يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ولا هم ينصرون وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين
قوله تعالى: وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن فيه محذوف وتقديره: واذكر إذا ابتلى يعني اختبر، وإبراهيم بالسريانية أب رحيم، وفي ثمانية أقاويل: أحدها: هي شرائع الإسلام، قال الكلمات التي ابتلاه الله عز وجل بها، : ما ابتلى الله أحدا بهن، فقام بها كلها، غير ابن عباس إبراهيم، ابتلي بالإسلام فأتمه، فكتب الله له البراءة فقال: وإبراهيم الذي وفى [النجم: 37] قال: وهي ثلاثون سهما: عشرة منها في سورة براءة: التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون [التوبة: 112 ]. [ ص: 183 ]
وعشرة في الأحزاب: إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما [الأحزاب: 35] . وعشرة في سورة المؤمنين: قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون والذين هم على صلواتهم يحافظون أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون [المؤمنون: 1 - 11] . وفي سورة (سأل سائل) من: إلا المصلين الذين هم على صلاتهم دائمون [المعارج: 23]، إلى: والذين هم على صلاتهم يحافظون [المعارج: 34] . والقول الثاني: إنها خصال من سنن الإسلام، خمس في الرأس، وخمس في الجسد، فروى في الرأس: قص الشارب، والمضمضة، والاستنشاق، والسواك، وفرق الرأس. وفي الجسد تقليم الأظفار، وحلق العانة، والختان، ونتف الإبط، وغسل أثر البول والغائط بالماء. وهذا قول ابن عباس . والقول الثالث: إنها عشر خصال، ست في الإنسان وأربع في المشاعر، فالتي في الإنسان: حلق العانة، والختان، ونتف الإبط، وتقليم الأظفار، وقص الشارب، والغسل يوم الجمعة. والتي في المشاعر: الطواف، والسعي بين قتادة الصفا والمروة، ورمي الجمار، والإفاضة. روى ذلك عن الحسن . والقول الرابع: إن الله تعالى قال ابن عباس لإبراهيم: إني مبتليك يا إبراهيم، قال: تجعلني للناس إماما؟ قال: نعم، قال: ومن ذريتي؟ قال: لا ينال عهدي الظالمين، قال: تجعل البيت مثابة للناس؟ قال: نعم، قال: وأمنا؟ قال: نعم، قال: وتجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك؟ قال: نعم، قال: وأرنا مناسكنا وتب علينا؟ قال: نعم، قال: وتجعل هذا البلد آمنا؟ قال: نعم، [ ص: 184 ]
قال: وترزق أهله من الثمرات من آمن؟ قال: نعم، فهذه الكلمات التي ابتلى الله بها إبراهيم، وهذا قول والخامس: أنها مناسك الحج خاصة، وهذا قول مجاهد. .والقول السادس: أنها الخلال الست: الكواكب، والقمر، والشمس، والنار، والهجرة، والختان، التي ابتلي بهن فصبر عليهن، وهذا قول قتادة . والقول السابع: ما رواه الحسن سهل بن معاذ بن أنس عن أمه قال: إبراهيم خليله الذي وفى؟ لأنه كان يقول كلما أصبح وكلما أمسى: سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون، وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون) . والقول الثامن: ما رواه كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ألا أخبركم لم سمى الله عن القاسم بن محمد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبي أمامة وإبراهيم الذي وفى قال: أتدرون ما وفى؟ قالوا: الله [ ص: 185 ]
ورسوله أعلم، قال: وفى عمل يوم بأربع ركعات في النهار. قال إني جاعلك للناس إماما أي مقصودا متبوعا، ومنه إمام المصلين، وهو المتبوع في الصلاة. قال ومن ذريتي فاحتمل ذلك وجهين: أحدهما: أنه طمع في الإمامة لذريته، فسأل الله تعالى ذلك لهم. والثاني: أنه قال ذلك استخبارا عن حالهم، هل يكونون أهل طاعة فيصيروا أئمة؟ فأخبره الله تعالى أن فيهم عاصيا وظالما، لا يستحق الإمامة، فقال: لا ينال عهدي الظالمين وفي هذا العهد، سبعة تأويلات: أحدها: أنه النبوة، وهو قول والثاني: أنه الإمامة، وهو قول السدي. والثالث: أنه الإيمان، وهو قول مجاهد. والرابع: أنه الرحمة، وهو قول قتادة. والخامس: أنه دين الله وهو قول عطاء. والسادس: أنه الجزاء والثواب. والسابع: أنه لا عهد عليك لظالم أنه تطيعه في ظلمه، وهو قول الضحاك. . ابن عباس