حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم [ ص: 469 ] وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف إن الله كان غفورا رحيما والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إن الله كان عليما حكيما
قوله تعالى: حرمت عليكم أمهاتكم إلى قوله: إلا ما ملكت أيمانكم فيه أربعة أقاويل: أحدها: والمحصنات من النساء يعني ذوات الأزواج إلا ما ملكت أيمانكم بالسبي ، وهذا قول ، علي ، وابن عباس ، وأبي قلابة ، والزهري ومكحول ، . وقد روى وابن زيد عن عثمان البتي أبي خليل عن قال: أبي سعيد الخدري أوطاس ، قلنا: يا نبي الله، كيف نقع على نساء قد عرفنا أنسابهن وأزواجهن؟ قال: فنزلت هذه الآية لما سبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم والثاني: أن إلا ما [ ص: 470 ] المحصنات ذوات الأزواج حرام على غير أزواجهن
ملكت أيمانكم من الإماء ، إذا اشتراها مشتر بطل نكاحها وحلت لمشتريها ويكون بيعها طلاقها ، وهذا قول ، ابن مسعود ، وأبي بن كعب ، وجابر بن عبد الله ، وأنس بن مالك في رواية وابن عباس عنه عكرمة ، وسعيد بن المسيب ، قال والحسن طلاق الأمة يثبت نسبها ، وبيعها ، وعتقها ، وهبتها ، وميراثها ، وطلاق زوجها. الثالث: أن المحصنات من النساء العفائف إلا ما ملكت أيمانكم بعقد النكاح ، أو ملك اليمين ، وهذا قول الحسن: ، عمر ، وسعيد بن جبير ، وأبي العالية ، وعبيدة السلماني ، وعطاء .والرابع: أن هذه الآية نزلت في نساء كن هاجرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهن أزواج ، فتزوجهن المسلمون ، ثم قدم أزواجهن مهاجرين ، فنهي المسلمون عن نكاحهن ، وهذا قول والسدي أبي سعيد الخدري. المنع ، ومنه حصن البلد ، لأنه يمنع من العدو ، ودرع حصينة أي منيعة ، وفرس حصان ، لأن صاحبه يمتنع به من الهلكة ، وامرأة حصان ، وهي العفيفة لأنها تمتنع من الفاحشة ، ومنه وأصل الإحصان ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها [التحريم: 12]. كتاب الله عليكم فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أن معناه: حرم ذلك عليكم كتابا من الله. والثاني: معناه الزموا كتاب الله. والثالث: أن كتاب الله قيم عليكم فيما تستحلونه وتحرمونه. وأحل لكم ما وراء ذلكم فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أن معناه ما دون الخمس ، وهو قول والثاني: ما وراء ذوات المحارم من أقاربكم ، وهو قول السدي. والثالث: ما وراء ذلكم مما ملكت أيمانكم ، وهو قول عطاء. قتادة. أن تبتغوا بأموالكم يعني أن تلتمسوا بأموالكم إما شراء بثمن ، أو نكاحا بصداق. [ ص: 471 ]
محصنين غير مسافحين يعني متناكحين غير زانين ، وأصل السفاح صب الماء ، ومنه سفح الدمع إذا صبه ، وسفح الجبل أسفله لأنه مصب الماء فيه ، وسفاح الزنى لصب مائه حراما. فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة أي آتوهن صدقاتهن معلومة ، وهذا قول ، مجاهد ، وأحد قولي والحسن . والقول الثاني: أنها المتعة إلى أجل مسمى من غير نكاح ، قال ابن عباس كان في قراءة ابن عباس فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى، وكان أبي: كذلك يقرأ ، ابن عباس ، وهذا قول وسعيد بن جبير ، وقال السدي قال الحكم: لولا أن علي: نهى عن المتعة ما زنى إلا شقي ، وهذا لا يثبت ، والمحكي عن عمر خلافه ، وأنه تاب من المتعة وربا النقد. ابن عباس ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: معناه لا حرج عليكم أيها الأزواج إن أعسرتم بعد أن فرضتم لنسائكم مهرا عن تراض أن ينقصنكم منه ويتركنكم ، وهذا قول سليمان بن المعتمر. والثاني: لا جناح عليكم أيها الناس فيما تراضيتم أنتم والنساء اللواتي استمتعتم بهن إلى أجل مسمى ، إذا انقضى الأجل بينكم أن يزدنكم في الأجل وتزيدوهن في الأجر قبل أن يستبرئن أرحامهن ، وهذا قول والثالث: لا جناح عليكم فيما تراضيتم به ودفعتموه أن يعود إليكم عن تراض ، وهذا قول السدي. . ابن عباس إن الله كان عليما حكيما فيه ثلاثة أقوال: أحدها: كان عليما بالأشياء قبل خلقها ، حكيما في تقديره وتدبيره لها ، وهذا قول . والثاني: أن القوم شاهدوا علما وحكمة فقيل لهم: إن كان كذلك لم يزل ، وهذا قول الحسن والثالث: أن الخبر عن الماضي يقوم مقام الخبر عن المستقبل وهذا مذهب الكوفيين. [ ص: 472 ] سيبويه.