قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون
قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر أي لا يؤمنون بهما على ما ينبغي كما بيناه في أول « البقرة » فإن إيمانهم كلا إيمان . ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ما ثبت تحريمه بالكتاب والسنة وقيل رسوله هو الذي يزعمون اتباعه والمعنى أنهم يخالفون أصل دينهم المنسوخ اعتقادا وعملا . ولا يدينون دين الحق الثابت الذي هو ناسخ سائر الأديان ومبطلها . من الذين أوتوا الكتاب بيان للذين لا يؤمنون . حتى [ ص: 78 ] يعطوا الجزية ما تقرر عليهم أن يعطوه مشتق من جزى دينه إذا قضاه . عن يد حال من الضمير أي عن يد مؤاتية بمعنى منقادين ، أو عن يدهم بمعنى مسلمين بأيديهم غير باعثين بأيدي غيرهم ولذلك منع من التوكيل فيه ، أو عن غنى ولذلك قيل : ، أو عن يد قاهرة عليهم بمعنى عاجزين أذلاء أو من الجزية بمعنى نقدا مسلمة عن يد إلى يد أو عن إنعام عليهم فإن إبقاءهم بالجزية نعمة عظيمة . لا تؤخذ من الفقير وهم صاغرون أذلاء وعن رضي الله تعالى عنهما قال : تؤخذ الجزية من الذمي وتوجأ عنقه . ومفهوم الآية يقتضي ابن عباس ويؤيده أن تخصيص الجزية بأهل الكتاب رضي الله تعالى عنه لم يكن يأخذ عمر حتى شهد عنده الجزية من المجوس رضي الله تعالى عنه ، أنه صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس عبد الرحمن بن عوف هجر . وأنه قال : « » وذلك لأنهم لهم شبهة كتاب فألحقوا بالكتابيين ، وأما سائر الكفرة فلا تؤخذ منهم الجزية عندنا ، وعند سنوا بهم سنة أهل الكتاب رحمه الله تعالى تؤخذ منهم إلا أبي حنيفة العرب لما روى مشركي أنه صلى الله عليه وسلم صالح عبدة الأوثان إلا من كان من الزهري العرب ، وعند رحمه الله تعالى مالك إلا تؤخذ من كل كافر ، المرتد في كل سنة دينار سواء فيه الغني والفقير ، وقال وأقلها رحمه الله تعالى على الغني ثمانية وأربعون درهما وعلى المتوسط نصفها وعلى الفقير الكسوب ربعها ولا شيء على الفقير غير الكسوب . أبو حنيفة