573 - مسألة : ويكبر الإمام والمأمومون خمس تكبيرات ، لا أكثر ، فإن كبروا أربعا فحسن ، ولا أقل ، بتكبير الإمام على الجنازة فقط ، فإذا انقضى التكبير المذكور سلم تسليمتين وسلموا كذلك ، ولا ترفع الأيدي إلا في أول تكبيرة كرهناه واتبعناه ، وكذلك إن كبر ثلاثا ، فإن كبر أكثر لم نتبعه ، وإن كبر أقل من ثلاث لم نسلم بسلامه ، بل أكملنا التكبير - : حدثنا فإن كبر سبعا عبد الله بن يوسف ثنا ثنا أحمد بن يوسف أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج أبو بكر بن أبي شيبة قالا : ثنا ومحمد بن المثنى عن محمد بن جعفر عن شعبة عن { عمرو بن مرة قال كان عبد الرحمن بن أبي ليلى يكبر على جنائزنا أربعا ، وأنه كبر على جنازة خمسا ، فسألته ؟ فقال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبرها زيد بن أرقم } .
وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كبر أيضا أربعا ، كما نذكر بعد هذا إن شاء الله تعالى - : قال : واحتج من منع من أكثر من أربع بخبر رويناه من طريق أبو محمد عن وكيع عن سفيان الثوري عامر بن شقيق عن أبي وائل قال " { جمع الناس فاستشارهم في التكبير على الجنازة ، فقالوا : كبر النبي صلى الله عليه وسلم سبعا وخمسا وأربعا ، فجمعهم عمر بن الخطاب على أربع تكبيرات كأطول الصلاة عمر } .
وروينا أيضا من طريق عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري عمر بن شقيق عن أبي وائل فذكره .
قالوا : فهذا إجماع ، فلا يجوز خلافه ؟ قال : وهذا في غاية الفساد ، أول ذلك - : أن الخبر لا يصح ; لأنه عن أبو محمد عامر بن شقيق وهو ضعيف .
[ ص: 348 ] وأما عمر بن شقيق فلا يدرى في العالم من هو ومعاذ الله أن يستشير رضي الله عنه في إحداث فريضة بخلاف ما فعل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أو للمنع من بعض ما فعله عليه السلام ، ومات وهو مباح ، فيحرم بعده ، لا يظن هذا عمر إلا جاهل بمحل بعمر من الدين والإسلام ، طاعن على السلف رضي الله عنهم ؟ وذكروا أيضا ما حدثناه عمر حمام ثنا عباس بن أصبغ ثنا ثنا ابن أيمن أحمد بن زهير ثنا ثنا علي بن الجعد عن شعبة سمعت عمرو بن مرة يحدث عن سعيد بن المسيب قال : كل ذلك قد كان ، أربعا وخمسا ، فاجتمعنا على أربع ، يعني التكبير على الجنازة ؟ ابن عمر
وبه إلى عن شعبة المغيرة عن إبراهيم النخعي قال : جاء رجل من أصحاب ، فصلى على جنازة ، فكبر عليها خمسا ، فضحكوا منه ، فقال معاذ بن جبل ، قد كنا نكبر أربعا ، وخمسا ، وستا ، وسبعا ، فاجتمعنا على أربع ؟ ابن مسعود
ورويناه أيضا من طريق الحجاج بن المنهال عن أبي عوانة عن المغيرة عن نحوه - : ومن طريق إبراهيم النخعي غندر عن عن شعبة عن عمرو بن مرة قال قال سعيد بن المسيب : كل ذلك قد كان : أربع ، وخمس يعني التكبير على الجنازة . قال عمر بن الخطاب سعيد : فأمر الناس بأربع ؟ قالوا : فهذا إجماع ؟ - : قال عمر : هذا الكذب ؟ لأن أبو محمد إبراهيم لم يدرك . ابن مسعود ليس بالقوي وعلي بن الجعد وسعيد لم يحفظ من إلا نعيه عمر على المنبر فقط ، فكل ذلك منقطع أو ضعيف ؟ [ ص: 349 ] ولو صح ، لكان ما رووه من ذلك مكذبا لدعواهم في الإجماع ; لأن صاحب النعمان بن مقرن المذكور كبر خمسا ، ولم ينكر ذلك عليه معاذ . ابن مسعود
وقد ذكرنا عن أنه كبر بعد زيد بن أرقم خمسا - : حدثنا عمر حمام ثنا ثنا ابن مفرج ثنا ابن الأعرابي الدبري ثنا عن عبد الرزاق عن سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد الشعبي حدثني : أن عبد الله بن مغفل صلى على علي بن أبي طالب فكبر عليه ستا ، ثم التفت إلينا فقال : إنه بدري ؟ قال سهل بن حنيف الشعبي : وقدم علقمة من الشام فقال : إن إخوانك لابن مسعود بالشام يكبرون على جنائزهم خمسا ، فلو وقتم لنا وقتا نتابعكم عليه ؟ فأطرق ساعة ثم قال : انظروا جنائزكم ، فكبروا عليها ما كبر أئمتكم ، لا وقت ولا عدد - : قال عبد الله : أبو محمد مات في حياة ابن مسعود رضي الله عنهما ، فإنما ذكر له عثمان علقمة ما ذكر عن الصحابة رضي الله عنهم الذين بالشام ، وهذا إسناد في غاية الصحة ; لأن الشعبي أدرك علقمة وأخذ عنه وسمع منه - : حدثنا محمد بن سعيد بن نبات ثنا أحمد بن عون الله ثنا ثنا قاسم بن أصبغ محمد بن عبد السلام الخشني ثنا محمد بن بشار ثنا عن محمد بن جعفر عن شعبة عن المنهال بن عمرو قال : رأيت زر بن حبيش صلى على رجل من ابن مسعود بلعدان - فخذ من بني أسد - فكبر عليه خمسا ؟ وبالسند المذكور إلى عن عبد الرزاق عن معمر عن حماد بن أبي سليمان إبراهيم النخعي أن كبر على جنازة خمسا ؟ وبه إلى عليا عن عبد الرزاق عن سفيان بن عيينة عمرو بن دينار عن أبي معبد عن : أنه كان يكبر على الجنازة ثلاثا . ابن عباس
ورويناه أيضا من طريق عن محمد بن جعفر عن شعبة عمرو بن دينار قال : سمعت أبا معبد يقول : كان يكبر على الجنازة ثلاثا . ابن عباس
وهذا إسناد في غاية الصحة
[ ص: 350 ] ومن طريق أخبرني حماد بن سلمة شيبة بن أيمن أن صلى على جنازة فكبر ثلاثا ؟ وبه إلى أنس بن مالك حماد عن يحيى بن أبي إسحاق : أنه قيل : إن فلانا كبر ثلاثا ، يعني على جنازة ؟ فقال لأنس : وهل التكبير إلا ثلاثا ؟ وقال أنس : إنما كان التكبير ثلاثا فزادوا واحدة يعني على الجنازة ؟ ومن طريق محمد بن سيرين عن مسلم بن إبراهيم عن شعبة زرارة بن أبي الحلال العتكي أن أمر جابر بن زيد أبا الشعثاء أن يكبر على الجنازة ثلاثا ؟ قال يزيد بن المهلب : أف لكل إجماع يخرج عنه : أبو محمد علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود ، وأنس بن مالك ، والصحابة وابن عباس بالشام رضي الله عنهم ، ثم التابعون بالشام ، وابن سيرين وغيرهم بأسانيد في غاية الصحة ، ويدعي الإجماع بخلاف هؤلاء بأسانيد واهية ، فمن أجهل ممن هذه سبيله ؟ فمن أخسر صفقة ممن يدخل في عقله أن إجماعا عرفه - : وجابر بن زيد ، أبو حنيفة ، ومالك ، وخفي علمه على - : والشافعي ، علي ، وابن مسعود ، وزيد بن أرقم ، وأنس بن مالك ، حتى خالفوا الإجماع ؟ حاشا لله من هذا ؟ ولا متعلق لهم بما رويناه من أن وابن عباس كبر أربعا ، عمر كبر على وعليا ابن المكفف أربعا ، كبر على أمه أربعا ، وزيد بن ثابت كبر على ابنته أربعا ، وعبد الله بن أبي أوفى كبر أربعا ، وزيد بن أرقم كبر أربعا - : فكل هذا حق وصواب ، وليس من هؤلاء أحد صح عنه إنكار تكبير خمس أصلا ، [ ص: 351 ] وحتى لو وجد لكان معارضا له قول من أجازها ، ووجب الرجوع حينئذ إلى ما افترض الله تعالى الرد إليه عند التنازع ، من القرآن والسنة ، وقد صح أنه عليه السلام كبر خمسا وأربعا ، فلا يجوز ترك أحد عمليه للآخر وأنسا
ولم نجد عن أحد من الأئمة تكبيرا أكثر من سبع ، ولا أقل من ثلاث ، فمن زاد على خمس وبلغ ستا أو سبعا فقد عمل عملا لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم قط ، فكرهناه لذلك ، ولم ينه عليه السلام عنه فلم نقل : بتحريمه لذلك ، وكذلك القول : فيمن كبر ثلاثا ؟
وأما ما دون الثلاث وفوق السبع فلم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا علمنا أحدا قال به ، فهو تكلف ، وقد نهينا أن نكون من المتكلفين ، إلا حديثا ساقطا وجب أن ننبه عليه لئلا يغتر به ، وهو { حمزة رضي الله عنه يوم أحد سبعين صلاة } وهذا باطل بلا شك وبالله تعالى التوفيق ؟ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على
وأما رفع الأيدي فإنه لم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رفع في شيء من تكبير الجنازة إلا في أول تكبيرة فقط ، فلا يجوز فعل ذلك ، لأنه عمل في الصلاة لم يأت به نص ، وإنما جاء عنه عليه السلام : أنه كبر ورفع يديه في كل خفض ورفع ، وليس فيها رفع ولا خفض ؟ والعجب من قول : برفع الأيدي في كل تكبيرة في صلاة الجنازة ولم يأت قط عن النبي صلى الله عليه وسلم ومنعه من رفع الأيدي في كل خفض ورفع في سائر الصلوات ، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أبي حنيفة
وأما التسليمتان فهي صلاة ، وتحليل الصلاة : التسليم ، والتسليمة الثانية ذكر وفعل خير - وبالله تعالى التوفيق .
574 - مسألة :
ولا بد ، وصلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن دعا للمسلمين فحسن ، ثم يدعو للميت في باقي الصلاة ؟ أما قراءة ( أم القرآن ) فلأن رسول الله صلى الله عليه وسلم سماها صلاة بقوله { فإذا كبر الأولى قرأ ( أم القرآن ) } . [ ص: 352 ] صلوا على صاحبكم
وقال عليه السلام { } ؟ حدثنا لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن عبد الرحمن بن عبد الله ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا ثنا البخاري ثنا محمد بن كثير - عن سفيان هو الثوري عن سعد هو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف - طلحة بن عبد الله بن عوف قال " صليت خلف على جنازة ، فقرأ بفاتحة الكتاب قال : لتعلموا أنها سنة " . ابن عباس
ورويناه أيضا من طريق شعبة كلاهما عن وإبراهيم بن سعد عن سعد بن إبراهيم طلحة بن عبد الله عن . ابن عباس
حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب أنا أنا قتيبة بن سعيد عن الليث بن سعد ابن شهاب عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف ومحمد بن سويد الدمشقي عن ، قال الضحاك بن قيس الضحاك ، : السنة في الصلاة على الجنازة أن يقرأ في التكبير مخافتة ، ثم يكبر ، والتسليم عند الآخرة . وأبو أمامة
وعن : أنه كان يقرأ على الجنازة ب أم الكتاب ومن طريق ابن مسعود عن وكيع سلمة بن نبيط عن قال : يقرأ ما بين التكبيرتين الأوليين : فاتحة الكتاب وعن الضحاك بن قيس عن حماد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم التيمي : أن محمد بن عمرو بن عطاء صلى على الجنازة فقرأ في التكبيرة الأولى فاتحة الكتاب وسورة قصيرة ، رفع بهما صوته ، فلما فرغ قال : لا أجهل أن تكون هذه الصلاة عجماء ، ولكني أردت أن أعلمكم أن فيها قراءة . المسور بن مخرمة
قال : فرأى أبو محمد ، ابن عباس : المخافتة ليست فرضا . وعن والمسور ، أبي هريرة ، وأبي الدرداء ، وابن مسعود : أنهم كانوا يقرءون بأم القرآن ويدعون ويستغفرون بعد كل تكبيرة من الثلاث في الجنازة ، ثم يكبرون وينصرفون ولا يقرءون . وأنس بن مالك
وعن عن معمر الزهري : سمعت يحدث [ ص: 353 ] أبا أمامة بن سهل بن حنيف قال : السنة في الصلاة على الجنائز أن تكبر ، ثم تقرأ بأم القرآن ثم تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم تخلص الدعاء للميت ، ولا تقرأ إلا في التكبيرة الأولى ، ثم يسلم في نفسه عن يمينه . سعيد بن المسيب
وعن : قال لي ابن جريج ابن شهاب : القراءة على الميت في الصلاة في التكبيرة الأولى ؟
وعن عن ابن جريج في الصلاة على الجنازة : يكبر ثم يقرأ بأم القرآن ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ذكر دعاء . مجاهد
وعن عن سفيان الثوري عن يونس بن عبيد الحسن : أنه كان يقرأ بفاتحة الكتاب في كل تكبيرة في صلاة الجنازة ؟ وهو قول ، الشافعي ، وأصحابهما . وأبي سليمان
قال : واحتج من منع من أبو محمد بأن قالوا : روي عن النبي صلى الله عليه وسلم : { قراءة القرآن فيها } . أخلصوا له الدعاء
قال : هذا حديث ساقط ، ما روي قط من طريق يشتغل بها ثم لو صح لما منع من القراءة ، لأنه ليس في أبو محمد نهي عن القراءة ، ونحن نخلص له الدعاء ونقرأ كما أمرنا ؟ وقالوا : قد روي عن إخلاص الدعاء للميت : أنه سئل عن الصلاة على الجنازة ؟ فذكر دعاء ولم يذكر قراءة وعن أبي هريرة فضالة بن عبيد : أنه سئل : أيقرأ في الجنازة بشيء من القرآن ؟ قال : لا .
وعن : أنه كان لا يقرأ في صلاة الجنازة . ابن عمر
قال : فقلنا - ليس عن واحد من هؤلاء أنه قال : لا يقرأ فيها بأم القرآن [ ص: 354 ] ونعم ، نحن نقول : لا يقرأ فيها بشيء من القرآن إلا بأم القرآن أبو محمد
فلا يصح خلاف بين هؤلاء وبين من صرح بقراءة القرآن من الصحابة رضي الله عنهم ، ، كابن عباس ، والمسور ، والضحاك بن قيس ، وأبي هريرة ، وأبي الدرداء ، وابن مسعود ، لا سيما وأنس لم يذكر تكبيرا ولا تسليما . وأبو هريرة
فبطل أن يكون لهم به متعلق .
وقد روي عنه قراءة القرآن في الجنازة ، فكيف ولو صح عنهم في ذلك خلاف ؟ لوجب الرد عند تنازعهم إلى ما أمر الله تعالى بالرد إليه من القرآن والسنة .
وقد قال عليه السلام { } وقالوا : لعل هؤلاء قرءوها على أنه دعاء لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن
فقلنا : هذا باطل ; لأنهم ثبت عنهم الأمر بقراءتها ، وأنها سنتها ، فقول من قال : لعلهم قرءوها على أنها دعاء - : كذب بحت ؟ ثم لا ندري ما الذي حملهم على المنع من قراءتها حتى يتقحموا في الكذب بمثل هذه الوجوه الضعيفة ؟ والعجب أنهم أصحاب قياس ، وهم يرون أنها صلاة ، ويوجبون فيها : التكبير ، واستقبال القبلة ، والإمامة للرجال ، والطهارة ، والسلام ، ثم يسقطون القراءة
فإن قالوا : لما سقط الركوع والسجود والجلوس : سقطت القراءة ؟ قلنا : ومن أين يوجب هذا القياس دون قياس القراءة على التكبير والتسليم ؟ بل لو صح القياس لكان قياس القراءة على التكبير والتسليم - لأن كل ذلك ذكر باللسان - أولى من قياس القراءة على عمل الجسد ، ولكن هذا علمهم بالقياس والسنن ؟ وهم يعظمون خلاف العمل بالمدينة ، وههنا أريناهم عمل الصحابة ، ، وسعيد بن المسيب وأبي أمامة ، والزهري ، علماء أهل المدينة ، وخالفوهم - وبالله تعالى التوفيق