قال : وإذا كان فصاحب الباب هو المدعي للطريق في دار الغير فعليه إثباته بالبينة ورب الدار هو المنكر فالقول قوله مع يمينه وبفتح الباب لا يستحق شيئا ; لأن فتح الباب رفع جزء من الحائط ولو رفع جميع حائطه لا يستحق به في ملك الغير شيئا فكذلك إذا فتح بابا ، وقد يكون فتح الباب لدخول الضوء والريح ، وقد يكون للاستئناس بالجار والتحدث معه فلا يكون ذلك دليلا على طريق له في الدار ، فإن أقام البينة أنه كان يمر في هذه الدار من هذا الباب لم يستحق بهذه الشهادة شيئا ; لأنهم شهدوا بيد كانت له في هذا الطريق فيما مضى وبهذه الشهادة لا يستحق المدعي شيئا . لرجل باب من داره في دار رجل فأراد أن يمر في داره من ذلك الباب فمنعه صاحب الدار
( ألا ترى ) أنا لو عايناه مر فيه مرة لم يستحق به شيئا إلا أن يشهدوا أن له فيها طريقا ثابتا فحينئذ الثابت بالبينة كالثابت بإقرار الخصم والطريق يجوز أن يكون مستحقا له في دار الجار في أصل القسمة أو أوصى له به فتقبل البينة على إثباته ، وإن لم يجدوا الطريق ، ولم يسموا ذرع العرض والطول بعد أن يقولوا إن له طريقا في هذه الدار من هذا الباب إلى باب الدار فالشهادة مقبولة ومن أصحابنا رحمهم الله من يقول تأويله إذا شهدوا على إقرار الخصم بذلك فالجهالة لا تمنع صحة الإقرار ، فأما إذا [ ص: 94 ] وأبو حنيفة رحمهما الله قالا : الإقرار والشهادة كل واحد منهما خبر عن أمر ماض وما كان ماضيا فليس بمتيقن عنده في الحال لا في حق نفسه ولا في حق غيره لجواز أن يكون عنده أن الدين واجب عليه ، وليس بواجب لإبراء الطالب إياه واستيفائه منه تبرأ من ماله أو تبرع أجنبي بالقضاء عنه أو لمفسد يمكن في أصل السبب فيمتنع وجوب المال به ، وكان قوله فيما أعلم استثناء لليقين في الفصلين جميعا ، وعلى هذا الخلاف لو قال : له علي ألف درهم في علمي ومحمد
وإن قال : قد علمت أن له علي ألف درهم فهذا إقرار بالاتفاق وبه يستدل رحمه الله . والفرق هنا أن حرف قد للتأكيد فقد أكد علمه بما أخبر به فكان ذلك منه تأكيدا لإقراره والشاهد لو قال : قد علمت فأنا أشهد عليه بما قد علمت لم يكن ذلك قدحا في شهادته فكذلك لا يكون قدحا في إقراره . أبو يوسف