إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم ليقطع طرفا من الذين كفروا أو يكبتهم فينقلبوا خائبين ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون ولله ما في السماوات وما في الأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله غفور رحيم
إذ تقول للمؤمنين يعني يوم بدر. ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين والكفاية مقدار سد الخلة ، والاكتفاء الاقتصار عليه ، والإمداد إعطاء الشيء حالا بعد حال ، والأصل في الإمداد هو الزيادة ومنه مد الماء وهو زيادته. بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا فيه تأويلان: أحدهما: يعني من وجههم هذا ، وهو قول ، ابن عباس ، والحسن . والثاني: من غضبهم هذا ، وهو قول وقتادة مجاهد والضحاك وأبي صالح ، وأصل الفور فور القدر ، وهو غليانها عند شدة الحمى ، ومنه فور الغضب لأنه كفور القدر. يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين قرأ بكسر الواو ، ابن كثير ، وعاصم ، ومعناها: أنهم سوموا خيلهم بعلامة ، وقرأ الباقون بفتح الواو ، ومعناها: أنها سائمة وهي المرسلة في المرعى. [ ص: 422 ] وأبو عمرو
واختلفوا في التسويم على قولين: أحدهما: أنه كان بالصوف في نواصي الخيل وآذانها ، وهو قول ، ابن عباس ، والحسن ، وقتادة ، ومجاهد الثاني: أن الملائكة نزلت يوم والضحاك. بدر على خيل بلق وعليهم عمائم صفر ، وهو قول واختلفوا في هشام بن عروة. فقال عددهم كانوا خمسة آلاف ، وقال غيره: كانوا ثمانية آلاف. قال الحسن: : لم يقاتل الملائكة إلا يوم ابن عباس بدر. ليقطع طرفا من الذين كفروا فيه قولان: أحدهما: أنه كان يوم بدر بقتل صناديدهم وقادتهم إلى الكفر ، وهذا قول الحسن . والثاني: أنه كان يوم وقتادة أحد ، كان الذي قتل منهم ثمانية عشر رجلا ، وهذا قول السدي. ليقطع طرفا ولم يقل: وسطا، لأن الطرف أقرب للمؤمنين من الوسط ، فاختص القطع بما هو إليهم أقرب كما قال تعالى: الذين يلونكم من الكفار [التوبة: 123] أو يكبتهم فينقلبوا خائبين ، وفي: ( يكبتهم ) قولان: أحدهما: يحزنهم ، وهو قول ، قتادة والثاني: الكبت: الصرع على الوجه ، وهو قول والربيع. والفرق بين الخائب والآيس أن الخيبة لا تكون إلا بعد أمل ، واليأس قد يكون قبل أمل. الخليل. ليس لك من الأمر شيء فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: ليس لك من الأمر شيء في عقابهم واستصلاحهم ، وإنما ذلك إلى الله تعالى في أن يتوب عليهم أو يعذبهم. والثاني: ليس لك من الأمر شيء فيما تريده وتفعله في أصحابك وفيهم ، [ ص: 423 ]
وإنما ذلك إلى الله تعالى فيما يفعله من اللطف بهم في التوبة والاستصلاح أو في العذاب والانتقام. والثالث: أنزلت على سبب لما كسرت رباعيته صلى الله عليه وسلم. واختلفوا في السبب فيه على قولين: أحدهما: أن قوما قالوا بعد كسر رباعيته: كيف يفلح قوم نالوا هذا من نبيهم ، وهو حريص على هدايتهم؟ فنزلت هذه الآية ، وهذا قول ، ابن عباس ، وأنس بن مالك والحسن ، وقتادة والثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم هم بعد ذلك بالدعاء فاستأذن فيه ، فنزلت هذه الآية فكف وإنما لم يؤذن فيه لما في المعلوم من توبة بعضهم. والربيع.