قوله عز وجل: ادعوا ربكم تضرعا وخفية فيه وجهان: أحدهما: في الرغبة والرهبة ، قاله . [ ص: 231 ] والثاني: التضرع: التذلل والخضوع ، والخفية: إخلاص القلب. ويحتمل أن التضرع بالبدن ، والخفية إخلاص القلب. ابن عباس إنه لا يحب المعتدين يعني في الدعاء ، والاعتداء فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أن يسأل ما لا يستحقه من منازل الأنبياء ، قاله أبو مجلز. والثاني: أنه يدعو باللعنة والهلاك على من لا يستحق ، قاله . والثالث: أن يرفع صوته بالدعاء ، روى مقاتل عن أبو عثمان النهدي قال: أبي موسى الأشعري قوله عز وجل: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة فأشرفوا واد ، فجعل الناس يكبرون ويهللون ويرفعون أصواتهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أيها الناس اربعوا على أنفسكم إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا إنكم تدعون سميعا قريبا وهو معكم . ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها فيه أربعة أقاويل: أحدها: لا تفسدوها بالكفر بعد إصلاحها بالإيمان. والثاني: لا تفسدوها بالظلم بعد إصلاحها بالعدل. والثالث: لا تفسدوها بالمعصية بعد إصلاحها بالطاعة ، قاله . والرابع: لا تفسدوها بقتل المؤمن بعد إصلاحها ببقائه ، قاله الكلبي . الحسن وادعوه خوفا وطمعا يحتمل وجهين: أحدهما: خوفا من عقابه وطمعا في ثوابه. والثاني: خوفا من الرد وطمعا في الإجابة. إن رحمت الله قريب من المحسنين فإن قيل: فلم أسقط الهاء من قريب والرحمة مؤنثة؟ فعن ذلك جوابان. أحدهما: أن الرحمة من الله إنعام منه فذكر على المعنى ، وهو أن إنعام الله قريب من المحسنين ، قاله [ ص: 232 ] والثاني: أن المراد به مكان الرحمة ، قاله الأخفش. ، كما قال الفراء عروة بن حزام:
عشية لا عفراء منك قريبة فتدنو ولا عفراء منك بعيد
فأراد بالبعد مكانها فأسقط الهاء ، وأرادها هي بالقريبة فأثبت الهاء.