( قال ) : وإذا ، قال : يجزيه ذلك عن حجة الإسلام في قول أم الرجل البيت فأغمي عليه فأهل عنه أصحابه بالحج ووقفوا به في المواقف وقضوا له النسك كله رحمه الله تعالى ، وقال أبي حنيفة أبو يوسف - رحمهما الله تعالى - : لا يجزيه . والقياس قولهما ; لأنه لم يأمر أصحابه بالإحرام عنه ، وليس للأصحاب عليه ولاية فلا يصير هو محرما بإحرامهم عنه ; لأن عقد الإحرام عقد لازم وإلزام العقد على الغير لا يكون إلا بولاية ، ولأن الإحرام لا ينعقد إلا بالنية ، وقد انعدمت النية من المغمى عليه حقيقة وحكما ; لأن نية الغير عنه بدون أمره لا تقوم مقام نيته ، والدليل عليه أن سائر المناسك لا تتأدى بأداء الأصحاب عنه فكذلك الإحرام ، وجه قول ومحمد رحمه الله تعالى وهو أنه لما عاقدهم عقد الرفقة فقد استعان بهم في كل ما يعجز عن مباشرته بنفسه ، والإذن دلالة بمنزلة الإذن إفصاحا كما في شرب ماء السقاية وكمن نصب القدر على الكانون وجعل فيه اللحم وأوقد النار تحته فجاء إنسان وطبخه لم يكن ضامنا لوجود الإذن دلالة ، وإذا ثبت الإذن قامت نيتهم مقام نيته كما لو كان أمرهم بذلك نصا . وأما سائر المناسك فالأصح أن نياتهم عنه في أدائها صحيح إلا أن الأولى أن يقفوا به وأن يطوفوا به ليكون أقرب إلى أدائه لو كان مفيقا ، ولو أدوا عنه جاز . ومن أصحابنا من فرق ، فقال : الإحرام بمنزلة الشرط فتجزي النيابة في الشروط ، وإن كان لا تجزي في الأعمال . ألا ترى أن المحدث إذا غسل أعضاءه غيره كان له أن يصلي بتلك [ ص: 161 ] الطهارة ، وإن كانت النيابة لا تجزي في أعمال الصلاة . توضيحه أن النيابة عند تحقق العجز ففي أصل الإحرام تحقق عجزه عنه بسبب الإغماء فينوب عنه أصحابه ، فأما في أداء الأعمال لم يتحقق العجز ; لأنهم إذا أحضروه المواقف كان هو الواقف ، وإذا طافوا به كان هو الطائف بمنزلة من طاف راكبا لعذر أبي حنيفة