ولا يشتبه ما وصفت لك قضاء القاضي فيما يختلف فيه الفقهاء مما يرى الزوج فيه خلاف ما يرى القاضي وبيان هذا الفصل أنه لو وهو يرى أن ذلك تطليقة بائنة والمرأة لا ترى ذلك فاختصما في النفقة والقاضي يراه تطليقة رجعية فقضى القاضي بأنه يملك رجعتها جاز قضاؤه ووسع الرجل [ ص: 184 ] أن يراجعها فيمسكها وكذلك إن كانت المرأة هي التي تراه تطليقة بائنة فراجعها الزوج وحكم القاضي له بذلك وسعها المقام بذلك معه ولم يسعها أن تفارقه لأن قضاء القاضي هنا اعتمد دليلا شرعيا وفي الأول قضى بالنكاح لعدم ظهور الدليل الموجب للحرمة فكان إبقاء لما كان لا قضاء بالحل بينهما حقيقة ثم حاصل الكلام في المجتهدات أن المبتلى بالحادثة إذا كان غائبا لا رأي له فعليه أن يتبع قضاء القاضي سواء قضى القاضي له بالحل أو بالحرمة وإن قال لامرأته : اختاري فاختارت نفسها فعليه أن يأخذ بقضاء القاضي ويدع رأي نفسه لأن القضاء رأي نفسه لأن القضاء ملزم للكافة ورأيه لا يعدوه وإن كان عالما مجتهدا فقضى القاضي بخلاف اجتهاده فإن كان هو يعتقد الحل وقضى القاضي عليه بالحرمة ففي قول قضى له بالحل وهو يعتقد الحرمة رحمة الله تعالى عليه أن يتبع رأي نفسه وفي قول أبي يوسف رحمه الله تعالى يأخذ بقضاء القاضي لأن الاجتهاد لا يعارض القضاء . محمد
ألا ترى أن للقاضي ولاية نقض اجتهاد المجتهد والقضاء عليه بخلافه وليس له ولاية نقض القضاء في المجتهدات والقضاء بخلاف الأول والضعيف لا يظهر مع القوي يقول : اجتهاده ملزم في حقه وقضاء القاضي يكون عن اجتهاد فمن حيث ولاية القضاء ما يقضي به القاضي أقوى ومن حيث حقيقة الاجتهاد يترجح ما عنده في حقه على ما عند غيره فتتحقق المعارضة بينهما فيغلب الموجب للحرمة عملا بقوله صلى الله عليه وسلم { وأبو يوسف } يوضحه أن عنده أن قضاء القاضي ليس بصواب ولو كان ما عنده غير القاضي لم يقض بالحل فكذلك إذا كان ذلك عنده لا يعتقد فيه الحل فإن الله تعالى قال { ما اجتمع الحرام والحلال في شيء إلا غلب الحرام الحلال ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام } الآية ففي هذا بيان أن قضاء القاضي لا يحل للمرء ما يعتقد فيه الحرمة وعلى هذا الأموال فإن زيد رضي الله عنه فعليه أن يتبع رأي القاضي وإن قضى القاضي بالمقاسمة على قول القاضي لو قضى بالميراث للجد دون الأخ والأخ فقيه يعتقد فيه قول زيد رحمه الله تعالى والأخ يعتقد مذهب الصديق رضي الله عنه فعلى قول رحمه الله تعالى ليس له أن يأخذ المال وعلى قول أبي يوسف رحمه الله تعالى له أن يأخذ المال وعلى هذا الطلاق المضاف إذا كان الزوج يعتقد وقوع الطلاق فقضى القاضي بخلافه فهو على الخلاف وإن كان الزوج غائبا أو كان يعتقد أن الطلاق غير واقع فعليه أن يتبع رأي القاضي أو قضى بخلاف اعتقاده وعلى هذا لو محمد فذلك بمنزلة اجتهاده لأنه وسع مثله ثم فيما يقضي القاضي بعد ذلك بخلافه [ ص: 185 ] حكمه كحكم المجتهد في جميع ما بينا وكذلك لو حكمنا فقيها فحكمه كفتواه لأن سببه تراضيهما لا ولاية ثابتة له حكما فكان تراضيهما على تحكيمه كسؤالهما إياه والفتوى لا تعارض قضاء القاضي فإذا قضى القاضي عليه بخلاف ذلك كان عليه أن يتبع رأي القاضي . استفتى العامي أقوى الفقهاء عنده فأفتى له بشيء
ألا ترى أن للقاضي أن يقضي بخلاف حكم الحكم في المجتهدات وليس له أن يقضي بخلاف ما قضى به غيره في المجتهدات ولو قضى به لم ينفذ قضاؤه فهذا معنى قولنا حكم الحكم في حقهما كفتواه وعلى هذا لو لم يسعها أن تدعه يجامعها إن قضى القاضي به أو لم يقض لأن حجة حرمتها عليه تمت عندها فهو والطلاق سواء ولا يسعها أن تتزوج إذا كان المولى يجحد العتق وكذلك إذا شهد عدلان عند جارية أن مولاها أعتقها أو أقر أنه أعتقها لم يسع العبد أن يتزوج بشهادتهما حتى يقضي له القاضي بالعتق لأنهما مملوكان له في الحكم فلو تزوجا بغير إذنه كانا مرتكبين للحرام عند القاضي وعند الناس والتحرز عن ارتكاب الحرام فرض والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب . شهدا بعتق العبد والمولى يجحد