قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون
قوله عز وجل: قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به فيه قولان:
أحدهما: إن كان القرآن من عند الله وكفرتم به ، قاله يحيى .
الثاني: إن كان محمد صلى الله عليه وسلم نبيا من عند الله وكفرتم به ، قاله الشعبي. وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فيه خمسة أقاويل:
أحدها: أنه شهد على اليهود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مذكور في التوراة ، قاله عبد الله بن سلام ، ابن عباس ، وعكرمة ، وقتادة . ومجاهد
الثاني: أنه آمين بن يامين، قال لما أسلم أنا شاهد مثل شهادته ومؤمن كإيمانه، قاله عبد الله بن سلام: . السدي
الثالث: أن موسى مثل محمد صلى الله عليه وسلم يشهد بنبوته، والتوراة مثل القرآن يشهد بصحته، قاله ولم يكن في مسروق. لأنه أسلم عبد الله بن سلام بالمدينة والآية مكية.
الرابع: هو من آمن من بني إسرائيل بموسى والتوراة، قاله الشعبي.
الخامس: أنه موسى الذي هو مثل محمد صلى الله عليهما شهد على التوراة التي هي مثل القرآن، حكاه . [ ص: 274 ] ابن عيسى فآمن واستكبرتم أنتم عن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم، قاله وفيه قولان: مسروق.
أحدهما: فآمن برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالقرآن واستكبر الباقون عن الإيمان ، قاله عبد الله بن سلام . ابن عباس
الثاني: فآمن من آمن بموسى وبالتوراة واستكبرتم أنتم عن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن ، قاله وحكى مسروق. أن في الآية تقديما وتأخيرا تقديره: قل أرأيتم إن كان من عند الله وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن هو وكفرتم. وقال النقاش : الكلام على سياقه ولكن حذف منه جواب ابن عيسى (إن كان من عند الله) وفي المحذوف ثلاثة أوجه:
أحدها: تقديره: وشهد شاهد من بني إسرائيل فآمن ، أتؤمنون؟ قاله الزجاج.
الثاني: تقدير المحذوف: فآمن واستكبرتم أفما تهلكون ، قاله مذكور.
الثالث: تقدير المحذوف من جوابه: فمن أضل منكم إن الله لا يهدي القوم الظالمين.
قوله عز وجل: وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه وفي أربعة أقاويل: سبب نزول هذه الآية
أحدها: أن دعاه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام أبا ذر الغفاري بمكة فأجاب واستجاب به قومه فأتاه زعيمهم فأسلم ، ثم دعاهم الزعيم فأسلموا فبلغ ذلك قريشا فقالوا: غفار الخلفاء لو كان خيرا ما سبقونا إليه. فنزلت ، قاله أبو المتوكل.
الثاني: أن زنيرة أسلمت فأصيب بصرها ، فقالوا لها: أصابك اللات والعزى ، فرد الله عليها بصرها ، فقال عظماء قريش: لو كان ما جاء به محمد خير ما سبقتنا إليه زنيرة فنزلت ، قاله عروة بن الزبير.
الثالث: أن الذين كفروا هم عامر وغطفان وأسد وحنظلة قالوا لمن أسلم من غفار وأسلم وغطفان وجهينة ومزينة وأشجع: لو كان ما جاء به محمد خيرا ما سبقتنا إليه رعاة البهم. فنزلت ، قاله . الكلبي
الرابع: أن الكفار قالوا: لو كان خيرا ما سبقتنا إليه اليهود فنزلت هذه الآية ، قاله [ ص: 275 ] وهذه المعارضة من الكفار في قولهم لو كان خيرا ما سبقونا إليه من أقبح المعارضات لانقلابها عليهم لكل من خالفهم حتى يقال لهم: لو كان ما أنتم عليه خيرا ما عدنا عنه ، ولو كان تكذيبكم للرسول خيرا ما سبقتمونا إليه. مسروق. وإذ لم يهتدوا به يعني إلى الإيمان. وفيه وجهان:
أحدهما: وإذا لم يهتدوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ، قاله مقاتل.
الثاني: بالقرآن. فسيقولون هذا إفك قديم يحتمل وجهين:
أحدهما: فسيقولون هذا القرآن كذب قديم ، تشبيها بدين موسى القديم ، تكذيبا بهما جميعا.
قوله عز وجل: إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فيه خمسة أوجه:
أحدها: ثم استقاموا على أن الله ربهم ، قاله رضي الله عنه. أبو بكر الصديق
الثاني: ثم استقاموا على شهادة أن لا إله إلا الله ، قاله . ابن عباس
الثالث: على أداء فرائض الله ، رواه عن ابن أبي طلحة . ابن عباس
الرابع: على أن أخلصوا له الدين والعمل ، قاله أبو العالية.
الخامس: ثم استقاموا عليه فلم يرجعوا عنه إلى موتهم ، رواه مرفوعا. أنس فلا خوف عليهم يعني في الآخرة. ولا هم يحزنون يعني عند الموت ، قاله . سعيد بن جبير