الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وصعيد طهر كتراب وهو الأفضل ، ولو نقل )

                                                                                                                            ش : هو معطوف على قوله : موالاته أي ولزم أيضا التيمم بالصعيد الطاهر لقوله تعالى { فتيمموا صعيدا طيبا } ; لأن المراد بالطيب الطاهر على الصحيح ، وقيل : المراد بالطيب المنبت وهو التراب ثم مثل الصعيد الطاهر بقوله كتراب وأشار بالكاف إلى دخول كل ما صعد على وجه الأرض من أجزائها قال في الجواهر : ولا يختص بذلك التراب على المشهور ، ولا يلزم النقل بل يجزئ التيمم على الحجر الصلب والرمل والسباخ والنورة والزرنيخ وجميع أجزاء الأرض ما دامت على وجهه لم تغيرها صنعة آدمي بطبخ ونحوه وسواء فعل ذلك مع وجود التراب ، أو عدمه ، وقيل : لا يجزئ بغير التراب مطلقا وخصص ابن حبيب الإجزاء بعدم التراب ، انتهى .

                                                                                                                            ونقله في الذخيرة وقبله وقال ابن عرفة وقول ابن شاس ، وقيل : لا مطلقا لا أعرفه لغير نقل الباجي منعه ابن شعبان لا بقيد وذكره اللخمي بعد قوله وعلى صلب الأرض لعدم التراب اتفاقا يقتضي تقييده بوجود التراب ، انتهى .

                                                                                                                            ( قلت ) ظاهر كلام صاحب الطراز وغيره أنه كما نقله ابن شاس فتأمله ، والله تعالى أعلم . وكلام اللخمي الذي ذكره يقتضي تقييده كما قال : وظاهر كلام ابن عرفة أنه لم يصرح بذلك وسيأتي في كلام اللخمي التصريح بأنه لا يختلف أنه يجوز التيمم على ما لا تراب عليه عند عدم التراب فكأنه لم يقف عليه ثم قال ابن عرفة ومع وجوده ثالثها يعيد في الوقت للمشهور وابن شعبان وابن حبيب ، انتهى .

                                                                                                                            يعني أنه اختلف في التيمم على صلب الأرض مع وجود التراب على ثلاثة أقوال ( الأول ) يتيمم به وهو المشهور ( الثاني ) لا يتيمم به وهو قول ابن شعبان ( والثالث ) يتيمم به ويعيد في الوقت وهو قول ابن حبيب ثم قال ابن عرفة : وفي خالص الرمل المشهور وقول ابن شعبان اللخمي يجوز بتراب السباخ اتفاقا وقال ابن الحاجب : ويتيمم بالصعيد وهو وجه الأرض التراب والحجر والرمل والصفا والسبخة والشب والنورة والزرنيخ وغيرها ما لم تطبخ وظاهرها كابن الحاجب بشرط عدم التراب قال في التوضيح أي : وظاهر المدونة كقول ابن حبيب لا يتيمم بما عدا التراب إلا بشرط عدم التراب لقول المختصر ويتيمم على الجبل والحصباء من لم يجد ترابا [ ص: 351 ] وأنكر هذا بعض المشارقة أعني اختصار المدونة على هذا وقال : إنما وقع هذا الشرط في المدونة من كلام السائل لا من كلام ابن القاسم فيحتمل ما ذكروه ويحتمل الجواز عموما وهو متجه قاله ابن عبد السلام خليل وما قاله من أن الشرط إنما هو في السؤال صحيح ونص الأم وسئل مالك أيتيمم على الجبل من لم يجد ترابا قال نعم ، ولم ينقل المصنف قول ابن حبيب كما ينبغي ونصه على ما نقل ابن يونس وقال ابن حبيب : من تيمم على الحصباء أو الجبل ، ولا تراب عليه وهو يجد ترابا أساء ويعيد في الوقت ، وإن لم يجد ترابا لم يعد وقال ابن سحنون عن أبيه : لا يعيد واجدا كان أو غير واجد قال في المقدمات : وظاهر المدونة عدم الإعادة ، انتهى .

                                                                                                                            وقال في الطراز : نقل البراذعي في تهذيبه ويتيمم على الحصباء والجبل والثلج من لم يجد ترابا فشرط ذلك بعدم التراب وهو قول فاسد فإن مالكا لم يشترط ذلك في الكتاب ولكن جرى في السؤال ، انتهى .

                                                                                                                            ونقله القرافي وقال ابن ناجي في شرح كلام المدونة المتقدم : المشهور من المذهب أنه يتيمم على غير التراب ، ولو مع وجوده ثم ذكر قول ابن شعبان وقول ابن حبيب وكلام ابن الحاجب المتقدم وكلام ابن عبد السلام عليه كما تقدم وقبله ، والله تعالى أعلم . وقول المصنف وهو الأفضل لا خلاف فيه قال اللخمي : ولا يختلف المذهب أن البداءة بالتراب أولى وهو ظاهر المدونة في قوله أنه يتيمم على الحصباء والجبل إذا لم يجد المدر ، ولا يختلف أيضا أنه يجوز التيمم بما لا تراب عليه عند عدم التراب ، انتهى .

                                                                                                                            وقوله ، ولو نقل ظاهر كلامه أن التراب أفضل من غيره ، ولو كان التراب منقولا فإنه ذكر للتراب حكمين ( الأول ) جواز التيمم عليه ( والثاني ) كونه أفضل من غيره ثم بالغ بقوله ، ولو نقل فاقتضى ذلك أن المبالغة راجعة إلى الحكمين معا ، ولم أر من صرح بذلك وإن كانت إطلاقات بعضهم تتناوله والخلاف المنقول الذي أشار إليه بلو إنما هو في جواز التيمم به فالمشهور جواز التيمم به ومقابله لابن بكير قال ابن ناجي قال ابن عبد السلام : وهذا إذا عمل في وعاء ، وأما لو جعل على وجه الأرض فاسم الصعيد باق عليه ، انتهى .

                                                                                                                            وما قاله ابن عبد السلام ظاهر ، والله تعالى أعلم .

                                                                                                                            ( فرع ) قال ابن فرحون في الألغاز في باب التيمم أرض طاهرة مباحة نحو مسيرة خمسة أميال لا يجوز التيمم منها وهي أرض ديار ثمود قال : ونص عليه ابن العربي في أحكامه قال ابن فرحون في شرح قول ابن الحاجب : وفي الملح والثلج ما نصه : ( فرع ) حكى ابن يونس عن مالك أنه لا يجوز التيمم على الرخام وهو بمنزلة الياقوت والزبرجد وقال اللخمي : لا يجوز التيمم بما لا يقع به التواضع لله تعالى كالياقوت والزبرجد ونقد الذهب والفضة إلا أن يكون في معادنه ، ولم يجد سواه فيتيمم به فعلى هذا يكون مراده بالرخام أنه يمنع التيمم به بعد نشره من معدنه وخدمته وصقله ، ويجوز التيمم به إذا كان في معدنه ، انتهى .

                                                                                                                            وانظر البرزلي في مسائل التيمم .

                                                                                                                            ( فرع ) انظر هل يجوز التيمم على تراب المسجد ؟ لم أر فيه نصا صريحا ، وقد قال في التمهيد في الحديث الثالث والأربعين لزيد بن أسلم وهو حديث الوادي أجمع العلماء على أن التيمم على مقبرة المشركين إذا كان الموضع طاهرا نظيفا جائز ، انتهى .

                                                                                                                            ص ( وثلج )

                                                                                                                            ش : ظاهره أنه يتيمم به مع وجود غيره وهو ظاهر كلام ابن الحاجب وابن ناجي فإنهما لما ذكرا لفظ المدونة المتقدم قالا إنه لا يشترط عدم التراب وهو ظاهر كلام اللخمي أيضا فإنه ذكر فيه ثلاثة أقوال وعزا للمدونة الجواز ونصه : واختلف عن مالك في التيمم بالثلج فأجازه في الكتاب ومنعه في مدونة أشهب وإن لم يجد ترابا وهو عنده كالعدم وقال ابن حبيب : من تيمم به وصلى وهو قادر على الصعيد أعاد ، وإن ذهب الوقت ، وإن كان غير قادر أعاد ما لم يذهب الوقت ويختلف في الماء الجامد والجليد قياسا على الثلج ، انتهى .

                                                                                                                            ونقل ابن عرفة فيه أربعة أقوال ونصه : وفي [ ص: 352 ] الثلج ثالثها إن عدم الصعيد ورابعها ويعيد في الوقت بالصعيد للباجي عن رواية علي وأشهب وابن القاسم واللخمي عن ابن حبيب الباجي زاد ابن وهب في روايته الأولى وبالجمد اللخمي وجامد الماء والجليد مثله ، انتهى .

                                                                                                                            وانظر كيف لم يعز الأول إلا لرواية علي مع عزو اللخمي له للكتاب ونقل ابن ناجي الأقوال الأربعة كما ذكرها ابن عرفة فقال : وعزا الباجي الأول لرواية ابن القاسم ، والله تعالى أعلم ، انتهى .

                                                                                                                            ( قلت ) وعزاه ابن يونس أيضا لابن القاسم وقال أيضا في آخر كلامه قال ابن سحنون عن أبيه : لا يعيد واجدا كان أو غير واجد ابن يونس صواب ، والله أعلم .

                                                                                                                            ص ( وخضخاض )

                                                                                                                            ش : أطلق - رحمه الله - في الخضخاض وهو مقيد بما إذا لم يجد غيره قال ابن الحاجب : وعلى الخضخاض ما ليس بماء إذا لم يجد غيره وقيل ، وإن وجد قال في التوضيح : قال ابن رشد : والقول بأنه يتيمم به ، وإن لم يجد غيره لم أره ، انتهى .

                                                                                                                            ولذلك قال في الشامل : وخضخاض إن لم يجد غيره ، انتهى .

                                                                                                                            ( قلت ) وهو ظاهر المدونة قال ابن يونس : ويتيمم على الطين من لم يجد ترابا ، ولا جبلا وقال البراذعي : وعلى طين خضخاض وغير خضخاض إذا لم يجد غيره ، انتهى .

                                                                                                                            وقال ابن عرفة : وعلى طين خضخاض وغير خضخاض وفيها أيتيمم على الصفا والجبل وخفيف الطين فاقد التراب قال : نعم وقول ابن الحاجب فيه ، وقيل : إن فقد التراب لا أعرفه نصا في الطين ، انتهى .

                                                                                                                            وهو غريب ولعله تصحيف وصوابه وقول ابن الحاجب فيه ، وقيل : وإن وجد التراب لا أعرفه فيكون موافقا لإنكار ابن رشد كما تقدم ، والله أعلم .

                                                                                                                            ص ( وفيها جفف يديه روي بجيم وخاء ) . ش يعني أنه قال في المدونة إثر كلامه السابق في التيمم على الخضخاض : ويخفف وضع يديه عليه فروى قوله يجفف بالجيم وروى بالخاء المعجمة قال في التوضيح : وجمع بينهما في المختصر الكبير فقال : يخفف وضع يديه ويجففهما قليلا قال ابن حبيب : ويحرك يديه بعضها ببعض يسيرا إن كان فيهما شيء يؤذيه ثم يمسح ، انتهى .

                                                                                                                            زاد ابن يونس ثم بها وجهه ويصنع كذلك ليديه ، انتهى ، والله تعالى أعلم .

                                                                                                                            ص ( وجص لم يطبخ )

                                                                                                                            ش : قال ابن الفرات : بكسر الجيم وفتحها ما يبنى به وقال البساطي بفتح الجيم وكسرها وهو الأكثر قال في التوضيح : واشترط عدم الطبخ ; لأن الطبخ يخرجه عن ماهية الصعيد ، ومن المنتقى ولا يجوز التيمم بالجير ويجيء على قول ابن حبيب أنه يجوز التيمم به والأول أصح ; لأنه تغير بالطبخ عن جنس أصله وقول ابن حبيب الذي أشار إليه هو قوله إذا كان الحائط آجرا ، أو حجرا ، أو اضطر المريض إليه فتيمم به لم يكن عليه إعادة ; لأنه مضطر التونسي انظر قوله : آجرا والآجر طين قد طبخ فكيف يتيمم عليه وهو كالرماد ، انتهى .

                                                                                                                            وقال اللخمي : ولا يتيمم على المصنوع من الأرض كالآجر والجص والجير والجبس بعد حرقه فإن فعل مع القدرة على غير مصنوع أعاد أبدا ، وإن لم يجد غيره أجيز ; لأنه كان له أن يصلي على أحد الأقوال بغير تيمم ، انتهى .

                                                                                                                            ص ( وبمعدن غير نقد وجوهر )

                                                                                                                            ش : هذا الكلام مشكل انظر هل مراده إذا لم يجد غيره ، أو مع وجود غيره ؟ قال اللخمي : المتيمم به من الأرض على ثلاثة أقسام جائز وهو التيمم بالتراب الطاهر وهو إذا كان على وجه الأرض لم ينقل عنها كانت تلك الأرض من الجنس المعهود ، أو على غير ذلك كالكبريت والزرنيخ ومعدن الحديد والنحاس والرصاص وما أشبه ذلك وممنوع وهو التيمم على التراب النجس وما لا يقع به التواضع لله تعالى كالزبرجد والياقوت وتبر الذهب ونقار الفضة وما أشبهه ، وهذا ، وإن كان آحاد أبعاض الأرض لا يصح به التيمم وآحاد لو أدركته الصلاة وهو في معدنه ، ولم يجد سواه جاز أن يتيمم على تلك الأرض ، انتهى .

                                                                                                                            وقال في الطراز : وأما النحاس والحديد والذهب والفضة فلا يتيمم به قولا واحدا إلا [ ص: 353 ] أن يدرك الصلاة وهو في معدنه ، ولم يجد غيره فيتيمم بترابه لا بما يبقى منه ، انتهى .

                                                                                                                            وقال ابن عرفة واللخمي يمنع بالجير والآجر والجص بعد حرقه والياقوت والزبرجد والرخام والذهب والفضة فإن تعذر سوى ما منع وضاق الوقت تيمم به ، انتهى .

                                                                                                                            وما ذكره عن اللخمي ليس في التبصرة مجموعا كما ذكره بل ذكر مسألة المعادن أول الفصل كما ذكرنا ثم ذكر مسألة الجص والجير في آخره وزاد بعدها ; لأنه له أن يصلي على أحد الأقوال بغير تيمم ، والله أعلم . فيحمل كلام المصنف - رحمه الله تعالى - على أن مراده أنه يجوز التيمم بالمعادن إلا معادن النقد يعني الذهب والفضة والجواهر فما ذكره من جواز التيمم بالمعادن إلا معادن الذهب والفضة موافق للخمي مخالف لكلام صاحب الطراز ثم يقيد كلامه بما إذا وجد غير ذلك فتأمله ، والله أعلم .

                                                                                                                            ص ( ومنقول كشب وملح )

                                                                                                                            ش : قال في الكبير : لأنه مع النقل لا ينطلق عليه اسم الصعيد والفرق بين التراب وغيره لا يظهر ونحوه في الوسط ولم يزد على هذا وقال ابن الفرات هو معطوف على جوهر ومثله بالشب وذكر عن ابن يونس كلام السليمانية الآتي وقال الأقفهسي : يعني أن التيمم على الشب لا يجوز ولو لم ينقل جاز التيمم به وقال البساطي : معطوف على نقد عطف الجمل أي : يتيمم بكذا وكذا غير المنقول ثم أفاد حكما في الشب والملح مثل الحكم المتقدم أنه يتيمم على غير المنقول منه ، ولا يتيمم على المنقول ثم ذكر كلام ابن الحاجب من أوله إلى آخره فيما يتيمم به وذكر بعض كلام التوضيح عليه ثم قال : قوله منقول إن عطف على نقد صح من جهة النقل ; لأنه لا يتيمم بمنقول غير التراب على المشهور فيهما لكنه يلزم أن يقيد بالمعدن ، وإن عطف على غيره لزم الاختصاص أيضا ، وإن عطف على معدن احتاج إلى تكلف ، انتهى .

                                                                                                                            وقال ابن غازي قوله : وملح أقرب ما يعطيه اللفظ أنه معطوف على شب وأنه أراد منع التيمم على المنقول من الشب والملح وأمثالهما هذا ما رأيته من كلام الشراح والذي يظهر أن قوله منقول معطوف على نقد وأنه مضاف للكاف في قوله كشب وأنه اسم بمعنى : مثل . والمعنى ويجوز التيمم بغير منقول مثل الشب والملح فيقتضي أنه يجوز التيمم بالشب والملح وما أشبههما إذا لم يكن منقولا ولا يجوز التيمم بذلك إذا نقل وأنه يجوز التيمم بمنقول ما لا يشبههما كالحجر والرمل أما التيمم على غير المنقول من الشب وما أشبهه كالكبريت والزرنيخ فقد تقدم أن المشهور جواز ذلك مع وجود التراب ، وأما الملح فلم يتقدم الكلام عليه وقال ابن الحاجب في الملح روايتان لابن القاسم وأشهب قال في التوضيح : رواية ابن القاسم عن مالك في المدونة الجواز وقيد ذلك بما إذا لم يجد غيره ورواية أشهب عدمه ، ولو لم يجد قال اللخمي : جعله كالعدم ونقلها الباجي رواية لابن القاسم ، وقيل : يتيمم بالمعدني دون المصنوع ، انتهى .

                                                                                                                            وظاهر كلامه أن هذا الخلاف كله في غير المنقول وظاهر كلام ابن عرفة أن القول الأول يقول بالجواز مطلقا نقل أم لا وجد غيره أم لا ونصه : وفي الملح ثالثها المعدني لابن القصار وبعض أصحاب الباجي مع ابن محرز عن السليمانية معللا بأنه طعام والباجي مع نقل اللخمي ورابعها للصقلي عن سليمان وفي السليمانية إن كان بأرضه وضاق الوقت عن غيره ، انتهى .

                                                                                                                            وأما عدم جواز التيمم بالشب والملح إذا نقلا وجواز التيمم بمنقول ما لا يشبههما كالحجر والرمل فهو الذي يظهر من كلام المصنف في التوضيح قال في شرح قول ابن الحاجب : ولو نقل التراب فالمشهور الجواز بخلاف غيره أي : من الحجر وما عطف عليه قال ابن عبد السلام ويدخل فيه الرمل والحجارة وفي الفرق بينهما وبين التراب بعد ، وكذلك قال ابن هارون ثم ذكر كلام ابن يونس في تيمم المريض على الجدار ونحوه ثم قال : وقال مالك في السليمانية : إذا نقل الشب والكبريت والزرنيخ ونحو ذلك لا يتيمم [ ص: 354 ] به ; لأنه لما صار في أيدي الناس معدا لمنفعتهم أشبه العقاقير ويتيمم على المغرة ويحتمل أن يريد بقوله بخلاف غيره أنه فيه قولان ولا مشهور فيهما ويكون الفرق بين التراب وغيره قوته فانظر في ذلك ، انتهى .

                                                                                                                            وذكر الأبي في شرح مسلم في باب التيمم أن المشهور جواز التيمم على المنقول من غير التراب ونصه : والمشهور فيما يتيمم به أنه الأرض وما صعد عليها مما لا ينفك عنها غالبا لقوله تعالى { : فتيمموا صعيدا طيبا } ولحديث { جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا } . وقال الشافعي : لا يتيمم بغير التراب وعندنا نحوه واختلف في الثلج والحشيش .

                                                                                                                            ( قلت ) القائل عندنا نحوه ابن شعبان ويتعين أن يقيد بوجود التراب إذ لا يتيمم بغير التراب مع وجود التراب وهو ظاهر كلام اللخمي ويعني بالأرض وجهها المعتاد غالبا كالتراب وغير غالب كتراب المعادن من حديد ، أو شب أو كبريت وكحل وزرنيخ ورمل وسبخة ويعني ما صعد عليها ما هو من نوعها كالحجر والطين غير الخضخاض وما ليس من نوعها كالشجر والحشيش والزرع والثلج . والمشهور أن نقل شيء من ذلك لا يمنع من التيمم عليه وقال ابن بكير : يمنع ، انتهى .

                                                                                                                            كلام الأبي فتأمله وفي كلامه نظر ، والله تعالى أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية