2268 - مسألة : فيمن ؟ قال سرق من بيت المال ، أو من الغنيمة رحمه الله : نا أبو محمد محمد بن سعيد بن نبات نا عبد الله بن نصر نا نا قاسم بن أصبغ نا ابن وضاح نا موسى بن معاوية نا وكيع المسعودي عن قال : إن رجلا سرق من بيت المال ، فكتب فيه القاسم بن عبد الرحمن إلى سعد بن أبي وقاص ؟ فكتب عمر بن الخطاب إليه : أن لا قطع عليه ; لأن له فيه نصيبا . عمر
وبه - إلى نا وكيع - عن سفيان - هو الثوري سماك بن حرب عن عبيد بن الأبرص أن أتي برجل قد سرق من الخمس مغفرا فلم يقطعه علي بن أبي طالب ، وقال : إن له فيه نصيبا . علي
وبه - يقول ، إبراهيم النخعي والحكم بن عتيبة ، ، وأبو حنيفة ، وأصحابهما - وقال والشافعي ، مالك ، وأبو ثور ، وأصحابهم : عليه القطع ؟ قال وأبو سليمان رحمه الله : إنما احتج من لم ير القطع في ذلك بحجتين : أبو محمد
إحداهما : أن له فيه نصيبا مشاعا . [ ص: 312 ]
والثانية : أنه قول صاحبين لا يعرف لهما مخالف من الصحابة رضي الله عنهم .
أما الاحتجاج بأنه قول طائفة من الصحابة - رضي الله عنهم - لا يعرف لهم منهم مخالف ، فإن هذا يلزم المالكيين المحتجين بمثل هذا إذا وافق أهواءهم التاركين له إذا اشتهوا ؟ وأما نحن فلا حجة عندنا في قول أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وأما احتجاجهم بأن له في ذلك نصيبا - فهذا ليس حجة في إسقاط حد الله تعالى ، إذ ليست هذه القضية مما جاء به القرآن ، ولا مما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا مما أجمعت عليه الأمة : فلا حجة لهم في غير هذه العمد الثلاث .
وكونه له في بيت المال وفي المغنم نصيب لا يبيح له أخذ نصيب غيره ; لأنه حرام عليه بإجماع لا خلاف فيه .
وبقول الله تعالى { ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل } .
فإذ نصيب شريكه عليه حرام فلا فرق بين سرقته إياه وبين سرقته من أجنبي لا نصيب له معه ، وهم يدعون القياس . وهم يقولون : إن فإنه كله حرام ، كالخمر مع الماء ، ولحم الخنزير يدق مع لحم الكبش ، وغير هذا كثير ؟ ويرون الحد على من شرب خمرا ممزوجة بماء حلال ، فما الفرق بينه وبين من سرق شيئا بعضه له حلال وبعضه حرام لغيره ؟ قال الحرام إذا امتزج مع الحلال رحمه الله : فلما لم نجد في المنع من قطع من سرق من المغنم ، أو من الخمس ، أو من بيت المال ، حجة أصلا ، لا من قرآن ، ولا سنة ، ولا إجماع ، وجب أن ننظر في القول الآخر : فوجدنا الله تعالى يقول { أبو محمد والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله } .
ووجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أوجب القطع على السارق جملة ، ولم يخص الله تعالى ، ولا رسوله عليه السلام سارقا من بيت المال من غيره ، ولا سارقا من المغنم ، [ ص: 313 ] ولا سارقا من مال له فيه نصيب من غيره { وما كان ربك نسيا } ولو أن الله تعالى أراد ذلك لما أغفله ولا أهمله
والعمل في ذلك أن ننظر فيمن ، فإن كان نصيبه محدودا معروف المقدار كالغنيمة ، أو ما اشترك فيه ببيع ، أو ميراث ، أو غير ذلك ، أو كان من أهل الخمس ، نظر : فإن أخذ زائدا على نصيبه مما يجب في مثله القطع قطع ، ولا بد ، فإن سرق أقل فلا قطع عليه ، إلا أن يكون منع حقه في ذلك أو احتاج إليه فلم يصل إلى أخذ حقه إلا بما فعل ولا قدر على أخذ حقه خالصا فلا يقطع إذا عرف ذلك ، وإنما عليه أن يرد الزائد على حقه فقط ; لأنه مضطر إلى أخذ ما أخذ إذا لم يقدر على تخليص مقدار حقه ، والله تعالى يقول { سرق من شيء له فيه نصيب من بيت المال أو الخمس ، أو المغنم ، أو غير ذلك وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه } وبالله تعالى التوفيق .