913 مسألة :
فمن استطاع كما ذكرنا ، ثم بطلت استطاعته أو لم تبطل فالحج والعمرة عليه ويلزم أداؤهما عنه من رأس ماله قبل ديون الناس على ما ذكرنا في أول كتاب الحج الذي نحن فيه .
فإن
nindex.php?page=treesubj&link=3838_3863_27751لم يوجد من يحج عنه إلا بأجرة استؤجر عنه لقول النبي عليه السلام " دين الله أحق بالقضاء " من يحج عنه ويعتمر من ميقات من المواقيت لا يلزم غير هذا ، إلا أن يوصي بأن يحج عنه من بلده ، فتكون الإجارة الزائدة على الحج من ميقات ما من الثلث ; لأنه عمل لا يلزم .
ولو خرج المرء من منزله لحاجة نفسه لا ينوي حجا ، ولا عمرة فأتى الميقات فحينئذ لزمه الإحرام والدخول في عمل الحج لا قبل ذلك .
nindex.php?page=treesubj&link=3844_3843وجائز أن تحج المرأة عن الرجل والمرأة ، والرجل عن المرأة والرجل ، لأمر النبي عليه السلام
الخثعمية أن تحج عن أبيها ، وأمره عليه السلام الرجل أن يحج عن أمه ; والرجل أن يحج عن أبيه ، ولم يأت نص ينهى عن شيء من ذلك ، وقال - تعالى - : {
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=77وافعلوا الخير } وهذا خير ، فجائز أن يفعله كل أحد عن كل أحد .
وقولنا هو قول
nindex.php?page=showalam&ids=15858أبي سليمان ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، وغيرهما .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : لا تجوز
nindex.php?page=treesubj&link=6089_3864_27751_6181الإجارة على الحج ، وإنما يجوز أن يعطي مالا ليحج عن المحجوج عنه به فقط ، واحتج في منع الإجارة في ذلك بأن قال قائلهم : لا تجوز الإجارة على الطاعة ولا على المعصية .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : أما الإجارة على المعصية فنعم ، وأما على الطاعة فقولهم فيه باطل ، بل الإجارة جائزة على الطاعة ، وقد أمر عليه السلام بالمؤاجرة وأباحها وحض على إعطاء الأجير أجره ، فكان هذا جائزا على كل شيء إلا ما منع منه نص فقط ، وهم مجمعون معنا على جواز الإجارة في بنيان المساجد ، وعلى جواز الإجارة للإبل للحج
[ ص: 318 ] عليها ، وعلى جلاء سلاح المجاهدين ، وكل ذلك طاعة لله - تعالى - ، فظهر تناقضهم . وتعقد الإجارة في كل ذلك بأن تعطى دراهم في هدي المتعة ، أو في هدي يسوقه قبل الإحرام ليكون قارنا ، ثم يوصف له عمل الحج الذي استؤجر عليه كله من تحديد الميقات وعدد التلبية ، ووقت الميقات
بعرفة ، وصفة الركعتين عند
المقام والتعجيل في يومين أو التأخير ، فإن حج العام فحسن ، فإن لم يحج فيه لم يكن له من الإجارة شيء وبطل العقد ، وإن لم يحج العام فحسن ، وعليه أن يحج في أول أوقات إمكان الحج له ويجزي متى حج عنه كسائر الأعمال الموصوفة من الخياطة وغيرها .
وكل
nindex.php?page=treesubj&link=3864_25620ما أصاب الأجير من فدية الأذى فهو عليه لا على المحجوج عنه فإن تعمد إبطال الحج ، أو عمرته فلا شيء له من الأجرة ; لأنه لم يعمل شيئا مما أمر به .
فلو
nindex.php?page=treesubj&link=25620_3865_26625_3864عمل بعض عمل الحج ، أو العمرة ، ثم مرض أو مات ، أو صد كان له بمقدار ما عمل ، ولا يكون له الباقي ; لأنه قد عمل بعض ما أمر به كما أمر ولم يتعمد ترك الباقي ، ويكون هدي الإحصار في مال المحصر ; لأنه ليس مما يعمل عن الميت فيستأجر عنه من يرمي الجمار ، أو يطوف عنه ، ويسعى ممن قد رمى عن نفسه ، وطاف عن نفسه ، وممن يحرم عنه ويقف
بعرفة والمزدلفة ، ويوفي عنه باقي عمل الحج إن كان لم يعمل من ذلك شيئا .
nindex.php?page=treesubj&link=3864_27751_3838ولا يجوز إعطاء مال ليحج به عن الميت بغير أجرة ; لأن المال قد يضيع فلا يلزم المدفوع إليه ضمان مال ولا عمل حج ، فهو تضييع لمال الميت وهذا لا يجوز .
فلو أعطاه حي ليحج به عنه كان عقدا غير لازم حتى يتم الحج ، فإذا تم حينئذ استحق ما أعطي وأجزأ عن المعطي - وبالله - تعالى - التوفيق .
nindex.php?page=treesubj&link=3841ولا يجزئ أن يستأجر من لم يحج ولا اعتمر إلا أن يكون غير مستطيع حين استؤجر فيجوز حينئذ ; لأنه غير مستطيع للحج عن نفسه فلا يلزمه وهو مستطيع للحج عن غيره مما يأخذ من الأجرة فاستئجاره لما يستطيع عليه جائز - وبالله - تعالى - التوفيق .
913 مَسْأَلَةٌ :
فَمَنْ اسْتَطَاعَ كَمَا ذَكَرْنَا ، ثُمَّ بَطَلَتْ اسْتِطَاعَتُهُ أَوْ لَمْ تَبْطُلْ فَالْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ عَلَيْهِ وَيَلْزَمُ أَدَاؤُهُمَا عَنْهُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ قَبْلَ دُيُونِ النَّاسِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْحَجِّ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ .
فَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=3838_3863_27751لَمْ يُوجَدْ مِنْ يَحُجُّ عَنْهُ إلَّا بِأُجْرَةٍ اُسْتُؤْجِرَ عَنْهُ لِقَوْلِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ " دَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ " مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ وَيَعْتَمِرُ مِنْ مِيقَاتٍ مِنْ الْمَوَاقِيتِ لَا يَلْزَمُ غَيْرُ هَذَا ، إلَّا أَنْ يُوصِيَ بِأَنْ يَحُجَّ عَنْهُ مِنْ بَلَدِهِ ، فَتَكُونُ الْإِجَارَةُ الزَّائِدَةُ عَلَى الْحَجِّ مِنْ مِيقَاتِ مَا مِنْ الثُّلُثِ ; لِأَنَّهُ عَمَلٌ لَا يَلْزَمُ .
وَلَوْ خَرَجَ الْمَرْءُ مِنْ مَنْزِلِهِ لِحَاجَةِ نَفْسِهِ لَا يَنْوِي حَجًّا ، وَلَا عُمْرَةً فَأَتَى الْمِيقَاتَ فَحِينَئِذٍ لَزِمَهُ الْإِحْرَامُ وَالدُّخُولُ فِي عَمَلِ الْحَجِّ لَا قَبْلَ ذَلِكَ .
nindex.php?page=treesubj&link=3844_3843وَجَائِزٌ أَنْ تَحُجَّ الْمَرْأَةُ عَنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ ، وَالرَّجُلُ عَنْ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ ، لِأَمْرِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ
الْخَثْعَمِيَّةَ أَنْ تَحُجَّ عَنْ أَبِيهَا ، وَأَمْرِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الرَّجُلَ أَنْ يَحُجَّ عَنْ أُمِّهِ ; وَالرَّجُلَ أَنْ يَحُجَّ عَنْ أَبِيهِ ، وَلَمْ يَأْتِ نَصٌّ يَنْهَى عَنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ، وَقَالَ - تَعَالَى - : {
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=77وَافْعَلُوا الْخَيْرَ } وَهَذَا خَيْرٌ ، فَجَائِزٌ أَنْ يَفْعَلَهُ كُلُّ أَحَدٍ عَنْ كُلِّ أَحَدٍ .
وَقَوْلُنَا هُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=15858أَبِي سُلَيْمَانَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ ، وَغَيْرِهِمَا .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ : لَا تَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=6089_3864_27751_6181الْإِجَارَةُ عَلَى الْحَجِّ ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ مَالًا لِيَحُجَّ عَنْ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ بِهِ فَقَطْ ، وَاحْتَجَّ فِي مَنْعِ الْإِجَارَةِ فِي ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ قَائِلُهُمْ : لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى الطَّاعَةِ وَلَا عَلَى الْمَعْصِيَةِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ : أَمَّا الْإِجَارَةُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ فَنَعَمْ ، وَأَمَّا عَلَى الطَّاعَةِ فَقَوْلُهُمْ فِيهِ بَاطِلٌ ، بَلْ الْإِجَارَةُ جَائِزَةٌ عَلَى الطَّاعَةِ ، وَقَدْ أَمَرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْمُؤَاجَرَةِ وَأَبَاحَهَا وَحَضَّ عَلَى إعْطَاءِ الْأَجِيرِ أَجْرَهُ ، فَكَانَ هَذَا جَائِزًا عَلَى كُلِّ شَيْءٍ إلَّا مَا مَنَعَ مِنْهُ نَصٌّ فَقَطْ ، وَهُمْ مُجْمِعُونَ مَعَنَا عَلَى جَوَازِ الْإِجَارَةِ فِي بُنْيَانِ الْمَسَاجِدِ ، وَعَلَى جَوَازِ الْإِجَارَةِ لِلْإِبِلِ لِلْحَجِّ
[ ص: 318 ] عَلَيْهَا ، وَعَلَى جَلَاءِ سِلَاحِ الْمُجَاهِدِينَ ، وَكُلُّ ذَلِكَ طَاعَةٌ لِلَّهِ - تَعَالَى - ، فَظَهَرَ تَنَاقُضُهُمْ . وَتُعْقَدُ الْإِجَارَةُ فِي كُلِّ ذَلِكَ بِأَنْ تُعْطَى دَرَاهِمُ فِي هَدْيِ الْمُتْعَةِ ، أَوْ فِي هَدْيٍ يَسُوقُهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ لِيَكُونَ قَارِنًا ، ثُمَّ يُوصَفُ لَهُ عَمَلُ الْحَجِّ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ كُلُّهُ مِنْ تَحْدِيدِ الْمِيقَاتِ وَعَدَدِ التَّلْبِيَةِ ، وَوَقْتِ الْمِيقَاتِ
بِعَرَفَةَ ، وَصِفَةِ الرَّكْعَتَيْنِ عِنْدَ
الْمَقَامِ وَالتَّعْجِيلِ فِي يَوْمَيْنِ أَوْ التَّأْخِيرِ ، فَإِنْ حَجَّ الْعَامَ فَحَسَنٌ ، فَإِنْ لَمْ يَحُجَّ فِيهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ الْإِجَارَةِ شَيْءٌ وَبَطَلَ الْعَقْدُ ، وَإِنْ لَمْ يَحُجَّ الْعَامَ فَحَسَنٌ ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ فِي أَوَّلِ أَوْقَاتِ إمْكَانِ الْحَجِّ لَهُ وَيُجْزِي مَتَى حَجَّ عَنْهُ كَسَائِرِ الْأَعْمَالِ الْمَوْصُوفَةِ مِنْ الْخِيَاطَةِ وَغَيْرِهَا .
وَكُلُّ
nindex.php?page=treesubj&link=3864_25620مَا أَصَابَ الْأَجِيرَ مِنْ فِدْيَةِ الْأَذَى فَهُوَ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْمَحْجُوجِ عَنْهُ فَإِنْ تَعَمَّدَ إبْطَالَ الْحَجِّ ، أَوْ عُمْرَتِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ شَيْئًا مِمَّا أُمِرَ بِهِ .
فَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=25620_3865_26625_3864عَمِلَ بَعْضَ عَمَلِ الْحَجِّ ، أَوْ الْعُمْرَةِ ، ثُمَّ مَرِضَ أَوْ مَاتَ ، أَوْ صُدَّ كَانَ لَهُ بِمِقْدَارِ مَا عَمِلَ ، وَلَا يَكُونُ لَهُ الْبَاقِي ; لِأَنَّهُ قَدْ عَمِلَ بَعْضَ مَا أُمِرَ بِهِ كَمَا أُمِرَ وَلَمْ يَتَعَمَّدْ تَرْكَ الْبَاقِي ، وَيَكُونُ هَدْيُ الْإِحْصَارِ فِي مَالِ الْمُحْصَرِ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يُعْمَلُ عَنْ الْمَيِّتِ فَيَسْتَأْجِرُ عَنْهُ مَنْ يَرْمِي الْجِمَارَ ، أَوْ يَطُوفُ عَنْهُ ، وَيَسْعَى مِمَّنْ قَدْ رَمَى عَنْ نَفْسِهِ ، وَطَافَ عَنْ نَفْسِهِ ، وَمِمَّنْ يُحْرِمُ عَنْهُ وَيَقِفُ
بِعَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةِ ، وَيُوَفِّي عَنْهُ بَاقِيَ عَمَلِ الْحَجِّ إنْ كَانَ لَمْ يَعْمَلْ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا .
nindex.php?page=treesubj&link=3864_27751_3838وَلَا يَجُوزُ إعْطَاءُ مَالٍ لِيَحُجَّ بِهِ عَنْ الْمَيِّتِ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ ; لِأَنَّ الْمَالَ قَدْ يَضِيعُ فَلَا يَلْزَمُ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ ضَمَانُ مَالٍ وَلَا عَمَلُ حَجٍّ ، فَهُوَ تَضْيِيعٌ لِمَالِ الْمَيِّتِ وَهَذَا لَا يَجُوزُ .
فَلَوْ أَعْطَاهُ حَيٌّ لِيَحُجَّ بِهِ عَنْهُ كَانَ عَقْدًا غَيْرَ لَازِمٍ حَتَّى يُتِمَّ الْحَجَّ ، فَإِذَا تَمَّ حِينَئِذٍ اسْتَحَقَّ مَا أُعْطِيَ وَأَجْزَأَ عَنْ الْمُعْطِي - وَبِاَللَّهِ - تَعَالَى - التَّوْفِيقُ .
nindex.php?page=treesubj&link=3841وَلَا يُجْزِئُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ لَمْ يَحُجَّ وَلَا اعْتَمَرَ إلَّا أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُسْتَطِيعٍ حِينَ اُسْتُؤْجِرَ فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ ; لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَطِيعٍ لِلْحَجِّ عَنْ نَفْسِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ وَهُوَ مُسْتَطِيعٌ لِلْحَجِّ عَنْ غَيْرِهِ مِمَّا يَأْخُذُ مِنْ الْأُجْرَةِ فَاسْتِئْجَارُهُ لِمَا يَسْتَطِيعُ عَلَيْهِ جَائِزٌ - وَبِاَللَّهِ - تَعَالَى - التَّوْفِيقُ .