nindex.php?page=treesubj&link=2867، وحكم الخرص فهو دليل على أن للإمام في الأراضي التي يكون للإمام خراجها خراج المقاسمة ، وفي الأرض العشرية أن يبعث من يخرص الثمار والزروع على أربابها ، إلا أن عند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي هذا الخرص بمنزلة الكيل ، حتى إذا ادعوا النقصان بعد ذلك لا يقبل قولهم إلا بحجة ، وعندنا هذا الخرص لا يكون ملزما إياهم شيئا ; لأن الذي يخرص إنما يقول شيئا بظن والظن لا يغني من الحق شيئا ، فالقول قولهم في دعوى النقصان ، وعلى من يدعي عليهم الخيانة والسرقة إثبات ذلك بالبينة ، وعلى هذا الأصل جوز
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله -
nindex.php?page=treesubj&link=4876_4877بيع العرايا وهو بيع الثمر على رءوس النخل بتمر مجدود على الأرض خرصا فيما دون خمسة أوسق ، وقال : الخرص بمنزلة الكيل ، ولا يجوز ذلك علماؤنا - رحمهم الله - وقالوا : الخرص ليس بمعيار شرعي تظهر به المماثلة فيكون هذا بيع الثمر بالثمر مجازفة . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=58097التمر بالتمر مثلا بمثل } ، وتأويل ما فعله
nindex.php?page=showalam&ids=82عبد الله بن رواحة رضي الله عنه بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجهين أحدهما : أن ذلك كان على سبيل النظر للمسلمين منه حتى يتحرز اليهود من كتمان شيء ، فقد كانوا في عداوة المسلمين ، بحيث لا يمتنعون مما يقدروا عليه من الإضرار بالمسلمين ، وقيل كان
ابن رواحة مخصوصا بذلك حتى كان خرصه بمنزلة كيل غيره لا يتفاوت ، قد علم ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم من طريق الوحي ، أو كان له ذلك بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وبكونه مبعوث رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك بين فيما رواه بعد هذا ، ولا يوجد مثل ذلك في حق غيره ، ومعنى قوله : " إن شئتم فلكم ، وإن شئتم فلنا " أي : إن شئتم أخذتم ما خرصت وأعطيتمونا نصف ذلك بعد الإدراك ، وإن شئتم أخذنا ذلك وأعطيناكم نصف ذلك بعد الإدراك ، فهذا منه بيان ، أنه عدل في الخرص ولم يمل إلى المسلمين ، ولا قصد الحيف على اليهود ، وعن
مكحول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفع
خيبر إلى أهلها الذين كانت لهم على أن يعملوها ، فإذا بلغت الثمار كان لهم النصف وللمسلمين النصف ، فبعث
ابن رواحة رضي الله عنه فخرصها عليهم ، وقد بينا فائدة الحديث ، وفي اللفظ المذكور في هذا الحديث دليل على ما ذهب إليه
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة - رحمه الله - أنه من عليهم بأراضيهم وجعل عليهم نصف الخارج بطريق خراج المقاسمة ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=15689حجاج بن أرطاة قال : سألت
nindex.php?page=showalam&ids=17002محمد بن علي رضي الله عنه عن المزارعة بالثلث فالنصف فقال : أعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم
خيبر بالشطر
nindex.php?page=showalam&ids=1وأبو بكر nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي رضي الله عنهم ، وأهلوهم إلى يومهم هذا يفعلونه ، وفيه دليل جواز
[ ص: 7 ] استعمال القياس ، فقد سئل عن المزارعة وجوازها استدلالا بالمعاملة التي كانت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل
خيبر في النخيل ، وقيل : بل كانت
بخيبر نخيل ومزارع ، فقد كان عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم معه في المزارعة عقد مزارعة ، وفي هذا الحديث دليل لهما على
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة - رحمه الله - وفي جواز المزارعة والمعاملة وعن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب رضي الله عنه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81362أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين افتتح خيبر قال لليهود : أقركم ما أقركم الله على أن التمر بيننا وبينكم فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث ابن رواحة فخرص عليهم ، ثم يقول : إن شئتم فلكم ، وإن شئتم فلنا فكانوا يأخذونه } وفي هذا الحديث بيان أن ما جرى بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبينهم كان على طريقة الصلح ، وقد يجوز من الإمام المعاملة بين بيت المال وبين الكفار على طريق الصلح ، ما لا يجوز مثله فيما بين المسلمين فيضعف من هذا الوجه استدلالهم بمعاملة رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم ، وفيه دليل هداية
ابن رواحة رضي الله عنه في باب الخرص ; فإنهم كانوا أهل نخل ، وقد علموا أنه أصاب في الخرص حين رغبوا في أخذ ذلك ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16049سليمان بن يسار {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81363أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبعث ابن رواحة فيخرص بينه وبين اليهود قال : فجمعوا له حليا من حلي نسائهم فقالوا : هذا لك وخفف عنا وتجاوز في القسم فقال : يا معشر اليهود إنكم أبغض خلق الله تعالى إلي ، وما ذاك بحاملي على أن أحيف عليكم ، أما الذي عرضتم من الرشوة فهو سحت ، وإنا لا نأكلها فقالوا : بهذا قامت السموات والأرض } وإنما طلبوا من
ابن رواحة رضي الله عنه ما ظهر منهم من الميل إلى أخذ الرشوة وترك بيان الحق لأجله ، فإنهم كتموا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعث أمته من كتابهم ، وحرفوا الكلم عن مواضعه بهذا الطريق ، كما قال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=79ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون } وما طلبوا منه التخفيف من غير ميل وخيانة ، فقد كان
ابن رواحة رضي الله عنه يفعل ذلك من غير طلبهم وبه كان أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما روي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81364أنه عليه الصلاة والسلام قال للخراصين : خففوا في الخرص فإن في المال العارية والوصية } ثم إنه قطع طمعهم بما قال : " إنكم من أبغض خلق الله تعالى إلي " وهكذا ينبغي لكل مسلم أن يكون في بغض اليهود بهذه الصفة ، فإنهم في عداوة المسلمين بهذه الصفة كما قال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=82لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود } وقال عليه الصلاة والسلام {
ما خلا يهودي بمسلم إلا حدثته نفسه بقتله } وكان شكواهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل وقت حتى قال
[ ص: 8 ] {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81365 : لو آمن بي اثنا عشر منهم آمن بي كل يهودي على وجه الأرض } يعني رؤساءهم ، ثم بين أن هذا البغض لا يحمله على الحيف والظلم عليهم ، فالحيف هو الظلم قال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=50أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله } فكيف يحمله ما عرضوا من الرشوة على الميل إليهم ؟ ، وقال : " أما الذي عرضتم من الرشوة فإنها سحت يعني تناول السحت من معامليكم دون المسلمين ، وقد وصفهم الله بذلك بقوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=42سماعون للكذب أكالون للسحت } والسحت هو الحرام الذي يكون سببا للاستئصال ، مأخوذ من السحت قال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=61فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى } أي يستأصلكم فقالوا بهذا قامت السموات والأرض ، يعني : ما يقوله حق وعدل وبالعدل قامت السموات والأرض ، وكان شيخنا الإمام - رحمه الله - يقول في هذا الحديث إشارة إلى أن أمتعة النساء وحليهن لم تزل عرضة لحوائج الرجال ، فإن
اليهود لحاجتهم إلى ذلك تحكموا على نسائهم فجمعوا من حلي نسائهم ، وحكي أن رجلا من أهل العلم كانت له امرأة ذات يسار فسألها شيئا من مالها لحاجته إلى ذلك فأبت فقال : لا تكوني أكفر من نساء
خيبر كن يواسين أزواجهن بحليهن وأنت تأبين ذلك {
، وعن nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين - رحمه الله - قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن رواحة رضي الله عنه إلى خيبر فقال : بعثني إليكم من هو أحب إلي من نفسي ، ولأنتم علي أهون من الخنازير ، ولا يمنعني ذلك من أن أقول الحق هكذا } ينبغي لكل مسلم أن يكون في محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الصفة فيكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إليه من نفسه وأهله وولده وماله ; لأنه به نال العز في الدنيا ، والنجاة في الآخرة قال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=103 : وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها } يعني بمتابعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتصديقه وينبغي أن يكون اليهود عند كل مسلم بهذه الصفة والمنزلة أيضا ، فهم شر من الخنازير فيما أظهروا من عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم حسدا وتعنتا ، فكأنه قال ذلك ; لأنه قد مسخ منهم قردة وخنازير كما قال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=60وجعل منهم القردة والخنازير } وإليه أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حاصر
بني قريظة فسمع من بعض سفهائهم شتيمة فقال : صلى الله عليه وسلم " أتشتمونني يا إخوة القردة والخنازير " فقالوا : " ما كنت فحاشا يا
أبا القاسم " قال : " وذلك لا يمنعني من أن أقول الحق " فقالوا : " بهذا قامت السموات والأرض " أي : بالحق ومخالفته الهوى والميل بها ، ثم قال : " قد خرصت عليكم نخيلكم " ففيه دليل : أن النخيل كانت مملوكة لهم ، وأن ما كان يؤخذ منهم بطريق خراج المقاسمة فإن شئتم فخذوه ولي عندكم الشطر ، وإن شئتم أخذته ، ولكم عندي الشطر
[ ص: 9 ] فخذوه فإن لكم فيه منافع فأخذوه فوجدوا فيه فضلا قليلا ، وهذا دليل على حذاقته في باب الخرص ، وأن خرصه بمنزلة كيل غيره حين لم يخف عليه الفضل اليسير ، وإنما تجوز بذلك ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أمره بالتخفيف في الخرص ، ولم يترك النصيحة لهم في الأخذ مع شدة بغضه إياهم ، فدل أنه لا ينبغي للمسلم أن يترك النصيحة لأحد من ولي أو عدو إذا كان لا يخاف على نفسه ; لأن نصيحته بحق الدين ، وعن
الحسن بن علي رضي الله عنهما {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81366أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى خيبر بالشطر وقال : لكم السواقط } قيل المراد من السواقط ما يكسر من الأغصان من النخيل مما يستعمل استعمال الحطب ، والأصح أن المراد ما سقط من الثمار قبل الإدراك فإن ذلك مما لم يمكن ادخاره إلى وقت القسمة ; لأنه يفسد فشرط ذلك لهم دفعا للحرج عنهم ، وفيه دليل على أن مثل هذا يجعل عفوا في حق المزارع والمعامل ; لأنه لا يتأتى التحرز عنه إلا بحرج ، والحرج مدفوع ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81367أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ابن رواحة رضي الله عنه فخرص عليهم مائة وسق فقالت اليهود : أشططتم علينا فقال عبد الله رضي الله عنه : نحن نأخذه ونعطيكم خمسين وسقا فقالت : بهذا تنصرون وقوله : أشططتم علينا أي : ظلمتمونا وزدتم في الخرص } ، والشطط عبارة عن الزيادة قال عليه السلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81368 : لا وكس ولا شطط } ، وكان ذلك منهم كذبا وكانوا يعلمون ذلك ولكن كان من عادتهم الكذب ، وقول الزور مع علمهم بذلك كما وصفهم الله تعالى به بقوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=14وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا } فرد عليهم تعنتهم بما قال : إنا نأخذه ونعطيكم خمسين وسقا فقالوا بهذا تنصرون أي : بالعدل والتحرز عن الظلم ، فالنصر موعود من الله تعالى للعادلين المتمسكين بالعدل والحق في الدنيا والآخرة ، قال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=7إن تنصروا الله ينصركم } يعني إن تنصروا الله تعالى بالانقياد للحق والدعاء إليه وإظهار العدل ينصركم ويثبت أقدامكم ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : " لا بأس بالمزارعة بالثلث والربع "
nindex.php?page=treesubj&link=2867، وَحُكْمُ الْخَرْصِ فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلْإِمَامِ فِي الْأَرَاضِي الَّتِي يَكُونُ لِلْإِمَامِ خَرَاجُهَا خَرَاجَ الْمُقَاسَمَةِ ، وَفِي الْأَرْضِ الْعُشْرِيَّةِ أَنْ يَبْعَثَ مَنْ يَخْرُصُ الثِّمَارَ وَالزُّرُوعَ عَلَى أَرْبَابِهَا ، إلَّا أَنَّ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ هَذَا الْخَرْصُ بِمَنْزِلَةِ الْكَيْلِ ، حَتَّى إذَا ادَّعَوْا النُّقْصَانَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ إلَّا بِحُجَّةٍ ، وَعِنْدَنَا هَذَا الْخَرْصُ لَا يَكُونُ مُلْزِمًا إيَّاهُمْ شَيْئًا ; لِأَنَّ الَّذِي يَخْرُصُ إنَّمَا يَقُولُ شَيْئًا بِظَنٍّ وَالظَّنُّ لَا يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئًا ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ فِي دَعْوَى النُّقْصَانِ ، وَعَلَى مَنْ يَدَّعِي عَلَيْهِمْ الْخِيَانَةَ وَالسَّرِقَةَ إثْبَاتُ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ ، وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ جَوَّزَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -
nindex.php?page=treesubj&link=4876_4877بَيْعَ الْعَرَايَا وَهُوَ بَيْعُ الثَّمَرِ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ بِتَمْرٍ مَجْدُودٍ عَلَى الْأَرْضِ خَرْصًا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ ، وَقَالَ : الْخَرْصُ بِمَنْزِلَةِ الْكَيْلِ ، وَلَا يُجَوِّزُ ذَلِكَ عُلَمَاؤُنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - وَقَالُوا : الْخَرْصُ لَيْسَ بِمِعْيَارٍ شَرْعِيٍّ تَظْهَرُ بِهِ الْمُمَاثَلَةُ فَيَكُونُ هَذَا بَيْعَ الثَّمَرِ بِالثَّمَرِ مُجَازَفَةً . وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=58097التَّمْرُ بِالتَّمْرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ } ، وَتَأْوِيلُ مَا فَعَلَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=82عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا : أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عَلَى سَبِيلِ النَّظَرِ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْهُ حَتَّى يَتَحَرَّزَ الْيَهُودُ مِنْ كِتْمَانِ شَيْءٍ ، فَقَدْ كَانُوا فِي عَدَاوَةِ الْمُسْلِمِينَ ، بِحَيْثُ لَا يَمْتَنِعُونَ مِمَّا يَقْدِرُوا عَلَيْهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالْمُسْلِمِينَ ، وَقِيلَ كَانَ
ابْنُ رَوَاحَةَ مَخْصُوصًا بِذَلِكَ حَتَّى كَانَ خَرْصُهُ بِمَنْزِلَةِ كَيْلِ غَيْرِهِ لَا يَتَفَاوَتُ ، قَدْ عَلِمَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طَرِيقِ الْوَحْيِ ، أَوْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ بِدُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِكَوْنِهِ مَبْعُوثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِيمَا رَوَاهُ بَعْدَ هَذَا ، وَلَا يُوجَدُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ : " إنْ شِئْتُمْ فَلَكُمْ ، وَإِنْ شِئْتُمْ فَلَنَا " أَيْ : إنْ شِئْتُمْ أَخَذْتُمْ مَا خَرَصْت وَأَعْطَيْتُمُونَا نِصْفَ ذَلِكَ بَعْدَ الْإِدْرَاكِ ، وَإِنْ شِئْتُمْ أَخَذْنَا ذَلِكَ وَأَعْطَيْنَاكُمْ نِصْفَ ذَلِكَ بَعْدَ الْإِدْرَاكِ ، فَهَذَا مِنْهُ بَيَانٌ ، أَنَّهُ عَدَلَ فِي الْخَرْصِ وَلَمْ يَمِلْ إلَى الْمُسْلِمِينَ ، وَلَا قَصَدَ الْحَيْفَ عَلَى الْيَهُودِ ، وَعَنْ
مَكْحُولٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَفَعَ
خَيْبَرَ إلَى أَهْلِهَا الَّذِينَ كَانَتْ لَهُمْ عَلَى أَنْ يَعْمَلُوهَا ، فَإِذَا بَلَغَتْ الثِّمَارُ كَانَ لَهُمْ النِّصْفُ وَلِلْمُسْلِمِينَ النِّصْفُ ، فَبَعَثَ
ابْنَ رَوَاحَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَخَرَصَهَا عَلَيْهِمْ ، وَقَدْ بَيَّنَّا فَائِدَةَ الْحَدِيثِ ، وَفِي اللَّفْظِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ مَنَّ عَلَيْهِمْ بِأَرَاضِيِهِمْ وَجَعَلَ عَلَيْهِمْ نِصْفَ الْخَارِجِ بِطَرِيقِ خَرَاجِ الْمُقَاسَمَةِ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15689حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ قَالَ : سَأَلْت
nindex.php?page=showalam&ids=17002مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ الْمُزَارَعَةِ بِالثُّلُثِ فَالنِّصْفِ فَقَالَ : أُعْطِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
خَيْبَرَ بِالشَّطْرِ
nindex.php?page=showalam&ids=1وَأَبُو بَكْرٍ nindex.php?page=showalam&ids=7وَعُثْمَانُ nindex.php?page=showalam&ids=8وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، وَأَهْلُوهُمْ إلَى يَوْمِهِمْ هَذَا يَفْعَلُونَهُ ، وَفِيهِ دَلِيلُ جَوَازِ
[ ص: 7 ] اسْتِعْمَالِ الْقِيَاسِ ، فَقَدْ سُئِلَ عَنْ الْمُزَارَعَةِ وَجَوَازِهَا اسْتِدْلَالًا بِالْمُعَامَلَةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَهْلِ
خَيْبَرَ فِي النَّخِيلِ ، وَقِيلَ : بَلْ كَانَتْ
بِخَيْبَرَ نَخِيلٌ وَمَزَارِعُ ، فَقَدْ كَانَ عَقْدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ فِي الْمُزَارَعَةِ عَقْدَ مُزَارَعَةٍ ، وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ لَهُمَا عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَفِي جَوَازِ الْمُزَارَعَةِ وَالْمُعَامَلَةِ وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81362أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ قَالَ لِلْيَهُودِ : أُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمْ اللَّهُ عَلَى أَنَّ التَّمْرَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ ابْنَ رَوَاحَةَ فَخَرَصَ عَلَيْهِمْ ، ثُمَّ يَقُولُ : إنْ شِئْتُمْ فَلَكُمْ ، وَإِنْ شِئْتُمْ فَلَنَا فَكَانُوا يَأْخُذُونَهُ } وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانٌ أَنَّ مَا جَرَى بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَهُمْ كَانَ عَلَى طَرِيقَةِ الصُّلْحِ ، وَقَدْ يَجُوزُ مِنْ الْإِمَامِ الْمُعَامَلَةُ بَيْنَ بَيْتِ الْمَالِ وَبَيْنَ الْكُفَّارِ عَلَى طَرِيقِ الصُّلْحِ ، مَا لَا يَجُوزُ مِثْلُهُ فِيمَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَيَضْعُفُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ اسْتِدْلَالُهُمْ بِمُعَامَلَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُمْ ، وَفِيهِ دَلِيلُ هِدَايَةِ
ابْنِ رَوَاحَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي بَابِ الْخَرْصِ ; فَإِنَّهُمْ كَانُوا أَهْلَ نَخْلٍ ، وَقَدْ عَلِمُوا أَنَّهُ أَصَابَ فِي الْخَرْصِ حِينَ رَغِبُوا فِي أَخْذِ ذَلِكَ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16049سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81363أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَبْعَثُ ابْنَ رَوَاحَةَ فَيَخْرُصُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْيَهُودِ قَالَ : فَجَمَعُوا لَهُ حُلِيًّا مِنْ حُلِيِّ نِسَائِهِمْ فَقَالُوا : هَذَا لَك وَخَفِّفْ عَنَّا وَتَجَاوَزْ فِي الْقَسَمِ فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ إنَّكُمْ أَبْغَضُ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى إلَيَّ ، وَمَا ذَاكَ بِحَامِلِي عَلَى أَنْ أَحِيفَ عَلَيْكُمْ ، أَمَّا الَّذِي عَرَضْتُمْ مِنْ الرِّشْوَةِ فَهُوَ سُحْتٌ ، وَإِنَّا لَا نَأْكُلُهَا فَقَالُوا : بِهَذَا قَامَتْ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ } وَإِنَّمَا طَلَبُوا مِنْ
ابْنِ رَوَاحَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا ظَهَرَ مِنْهُمْ مِنْ الْمَيْلِ إلَى أَخْذِ الرِّشْوَةِ وَتَرْكِ بَيَانِ الْحَقِّ لِأَجْلِهِ ، فَإِنَّهُمْ كَتَمُوا بَعْثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعْثَ أُمَّتِهِ مِنْ كِتَابِهِمْ ، وَحَرَّفُوا الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ بِهَذَا الطَّرِيقِ ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=79لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ } وَمَا طَلَبُوا مِنْهُ التَّخْفِيفَ مِنْ غَيْرِ مَيْلٍ وَخِيَانَةٍ ، فَقَدْ كَانَ
ابْنُ رَوَاحَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ طَلَبِهِمْ وَبِهِ كَانَ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا رُوِيَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81364أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ لِلْخَرَّاصِينَ : خَفِّفُوا فِي الْخَرْصِ فَإِنَّ فِي الْمَالِ الْعَارِيَّةَ وَالْوَصِيَّةَ } ثُمَّ إنَّهُ قَطَعَ طَمَعَهُمْ بِمَا قَالَ : " إنَّكُمْ مِنْ أَبْغَضِ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى إلَيَّ " وَهَكَذَا يَنْبَغِي لِكُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَكُونَ فِي بُغْضِ الْيَهُودِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ ، فَإِنَّهُمْ فِي عَدَاوَةِ الْمُسْلِمِينَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=82لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ } وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ {
مَا خَلَا يَهُودِيٌّ بِمُسْلِمٍ إلَّا حَدَّثَتْهُ نَفْسُهُ بِقَتْلِهِ } وَكَانَ شَكْوَاهُمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُلِّ وَقْتٍ حَتَّى قَالَ
[ ص: 8 ] {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81365 : لَوْ آمَنَ بِي اثْنَا عَشَرَ مِنْهُمْ آمَنَ بِي كُلُّ يَهُودِيٍّ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ } يَعْنِي رُؤَسَاءَهُمْ ، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ هَذَا الْبُغْضَ لَا يَحْمِلُهُ عَلَى الْحَيْفِ وَالظُّلْمِ عَلَيْهِمْ ، فَالْحَيْفُ هُوَ الظُّلْمُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=50أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ } فَكَيْفَ يَحْمِلُهُ مَا عَرَضُوا مِنْ الرِّشْوَةِ عَلَى الْمَيْلِ إلَيْهِمْ ؟ ، وَقَالَ : " أَمَّا الَّذِي عَرَضْتُمْ مِنْ الرِّشْوَةِ فَإِنَّهَا سُحْتٌ يَعْنِي تَنَاوُلَ السُّحْتِ مِنْ مُعَامِلِيكُمْ دُونَ الْمُسْلِمِينَ ، وَقَدْ وَصَفَهُمْ اللَّهُ بِذَلِكَ بِقَوْلِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=42سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ } وَالسُّحْتُ هُوَ الْحَرَامُ الَّذِي يَكُونُ سَبَبًا لِلِاسْتِئْصَالِ ، مَأْخُوذٌ مِنْ السُّحْتِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=61فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنْ افْتَرَى } أَيْ يَسْتَأْصِلَكُمْ فَقَالُوا بِهَذَا قَامَتْ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ ، يَعْنِي : مَا يَقُولُهُ حَقٌّ وَعَدْلٌ وَبِالْعَدْلِ قَامَتْ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ ، وَكَانَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ أَمْتِعَةَ النَّسَاءِ وَحُلِيَّهُنَّ لَمْ تَزَلْ عُرْضَةً لِحَوَائِجِ الرِّجَالِ ، فَإِنَّ
الْيَهُودَ لِحَاجَتِهِمْ إلَى ذَلِكَ تَحَكَّمُوا عَلَى نِسَائِهِمْ فَجَمَعُوا مِنْ حُلِيِّ نِسَائِهِمْ ، وَحُكِيَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ يَسَارٍ فَسَأَلَهَا شَيْئًا مِنْ مَالِهَا لِحَاجَتِهِ إلَى ذَلِكَ فَأَبَتْ فَقَالَ : لَا تَكُونِي أَكْفَرَ مِنْ نِسَاءِ
خَيْبَرَ كُنَّ يُوَاسِينَ أَزْوَاجَهُنَّ بِحُلِيِّهِنَّ وَأَنْتِ تَأْبَيْنَ ذَلِكَ {
، وَعَنْ nindex.php?page=showalam&ids=16972ابْنِ سِيرِينَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ : بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَ رَوَاحَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إلَى خَيْبَرَ فَقَالَ : بَعَثَنِي إلَيْكُمْ مَنْ هُوَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ نَفْسِي ، وَلَأَنْتُمْ عَلَيَّ أَهْوَنُ مِنْ الْخَنَازِيرِ ، وَلَا يَمْنَعُنِي ذَلِكَ مِنْ أَنْ أَقُولَ الْحَقَّ هَكَذَا } يَنْبَغِي لِكُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَكُونَ فِي مَحَبَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَيَكُونُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبَّ إلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَمَالِهِ ; لِأَنَّهُ بِهِ نَالَ الْعِزَّ فِي الدُّنْيَا ، وَالنَّجَاةَ فِي الْآخِرَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=103 : وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا } يَعْنِي بِمُتَابَعَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَصْدِيقِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْيَهُودُ عِنْدَ كُلِّ مُسْلِمٍ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَالْمَنْزِلَةِ أَيْضًا ، فَهُمْ شَرٌّ مِنْ الْخَنَازِيرِ فِيمَا أَظْهَرُوا مِنْ عَدَاوَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَسَدًا وَتَعَنُّتًا ، فَكَأَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ قَدْ مُسِخَ مِنْهُمْ قِرَدَةٌ وَخَنَازِيرُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=60وَجَعَلَ مِنْهُمْ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ } وَإِلَيْهِ أَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ حَاصَرَ
بَنِي قُرَيْظَةَ فَسَمِعَ مِنْ بَعْضِ سُفَهَائِهِمْ شَتِيمَةً فَقَالَ : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَتَشْتُمُونَنِي يَا إخْوَةَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ " فَقَالُوا : " مَا كُنْت فَحَّاشًا يَا
أَبَا الْقَاسِمِ " قَالَ : " وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُنِي مِنْ أَنْ أَقُولَ الْحَقَّ " فَقَالُوا : " بِهَذَا قَامَتْ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ " أَيْ : بِالْحَقِّ وَمُخَالَفَتِهِ الْهَوَى وَالْمَيْلِ بِهَا ، ثُمَّ قَالَ : " قَدْ خَرَصْت عَلَيْكُمْ نَخِيلَكُمْ " فَفِيهِ دَلِيلٌ : أَنَّ النَّخِيلَ كَانَتْ مَمْلُوكَةً لَهُمْ ، وَأَنَّ مَا كَانَ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ بِطَرِيقِ خَرَاجِ الْمُقَاسَمَةِ فَإِنْ شِئْتُمْ فَخُذُوهُ وَلِي عِنْدَكُمْ الشَّطْرُ ، وَإِنْ شِئْتُمْ أَخَذْته ، وَلَكُمْ عِنْدِي الشَّطْرُ
[ ص: 9 ] فَخُذُوهُ فَإِنَّ لَكُمْ فِيهِ مَنَافِعُ فَأَخَذُوهُ فَوَجَدُوا فِيهِ فَضْلًا قَلِيلًا ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى حَذَاقَتِهِ فِي بَابِ الْخَرْصِ ، وَأَنَّ خَرْصَهُ بِمَنْزِلَةِ كَيْلِ غَيْرِهِ حِينَ لَمْ يَخْفَ عَلَيْهِ الْفَضْلُ الْيَسِيرُ ، وَإِنَّمَا تَجَوَّزَ بِذَلِكَ ; لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَمَرَهُ بِالتَّخْفِيفِ فِي الْخَرْصِ ، وَلَمْ يَتْرُكْ النَّصِيحَةَ لَهُمْ فِي الْأَخْذِ مَعَ شِدَّةِ بُغْضِهِ إيَّاهُمْ ، فَدَلَّ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَتْرُكَ النَّصِيحَةَ لِأَحَدٍ مِنْ وَلِيٍّ أَوْ عَدُوٍّ إذَا كَانَ لَا يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ ; لِأَنَّ نَصِيحَتَهُ بِحَقِّ الدَّيْنِ ، وَعَنْ
الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81366أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى خَيْبَرَ بِالشَّطْرِ وَقَالَ : لَكُمْ السَّوَاقِطُ } قِيلَ الْمُرَادُ مِنْ السَّوَاقِطِ مَا يُكْسَرُ مِنْ الْأَغْصَانِ مِنْ النَّخِيلِ مِمَّا يُسْتَعْمَلُ اسْتِعْمَالَ الْحَطَبِ ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْمُرَادَ مَا سَقَطَ مِنْ الثِّمَارِ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يُمْكِنْ ادِّخَارُهُ إلَى وَقْتِ الْقِسْمَةِ ; لِأَنَّهُ يَفْسُدُ فَشُرِطَ ذَلِكَ لَهُمْ دَفْعًا لِلْحَرَجِ عَنْهُمْ ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مِثْلَ هَذَا يُجْعَلُ عَفْوًا فِي حَقِّ الْمُزَارِعِ وَالْمُعَامِلِ ; لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى التَّحَرُّزُ عَنْهُ إلَّا بِحَرَجٍ ، وَالْحَرَجُ مَدْفُوعٌ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81367أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ ابْنَ رَوَاحَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَخَرَصَ عَلَيْهِمْ مِائَةَ وَسْقٍ فَقَالَتْ الْيَهُودُ : أَشْطَطْتُمْ عَلَيْنَا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : نَحْنُ نَأْخُذُهُ وَنُعْطِيكُمْ خَمْسِينَ وَسْقًا فَقَالَتْ : بِهَذَا تُنْصَرُونَ وَقَوْلُهُ : أَشْطَطْتُمْ عَلَيْنَا أَيْ : ظَلَمْتُمُونَا وَزِدْتُمْ فِي الْخَرْصِ } ، وَالشَّطَطُ عِبَارَةٌ عَنْ الزِّيَادَةِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81368 : لَا وَكْسَ وَلَا شَطَطَ } ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُمْ كَذِبًا وَكَانُوا يَعْلَمُونَ ذَلِكَ وَلَكِنْ كَانَ مِنْ عَادَتِهِمْ الْكَذِبُ ، وَقَوْلُ الزُّورِ مَعَ عِلْمِهِمْ بِذَلِكَ كَمَا وَصَفَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ بِقَوْلِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=14وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا } فَرَدَّ عَلَيْهِمْ تَعَنُّتَهُمْ بِمَا قَالَ : إنَّا نَأْخُذُهُ وَنُعْطِيكُمْ خَمْسِينَ وَسْقًا فَقَالُوا بِهَذَا تُنْصَرُونَ أَيْ : بِالْعَدْلِ وَالتَّحَرُّزِ عَنْ الظُّلْمِ ، فَالنَّصْرُ مَوْعُودٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى لِلْعَادِلِينَ الْمُتَمَسِّكِينَ بِالْعَدْلِ وَالْحَقِّ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=7إنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ } يَعْنِي إنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ تَعَالَى بِالِانْقِيَادِ لِلْحَقِّ وَالدُّعَاءِ إلَيْهِ وَإِظْهَارِ الْعَدْلِ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : " لَا بَأْسَ بِالْمُزَارَعَةِ بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ "