462 - مسألة : كل حدث ينقض الطهارة - بعمد أو نسيان - فإنه متى وجد بغلبة أو بإكراه أو بنسيان في الصلاة ما بين التكبير للإحرام لها إلى أن يتم سلامه منها - : فهو ينقض الطهارة والصلاة معا ، ويلزمه ابتداؤها ، ولا يجوز له البناء فيها ، سواء كان إماما أو [ ص: 66 ] مأموما أو منفردا ، في فرض كان أو في تطوع ، إلا أنه لا تلزمه الإعادة في التطوع خاصة
وهو أحد قولي ؟ وقال الشافعي ، أبو سليمان وأصحابهما : يبني بعد أن يتوضأ ، إلا أن وأبو حنيفة قال : لو أبا حنيفة فإنه يغتسل ويبتدئ ولا يبني ، ولا ندري قولهم فيه إن كان حكمه التيمم ، فإنهم إن كانوا راعوا طول العمل في الغسل ، فليس التيمم كذلك ، لأن حكم المحدث ، والجنب فيه سواء وقالوا : إن نام في صلاته فاحتلم - : فإن كبر ورفع رأسه : بطلت صلاته وصلاة من وراءه وإن رفع رأسه ولم يكبر لم تبطل صلاته ولا صلاة من وراءه فإن استخلف عليهم أو استخلفوا قبل خروج الإمام من المسجد : لم تبطل صلاة الإمام ولا صلاة المأمومين ؟ فإن لم يستخلف عليهم ولا استخلفوا حتى خرج من المسجد : بطلت صلاته وصلاتهم والأشهر عن أحدث الإمام بغلبة وهو ساجد : تبطل صلاة المأمومين وتتم صلاة الإمام ؟ فإن خرج فأخذ الماء من خابية بإناء فتوضأ : رجع وبنى - : فإن استقى الماء من بئر : بطلت صلاته فإن تكلم سهوا أو عمدا : بطلت صلاته ؟ قال أبي حنيفة : هذه أقوال في غاية الفساد والتناقض والتحكم في دين الله تعالى بلا دليل ومع ذلك فأكثرها لم يقله أحد قبلهم ، وإنما كلامنا في إبطال البناء وإثباته قال علي : احتج من قال بالبناء بأثرين ضعيفين - : أحدهما - من طريق علي عن أبي الجهم أبي بكر المطوعي عن عن داود بن رشيد عن إسماعيل بن عياش عن أبيه ، ابن جريج عن وابن أبي مليكة عن النبي صلى الله عليه وسلم { عائشة } [ ص: 67 ] ومن طريق إذا قاء أحدكم أو قلس فليتوضأ وليبن على ما صلى ما لم يتكلم : ثنا سعيد بن منصور عن إسماعيل بن عياش عن أبيه ابن جريج عن وابن أبي مليكة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { عائشة } إن قاء أحدكم في صلاته أو رعف أو قلس فلينصرف ويتوضأ وليبن على ما مضى من صلاته
ومن طريق الأنصاري عن عن أبيه مرسلا والثاني - من طريق ابن جريج عبد الرحمن بن زياد بن أنعم
وكلاهما لا حجة فيه ; لأن ضعيف ، لا سيما فيما روى عن إسماعيل بن عياش الحجازيين فمتفق على أنه ليس بحجة - وعبد الرحمن بن زياد في غاية السقوط ؟ وأثر ساقط من طريق عمر بن رياح البصري - وهو ساقط - عن عن أبيه عن ابن طاوس { ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رعف في الصلاة توضأ وبنى على ما مضى من صلاته }
وأما الحنفيون فإنهم تناقضوا فقاسوا على ما ذكر في هذين الخبرين جميع الأحداث التي لم تذكر فيهما .
ولم يقيسوا الاحتلام على ذلك ، وهذا تناقض وما جاء قط أثر - صحيح ولا سقيم - في البناء من الأحداث ، كالبول والرجيع والريح والمذي ؟ وأما أصحابنا فاحتجوا بأنه قد صح ما صلى فلا يجوز إبطاله إلا بنص قال : وهذا احتجاج صحيح ، ولولا النص الوارد بإبطال ما مضى منها ما أبطلناه علي
ولكن البرهان على بطلان ما صلى : أن عبد الله بن ربيع حدثنا قال : ثنا محمد بن إسحاق بن السليم ثنا ثنا ابن الأعرابي أبو داود ثنا ثنا أحمد بن محمد بن حنبل أنا عبد الرزاق عن معمر عن همام بن منبه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أبي هريرة } لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ
قال : ورويناه من طرق ، فإذ صح أن الصلاة ممن أحدث لا يقبلها الله حتى يتوضأ ، وقد صح بلا خلاف وبالنص : أن الصلاة لا تجزئ إلا متصلة ، ولا يجوز أن يفرق بين أجزائها بما ليس صلاة : فنحن نسأل من يرى البناء للمحدث فنقول : أخبرونا عن المحدث الذي أمرتموه بالبناء ، مذ يحدث فيخرج فيمشي فيأخذ الماء فيغسل حدثه أو يستنجي فيتوضأ فينصرف إلى أن يأخذ في عمل الصلاة ، أهو عندكم في صلاة ؟ أم هو في غير صلاة ، ولا سبيل لهم إلى قسم ثالث فإن قالوا : هو في صلاة أكذبهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { علي } [ ص: 68 ] إن الله لا يقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ
ومن المحال الباطل أن يعتد له بصلاة قد أيقنا أن الله تعالى لا يقبلها ، فصح أن عمل صلاته الذي كان قبل قد انقطع ، وأما أجره فباق له بلا شك ، إلا أنه الآن في غير صلاة بلا شك ، إذ هو في حال لا يقبل الله تعالى معها صلاة ؟ وإن قالوا : بل هو في غير صلاة ؟ قلنا : صدقتم ، فإذ هو في غير صلاة : فعليه أن يأتي بالصلاة متصلة ، لا يحول بين أجزائها - وهو ذاكر قاصدا - بما ليس من الصلاة وبوقت هو فيه في صلاة ، وهذا برهان لا مخلص منه ؟ ولو أردنا أن نحتج من الحديث بأقوى مما احتجوا به لذكرنا ما حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا عمر بن عبد الملك ثنا محمد بن بكر ثنا أبو داود ثنا ثنا عثمان بن أبي شيبة عن جرير بن عبد الحميد عاصم الأحول عن عيسى بن حطان عن مسلم بن سلام عن علي بن طلق قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { } [ ص: 69 ] فإن ذكروا من بنى من الصحابة رضي الله عنهم فقد روينا عن : إذا فسا أحدكم في الصلاة فليتوضأ وليعد الصلاة ثنا أبي ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني عبد الرحمن بن مهدي عن عبد الله بن المبارك عن معمر الزهري : أن كان إذا رعف في الصلاة يعيدها ولا يعتد بما مضى ؟ وقد اختلف السلف الصالح في هذا : فروينا من طريق المسور بن مخرمة عن وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد الشعبي : أنه قال - في الذي يحدث في صلاته ثم يتوضأ - : صل ما بقي من صلاتك وإن تكلمت .
ومن طريق عن محمد بن المثنى ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري المغيرة بن مقسم عن قال : في الغائط والبول والريح : يتوضأ ويستقبل الصلاة ، وفي القيء والرعاف : يتوضأ ويبني على صلاته ما لم يتكلم ؟ وعن إبراهيم النخعي المعتمر بن سليمان التيمي عن أبيه عن فيمن ابن سيرين ، قال : إن صلاته لم تتم ؟ وعن أحدث في صلاته قبل أن يسلم عن معمر الزهري فيمن أحدث في صلاته قبل أن يسلم : أنه يعيد الصلاة ؟ وهو قول ، سفيان الثوري ، ومالك ، وآخر قولي وابن شبرمة ، وبه نأخذ الشافعي