قد بينا هذه المسألة في كتاب العتاق [ ص: 113 ] في الإسقاط نصف السعاية عن المملوك أعادها لبيان حكم الولاء ، وهو أنهما إذا كانا معسرين يسعى العبد في نصف قيمته بينهما ، والولاء بينهما في قول عبد بين رجلين ، قال أحدهما : إن لم يكن دخل أمس المسجد فهو حر ، وقال الآخر : إن كان دخل فهو حر . رحمه الله تعالى ; لأن نصيب كل واحد عتق على ملكه باعتبار ما أدى إليه من السعاية وما سقط بإسقاطه ، لا باعتبار الأحوال ، فيكون لكل واحد منهما ولاء نصيبه وفي قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى : الولاء موقوف ; لأن كل واحد منهما ينفيه عن نفسه ، ويزعم أن صاحبه حانث ، وأن الكل عتق من جهته ; لأن العتق عنده لا يتجزأ فلهذا كان الولاء موقوفا ، وعلى قول أبي يوسف رحمه الله تعالى يسعى في قيمته كاملة لهما ، والولاء موقوف ; لأن العتق عند محمد رحمه الله تعالى لا يتجزأ ، فكل واحد منهما يزعم أن صاحبه حانث ، وأن الولاء كله له ، فلهذا يتوقف الولاء محمد ; لأنه لصاحب الولاء وهو غير معلوم ، والمال الذي لا يعرف مستحقه يوقف في بيت المال حتى يظهر مستحقه ، وجنايته على نفسه لا يعقل عنه بيت المال ; لأن بيت المال لا يرث ماله إنما يوقف المال فيه ليظهر مستحقه ، فلا يعقل جنايته أيضا ; وهذا لأن بيت المال إنما يعقل جناية من يكون ولاؤه للمسلمين ، ومن عليه ولاء عتاقة لا يكون ولاؤه للمسلمين ، ونحن نتيقن أن على هذا الرجل ولاء عتاقة ، فلهذا لا يجعل عقل جنايته على بيت المال . والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب ، وإليه المرجع والمآب ، وكل ولاء موقوف فميراثه يوقف في بيت المال