قوله عز وجل: قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين فيه ستة أقاويل:
أحدها: إن كان للرحمن ولد فأنا أول من يعبد الله ليس له ولد، قاله ابن زيد . ومجاهد
الثاني: معناه فأنا أول العابدين ، ولكن لم يكن ولا ينبغي أن يكون، قاله . [ ص: 241 ] الثالث: قل لم يكن للرحمن ولد وأنا أول الشاهدين بأن ليس له ولد. قاله قتادة . ابن عباس
الرابع: قل ما كان للرحمن ولد ، وهذا كلام تام ثم استأنف فقال: فأنا أول العابدين أي الموحدين من أهل مكة ، قاله . السدي
الخامس: قل إن قلتم إن للرحمن ولدا فأنا أول الجاحدين أن يكون له ولد ، قاله سفيان.
السادس: إن كان للرحمن ولد فأنا أول الآنفين أن يكون له ولد ، قاله الكسائي ، ومنه قول وابن قتيبة الفرزدق
أولئك آبائي فجئني بمثلهم وأعبد أن أهجو تميما بدارم
قوله عز وجل: وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله وهذا إبطال أن يكون غير الله إلها وأن الإله هو الذي يكون في السماء إلها وفي الأرض إلها وليست هذه صفة لغير الله ، فوجب أن يكون هو الإله. وفي معنى الكلام وجهان:أحدهما: أنه الموحد في السماء والأرض ، قاله مقاتل.
الثاني: أنه المعبود في السماء والأرض ، قاله . الكلبي وهو الحكيم العليم يحتمل وجهين:
أحدهما: أنه يذكر ذلك صفة لتعظيمه.
الثاني: أنه يذكره تعليلا لإلاهيته لأنه حكيم عليم وليس في الأصنام حكيم عليم.
قوله عز وجل: ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة فيها قولان:
أحدهما: الشركة ومنه أخذت ويكون معنى الكلام أن الذين يدعون من دون الله لا يملكون مع الله شركة يستحقون أن يكونوا بها آلهة إلا أن يشهدوا عند الله بالحق على من عليه حق أو له حق ، وهذا معنى قول الشفعة في البيع لاستحقاق الشريك لها. ابن بحر. [ ص: 242 ] الثاني: أن الشفاعة استعطاف المشفوع إليه فيما يرجى ، واستصفاحه فيما يخشى وهو قول الجمهور. وقيل إن سبب نزولها ما حكي أن النضر بن الحارث ونفرا من قريش قالوا إن كان ما يقوله محمد حقا فنحن نتولى الملائكة ، وهم أحق بالشفاعة لنا منه فأنزل الله تعالى ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة معناه الذين يعبدونهم من دون الله وهم الملائكة الشفاعة لهم. وقال : هم الملائكة قتادة وعيسى وعزير لأنهم عبدوا من دون الله. إلا من شهد بالحق وهم يعلمون فيه وجهان:
أحدهما: يعني أن الشهادة بالحق إنما هي لمن شهد في الدنيا بالحق وهم يعلمون أنه الحق فتشفع لهم الملائكة ، قاله . الحسن
الثاني: أن وهم يعلمون أن الله ربهم. الملائكة لا تشفع إلا لمن شهد أن لا إله إلا الله
قوله عز وجل: وقيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون وهي فأما الجر فهي على قراءة تقرأ على ثلاثة أوجه بالنصب والجر والرفع. عاصم ، وهي في المعنى راجعة إلى قوله تعالى وحمزة وعنده علم الساعة وعلم قيله.
وأما الرفع فهو قراءة ، ومعناها ابتداء ، وقيله ، قيل الأعرج محمد ، يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون. والقيل هو القول.
وأما النصب فهي قراءة الباقين من أئمة القراء ، وفي تأويلها أربعة أوجه:
أحدها: بمعنى إلا من شهد بالحق وقال قيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون، على وجه الإنكار عليهم، قاله . ابن عيسى
الثاني: أنها بمعنى أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم وقيله يا رب، قاله . [ ص: 243 ] الثالث: بمعنى وشكا يحيى بن سلام محمد إلى ربه قيله ، ثم ابتداء فأخبر يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون ، قاله الزجاج.
قوله عز وجل: فاصفح عنهم قال : أمره بالصفح عنهم ، ثم أمره بقتالهم فصار الصفح منسوخا بالسيف. قتادة
ويحتمل الصفح عن سفههم أن يقابلهم عليه ندبا له إلى الحلم. وقل سلام فيه خمسة أوجه:
أحدها: أي قل ما تسلم به من شرهم ، قاله . ابن عيسى
الثاني: قل خيرا بدلا من شرهم; قاله . السدي
الثالث: أي احلم عنهم; قاله . الحسن
الرابع: أنه أمره بتوديعهم بالسلام ولم يجعله تحية لهم; حكاه . النقاش
الخامس: أنه عرفه بذلك كيف السلام عليهم; رواه شعيب بن الحباب. فسوف يعلمون يحتمل أمرين:
أحدهما: فسوف يعلمون حلول العذاب بهم.
الثاني: فسوف يعلمون صدقك في إنذارهم ، والله أعلم.