عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا
عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق يعلوهم ثياب الحرير الخضر ما رق منها وما غلظ، ونصبه على الحال من هم في عاليهم أو حسبتهم، أو ملكا على تقدير مضاف أي وأهل ملك كبير عاليهم، وقرأ نافع عاليهم وحمزة بالرفع على أنه خبر ثياب. وقرأ ابن كثير خضر بالجر حملا على سندس بالمعنى فإنه اسم جنس، وإستبرق بالرفع عطفا على ثياب، وقرأهما وأبو بكر حفص وحمزة بالرفع، وقرئ وإستبرق بوصل الهمزة والفتح على أنه إستفعل من البريق جعل علما لهذا النوع من الثياب. والكسائي وحلوا أساور من فضة عطف على ويطوف عليهم ولا يخالفه قوله أساور من ذهب لإمكان الجمع والمعاقبة والتبعيض، فإن حلي أهل الجنة تختلف باختلاف أعمالهم، فلعله تعالى يفيض عليهم جزاء لما عملوه بأيديهم حليا وأنوارا تتفاوت تفاوت الذهب والفضة، أو حال من الضمير في عاليهم بإضمار قد، وعلى هذا يجوز أن يكون هذا للخدم وذلك للمخدومين. وسقاهم ربهم شرابا طهورا يريد به نوعا آخر يفوق على النوعين المتقدمين ولذلك أسند سقيه إلى الله عز وجل، ووصفه بالطهورية فإنه يطهر شاربه عن الميل إلى اللذات الحسية والركون إلى ما سوى الحق، فيتجرد لمطالعة جماله ملتذا بلقائه باقيا ببقائه، وهي منتهى درجات الصديقين ولذلك ختم بها ثواب الأبرار.
إن هذا كان لكم جزاء على إضمار القول والإشارة إلى ما عد من ثوابهم. وكان سعيكم مشكورا مجازى عليه غير مضيع.