. كتاب النكاح هذه طريقة المتأخرين من المالكية أنهم يجعلون النكاح وتوابعه في الربع الثاني والبيع وتوابعه في الربع الثالث وابتدأ المصنف رحمه الله كتاب النكاح بالخصائص تبعا لابن شاس وتبع ابن شاس في ذلك الشافعية قالوا : وذلك وفائدة ذكر الخصائص وإن كان أكثرها قد مضى حكمه التنبيه على خصوصها لئلا يعتقد فيما يخص به صلى الله عليه وسلم أنه مشروع لنا مع ما في ذلك من التنويه بعظيم فضله وشريف قدره فذكرها مطلوب إما ندبا ، أو وجوبا وهو الظاهر لما تقدم ، واعتمد لأنه صلى الله عليه وسلم خص في باب النكاح بخصائص متعددة لم يجمع مثلها في باب من أبواب الفقه ابن شاس فيما عده من الخصائص كلام القاضي أبي بكر بن العربي في أحكام القرآن وعليه اعتمد في تفسيره وزاد عليه بعض زيادة وكذلك القرطبي المصنف وقد ألف الناس في الخصائص كتبا متعددة والذي خص به صلى الله عليه وسلم خمسة أنواع : ( الأول ) ما وجب عليه صلى الله عليه وسلم دون غيره تشريفا له وتكثيرا لثوابه ; قال إمام الحرمين قال بعض العلماء : ثواب الواجب يزيد على ثواب النافلة بسبعين درجة .
( الثاني ) ما وجب له صلى الله عليه وسلم على غيره .
( الثالث ) ما حرم عليه صلى الله عليه وسلم دون غيره تشريفا له أيضا .
( الرابع ) ما حرم على غيره لأجله .
( الخامس ) ما أبيح له صلى الله عليه وسلم دون غيره ، وهذه الخصائص منها ما ورد في القرآن ومنها ما ورد في السنة ومنها ما هو متفق عليه ومنها ما هو مختلف فيه ، فإن قيل : التعظيم والتشريف إن كان مقتضيا لزيادة التشديد وإيجاب ما لم يجب على غيره فلماذا أبيح له أيضا ما لم يبح لغيره وإن كان موجبا للتسهيل وإباحة ما لم يبح لغيره فلماذا وجب عليه ما لم يجب على غيره وحرم عليه ما لم يحرم على غيره ؟
( فالجواب ) أن التعظيم والتشريف يوجب جميع ذلك بحسب ما يقتضيه المقام فبعض الأشياء إنما سومح فيه الغير ولم يوجب عليه ولم يحرم عليه خشية أن لا يقدر على القيام بها ولقوته صلى الله عليه وسلم كلف بها وبعض الأشياء حرمت على الغير حماية له أن يتجاوز الحد المأذون فيه كصفي المغنم ونحوه ، أو خشية أن لا يقوم بالواجب عليه فيها كزيادة على أربع وهو صلى الله عليه وسلم مأمون من ذلك فتأمله والله أعلم