ومن الصوم عندنا ، وقال شرط الاعتكاف الواجب رحمه الله تعالى ليس بشرط ومذهبنا مروي عن الشافعي ابن عباس وعائشة رضي الله عنهما أنهما [ ص: 116 ] قالا : لا اعتكاف إلا بصوم ومذهبه مروي عن وعن ابن مسعود فيه روايتان إحدى الروايتين مثل قولنا والثاني ما روي عنه قال : ليس على المعتكف صوم إلا أن يوجب ذلك على نفسه علي رحمه الله تعالى استدل بهذا وبحديث { فالشافعي رضي الله عنه في سؤاله إني نذرت أن أعتكف ليلة في الجاهلية فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوفاء بالنذر عمر } ; ولأن ابتداء الاعتكاف من وقت غروب الشمس في حق من نذر أن يعتكف شهرا وما يكون شرط العبادة شرط اقترانه بأوله كالطهارة للصلاة ، وكذلك الاعتكاف بدوام الليل والنهار ولا صوم بالليل فتبين بهذا أنه ليس شرط الاعتكاف ولا هو ركنه ; لأن الصوم أحد أركان الدين والاعتكاف نفل زائد فلا يكون الأقوى ركنا للأضعف بل هو زائد في معنى القربة على ما يتم به الاعتكاف فيلزمه التنصيص عليه كالتتابع في الصوم والقران في الحج . والليل لا يصام فيه
( ولنا ) { أن النبي صلى الله عليه وسلم ما اعتكف إلا صائما } والأفعال المتفقة في الأوقات المختلفة لا تجري على نمط واحد إلا لداع يدعو إليه وليس ذلك إلا بيان أنه من شرائط الاعتكاف والمعنى فيه أنه لو يلزمه الجمع بينهما ، وبقوله صائما ، ولا يصح أن يجعل نصبا على المصدر كما يقال ضربته وجيعا أي ضربا وجيعا فإنه حينئذ يصير كأنه قال : أعتكف اعتكافا صائما والصوم لا يكون صفة للاعتكاف فالاعتكاف لبث في مقام لتعظيم ذلك المقام والصوم كف النفس عن اقتضاء الشهوات إتعابا للبدن فكيف يكون صفة للاعتكاف فعرفنا أنه نصب على الحال كما يقال : دخل الدار راكبا والحال خلو عن الإيجاب ; لأنه صفة الموجب لا الواجب ، ومع ذلك يلزمه الجمع بينهما فعرفنا أنه إنما لزمه ; لأنه شرط الاعتكاف كمن يقول : أصلي طاهرا وشرط الشيء يتبعه فيثبت بثبوته سواء ذكر أو لم يذكر بخلاف قوله أصوم متتابعا فإنه نصب على المصدر ; لأن التتابع صفة الصوم وبخلاف قوله أصلي قائما فإنه ينصب قائما على المصدر يقال : صلاة قائمة وبخلاف قوله أحج قارنا فإن العمرة بالانضمام إلى الحج يزداد فيها معنى القربة ولهذا لزمه دم القران ، وهو دم نسك وعن كلامه جوابان : أحدهما : أن الصوم شرط الاعتكاف والشرائط إنما تثبت بحسب الإمكان ولا يمكن قال : لله علي أن أعتكف صائما فسقط للتعذر ، وجعل الليل تبعا للأيام كما أن الشرب والطريق يجعل تبعا في بيع الأرض ، والثاني أن شرط الاعتكاف أن يكون مؤدى في وقت الصوم وبوجود الصوم في النهار يتصف جميع الشهر بأنه وقت الصوم ودليله شهر رمضان [ ص: 117 ] فصار الشرط به موجودا كما أن من شرط الصلاة أن يقوم إليها طاهرا ، وذلك يحصل في جميع البدن بغسل الأعضاء الأربعة وحديث اشتراط الصوم ليلا رضي الله عنه دليلنا فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : { عمر } وبلفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم تبين أن الصحيح من الرواية إني نذرت أن أعتكف يوما . اعتكف وصم