134 ]
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : قَدْ قِيلَ : إنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي
الْحُرِّ بْنِ قَيْسٍ - وَهَذَا لَا يَنْسَنِدُ أَلْبَتَّةَ ، وَإِنَّمَا هُوَ مُنْقَطِعٌ مِنْ أَخْبَارِ الْمَغَازِي ، وَلَكِنْ عَلَى كُلِّ حَالٍ يُقَالُ : هَذَا كَانَ مَعْرُوفًا بِلَا شَكٍّ .
وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ أَنَّهُ كَفَرَ بِذَلِكَ ، وَلَكِنَّهُ عَصَى و ( . . . ) وَأَذْنَبَ ، وَبَلَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=49إنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ }
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقْطَعَ بِهَذَا النَّصِّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْقَائِلَ كَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ .
وَأَمَّا الَّذِي أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنَّهُ إنْ أَصَابَتْ رَسُولَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - سَيِّئَةٌ وَمُصِيبَةٌ تَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ ، أَوْ أَنَّهُ إنْ أَصَابَتْهُ حَسَنَةٌ سَاءَتْهُمْ ، فَهَؤُلَاءِ كُفَّارٌ بِلَا شَكٍّ ، وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ نَصٌّ عَلَى أَنَّ الْقَائِلَ : ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي ، كَانَ مِنْهُمْ ، وَلَا فِيهَا نَصٌّ عَلَى أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَرَفَهُمْ وَعَرَفَ نِفَاقَهُمْ - فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِهَذِهِ الْآيَةِ .
وَقَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=53قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ } إلَى قَوْلِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=56يَفْرَقُونَ } ؟ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ : أَمَّا هَؤُلَاءِ فَكُفَّارٌ بِلَا شَكٍّ ، مُظْهِرُونَ لِلْإِسْلَامِ ، وَلَكِنْ لَيْسَ فِي الْآيَةِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَرَفَهُمْ بِأَعْيَانِهِمْ ، وَلَا دَلِيلَ فِيهَا عَلَى ذَلِكَ أَصْلًا ، وَإِنَّمَا هِيَ صِفَةٌ وَصَفَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ لِيُمَيِّزُوهَا مِنْ أَنْفُسِهِمْ .
وَلَيْسَ فِي قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=55فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ } دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَعْرِفُهُمْ بِأَعْيَانِهِمْ ، وَأَنَّهُ كَانَ يَعْرِفُ نِفَاقَهُمْ ، بَلْ قَدْ كَانَ لِلْفُضَلَاءِ مِنْ
الْأَنْصَارِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - الْأَمْوَالُ الْوَاسِعَةُ ، وَالْأَوْلَادُ النُّجَبَاءُ الْكَثِيرُ :
nindex.php?page=showalam&ids=228كَسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=86وَأَبِي طَلْحَةَ ، وَغَيْرِهِمَا - فَهَذِهِ صِفَةٌ عَامَّةٌ يَدْخُلُ فِيهَا الْفَاضِلُ الصَّادِقُ ، وَالْمُنَافِقُ ، فَأَمَرَ تَعَالَى فِي الْآيَةِ أَنْ لَا تُعْجِبَهُ أَمْوَالَهُمْ ، وَلَا أَوْلَادَهُمْ ، عُمُومًا ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُرِيدُ أَنْ يُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ مِنْهُمْ بِتِلْكَ الْأَمْوَالِ وَيَمُوتُوا كُفَّارًا وَلَا بُدَّ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .
وَقَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=58وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُك فِي الصَّدَقَاتِ } إلَى قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=59رَاغِبُونَ } ؟
[ ص: 135 ] قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَهَذَا لَا يَدُلُّ أَلْبَتَّةَ لَا بِنَصٍّ ، وَلَا بِدَلِيلٍ عَلَى كُفْرِ مَنْ فَعَلَ هَذَا ، وَلَكِنَّهَا مَعْصِيَةٌ بِلَا شَكٍّ .
وَقَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=61وَمِنْهُمْ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ } إلَى قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=63ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ } .
قَالَ : وَهَذِهِ الْآيَةُ لَيْسَ فِيهَا دَلِيلٌ عَلَى كُفْرِ مَنْ قَالَ حِينَئِذٍ : إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُذُنٌ ، وَإِنَّمَا يَكُونُ كَافِرًا مَنْ قَالَ ذَلِكَ ، وَآذَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ نُزُولِ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ ، وَنُزُولِ الْقُرْآنِ بِأَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ كَافِرٌ ، وَأَنَّ مَنْ حَادَّ اللَّهَ تَعَالَى وَرَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا .
فَقَدْ جَاءَ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاَللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّك لَأَحَبُّ إلَيَّ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ إلَّا نَفْسِي ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلَامًا مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ حَتَّى يَكُونَ أَحَبَّ إلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ ، فَقَالَ لَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ : أَمَّا الْآنَ فَأَنْتَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ نَفْسِي .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ : لَا يَصِحُّ أَنَّ أَحَدًا عَادَ إلَى أَذَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُحَادَّتِهِ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ بِالنَّازِلِ فِي ذَلِكَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى إلَّا كَانَ كَافِرًا .
وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=27989_27988امْرَأً لَوْ أَسْلَمَ وَلَمْ يَعْلَمْ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ فَاعْتَقَدَ أَنَّ الْخَمْرَ - حَلَالٌ ، وَأَنْ لَيْسَ عَلَى الْإِنْسَانِ صَلَاةٌ ، وَهُوَ لَمْ يَبْلُغْهُ حُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى لَمْ يَكُنْ كَافِرًا بِلَا خِلَافٍ يُعْتَدُّ بِهِ ، حَتَّى إذَا قَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ فَتَمَادَى حِينَئِذٍ بِإِجْمَاعِ الْأَمَةِ فَهُوَ كَافِرٌ .
وَيُبَيَّنُ هَذَا قَوْله تَعَالَى فِي الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=62يَحْلِفُونَ بِاَللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاَللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ } فَقَدْ أَخْبَرَهُمْ تَعَالَى أَنَّهُمْ إنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ فَإِرْضَاءُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَحَقُّ عَلَيْهِمْ مِنْ إرْضَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَصَحَّ هَذَا بِيَقِينٍ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى نَسْتَعِينُ .
وَقَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=64يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ اسْتَهْزِئُوا إنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ } قَالَ : وَهَذِهِ الْآيَةُ أَيْضًا لَا نَصَّ فِيهَا عَلَى قَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ فَلَا مُتَعَلَّقَ فِيهَا لِأَحَدٍ فِي هَذَا الْمَعْنَى .
وَقَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=65وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ } إلَى قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=66كَانُوا مُجْرِمِينَ } .
[ ص: 136 ]
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ : هَذِهِ بِلَا شَكٍّ فِي قَوْمٍ مَعْرُوفِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إيمَانِهِمْ وَلَكِنَّ التَّوْبَةَ مَبْسُوطَةٌ لَهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=66إنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ } فَصَحَّ أَنَّهُمْ أَظْهَرُوا التَّوْبَةَ وَالنَّدَامَةَ وَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَبِلَ اللَّهُ تَعَالَى تَوْبَتَهُ فِي الْبَاطِنِ عِنْدَهُ لِعِلْمِهِ تَعَالَى بِصِحَّتِهَا ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ تَصِحَّ تَوْبَتُهُ فِي الْبَاطِنِ فَهُمْ الْمُعَذَّبُونَ فِي الْآخِرَةِ ، وَأَمَّا فِي الظَّاهِرِ فَقَدْ تَابَ جَمِيعُهُمْ بِنَصِّ الْآيَةِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .
وَقَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=67الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ } إلَى قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=37عَذَابٌ مُقِيمٌ } .
قَالَ : فَهَذِهِ صِفَةٌ عَامَّةٌ لَمْ يَقْصِدُ بِهَا إلَى التَّعْرِيفِ لِقَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ ، وَهَذِهِ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُنَافِقٍ وَمُنَافِقَةٍ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .
وَقَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=73يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ } إلَى قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=74وَلَا نَصِيرٍ } .
قَالَ : فَهَذِهِ آيَةٌ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمُجَاهَدَةِ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ ، وَالْجِهَادُ قَدْ يَكُونُ بِاللِّسَانِ ، وَالْمَوْعِظَةِ ، وَالْحُجَّةِ : كَمَا نا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نا
nindex.php?page=showalam&ids=16903مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ نا
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ نا
أَبُو دَاوُد نا
nindex.php?page=showalam&ids=17173مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ نا
nindex.php?page=showalam&ids=15744حَمَّادُ - هُوَ ابْنُ سَلَمَةَ - عَنْ
حُمَيْدٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=17642جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ } .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ : وَهَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَؤُلَاءِ كَانُوا مَعْرُوفِينَ بِأَعْيَانِهِمْ وَأَنَّهُمْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إسْلَامِهِمْ ، وَلَكِنْ لَمَّا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=74فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمْ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا } صَحَّ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَذَلَ لَهُمْ التَّوْبَةَ وَقَبِلَهَا مِمَّنْ أَحَاطَهَا مِنْهُمْ وَكُلُّهُمْ بِلَا شَكٍّ أَظْهَرَ التَّوْبَةَ .
وَبُرْهَانُ ذَلِكَ : حَلِفُهُمْ وَإِنْكَارُهُمْ فَلَا مُتَعَلَّقَ لَهُمْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .
[ ص: 137 ]
وَقَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=75وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ } إلَى قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=77يَكْذِبُونَ } .
قَالَ : وَهَذِهِ أَيْضًا صِفَةٌ أَوْرَدَهَا اللَّهُ تَعَالَى يَعْرِفُهَا كُلُّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ ، وَلَيْسَ فِيهَا نَصٌّ وَلَا دَلِيلٌ ، عَلَى أَنَّ صَاحِبَهَا مَعْرُوفٌ بِعَيْنِهِ ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ رُوِّينَا أَثَرًا لَا يَصِحُّ ، وَفِيهِ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي
ثَعْلَبَةَ بْنِ حَاطِبٍ - وَهَذَا بَاطِلٌ ، لِأَنَّ
ثَعْلَبَةَ بَدْرِيٌّ مَعْرُوفٌ ، وَهَذَا أَثَرٌ : نا
حُمَامٌ نا
يَحْيَى بْنُ مَالِكِ بْنِ عَائِذٍ نا
الْحَسَنُ بْنُ أَبِي غَسَّانَ نا
زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى الْبَاجِيَّ ني
سَهْلٌ السُّكَّرِيُّ نا
أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْخَرَّازُ نا
مِسْكِينُ بْنُ بُكَيْرٍ نا
مَعَانُ بْنُ رِفَاعَةَ السَّلَامِيُّ عَنْ
عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14938الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ
أَبِي أُمَامَةَ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48136جَاءَ ثَعْلَبَةُ بْنُ حَاطِبٍ بِصَدَقَتِهِ إلَى nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ فَلَمْ يَقْبَلْهَا وَقَالَ : لَمْ يَقْبَلْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا nindex.php?page=showalam&ids=1أَبُو بَكْرٍ ، وَلَا أَقْبَلُهَا ؟ } قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ : وَهَذَا بَاطِلٌ بِلَا شَكٍّ ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِقَبْضِ زَكَوَاتِ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ ، وَأَمَرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عِنْدَ مَوْتِهِ أَنْ لَا يَبْقَى فِي
جَزِيرَةِ الْعَرَبِ دِينَانِ ، فَلَا يَخْلُو
ثَعْلَبَةُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا فَفَرَضَ عَلَى
أَبِي بَكْرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=2وَعُمَرَ قَبْضَ زَكَاتِهِ وَلَا بُدَّ ، وَلَا فُسْحَةَ فِي ذَلِكَ - وَإِنْ كَانَ كَافِرًا فَفَرَضَ أَنْ لَا يُقِرَّ فِي
جَزِيرَةِ الْعَرَبِ - فَسَقَطَ هَذَا الْأَثَرُ بِلَا شَكٍّ ، وَفِي رُوَاتِهِ :
مَعَانُ بْنُ رِفَاعَةَ nindex.php?page=showalam&ids=14938وَالْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ،
وَعَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ - وَهُوَ أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ الْأَلْهَانِيُّ - وَكُلُّهُمْ ضُعَفَاءُ ،
وَمِسْكِينُ بْنُ بُكَيْرٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ . وَقَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=79الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ } إلَى قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=80فَاسِقُونَ } . وَقَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=84وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا } إلَى قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=84وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ } . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ : قَدَّمْنَا هَذِهِ الْآيَةَ وَهِيَ مُؤَخَّرَةٌ عَنْ هَذَا الْمَكَانِ ; لِأَنَّهَا مُتَّصِلَةُ الْمَعَانِي بِاَلَّتِي ذَكَرْنَا قَبْلَهَا ، لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا فِي أَمْرِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ - ثُمَّ نَذْكُرُ الْقَوْلَ فِيهِمَا جَمِيعًا - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ : هَذِهِ الْآيَاتُ فِيهَا : أَنَّهُمْ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ ،
[ ص: 138 ] وَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ - وَهَذَا لَيْسَ كُفْرًا بِلَا خِلَافٍ مِنْ أَحَدٍ مِنْ
أَهْلِ السُّنَّةِ . وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=80اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ } إلَى قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=80الْفَاسِقِينَ } . وقَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=84وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا } إلَى قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=84فَاسِقُونَ } . فَإِنَّ هَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى تَمَادِيهِمْ عَلَى الْكُفْرِ إلَى أَنْ مَاتُوا ، وَلَكِنْ يَدُلُّ يَقِينًا عَلَى أَنَّ فِعْلَهُمْ ذَلِكَ مِنْ سُخْرِيَّتِهِمْ بِاَلَّذِينَ آمَنُوا غَيْرُ مَغْفُورٍ لَهُمْ ، لِأَنَّهُمْ كَفَرُوا فِيمَا خَلَا ، فَكَانَ مَا سَلَفَ مِنْ كُفْرِهِمْ مُوجِبًا أَنْ يُغْفَرَ لَهُمْ لَمْزُهُمْ الْمُطَّوِّعِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ ، وَسُخْرِيَّتُهُمْ بِاَلَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إلَّا جَهْدَهُمْ - وَإِنْ تَابُوا مِنْ كُفْرِهِمْ - وَأَنَّهُمْ مَاتُوا عَلَى الْفِسْقِ لَا عَلَى الْكُفْرِ ، بَلْ هَذَا مَعْنَى الْآيَةِ بِلَا شَكٍّ . بُرْهَانُ ذَلِكَ : مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٍ نا
nindex.php?page=showalam&ids=12508أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ نا
nindex.php?page=showalam&ids=11804أَبُو أُسَامَةَ نا
nindex.php?page=showalam&ids=16524عُبَيْدُ اللَّهِ - هُوَ ابْنُ عُمَرَ - عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17191نَافِعٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48137لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ جَاءَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ قَمِيصًا يُكَفِّنُ فِيهِ أَبَاهُ فَأَعْطَاهُ ثُمَّ سَأَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ ؟ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ ، فَقَامَ nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ وَأَخَذَ بِثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُصَلِّي عَلَيْهِ وَقَدْ نَهَاكَ اللَّهُ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا خَيَّرَنِي اللَّهُ تَعَالَى فَقَالَ { nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=80اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ } إلَى قَوْله تَعَالَى { nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=80سَبْعِينَ مَرَّةً } وَسَأَزِيدُ عَلَى السَّبْعِينَ قَالَ : إنَّهُ مُنَافِقٌ ؟ فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى { nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=84وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ } } قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٌ : نا
nindex.php?page=showalam&ids=12166مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى نا
nindex.php?page=showalam&ids=17293يَحْيَى - هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ - عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16524عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ ، وَزَادَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48138فَتَرَكَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِمْ }