قوله عز وجل:
nindex.php?page=treesubj&link=10825_11145_27030_28640_28723_29694_30497_30532_32942_34091_34144_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=235ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم علم الله أنكم ستذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه واعلموا أن الله غفور حليم
المخاطبة بهذه الآية لجميع الناس، والمباشر لحكمها هو الرجل الذي في نفسه تزويج معتدة.
والتعريض: هو الكلام الذي لا تصريح فيه، كأنه يعرض لفكر المتكلم به. وأجمعت الأمة على أن
nindex.php?page=treesubj&link=10824الكلام مع المعتدة بما هو نص في تزويجها، وتنبيه عليه، لا يجوز، وكذلك أجمعت على أن الكلام معها بما هو رفث، وذكر جماع، أو تحريض عليه، لا يجوز، وجوز ما عدا ذلك.
ومن أعظمه قربا إلى التصريح،
nindex.php?page=hadith&LINKID=659720قول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس : "كوني عند nindex.php?page=showalam&ids=11598أم شريك، ولا تسبقيني بنفسك . ومن المجوز
nindex.php?page=treesubj&link=25964قول الرجل: إنك إلى خير، وإنك لمرغوب فيك، وإني لأرجو أن أتزوجك، وإن يقدر أمر يكن، هذا هو تمثيل
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300وابن شهاب ، وكثير من أهل العلم في هذا.
وجائز أن يمدح نفسه، ويذكر مآثره على جهة التعريض بالزواج، وقد فعله
أبو جعفر محمد بن علي بن حسين ، واحتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم فعله مع
nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة .
[ ص: 581 ] والهدية إلى المعتدة جائزة، وهي من التعريض، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=13211سحنون وكثير من العلماء. وقد كره
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد أن يقول: لا تسبقيني بنفسك ورآه من المواعدة سرا
وهذا عندي على أن يتأول قول النبي صلى الله عليه وسلم
لفاطمة بنت قيس ، إنه على جهة الرأي لها فيمن يتزوجها، لا أنه أرادها لنفسه، وإلا فهو خلاف لقوله صلى الله عليه وسلم.
nindex.php?page=treesubj&link=10816والخطبة –بكسر الخاء- فعل الخاطب من كلام وقصد واستلطاف بفعل أو قول، يقال: خطبها يخطبها خطبا وخطبة ورجل خطاب كثير التصرف في الخطبة ومنه قول الشاعر:
برح بالعينين خطاب الكثب يقول إني خاطب وقد كذب
وإنما يخطب عسا من حلب
والخطبة فعلة كجلسة وقعدة. والخطبة -بضم الخاء- هي الكلام الذي يقال في النكاح وغيره. و "أكننتم" معناه: سترتم وأخفيتم. تقول
العرب : كننت الشيء من الأجرام، إذا سترته في بيت أو ثوب، أو أرض ونحوه، وأكننت الأمر في نفسي. ولم يسمع من
العرب كننته في نفسي، وتقول: أكن البيت الإنسان ونحو هذا.
nindex.php?page=treesubj&link=10824فرفع الله الجناح عمن أراد تزوج المعتدة مع التعريض ومع الإكنان ونهى عن المواعدة التي هي تصريح بالتزويج وبناء عليه، واتفاق على وعد، فرخص -لعلمه تعالى
[ ص: 582 ] -بغلبة النفوس وطماحها وضعف البشر عن ملكها.
وقوله تعالى: "ستذكرونهن" قال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : ستخطبونهن، كأنه قال: إن لم تنهوا. وقال غير
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : معناه علم الله أنكم ستذكرون النساء المعتدات في نفوسكم وبألسنتكم لمن يخف عندكم، فنهى عن أن يوصل إلى التواعد معها، لما في ذلك من هتك حرمة العدة.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=235ولكن لا تواعدوهن سرا ، ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وابن جبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ، وأصحابه،
nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ، وجمهور أهل العلم إلى أن المعنى: لا توافقوهن بالمواعدة والتوثق وأخذ العهود في استسرار منكم وخفية، فـ "سرا" -على هذا التأويل- نصب على الحال، أي مستسرين. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11867جابر بن زيد ،
وأبو مجلز لاحق بن حميد ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن بن أبي الحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي : السر في هذه الآية الزنى: أي لا تواعدوهن زنى.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
هكذا جاءت عبارة هؤلاء في تفسير السر، وفي ذلك عندي نظر، وذلك أن السر في اللغة يقع على الوطء، حلاله وحرامه، لكن معنى الكلام وقرينته ترد إلى أحد الوجهين، فمن الشواهد قول الحطيئة:
ويحرم سر جارتهم عليهم ويأكل جارهم أنف القصاع
فقرينة هذا البيت تعطي أن السر أراد به الوطء حراما، وإلا فلو تزوجت الجارة كما يحسن لم يكن في ذلك عار، ومن الشواهد قول الآخر:
[ ص: 583 ] أخالتنا سر النساء محرم علي، وتشهاد الندامى مع الخمر
لئن لم أصبح داهنا ولفيفها وناعبها يوما براغية البكر
فقرينة هذا الشعر تعطي أنه أراد تحريم جماع النساء عموما، في حرام وحلال، حتى ينال ثأره.
والآية تعطي النهي عن أن يواعد الرجل المعتدة أن يطأها بعد العدة بوجه التزويج، وأما المواعدة في الزنى فمحرم على المسلم مع معتدة وغيرها.
وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=17141مكي عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992ابن جبير أنه قال: "سرا": نكاحا، وهذه عبارة مخلصة، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد : معنى قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=235ولكن لا تواعدوهن سرا أي: لا تنكحوهن سرا وتكتمون ذلك، فإذا حلت أظهرتموه ودخلتم بهن.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
فابن زيد في معنى السر مع القول الأول، أي خفية. وإنما شذ في أن سمى العقد مواعدة، وذلك قلق، لأن العقد متى وقع -وإن كتم- فإنما هو في عزم العقدة، وحكى مكي عنه أنه قال: الآية منسوخة بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=235ولا تعزموا عقدة النكاح .
nindex.php?page=treesubj&link=12608وأجمعت الأمة على كراهية المواعدة في العدة للمرأة في نفسها وللأب في ابنته البكر، وللسيد في أمته، قال
nindex.php?page=showalam&ids=12927ابن المواز : "فأما الولي الذي لا يملك الجبر فأكرهه وإن نزل لم أفسخه". وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك -رحمه الله- فيمن يواعد في العدة ثم يتزوج بعدها: "فراقها أحب إلي، دخل بها أو لم يدخل، وتكون تطليقة واحدة، فإذا حلت خطبها مع
[ ص: 584 ] الخطاب". هذه رواية
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب ، وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أنه يفرق بينهما إيجابا. وقاله
ابن القاسم ، وحكى
ابن حارث مثله عن
nindex.php?page=showalam&ids=12873ابن الماجشون ، وزاد ما يقتضي أن التحريم يتأبد.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=235إلا أن تقولوا قولا معروفا استثناء منقطع، والقول المعروف: هو ما أبيح من التعريض، وقد ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك ، أن من القول المعروف أن يقول الرجل للمعتدة: احبسي علي نفسك، فإن لي بك رغبة، فتقول هي: وأنا مثل ذلك.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذه عندي مواعدة، وإنما التعريض قول الرجل: إنكم لأكفاء كرام، وما قدر كان، وإنك لمعجبة، ونحو هذا.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=treesubj&link=10825_11145_27030_28640_28723_29694_30497_30532_32942_34091_34144_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=235وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلا أَنْ تَقُولُوا قَوْلا مَعْرُوفًا وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنْ اللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنْ اللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ
الْمُخَاطَبَةُ بِهَذِهِ الْآيَةِ لِجَمِيعِ النَّاسِ، وَالْمُبَاشِرُ لِحُكْمِهَا هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي فِي نَفْسِهِ تَزْوِيجُ مُعْتَدَّةٍ.
وَالتَّعْرِيضُ: هُوَ الْكَلَامُ الَّذِي لَا تَصْرِيحَ فِيهِ، كَأَنَّهُ يَعْرِضُ لِفِكْرِ الْمُتَكَلِّمِ بِهِ. وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=10824الْكَلَامَ مَعَ الْمُعْتَدَّةِ بِمَا هُوَ نَصٌّ فِي تَزْوِيجِهَا، وَتَنْبِيهٌ عَلَيْهِ، لَا يَجُوزُ، وَكَذَلِكَ أَجْمَعَتْ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ مَعَهَا بِمَا هُوَ رَفَثُ، وَذِكْرُ جِمَاعٍ، أَوْ تَحْرِيضٌ عَلَيْهِ، لَا يَجُوزُ، وَجَوَّزَ مَا عَدَا ذَلِكَ.
وَمِنْ أَعْظَمِهِ قُرْبًا إِلَى التَّصْرِيحِ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=659720قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ : "كُونِي عِنْدَ nindex.php?page=showalam&ids=11598أُمِّ شَرِيكٍ، وَلَا تَسْبِقِينِي بِنَفْسِكِ . وَمِنَ الْمُجَوَّزِ
nindex.php?page=treesubj&link=25964قَوْلُ الرَّجُلِ: إِنَّكِ إِلَى خَيْرٍ، وَإِنَّكِ لَمَرْغُوبٌ فِيكِ، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَتَزَوَّجَكِ، وَإِنْ يُقَدَّرْ أَمْرٌ يَكُنْ، هَذَا هُوَ تَمْثِيلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300وَابْنِ شِهَابٍ ، وَكَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذَا.
وَجَائِزٌ أَنْ يَمْدَحَ نَفْسَهُ، وَيَذْكُرَ مَآثِرَهُ عَلَى جِهَةِ التَّعْرِيضِ بِالزَّوَاجِ، وَقَدْ فَعَلَهُ
أَبُو جَعْفَرِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهُ مَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=54أُمِّ سَلَمَةَ .
[ ص: 581 ] وَالْهَدِيَّةُ إِلَى الْمُعْتَدَّةِ جَائِزَةٌ، وَهِيَ مِنَ التَّعْرِيضِ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13211سَحْنُونٌ وَكَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ. وَقَدْ كَرِهَ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ أَنْ يَقُولَ: لَا تَسْبِقِينِي بِنَفْسِكِ وَرَآهُ مِنَ الْمُوَاعَدَةِ سِرًّا
وَهَذَا عِنْدِي عَلَى أَنْ يَتَأَوَّلَ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ ، إِنَّهُ عَلَى جِهَةِ الرَّأْيِ لَهَا فِيمَنْ يَتَزَوَّجُهَا، لَا أَنَّهُ أَرَادَهَا لِنَفْسِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ خِلَافٌ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
nindex.php?page=treesubj&link=10816وَالْخِطْبَةُ –بِكَسْرِ الْخَاءِ- فِعْلُ الْخَاطِبِ مِنْ كَلَامٍ وَقَصْدٍ وَاسْتِلْطَافٍ بِفِعْلٍ أَوْ قَوْلٍ، يُقَالُ: خَطَبَهَا يَخْطِبُهَا خَطْبًا وَخِطْبَةً وَرَجُلٌ خَطَّابٌ كَثِيرُ التَّصَرُّفِ فِي الْخِطْبَةِ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
بَرَحَ بِالْعَيْنَيْنِ خَطَّابُ الْكُثَبِ يَقُولُ إِنِّي خَاطِبٌ وَقَدْ كَذَبَ
وَإِنَّمَا يَخْطُبُ عَسًّا مَنْ حَلَبْ
وَالْخِطْبَةُ فِعْلَةٌ كَجِلْسَةٌ وَقِعْدَةٌ. وَالْخُطْبَةُ -بِضَمِّ الْخَاءِ- هِيَ الْكَلَامُ الَّذِي يُقَالُ فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ. وَ "أَكْنَنْتُمْ" مَعْنَاهُ: سَتَرْتُمْ وَأَخْفَيْتُمْ. تَقُولُ
الْعَرَبُ : كَنَنْتُ الشَّيْءَ مِنَ الْأَجْرَامِ، إِذَا سَتَرْتُهُ فِي بَيْتٍ أَوْ ثَوْبٍ، أَوْ أَرْضٍ وَنَحْوِهِ، وَأَكْنَنْتُ الْأَمْرَ فِي نَفْسِي. وَلَمْ يُسْمَعْ مِنَ
الْعَرَبِ كَنَنْتُهُ فِي نَفْسِي، وَتَقُولُ: أَكَنَّ الْبَيْتُ الْإِنْسَانَ وَنَحْوُ هَذَا.
nindex.php?page=treesubj&link=10824فَرَفَعَ اللَّهُ الْجَنَاحَ عَمَّنْ أَرَادَ تَزَوُّجَ الْمُعْتَدَّةِ مَعَ التَّعْرِيضِ وَمَعَ الْإِكْنَانِ وَنَهَى عَنِ الْمُوَاعَدَةِ الَّتِي هِيَ تَصْرِيحٌ بِالتَّزْوِيجِ وَبِنَاءٌ عَلَيْهِ، وَاتِّفَاقٌ عَلَى وَعْدٍ، فَرَخَّصَ -لِعِلْمِهِ تَعَالَى
[ ص: 582 ] -بِغَلَبَةِ النُّفُوسِ وَطِمَاحِهَا وَضَعْفِ الْبَشَرِ عَنْ مِلْكِهَا.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: "سَتَذْكُرُونَهُنَّ" قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ : سَتَخْطِبُونَهُنَّ، كَأَنَّهُ قَالَ: إِنْ لَمْ تُنْهَوْا. وَقَالَ غَيْرُ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ : مَعْنَاهُ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَ النِّسَاءَ الْمُعْتَدَّاتِ فِي نُفُوسِكُمْ وَبِأَلْسِنَتِكُمْ لِمَنْ يَخِفُّ عِنْدَكُمْ، فَنَهَى عَنْ أَنْ يُوصَلَ إِلَى التَّوَاعُدِ مَعَهَا، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ هَتْكِ حُرْمَةِ الْعِدَّةِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=235وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا ، ذَهَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وَابْنُ جُبَيْرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867وَمَالِكٌ ، وَأَصْحَابُهُ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577وَالشَّعْبِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879وَمُجَاهِدٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16584وَعِكْرِمَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468وَالسُّدِّيُّ ، وَجُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ الْمَعْنَى: لَا تُوَافِقُوهُنَّ بِالْمُوَاعَدَةِ وَالتَّوَثُّقِ وَأَخْذِ الْعُهُودِ فِي اسْتِسْرَارٍ مِنْكُمْ وَخِفْيَةٍ، فَـ "سِرًّا" -عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ- نُصِبَ عَلَى الْحَالِ، أَيْ مُسْتَسِرِّينَ. وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11867جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ ،
وَأَبُو مِجْلَزٍ لَاحِقُ بْنُ حُمَيْدٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102وَالْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14676وَالضَّحَّاكُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354وَإِبْرَاهِيمُ النَّخْعِيُّ : السِّرُّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الزِّنَى: أَيْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ زِنَى.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
هَكَذَا جَاءَتْ عِبَارَةُ هَؤُلَاءِ فِي تَفْسِيرِ السِّرِّ، وَفِي ذَلِكَ عِنْدِي نَظَرٌ، وَذَلِكَ أَنَّ السِّرَّ فِي اللُّغَةِ يَقَعُ عَلَى الْوَطْءِ، حَلَالُهُ وَحَرَامُهُ، لَكِنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ وَقَرِينَتُهُ تُرَدُّ إِلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، فَمِنَ الشَّوَاهِدِ قَوْلُ الْحُطَيْئَةِ:
وَيَحْرُمُ سِرُّ جَارَتِهِمْ عَلَيْهِمْ وَيَأْكُلُ جَارُهُمْ أَنْفَ الْقِصَاعِ
فَقَرِينَةُ هَذَا الْبَيْتِ تُعْطِي أَنَّ السِّرَّ أَرَادَ بِهِ الْوَطْءَ حَرَامًا، وَإِلَّا فَلَوْ تَزَوَّجَتِ الْجَارَةُ كَمَا يَحْسُنُ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ عَارٌ، وَمِنَ الشَّوَاهِدِ قَوْلُ الْآخَرِ:
[ ص: 583 ] أَخَالَتُنَا سِرُّ النِّسَاءِ مُحَرَّمٌ عَلَيَّ، وَتَشْهَادُ النَّدَامَى مَعَ الْخَمْرِ
لَئِنْ لَمْ أُصَبِّحْ دَاهِنًا وَلَفِيفَهَا وَنَاعِبَهَا يَوْمًا بِرَاغِيَةِ الْبِكْرِ
فَقَرِينَةُ هَذَا الشِّعْرِ تُعْطِي أَنَّهُ أَرَادَ تَحْرِيمَ جِمَاعِ النِّسَاءِ عُمُومًا، فِي حَرَامٍ وَحَلَالٍ، حَتَّى يَنَالَ ثَأْرَهُ.
وَالْآيَةُ تُعْطِي النَّهْيَ عَنْ أَنْ يُوَاعِدَ الرِّجْلُ الْمُعْتَدَّةَ أَنْ يَطَأَهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ بِوَجْهِ التَّزْوِيجِ، وَأَمَّا الْمُوَاعَدَةُ فِي الزِّنَى فَمُحَرَّمٌ عَلَى الْمُسْلِمِ مَعَ مُعْتَدَّةٍ وَغَيْرِهَا.
وَحَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=17141مَكِّيٌّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=15992ابْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ: "سِرًّا": نِكَاحًا، وَهَذِهِ عِبَارَةٌ مُخَلِّصَةٌ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابْنُ زَيْدٍ : مَعْنَى قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=235وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا أَيْ: لَا تَنْكِحُوهُنَّ سِرًّا وَتَكْتُمُونَ ذَلِكَ، فَإِذَا حَلَّتْ أَظْهَرْتُمُوهُ وَدَخَلْتُمْ بِهِنَّ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
فَابْنُ زَيْدٍ فِي مَعْنَى السِّرِّ مَعَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، أَيْ خُفْيَةً. وَإِنَّمَا شَذَّ فِي أَنْ سَمَّى الْعَقْدَ مُوَاعِدَةً، وَذَلِكَ قَلَقٌ، لِأَنَّ الْعَقْدَ مَتَى وَقَعَ -وَإِنْ كَتَمَ- فَإِنَّمَا هُوَ فِي عَزْمِ الْعُقْدَةِ، وَحَكَى مَكِّيٌّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: الْآيَةُ مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=235وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ .
nindex.php?page=treesubj&link=12608وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى كَرَاهِيَةِ الْمُوَاعَدَةِ فِي الْعِدَّةِ لِلْمَرْأَةِ فِي نَفْسِهَا وَلِلْأَبِ فِي ابْنَتِهِ الْبِكْرِ، وَلِلسَّيِّدِ فِي أَمَتِهِ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12927ابْنُ الْمَوَّازِ : "فَأَمَّا الْوَلِيُّ الَّذِي لَا يَمْلِكُ الْجَبْرَ فَأَكْرَهُهُ وَإِنْ نَزَلَ لَمْ أَفْسَخْهُ". وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ -رَحِمَهُ اللَّهُ- فِيمَنْ يُوَاعِدُ فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ يَتَزَوَّجُ بَعْدَهَا: "فِرَاقُهَا أَحَبُّ إِلَيَّ، دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ، وَتَكُونُ تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً، فَإِذَا حَلَّتْ خَطَبَهَا مَعَ
[ ص: 584 ] الْخُطَّابِ". هَذِهِ رِوَايَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابْنِ وَهْبٍ ، وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12321أَشْهَبُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ أَنَّهُ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا إِيجَابًا. وَقَالَهُ
ابْنُ الْقَاسِمِ ، وَحَكَى
ابْنُ حَارِثٍ مِثْلَهُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12873ابْنِ الْمَاجِشُونِ ، وَزَادَ مَا يَقْتَضِي أَنَّ التَّحْرِيمَ يَتَأَبَّدُ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=235إِلا أَنْ تَقُولُوا قَوْلا مَعْرُوفًا اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ، وَالْقَوْلُ الْمَعْرُوفُ: هُوَ مَا أُبِيحَ مِنَ التَّعْرِيضِ، وَقَدْ ذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضَّحَّاكُ ، أَنَّ مِنَ الْقَوْلِ الْمَعْرُوفِ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلْمُعْتَدَّةِ: احْبِسِي عَلَيَّ نَفْسَكِ، فَإِنَّ لِي بِكِ رَغْبَةً، فَتَقُولُ هِيَ: وَأَنَا مِثْلُ ذَلِكَ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
وَهَذِهِ عِنْدِي مُوَاعَدَةٌ، وَإِنَّمَا التَّعْرِيضُ قَوْلُ الرَّجُلِ: إِنَّكُمْ لَأَكْفَاءٌ كِرَامٌ، وَمَا قُدِّرَ كَانَ، وَإِنَّكِ لَمُعْجِبَةٌ، وَنَحْوُ هَذَا.