وإن فهذا جائز ; لأن المعينين في السنة الأولى لا تتناولهم الموادعة ، وباعتباره يثبت الأمان فإذا جعلوهم مستثنين من الموادعة بجعلهم إياهم عوضا للمسلمين صاروا مماليك للمسلمين بالموادعة ثم شرطوا في السنين المستقبلة مائة رأس من رقيقهم في كل سنة ، ورقيقهم قابل للملك والتملك بالبيع فكذا بالموادعة ، وهذا لأن الموادعة ليست بمال في نفسها ، واشتراط الحيوان دينا في الذمة بدلا عما ليس بمال صحيح إذا كان معلوم الجنس كما في النكاح ، والخلع ، وإذا وقع الصلح على هذا ثم سرق منه مسلم شيئا لم يصح شراء ذلك منه ; لأنهم استفادوا الأمان في أنفسهم وأموالهم ، ومال المستأمن لا يملك بالسرقة ، وإذا لم يملكه السارق لم يحل شراؤه منه ، ولأن ما صنعه غدر يؤدبه الإمام على ذلك إذا علمه منه ، وفي الشراء منه إغراء له هذا الغدر ، وتقرير ذلك لا يحل ، فإن أغار عليهم قوم من أهل الحرب جاز أن يشتري منهم ما أخذوا من أموالهم ورقيقهم ; لأنهم تملكوها عليهم بالإحراز ، ولو تملكوا ذلك من أموال المسلمين جاز شراؤها منهم فمن أموال أهل الحرب أولى ، ثم لا يرد عليهم شيء من ذلك مجانا ، ولا بالثمن ; لأنهم بالموادعة ما خرجوا من أن يكونوا أهل حرب حين لم ينقادوا لحكم الإسلام فلا يجب على المسلمين القيام بنصرتهم ، وبه فارق مال المسلمين ، وأهل الذمة ، ولا يمنع التجار من حمل التجارات إليهم إلا الكراع ، والسلاح ، والحديد ; لأنهم أهل حرب [ ص: 89 ] وإن كانوا موادعين . ألا ترى أنهم بعد مضي المدة يعودون حربا للمسلمين . صالحوهم على مائة رأس بأعيانهم أول السنة ، وقالوا أمنونا على أن هؤلاء لكم ، ونصالحكم ثلاث سنين مستقبلة على أن نعطيكم كل سنة مائة رأس من رقيقنا