سورة التين
بسم الله الرحمن الرحيم
والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون فما يكذبك بعد بالدين أليس الله بأحكم الحاكمين
مكية في قول الحسن وعكرمة وعطاء ، وقال وجابر ابن عباس : هي مدنية . قوله تعالى وقتادة والتين والزيتون هما قسمان ، وفيهما ثمانية تأويلات : أحدها : أنهما التين والزيتون المأكولان ، قاله الحسن وعكرمة . ومجاهد
الثاني : أن التين دمشق ، والزيتون بيت المقدس ، قاله كعب الأحبار . وابن زيد
الرابع : أن التين مسجد دمشق ، والزيتون مسجد بيت المقدس ، قاله الحارث . وابن زيد
الخامس : الجبل الذي عليه التين ، والجبل الذي عليه الزيتون ، قاله ، وهما جبلان ابن قتيبة بالشام يقال لأحدهما طور زيتا ، وللآخر طور تينا ، وهو تأويل . الربيع
[ ص: 301 ]
وحكى أنهما جبلان بين ابن الأنباري حلوان وهمدان ، وهو بعيد .
السادس : أن التين مسجد أصحاب الكهف ، والزيتون مسجد إيليا ، قاله . محمد بن كعب
السابع : أن التين مسجد نوح عليه السلام الذي بني على الجودي ، والزيتون مسجد بيت المقدس ، قاله . ابن عباس
الثامن : أنه أراد بهما نعم الله تعالى على عباده التي منها التين والزيتون ، لأن التين طعام ، والزيتون إدام . وطور سينين وهو قسم ثالث وفيه قولان :
أحدهما : أنه جبل بالشام ، قاله . قتادة
الثاني : أنه الجبل الذي كلم الله تعالى عليه موسى عليه السلام ، قاله كعب الأحبار . وفي قوله سينين أربعة أوجه :
أحدها : أنه الحسن بلغة الحبشة ، ونطقت به العرب ، قاله الحسن . وعكرمة
الثاني : أنه المبارك ، قاله . قتادة
الثالث : أنه اسم البحر ، حكاه ابن شجرة .
الرابع : أنه اسم للشجر الذي حوله ، قاله عطية . وهذا البلد الأمين يعني بالبلد مكة وحرمها ، وفي الأمين وجهان :
أحدهما : الآمن أهله من سبي أو قتل ، لأن العرب كانت تكف عنه في الجاهلية أن تسبي فيه أحدا أو تسفك فيه دما .
الثاني : يعني المأمون على ما أودعه الله تعالى فيه من معالم الدين ، وهذا قسم رابع . لقد خلقنا الإنسان وفي المراد بالإنسان ها هنا قولان :
أحدهما : أنه أراد عموم الناس ، وذكر الإنسان على وجه التكثير لأنه وصفه بما يعم لجميع الناس .
الثاني : أنه أراد إنسانا بعينه عناه بهذه الصفة ، وإن كان صفة الناس .
[ ص: 302 ]
واختلف فيمن أراده الله تعالى ، على خمسة أوجه :
أحدها : أنه عنى كلدة بن أسيد ، قاله . ابن عباس
الثاني : أبا جهل ، قاله . مقاتل
الخامس : أنه عنى رسول الله صلى الله عليه وسلم . وفي قوله في أحسن تقويم أربعة أقاويل : أحدها : في أعدل خلق ، قاله . ابن عباس
الثاني : في أحسن صورة ، قاله . أبو العالية
الثالث : في شباب وقوة ، قاله . عكرمة
الرابع : منتصب القامة ، لأن سائر الحيوان منكب غير الإنسان ، فإنه منتصب ، وهو مروي عن . ويحتمل خامسا : أي في أكمل عقل ، لأن تقويم الإنسان بعقله ، وعلى هذا وقع القسم . ابن عباس ثم رددناه أسفل سافلين فيه قولان :
أحدهما : إلى الهرم بعد الشباب ، والضعف بعد القوة ، قاله الضحاك ، ويكون أسفل بمعنى بعد التمام . والكلبي
الثاني : بعد الكفر ، قاله مجاهد ، ويكون أسفل السافلين محمولا على الدرك الأسفل من النار . ويحتمل ثالثا : إلى ضعف التمييز بعد قوته . وأبو العالية فلهم أجر غير ممنون فيه ستة أوجه :
أحدها : غير منقوص ، قاله ، وقال الشاعر ابن عباس
يا عين جودي بدمع غير ممنون . . . . . . . . .
الثاني : غير محسوب ، قاله . مجاهد
الثالث : غير مكدر بالمن والأذى ، قاله . الحسن
الرابع : غير مقطوع ، قاله . ابن عيسى
[ ص: 303 ]
الخامس : أجر بغير عمل ، قاله . وحكي أن من بلغ الهرم كتب له أجر ما عجز عنه من العمل الصالح . الضحاك
السادس : أن لا يضر كل أحد منهم ما عمله في كبره ، قاله . ابن مسعود فما يكذبك بعد بالدين فيه وجهان :
أحدهما : حكم الله تعالى ، قاله . ابن عباس
الثاني : الجزاء ، ومنه قول الشاعر
دنا تميما كما كانت أوائلنا دانت أوائلهم في سالف الزمن
أليس الله بأحكم الحاكمين وهذا تقرير لمن اعترف من الكفار بصانع قديم ، وفيه وجهان :
أحدهما : بأحكم الحاكمين صنعا وتدبيرا ، قاله . ابن عيسى
الثاني : أحكم الحاكمين قضاء بالحق وعدلا بين الخلق وفيه مضمر محذوف ، وتقديره : فلم ينكرون مع هذه الحال البعث والجزاء . وكان رضي الله عنه إذا قرأ علي أليس الله بأحكم الحاكمين قال : بلى وأنا على ذلك من الشاهدين ، ونختار ذلك .