( تنبيهات الأول ) ما داما غير مكلفين ، قال في النوادر في كتاب الزكاة ، قال المخاطب بزكاة مال الصبي والمجنون وليهما ابن حبيب : وليزك ولي اليتيم ماله ويشهد فإن لم يشهد وكان مأمونا صدق ، انتهى . وأصله لابن حبيب في الواضحة ونصه ، قال ابن الماجشون : وعلى ولي اليتيم أن يزكي ماله وينبغي له أن يشهد على ذلك ويعينه يقول هذا زكاة فلان ، قال عبد الملك : فإن أضاع الإعلان بها فهو مصدق إذا كان مأمونا ، انتهى . وقال اللخمي في كتاب الزكاة الأول ، قال ابن حبيب : ويزكي الولي لليتيم ماله ويشهد فإن لم يشهد وكان مأمونا صدق .
وهذا يحسن في كل بلد القضاء فيه بقول ، ولو كان بلد فيه من يقول بسقوط الزكاة عن أموال الصبيان لرأيت أن يرفع إلى حاكم الموضع فإن كان ممن يرى في ذلك قول مالك أمره بإخراج الزكاة وحكم له بذلك ، وإن كان ممن لا يرى [ ص: 293 ] ذلك لم يزكه هو ، وقد قال مالك في كتاب الرهون فيمن مات فوجد في تركته خمر : إن الولي يرفع ذلك للسلطان ، قال خوفا أن يتعقب عليه يريد من الاختلاف هل يتخذ خلا ، وكذلك الزكاة إلا أن يكون الولي من أهل الاجتهاد وممن يرى في ذلك قول مالك وخفي له إخراجها للجهل بمعرفة أصل ما وضع يده عليه فليخرجها ، انتهى . مالك
وأصله للشيخ أبي محمد في النوادر ، قال في كتاب الزكاة بعد أن ذكر أن الوصي يزكي مال اليتيم : وهذا إنما هو إذا لم يخف أن يتعقب عليه بأمر وكان يخفى له ذلك .
فأما إن لم يخف له وهو لا يأمن أن يتعقب بأمر لاختلاف الناس في زكاة مال الصبي العين فلا يزكي عنه كما قالوا إذا وجد في التركة مسكرا وخاف التعقب فلا يكسره ، انتهى . وقال ابن بشير : قال الأشياخ : إن الوصي يحترز في إخراج الزكاة من خلاف فإن خفي له وأمن المطالبة أخرج من غير مطالبة حاكم ، وإن حاذر المطالبة رفع إلى الحاكم ، وعولوا على قوله في المدونة في الوصي يجد في التركة خمرا أنه يرفع أمرها إلى الحاكم حتى يتولى كسرها وهو محاذرة من مذهب المجيز تخليلها ، انتهى . وقال أبي حنيفة ابن عرفة في كتاب الزكاة الشيخ واللخمي إنما يزكي الوصي عن يتيمة إن أمن التعقب أو خفي له ذلك وإلا رفع كقولهم في التركة يجد فيها خمرا ، انتهى .
وقال في كتاب الوصايا وفي الموازية : ويزكي أي ولي اليتيم ماله ويخرج عنه وعن عبده الفطر ويضحي عنه من ماله الشيخ : إن أمن أن يتعقب بأمر من اختلاف الناس أو كان شيئا يخفى له وفي زكاتها ويؤديها الوصي عن اليتامى وعبيدهم من أموالهم ( قلت ) : ولقول الشيخ المتقدم ، قال غير واحد من المتأخرين : لا يزكي الوصي ماله حتى يرفع إلى السلطان فما قاله إذا وجد في التركة خمرا لا يريقها إلا بعد مطالعة السلطان لئلا يكون مذهبه جواز التخليل ، وكذا يكون مذهب مالك القاضي سقوط الزكاة عن الصغير ، وقال بعضهم : إنما يلزم الرفع في البلاد التي يخشى فيها ولاية الحنفي ، وأما غيرها فلا ، قاله ابن محرز وابن بشير في آخر ترجمة أحكام نماء المال ، انتهى .
( قلت ) : فتحصل من هذا أن الوصي إذا كان مذهبه وجوب الزكاة في مال الأطفال : إما باجتهاده إذا كان مجتهدا ، أو بتقليد من يقول بوجوبها أنه يجب عليه إخراجها ولا ينظر في ذلك إلى مذهب أبي الصبي ; لأن المال قد انتقل عنه ولا إلى الصبي ; لأنه غير مكلف ولا مخاطب بها ، فإن لم يكن هناك حاكم يقول بسقوطها لزم الوصي إخراجها ولا يحتاج إلى الرفع إلى الحاكم " نعم " يشهد على ذلك فإن لم يشهد صدق إن كان مأمونا ، وانظر إن كان غير مأمون هل يلزم الغرم أو يحلف ؟ لم أر فيه نصا ، وإن كان هناك حاكم يرى سقوط الزكاة عن مال الأطفال فإن خفي للوصي إخراج الزكاة لزمه إخراجها ولا يلزمه أن يذكر ذلك للصبي بعد بلوغه كما يفهم من كلامهم السابق فيأمره بإخراجها ، وإن لم يخف له إخراجها ، فإن فالذي يظهر من كلامهم أنه يلزمه الرفع للحاكم الذي يرى وجوب الزكاة كما يلزمه إذا وجد في التركة خمرا وكان يرى وجوب كسرها كما يظهر من كلام تعدد الحكام في البلد فكان بعضهم يرى وجوب الزكاة وبعضهم يرى سقوطها ، وكان الوصي يرى وجوبها ابن بشير السابق فيأمره بإخراجها ويحكم له بذلك ، وأنه لا يجوز له الرفع للحاكم الذي يرى سقوطها ، وإن لم يكن في البلد إلا حاكم ويرى سقوطها فالذي يظهر من كلامهم أنه لا يلزمه الرفع إليه ولا يجب عليه ويؤخر إخراجها حتى يبلغ الصبي فإذا بلغ الصبي فإن قلد من يقول بسقوط الزكاة عن مال الأطفال لم يلزمه شيء ، وهذا ظاهر ، وإن قلد من يقول بوجوبها في مال الأطفال لزمه إخراجها ، قال في النوادر ومن المجموعة ، قال الشيخ ابن القاسم : ويزكي أموال المجانين كالصبيان ، وإذا كان وصي اليتيم لا يزكي ماله فليزك اليتيم إذا قبضه لماضي السنين [ ص: 294 ] ولو كان الوصي تسلفه سنين لم يزكه إلا لعام واحد من يوم ضمنه الوصي ، انتهى . وأشهب
ولو فالذي يظهر أن ذلك لا يسقط الزكاة فتأمل . رفع الوصي الأمر لحاكم يرى سقوط الزكاة عن مال الأطفال فحكم بسقوطها ثم بلغ الصبي وقلد من يقول بوجوبها في مال الأطفال
( الثاني ) حكم المجنون حكم الصبي