الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( فائدة ) تكره الصلاة في أربعة عشر موضعا : أحدها قال في الكتاب لا بأس بالصلاة وأمامه جدار مرحاض قال صاحب الطراز إن كان ظاهره طاهرا لا يرشح فلا يختلف في صحة الصلاة ، وإن كانت مكروهة ابتداء ; لأن المصلي ينبغي أن يكون على أحسن الهيئات مستقبلا أحسن الجهات ; لأنه يناجي الله - تعالى - وقد قال ابن القاسم في العتبية إذا كان أمامه مجنون ، أو صبي فليتنح عنه ، وكذلك الكافر . فإن كان ظاهره يرشح فيختلف فيه والمذهب أن صلاته صحيحة بغير إعادة ، وقال ابن حبيب من تعمد الصلاة إلى نجاسة أمامه أعاد إلا أن تبعد جدا ويواريها عنه شيء ، فقاس المصلى إليه على المصلى عليه ونحن نقيسها على ما على يمينه ، أو شماله ، أو خلفه ، قال الشيخ زروق في شرح قول الرسالة " والمريض إذا كان على فراش نجس " ما نصه : والمشهور في استقباله محل النجس الكراهة إن بعد عن مسها وهي في قبلته انتهى .

                                                                                                                            وثانيها : الثلج قال في الكتاب لا بأس بالصلاة على الثلج قال في الطراز يكره لفرط برودته المانعة من التمكن من السجود كالمكان الحرج . وثالثها : المقبرة . ورابعها : الحمام قال في الكتاب إذا كان موضعه طاهرا فلا بأس به وكرهه الشافعي والقاضي عبد الوهاب ومنعه ابن حنبل مع سطحه . وخامسها : معاطن الإبل . وسادسها : الكنائس . وسابعها : قارعة الطريق قال صاحب الطراز والطريق القليلة المخاطر في الصحاري تخالف ذلك ، وكذلك لو كان في الطريق مكان مرتفع لا تصل إليه الدواب وقد قال مالك في النوادر في مساجد الأفنية يمشي عليها الدجاج والكلاب وغيرها لا بأس بالصلاة فيها وفي البخاري عن { ابن عمر كنت أبيت في المسجد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنت شابا عزبا وكانت الكلاب تدبر وتقبل في المسجد ، ولم يكونوا يرشون شيئا من ذلك } وقال الشيخ زروق في شرح قول الرسالة : ومحجة الطريق ، وهذا إذا صلى في الطريق اختيارا ، وأما لضيق المسجد فيجوز انتهى . وتقدم الكلام على الحمام في مسائل الطهارة وقال ولا خلاف في طهارة الدارسة العافية من آثار أهلها مزبلة كانت ، أو مجزرة ، أو كنيسة ، وإنما الكلام في غيرها انتهى من شرح الرسالة للشيخ زروق .

                                                                                                                            وثامنها : المجزرة . وتاسعها : المزبلة . وعاشرها : في الجواهر بطن الوادي ; لأن الأودية مأوى الشياطين قال ابن عبد البر في التمهيد في شرح الحديث الثالث والأربعين لزيد بن أسلم القول المختار عندنا في هذا الباب أن ذلك الوادي وغيره من بقاع الأرض جائز أن يصلى فيها كلها ما لم يكن فيها نجاسة متيقنة تمنع من ذلك ، ولا معنى لاعتلال من اعتل [ ص: 420 ] بأن موضع النوم عن الصلاة موضع شيطان وموضع ملعون لا يجب أن يقام فيه الصلاة ، فلأنا لا نعرف الموضع الذي ينفك من الشياطين ، ولا الموضع الذي لا تحضره الشياطين انتهى . وقال ابن عرفة ورد النهي عنها بالوادي ونقله ابن الحاجب عن المذهب لا أعرفه فيه انتهى . وفي التوضيح قيل : إن المصنف انفرد به انتهى .

                                                                                                                            ( قلت ) ذكره ابن شاس لما تكلم على المواضع التي تكره الصلاة فيها وذكره في كلامه على شروط الصلاة ونقله عن صاحب الذخيرة وقبله كما تقدم . وحادي عشرها : القبلة تكون فيها التماثيل قال صاحب الطراز لا يختلف المذهب في كراهتها اعتبارا بالأصنام فإن كانت في ستر على جدار الكعبة فأصل المذهب الكراهة وقال أشهب لا أكرهه وكره في الكتاب الصلاة بالخاتم فيه تمثال ; لأنه من زي الأعاجم . وثاني عشرها : كره في الكتاب الصلاة إلى حجر منفرد في الطريق أو غيرها ، بخلاف الحجارة الكثيرة لشبهه بالأصنام . وثالث عشرها : قال في الكتاب لا يستند المريض لحائض ، ولا لجنب . ورابع عشرها : من صلى في بيت نصراني ، أو مسلم لا يتنزه عن النجاسة أعاد أبدا انتهى من الذخيرة ، وبعضه فيه اختصار ، ويأتي للمصنف عد بعض هذه الأماكن وقال في توضيحه عند عد ابن الحاجب بطن الوادي من الأماكن المكروهة لم أره لغيره وأنت ترى نقل صاحب الذخيرة عن الجواهر وينبغي أن يزاد خامس عشر ; وهو المكان الشديد الحر لعدم تمكنه من السجود عليه قياسا على الثلج قال في النوادر في باب ما يكره أن يصلى فيه من الأماكن قالابن حبيب ولا أحب الصلاة في بيت من لا يتنزه عن الخمر والبول فإن فعل أعاد أبدا وأكره الصلاة على حصير أو بساط مبتذل يمشي عليه الصبي والخادم ومن لا يتحفظ وليتخذ الرجل في بيته موضعا يصونه لصلاته ، أو حصيرا نقيا فإن لم يفعل صلى حيث شاء من بيته ولا يوقن فيه بنجاسة لم يعد انتهى .

                                                                                                                            وقال الشيخ زروق في شرح الإرشاد لما تكلم على الحمام ولابن رشد المقعد الذي يوضع فيه الثياب منه بخارجه محمول على الطهارة وخفف أبو عمران ما يقطر من عرق الحمام ، وإن أوقد تحته بالنجاسة انتهى ، والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية