فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا وكفلها زكريا كلما دخل عليها [ ص: 388 ] زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب
قوله عز وجل: فتقبلها ربها بقبول حسن معناه أنه رضيها في النذر الذي نذرته بإخلاص العبادة في بيت المقدس. وأنبتها نباتا حسنا يعني أنشأها إنشاء حسنا في غذائها وحسن تربيتها. وكفلها زكريا قرأ أهل الكوفة ( وكفلها ) بالتشديد ، ومعنى ذلك أنه دفع كفالتها إلى غيره. وقرأ الباقون: ( كفلها ) بالتخفيف ، ومعنى ذلك أنه أخذ كفالتها إليه. كلما دخل عليها زكريا المحراب وهو معروف ، وأصله أنه أكرم موضع في المجلس. وجد عندها رزقا فيه قولان: أحدهما: أن الرزق الذي أتاها فاكهة الصيف في الشتاء ، وفاكهة الشتاء في الصيف ، وهذا قول ، ابن عباس ، ومجاهد ، والضحاك ، وقتادة . والثاني: أنها لم تطعم ثديا قط حتى تكلمت في المهد ، وإنما كان يأتيها رزقها من الجنة ، وهذا قول والسدي . واختلف في الحسن على قولين: أحدهما: أنه كان يأتيها بدعوة السبب الذي يأتيها هذا الرزق لأجله زكريا لها. والثاني: أنه كان ذلك يأتيها لنبوة المسيح عليه السلام. قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله فيه قولان: أحدهما: أن الله تعالى كان يأتيها بالرزق. والثاني: أن بعض الصالحين من عباده سخره الله تعالى لها لطفا منه بها حتى يأتيها رزقها. والأول أشبه. [ ص: 389 ]
إن الله يرزق من يشاء بغير حساب فيه قولان: أحدهما: أنه حكاية عن قول مريم بعد أن قالت هو من عند الله. والقول الثاني: أنه قول الله تعالى بعد أن قطع كلام مريم.