إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق متكئين فيها على الأرائك نعم الثواب وحسنت مرتفقا
قوله عز وجل: إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا اعتراض مؤكد للمعنى، مذكر بأفضال الله تعالى، منبه على حسن جزائه، بين قوله تعالى: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقوله: أولئك لهم جنات ، فقوله تعالى: أولئك لهم جنات عدن ابتداء وخبر، جملة هي خبر "إن" الأولى، ونحو هذا من الاعتراض قول الشاعر:
إن الخليفة -إن الله ألبسه ... سربال ملك -به ترجى الخواتيم
[ ص: 603 ] قال : ويجوز أن يكون خبر "إن" في قوله: الزجاج إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا ; لأن المحسنين هم المؤمنون، فكأن المعنى: لا نضيع أجرهم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ومذهب أن الخبر في قوله تعالى: سيبويه لا نضيع على حذف العائد، تقديره: من أحسن عملا منهم.
و"العدن": الإقامة، ومنه المعدن; لأن حجره مقيم فيه ثابت، وقوله تعالى: من تحتهم يريد: من تحت غرفهم ومبانيهم. وقرأ الجمهور: "من أساور"، وروى عن أبان : "من أسورة" بغير ألف وبزيادة هاء، وواحده الأساور: إسوار وحذفت الياء من الجمع; لأن الباب: أساوير، وهي ما كان في الذراع من الحلي، وقيل: أساور جمع أسورة، وأسورة جمع سوار، وإنما الإسوار بالفارسية القائد ونحوه. عاصم
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ويقال في حلي الذراع: إسوار، ذكره ومنه قول الشاعر: أبو عبيدة معمر،
والله لولا فتية صغار ... كأنما وجوههم أقمار
تضمهم من العتيك دار ... أخاف أن يصيبهم إقتار
أو لاطم ليس له إسوار ... لما رآني ملك جبار
ببابه ما وضح النهار
[ ص: 604 ] أنشده أبو بكر بن الأنباري حاشية في كتاب أبي عبيدة.
و "السندس": رقيق الديباج، و "الإستبرق": ما غلظ منه، وقال بعض المفسرين: هي لفظة أعجمية عربت، وأصلها: استبره، وقال بعضهم بل هو الفعل العربي سمي به، فهو إستبرق، من البريق، فغير حين سمي به بقطع الألف، ويقوي هذا القول أن ابن محيصن قرأ: "من سندس وإستبرق"، فجاء موصول الهمزة حيث وقع، ولا يجره بل بفتح القاف، ذكره وذكره الأسواري، أبو الفتح وقال: هذا سهو أو كالسهو.
و"الأرائك": جمع أريكة، وهو السرير في الحجال، والضمير في قوله: "وحسنت" للجنات، وحكى عن النقاش أنه قال: الإستبرق: الحرير المنسوج بالذهب، وحكى أبي عمران الجوني مكي وغيرهما حديثا مضمنه أن قوله تعالى: والزهراوي إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات الآية نزلت في ، أبي بكر وعمر، وعثمان، رضي الله تعالى عنهم، سأل أعرابي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الآية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للأعرابي: "أعلم قومك أنها نزلت في هؤلاء الأربعة" وهم حضور. وعلي