وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر
وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة ليخالفوا جنس المعذبين فلا يرقون لهم ولا يستروحون إليهم، ولأنهم أقوى الخلق بأسا وأشدهم غضبا لله.
روي أن أبا جهل لما سمع عليها تسعة عشر قال لقريش: أيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا برجل منهم فنزلت.
وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا وما جعلنا عددهم إلا العدد الذي اقتضى فتنتهم وهو التسعة عشر، فعبر بالأثر عن المؤثر تنبيها على أنه لا ينفك منه وافتتانهم به استقلالهم واستهزاؤهم به واستبعادهم أن يتولى هذا العدد القليل تعذيب أكثر الثقلين، ولعل المراد الجعل بالقول ليحسن تعليله بقوله: ليستيقن الذين أوتوا الكتاب أي ليكتسبوا اليقين بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وصدق القرآن لما رأوا ذلك موافقا لما في كتابهم. ويزداد الذين آمنوا إيمانا بالإيمان به وبتصديق أهل الكتاب له. ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون أي في ذلك وهو تأكيد للاستيقان وزيادة الإيمان ونفي لما يعرض للمتيقن حيثما عراه شبهة. وليقول الذين في قلوبهم مرض شك أو نفاق، فيكون إخبارا بمكة عما سيكون في المدينة بعد الهجرة. والكافرون الجازمون في التكذيب. ماذا أراد الله بهذا مثلا أي شيء أراد بهذا العدد المستغرب استغراب المثل، وقيل: لما استبعدوه حسبوا أنه مثل مضروب. كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء مثل ذلك المذكور من الإضلال والهدى يضل الكافرين ويهدي المؤمنين. وما يعلم جنود ربك جموع خلقه على ما هم عليه. إلا هو إذ لا سبيل لأحد إلى حصر الممكنات والاطلاع على حقائقها وصفاتها وما يوجب اختصاص كل منها بما يخصه من كم وكيف واعتبار ونسبة. وما هي وما سقر أو عدة الخزنة أو السورة. إلا ذكرى للبشر إلا تذكرة لهم.