( قال ) : فإن جاز ; لأن موجب القذف لا يبطل بالتقادم كالحد في قذف الأجانب ، فإن أقام الزوج البينة أنه طلقها بعد ذلك طلاقا رجعيا فلا لعان بينهما ، ولا حد ; لأن ما يثبته الزوج بالبينة كالمعاين . والفرقة بعد القذف مسقطة للعان فيتمكن الزوج من إثباته بالبينة ، كما لو أقام البينة على فرقة بردتها بعد القذف أو بسبب آخر ، وإذا ادعت قذفا متقادما ، وأقامت عليه شهودا لزمه الولد ، ولا يستطيع أن ينفيه بعد إقراره ، هكذا نقل عن أقامت المرأة البينة على إقرار الزوج بالولد ، وهو ينكر ، وقد نفاه عمر وعلي والشعبي رضي الله عنهم قالوا : إذا أقر الرجل بولده فليس له أن ينفيه ، وما لم يقر به فله أن ينفيه ، وإذا نفاه قبل الإقرار لاعنها ; لأنه بعدما أثبت ولادتها يكون هو بنفي الولد قاذفا لها بالزنا فإن قيل : لا كذلك فقد يكون ، ولدها من وطء بشبهة قلنا الولد من وطء بشبهة يكون ثابت النسب من إنسان ، والذي لا يكون ثابت النسب من أحد لا يكون من زنا ، ولا نسب لهذا الولد منه فإذا نفاه فقد زعم أنه لا نسب لولدها هذا فيكون قاذفا لها بالزنا ، ثم كيفية اللعان بنفي الولد على ما روي عن رحمه الله تعالى أن يقول الزوج : أشهد أني لمن الصادقين فيما رميتها به من نفي ولدها ، وهي تقول أشهد أنه لمن الكاذبين فيما [ ص: 59 ] رماني به من نفي ولدي ، وروى أبي يوسف هشام عن - رحمهما الله تعالى - قال : يقول الزوج : أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا ونفي ولدها وتقول المرأة : أشهد بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنا ونفي ولدي ، وليس هذا باختلاف في الحقيقة وإنما اختلف الجواب لاختلاف الأحوال ، فجواب محمد رحمه الله تعالى فيما إذا قذفها بالزنا ، ونفي ولدها وجواب محمد رحمه الله تعالى فيما إذا نفى ، ولدها فقط . أبي يوسف
( قال ) : وإذا يلزم الولد أمه ، وروى فرق القاضي بينهما بعد اللعان بشر عن - رحمهما الله تعالى - أنه لا بد أن يقول القاضي : فرقت بينكما ، وقطعت نسب هذا الولد منه حتى ، ولو لم يقل ذلك لا ينتفي النسب عنه ، وهذا صحيح ; لأنه ليس من ضرورة التفريق باللعان نفي النسب كما بعد موت الولد يفرق القاضي بينهما باللعان ، ولا ينتفي نسبه عنه فلا بد من أن يصرح القاضي بنفي النسب لهذا ، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب . أبي يوسف
( قال ) رضي الله تعالى عنه هذا آخر شرح كتاب الطلاق بالمؤثرة من المعاني الدقاق ، أملاه المحصور عن الانطلاق ، المبتلى بوحشة الفراق ، مصليا على صاحب البراق وآله ، وصحبه أهل الخير والسباق ، صلاة تتضاعف وتدوم إلى يوم التلاق كتبه العبد البري من النفاق .