لم يلزمه القصاص عندنا وعلى قول العصا الصغيرة إذا ، والى بها في الضربات حتى مات رضي الله عنه يجب القصاص ، وكذلك الخلاف فيما إذا الشافعي ، وهو يقول القصد بالعصا الصغيرة عند الموالاة القتل فيكون الفعل بها عمدا محضا بمنزلة القتل بالسيف بخلاف العصا الصغيرة إذا ضربه بها مرة ، أو مرتين ; لأن القصد هناك التأديب ، والغالب معه السلامة ولا يكون القتل بها إلا نادرا فيكون في معنى الخطأ فأما مع الموالاة ، فالقصد منه القتل . ضربه جماعة كل واحد منهم بسوط ، أو عصا
( ألا ترى ) أن كالتهديد فالقتل في حكم الإكراه بخلاف التهديد بالضرب بالسوط مع الموالاة ويستوي في ذلك حصول الضربات من واحد ، أو من جماعة ; لأن شرط القتل كون النفس معمودة لا التيقن بكون فعل كل واحد منهم مزهقا للروح ; لأن ذلك لا طريق إلى معرفته ، والدليل على الفرق بين الضربة ، والضربات أن شرب القليل من المثلث لا يكون موجبا للحد ، فإن استكثر منه حتى سكر لزمه الحد باعتبار أن القليل منه ممرئ للطعام ، والكثير مسكر . التهديد بضرب سوط واحد
وإذا حصل السكر بالكثير منه لا يميز بعض الفعل عن البعض ، بل يجعل الكل كفعل واحد حتى يتعلق به ما يندرئ بالشبهات ، وهو الحد فهذا مثله وأصحابنا رحمهم الله استدلوا بحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { النعمان بن بشير } فيكون نصبا على التفسير وبالرفع قتيل السوط ، والعصا فيكون خبرا للابتداء وفي كليهما بيان أن ألا إن قتيل خطأ العمد قتيل السوط ، والعصا ، فيه مائة من الإبل يكون قتيل خطإ العمد ، وإن الواجب فيه الدية ، والمعنى فيه أن القتل حصل بمجموع أفعال لو حصل بكل واحد منها على الانفراد لا يتعلق به القصاص فكذلك إذا حصل بمجموعها كما لو قتيل السوط ، والعصا وهذا ; لأن كل واحد من هذه الأفعال غير موجب للقصاص إذا انفرد فانضمام ما ليس بموجب إلى ما ليس بموجب كيف يكون واجبا لما يندرئ بالشبهات ولو جرح رجلا جراحات خطأ ، أو اشترك جماعة في قتل رجل خطأ لا يجب القصاص ، فإذا انضم ما هو موجب [ ص: 125 ] إلى ما ليس بموجب أولى بخلاف الأقداح فهناك لو حصل السكر بالقدح الأول يجب الحد ، وإنما لم يجب الحد إذا لم يسكر به لانعدام السبب الموجب وهنا لو حصل القتل بالضربة الأولى لا يجب القصاص فعرفنا أن هذا الفعل في نفسه غير موجب فلا يدخل على هذا شهادة الشاهدين بالقتل العمد فإنها توجب القصاص وكل واحد منهما بانفراده لا يوجب ; لأن شهادة الشاهدين حجة واحدة وشهادة كل واحد منهما شرط الحجة وشرط الحجة لا يثبت به شيء من الحكم فأما هاهنا فكل فعل صالح لكونه علة تامة ، وهو على أصله أظهر فإن عنده لو حصل من كل واحد من الجماعة ضربة واحدة يجب عليهم القصاص وما لم تتكامل العلة في حق كل واحد منهم لا يلزمه القصاص وقوله بأن الضربة الواحدة يقصد بها التأديب قلنا حقيقة القصد لا يمكن الوقوف عليها ، وإنما ينبني الحكم على السبب الظاهر . انضم ما هو موجب إلى ما ليس بموجب كالخاطئ مع العامد
( ألا ترى ) أن قطع اليد لا يقصد به القتل أيضا ; ولهذا كان مشروعا في موضع كان القتل حراما ، وكذلك الجرح اليسير مشروع على قصد الاستشفاء كالفصد ، والحجامة ومع ذلك إذا حصل القتل به وجب القصاص ; لأن حقيقة القصد يتعذر الوقوف عليها فيعتبر السبب الظاهر فكذلك هاهنا كان ينبغي أن يجب القصاص إذا حصل القتل بالضربة ، والضربتين بالسوط وحيث لم يجب بأن كان كل فعل من هذه الأفعال بانفراده غير موجب وحقيقة الفقه فيه ما ذكرنا في المسألة الأولى ويمكن الاستدلال بهذا الحرف أيضا فيقال العصا الكبير مجموع أجزاء لا يتعلق القصاص بكل جزء منها ، وإن حصل القتل فكذلك بمجموعها .