إسلام ويب - تفسير النسفي - تفسير سورة الأنفال - تفسير قوله تعالى فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت- الجزء رقم1

فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا إن الله سميع عليم

17 - ولما كسروا أهل مكة، وقتلوا، وأسروا، وكان القاتل منهم يقول تفاخرا: قتلت وأسرت، قيل لهم: فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم والفاء جواب لشرط محذوف، تقديره: إن افتخرتم بقتلهم، فأنتم لم تقتلوهم ولكن [ ص: 637 ] الله قتلهم ولما قال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم: خذ قبضة من تراب فارمهم بها، فرمى بها في وجوههم، وقال: "شاهت الوجوه" فلم يبق مشرك إلا شغل بعينه، فانهزموا، قيل: وما رميت يا محمد إذ رميت ولكن الله رمى يعني: أن الرمية التي رميتها أنت لم ترمها أنت على الحقيقة; لأنك لو رميتها لما بلغ أثرها إلا ما يبلغه أثر رمي البشر، ولكنها كانت رمية الله حيث أثرت ذلك الأثر العظيم، وفي الآية بيان أن فعل العبد مضاف إليه كسبا، وإلى الله تعالى خلقا، لا كما تقول الجبرية والمعتزلة; لأنه أثبت الفعل من العبد بقوله: إذ رميت ثم نفاه عنه وأثبته لله تعالى بقوله: ولكن الله رمى ولكن الله قتلهم (ولكن الله رمى ) بتخفيف (لكن) شامي، وحمزة، وعلي. وليبلي المؤمنين وليعطيهم منه بلاء حسنا عطاء جميلا. والمعنى: وللإحسان إلى المؤمنين فعل ما فعل، وما فعل إلا لذلك. إن الله سميع لدعائهم عليم بأحوالهم.