الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            قال في الصحاح : والصلاة اسم يوضع موضع المصدر بل يقال : صليت صلاة ، ولا يقال : تصلية كما هو قياس مصدره . قال المبرد : أصل الصلاة الترحم فهي من الله رحمة ، ومن الملائكة رقة واستدعاء للرحمة وقال أبو بكر القشيري الصلاة من الله لمن دون النبي رحمة وللنبي صلى الله عليه وسلم تشريف وزيادة تكرمة وقال أبو العالية : صلاة الله ثناؤه عليه عند ملائكته وصلاة الملائكة الدعاء ، وقيل : المراد بها الاعتناء بشأن المصلى عليه وإرادة الخير له وهو الذي ارتضاه الغزالي وصلاة العباد المأمور بها الدعاء بلفظ الصلاة خص الأنبياء بذلك تعظيما لهم فعلى قول المبرد تكون الصلاة مرادفة للرحمة وقد بحث في ذلك بعضهم بأن الترادف يقتضي جواز الدعاء للنبي بلفظ الرحمة وقد أنكر ذلك بعضهم كما سيأتي بيانه في الكلام على التشهد إن شاء الله وقد يقال : إن مراد المبرد بيان أصل معنى الصلاة وإن كان العرف يقتضي أنها إذا استعملت في حق النبي صلى الله عليه وسلم دلت على معنى زائد على الرحمة ، كما أشار إلى ذلك تفسير القشيري ولهذا قال بعضهم : الصلاة من الله رحمة مقرونة بالتعظيم ، ومن الملائكة استغفار ، ومن الآدميين تضرع ودعاء والسلام التحية وفي معنى السلام عليه أوجه إما بمعنى السلامة لك ومعك أو السلام مئول لك فيكون اسما له تعالى أو بمعنى المسألة والانقياد لأمره والصيغة المذكورة خبر ومعناها الدعاء والطلب قال بعض العلماء : وهل يحتاج في ذلك إلى استحضار نية الطلب وإخراج الكلام عن حقيقة الخبر ، وأجاب بأنه إن كثر استعمال اللفظ في ذلك حتى صار كالمنقول في العرف لم يحتج إلى ذلك وإلا فالأقرب الحاجة إليه .

                                                                                                                            ( فائدة ) حذر بعض المتأخرين من الشافعية من استعمال لفظ التصلية بدل الصلاة [ ص: 18 ] وقال : إنه موقع في الكفر لمن تأمله ; لأن التصلية الإحراق وقال : إنه وقع في عبارة النسائي في جامع المختصرات وابن المقري في الإرشاد التعبير بها قال : وسئل العلامة علاء الدين الكناني المالكي هل يقال في الصلاة الشرعية والصلاة على خير البرية تصلية أو صلاة ؟ فقال : لم تفه العرب يوما من أيامها بأن تقول إذا أريد الدعاء أو الصلاة الشرعية أو الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم صلى تصلية وإنما يقولون : صلى صلاة ، ومن زعم غير ذلك فليس بمصيب ولم يظفر من كلام العرب بأدنى نصيب وحينئذ لا يلتفت إليه ولا يعرج عليه ولا يعتمد ما لديه ولو أنه نفطويه انتهى . ثم قال : ويخاف الكفر على من أصر على إقامة التصلية مقام الصلاة بعد التعريف انتهى . وأطال الكلام في ذلك .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية