قوله عز وجل:
nindex.php?page=treesubj&link=18012_18033_23495_28723_30497_32223_32225_32468_33313_34091_34153_34359_34404_34405_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=215يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم nindex.php?page=treesubj&link=25875_30457_32410_34091_7860_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=216كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون nindex.php?page=treesubj&link=30431_30437_30501_30515_30539_30551_30857_31788_32024_32361_32495_33478_34134_34200_34330_34370_8193_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=217يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل
السائلون: هم المؤمنون، والمعنى: يسألونك: ما هي الوجوه التي ينفقون فيها؟
[ ص: 518 ] وأين يضعون ما لزم إنفاقه؟ و "ما" يصح أن تكون في موضع رفع على الابتداء و "ذا" خبرها، فهي بمعنى الذي، و"ينفقون" صلة، وفيه عائد على "ذا" تقديره: ينفقونه. ويصح أن تكون "ماذا" اسما واحدا مركبا في موضع نصب بـ "ينفقون" فيعرى من الضمير، ومتى كانت اسما مركبا فهي في موضع نصب، لا ما جاء من قول الشاعر:
وماذا عسى الواشون أن يتحدثوا سوى أن يقولوا: إنني لك عاشق
فإن عسى لا تعمل فيما قبلها، فـ "ماذا" في موضع رفع، وهو مركب إذ لا صلة لـ "ذا".
قال قوم: هذه الآية في الزكاة المفروضة، وعلى هذا نسخ منها الوالدان ومن جرى مجراهما من الأقربين.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : نزلت هذه الآية قبل فرض الزكاة، ثم نسختها الزكاة المفروضة.
ووهم
المهدوي على
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي في هذا فنسب إليه أنه قال: إن الآية في الزكاة المفروضة ثم نسخ منها الوالدان.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، وغيره: هي ندب، والزكاة غير هذا الإنفاق، فعلى هذا لا نسخ فيها.
واليتم: فقد الأب قبل البلوغ، وتقدم القول في المسكين و"ابن السبيل".
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=215وما تفعلوا جزم بالشرط، والجواب في الفاء. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "يفعلوا" بالياء على ذكر الغائب، وظاهر الآية الخبر، وهي تتضمن الوعد بالمجازاة.
[ ص: 519 ] و"كتب" معناه: فرض، وقد تقدم مثله، وهذا هو فرض الجهاد. وقرأ قوم: "كتب عليكم القتل". وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح : فرض القتال على أعيان أصحاب
محمد ، فلما استقر الشرع وقيم به، صار على الكفاية. وقال جمهور الأمة: أول فرضه إنما كان على الكفاية دون تعيين.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
واستمر الإجماع على أن
nindex.php?page=treesubj&link=7918الجهاد على أمة محمد فرض كفاية، فإذا قام به من قام من المسلمين سقط عن الباقين، إلا أن ينزل العدو بساحة للإسلام فهو حينئذ فرض عين.
وذكر
المهدوي ، وغيره عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري أنه قال: الجهاد تطوع، وهذه العبارة عندي إنما هي على سؤال السائل، وقد قيم بالجهاد فقيل له: ذلك تطوع.
والـ"كره" بضم الكاف: الاسم، وفتحها المصدر، وقال قوم: "الكره" بفتح الكاف ما أكره المرء عليه، و "الكره" ما كرهه هو.
وقال قوم: هما بمعنى واحد.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=216وعسى أن تكرهوا شيئا الآية. قال قوم عسى من الله
[ ص: 520 ] واجبة، والمعنى: عسى أن تكرهوا ما في الجهاد من المشقة
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=216وهو خير لكم في أنكم تغلبون وتظهرون وتغنمون وتؤجرون، ومن مات، مات شهيدا،
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=216وعسى أن تحبوا الدعة وترك القتال
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=216وهو شر لكم في أنكم تغلبون وتذلون ويذهب أمركم.
وفي قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=216والله يعلم الآية قوة أمر.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=217يسألونك عن الشهر الحرام الآية، نزل في قصة
عمرو بن الحضرمي ، وذلك
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية عليها عبد الله بن جحش الأسدي ، مقدمه من بدر الأولى، فلقوا عمرو بن الحضرمي ومعه عثمان بن عبد الله بن المغيرة ، وأخوه نوفل المخزوميان، والحكم بن كيسان ، في آخر يوم من رجب، على ما ذكر nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق ، وفي آخر يوم من جمادى الآخرة على ما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري عن nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي وغيره، والأول أشهر. على أن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قد ورد عنه أن ذاك كان في أول ليلة من رجب، والمسلمون يظنونها من جمادى، وأن القتل في الشهر الحرام لم يقصدوه، وأما على قول nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق فإنهم قالوا: إن تركناهم اليوم دخلوا الحرم ، فأزمعوا قتالهم، فرمى واقد بن عبد الله عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله، وأسر عثمان بن عبد الله [ ص: 521 ] والحكم ، وفر نوفل فأعجزهم واستسهل المسلمون هذا في الشهر الحرام خوف فوتهم، فقالت قريش : محمد قد استحل الأشهر الحرم، وعيروا بذلك، وتوقف النبي صلى الله عليه وسلم. وقال: ما أمرتكم بقتال في الأشهر الحرم ، فنزلت هذه الآية.
وذكر
المهدوي أن سبب هذه الآية; أن
عمرو بن أمية الضمري قتل رجلين من
بني كلاب في رجب فنزلت، وهذا تخليط من
المهدوي . وصاحبا
عمرو كان عندهما عهد من النبي صلى الله عليه وسلم، وكان
عمرو قد أفلت من قصة
بئر معونة ، وذكر
الصاحب بن عباد في رسالته المعروفة بالأسدية: أن
عبد الله بن جحش سمي أمير المؤمنين في ذلك الوقت لكونه مؤمرا على جماعة من المؤمنين.
وقتال بدل عند
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ، وهو بدل الاشتمال. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء : هو خفض بتقدير عن. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة : هو خفض على الجوار. وقوله هذا خطأ، وفي مصحف
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود : "يسألونك عن الشهر الحرام عن قتال فيه" بتكرير "عن" وكذلك قرأها
nindex.php?page=showalam&ids=14355الربيع ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة : "عن الشهر الحرام قتل فيه قل قتل" دون ألف فيهما.
[ ص: 522 ] و"الشهر" في الآية اسم الجنس، وكانت
العرب قد جعل الله لها
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=217الشهر الحرام قواما، تعتدل عنده، فكانت لا تسفك دما، ولا تغير في الأشهر الحرم، وهي: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب.
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله nindex.php?page=hadith&LINKID=694901أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يغزو فيها إلا أن يغزى ، فذلك قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=217قل قتال فيه كبير ، و"صد" مبتدأ مقطوع مما قبله، والخبر "أكبر"،
و"المسجد" معطوف على "سبيل الله"، وهذا هو الصحيح.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء : "صد" عطف على "كبير" وذلك خطأ لأن المعنى يسوق إلى أن قوله: "وكفر به" عطف أيضا على "كبير"، ويجيء من ذلك أن إخراج أهل المسجد منه أكبر من الكفر عند الله، وهذا بين فساده.
ومعنى الآية على قول الجمهور; إنكم يا كفار
قريش تستعظمون علينا القتال في الشهر الحرام، وما تفعلون أنتم من الصد عن سبيل الله لمن أراد الإسلام، ومن كفركم بالله وإخراجكم أهل المسجد منه -كما فعلوا برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه- أكبر جرما عند الله.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ، وغيرهما قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=217قل قتال فيه كبير منسوخ بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36وقاتلوا المشركين كافة وبقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فاقتلوا المشركين وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء : لم تنسخ، ولا ينبغي
nindex.php?page=treesubj&link=8195_8197القتال في الأشهر الحرم، وهذا ضعيف.
[ ص: 523 ] وقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=217والفتنة أكبر من القتل المعنى عند جمهور المفسرين: والفتنة التي كنتم تفتنون المسلمين عن دينهم حتى يهلكوا أشد اجتراما من قتلكم في الشهر الحرام. وقيل: المعنى: والفتنة أشد من أن لو قتلوا ذلك المفتون، أي: فعلكم على كل إنسان أشد من فعلنا. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد وغيره: "الفتنة" هنا: الكفر، أي كفركم أشد من قتلنا أولئك.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=treesubj&link=18012_18033_23495_28723_30497_32223_32225_32468_33313_34091_34153_34359_34404_34405_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=215يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ nindex.php?page=treesubj&link=25875_30457_32410_34091_7860_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=216كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ nindex.php?page=treesubj&link=30431_30437_30501_30515_30539_30551_30857_31788_32024_32361_32495_33478_34134_34200_34330_34370_8193_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=217يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٍ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنِ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ
السَّائِلُونَ: هُمُ الْمُؤْمِنُونَ، وَالْمَعْنَى: يَسْأَلُونَكَ: مَا هِيَ الْوُجُوهُ الَّتِي يُنْفِقُونَ فِيهَا؟
[ ص: 518 ] وَأَيْنَ يَضَعُونَ مَا لَزِمَ إِنْفَاقُهُ؟ وَ "مَا" يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَ "ذَا" خَبَرُهَا، فَهِيَ بِمَعْنَى الَّذِي، وَ"يُنْفِقُونَ" صِلَةٌ، وَفِيهِ عَائِدٌ عَلَى "ذَا" تَقْدِيرُهُ: يُنْفِقُونَهُ. وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ "مَاذَا" اسْمًا وَاحِدًا مُرَكَّبًا فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِـ "يُنْفِقُونَ" فَيُعَرَّى مِنَ الضَّمِيرِ، وَمَتَّى كَانَتِ اسْمًا مُرَكَّبًا فَهِيَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ، لَا مَا جَاءَ مِنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ:
وَمَاذَا عَسَى الْوَاشُونَ أَنْ يَتَحَدَّثُوا سِوَى أَنْ يَقُولُوا: إِنَّنِي لَكَ عَاشِقُ
فَإِنْ عَسَى لَا تَعْمَلُ فِيمَا قَبْلَهَا، فـَ "مَاذَا" فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ، وَهُوَ مُرَكَّبٌ إِذْ لَا صِلَةَ لِـ "ذَا".
قَالَ قَوْمٌ: هَذِهِ الْآيَةُ فِي الزَّكَاةِ الْمَفْرُوضَةِ، وَعَلَى هَذَا نُسِخَ مِنْهَا الْوَالِدَانِ وَمَنْ جَرَى مَجْرَاهُمَا مِنَ الْأَقْرَبِينَ.
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَبْلَ فَرْضِ الزَّكَاةِ، ثُمَّ نَسَخَتْهَا الزَّكَاةُ الْمَفْرُوضَةُ.
وَوَهِمَ
الْمَهْدَوِيُّ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ فِي هَذَا فَنَسَبَ إِلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الْآيَةَ فِي الزَّكَاةِ الْمَفْرُوضَةِ ثُمَّ نَسَخَ مِنْهَا الْوَالِدَانِ.
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ ، وَغَيْرُهُ: هِيَ نَدْبٌ، وَالزَّكَاةُ غَيْرُ هَذَا الْإِنْفَاقِ، فَعَلَى هَذَا لَا نَسْخَ فِيهَا.
وَالْيُتْمُ: فَقْدُ الْأَبِ قَبْلَ الْبُلُوغِ، وَتَقَدُّمُ الْقَوْلِ فِي الْمِسْكِينِ وَ"ابْنِ السَّبِيلِ".
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=215وَمَا تَفْعَلُوا جَزْمٌ بِالشَّرْطِ، وَالْجَوَابُ فِي الْفَاءِ. وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "يَفْعَلُوا" بِالْيَاءِ عَلَى ذِكْرِ الْغَائِبِ، وَظَاهِرُ الْآيَةِ الْخَبَرُ، وَهِيَ تَتَضَمَّنُ الْوَعْدَ بِالْمُجَازَاةِ.
[ ص: 519 ] وَ"كُتِبَ" مَعْنَاهُ: فُرِضَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَثَلَهُ، وَهَذَا هُوَ فَرْضُ الْجِهَادِ. وَقَرَأَ قَوْمٌ: "كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقَتْلُ". وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16568عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ : فُرِضَ الْقِتَالُ عَلَى أَعْيَانِ أَصْحَابِ
مُحَمَّدٍ ، فَلَمَّا اسْتَقَرَّ الشَّرْعُ وَقَيَّمَ بِهِ، صَارَ عَلَى الْكِفَايَةِ. وَقَالَ جُمْهُورُ الْأُمَّةِ: أَوَّلُ فَرْضِهِ إِنَّمَا كَانَ عَلَى الْكِفَايَةِ دُونَ تَعْيِينٍ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
وَاسْتَمَرَّ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=7918الْجِهَادَ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ فَرْضُ كِفَايَةٍ، فَإِذَا قَامَ بِهِ مَنْ قَامَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ سَقَطَ عَنِ الْبَاقِينَ، إِلَّا أَنْ يَنْزِلَ الْعَدُوُّ بِسَاحَةٍ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ حِينَئِذٍ فَرْضُ عَيْنٍ.
وَذَكَرَ
الْمَهْدَوِيُّ ، وَغَيْرُهُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: الْجِهَادُ تَطَوُّعٌ، وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ عِنْدِي إِنَّمَا هِيَ عَلَى سُؤَالِ السَّائِلِ، وَقَدْ قَيَّمَ بِالْجِهَادِ فَقِيلَ لَهُ: ذَلِكَ تَطَوُّعٌ.
وَالْـ"كُرْهُ" بِضَمِّ الْكَافِ: الِاسْمُ، وَفَتْحُهَا الْمَصْدَرُ، وَقَالَ قَوْمٌ: "الْكُرْهُ" بِفَتْحِ الْكَافِ مَا أُكْرِهَ الْمَرْءُ عَلَيْهِ، وَ "الْكُرْهُ" مَا كَرِهَهُ هُوَ.
وَقَالَ قَوْمٌ: هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=216وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا الْآيَةُ. قَالَ قَوْمٌ عَسَى مِنَ اللَّهِ
[ ص: 520 ] وَاجِبَةٌ، وَالْمَعْنَى: عَسَى أَنْ تَكْرَهُوا مَا فِي الْجِهَادِ مِنَ الْمَشَقَّةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=216وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ فِي أَنَّكُمْ تَغْلِبُونَ وَتَظْهَرُونَ وَتَغْنَمُونَ وَتُؤَجِّرُونَ، وَمَنْ مَاتَ، مَاتَ شَهِيدًا،
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=216وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا الدَّعَةُ وَتَرْكُ الْقِتَالِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=216وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ فِي أَنَّكُمْ تُغْلَبُونَ وَتُذَلُّونَ وَيَذْهَبُ أَمْرُكُمْ.
وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=216وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْآيَةُ قُوَّةُ أَمْرٍ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=217يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ الْآيَةُ، نَزَلَ فِي قِصَّةِ
عَمْرِو بْنِ الْحَضْرَمِيِّ ، وَذَلِكَ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ سِرِّيَّةً عَلَيْهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ الْأَسَدِيُّ ، مُقَدِّمُهُ مِنْ بَدْرٍ الْأُولَى، فَلَقُوا عَمْرَو بْنَ الْحَضْرَمِيِّ وَمَعَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، وَأَخُوهُ نَوْفَلُ الْمَخْزُومِيَّانِ، وَالْحَكَمُ بْنُ كِيسَانَ ، فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَجَبٍ، عَلَى مَا ذَكَرَ nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ ، وَفِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ عَنِ nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ وَغَيْرِهِ، وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ. عَلَى أَنَّ nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنَ عَبَّاسٍ قَدْ وَرَدَ عَنْهُ أَنَّ ذَاكَ كَانَ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَجَبٍ، وَالْمُسْلِمُونَ يَظُنُّونَهَا مِنْ جُمَادَى، وَأَنَّ الْقَتْلَ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ لَمْ يَقْصِدُوهُ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنِ إِسْحَاقَ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: إِنْ تَرَكْنَاهُمُ الْيَوْمَ دَخَلُوا الْحَرَمَ ، فَأَزْمَعُوا قِتَالَهُمْ، فَرَمَى وَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَمْرَو بْنَ الْحَضْرَمِيِّ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ، وَأُسِرَ عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ [ ص: 521 ] وَالْحَكَمُ ، وَفَّرَ نَوْفَلُ فَأَعْجَزَهُمْ وَاسْتَسْهَلَ الْمُسْلِمُونَ هَذَا فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ خَوْفَ فَوْتِهِمْ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ : مُحَمَّدٌ قَدِ اسْتَحَلَّ الْأَشْهُرَ الْحُرُمَ، وَعَيَّرُوا بِذَلِكَ، وَتَوَقَّفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ: مَا أَمَرْتُكُمْ بِقِتَالٍ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.
وَذَكَرَ
الْمَهْدَوِيُّ أَنَّ سَبَبَ هَذِهِ الْآيَةِ; أَنَّ
عَمْرَو بْنَ أُمِّيَّةَ الضَّمْرِيَّ قَتَلَ رَجُلَيْنِ مِنْ
بَنِي كِلَابٍ فِي رَجَبٍ فَنَزَلَتْ، وَهَذَا تَخْلِيطٌ مِنَ
الْمَهْدَوِيِّ . وَصَاحِبَا
عَمْرٍو كَانَ عِنْدَهُمَا عَهْدٌ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ
عَمْرُو قَدْ أَفْلَتَ مِنْ قِصَّةِ
بِئْرِ مَعُونَةَ ، وَذَكَرَ
الصَّاحِبُ بْنُ عَبَّادٍ فِي رِسَالَتِهِ الْمَعْرُوفَةِ بِالْأَسْدِيَّةِ: أَنَّ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ سُمِّيَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لِكَوْنِهِ مُؤَمَّرًا عَلَى جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ.
وَقِتَالٍ بَدَلٌ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ ، وَهُوَ بَدَلُ الِاشْتِمَالِ. وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفَّرَّاءُ : هُوَ خَفْضٌ بِتَقْدِيرِ عَنْ. وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12078أَبُو عُبَيْدَةَ : هُوَ خَفْضٌ عَلَى الْجِوَارِ. وَقَوْلُهُ هَذَا خَطَأٌ، وَفِي مُصْحَفِ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ : "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ عَنْ قِتَالِ فِيهِ" بِتَكْرِيرِ "عَنْ" وَكَذَلِكَ قَرَأَهَا
nindex.php?page=showalam&ids=14355الرَّبِيعُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16584عِكْرِمَةُ : "عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قَتْلٌ فِيهِ قُلْ قَتْلٌ" دُونَ أَلِفٍ فِيهِمَا.
[ ص: 522 ] وَ"الشَّهْرِ" فِي الْآيَةِ اسْمُ الْجِنْسِ، وَكَانَتِ
الْعَرَبُ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=217الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِوَامًا، تَعْتَدِلُ عِنْدَهُ، فَكَانَتْ لَا تَسْفِكُ دَمًا، وَلَا تُغَيِّرُ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، وَهِيَ: ذُو الْقِعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمِ، وَرَجَبٌ.
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ nindex.php?page=hadith&LINKID=694901أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَغْزُو فِيهَا إِلَّا أَنْ يُغْزَى ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=217قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ، وَ"صَدٌّ" مُبْتَدَأٌ مَقْطُوعٌ مِمَّا قَبْلَهُ، وَالْخَبَرُ "أَكْبَرُ"،
وَ"الْمَسْجِدُ" مَعْطُوفٌ عَلَى "سَبِيلِ اللَّهِ"، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ.
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفَّرَّاءُ : "صَدٌّ" عَطْفٌ عَلَى "كَبِيرٌ" وَذَلِكَ خَطَأٌ لِأَنَّ الْمَعْنَى يَسُوقُ إِلَى أَنَّ قَوْلَهُ: "وَكُفْرٌ بِهِ" عَطْفٌ أَيْضًا عَلَى "كَبِيرٌ"، وَيَجِيءُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ إِخْرَاجَ أَهْلِ الْمَسْجِدِ مِنْهُ أَكْبَرُ مِنَ الْكُفْرِ عِنْدَ اللَّهِ، وَهَذَا بَيْنَ فَسَادِهِ.
وَمَعْنَى الْآيَةِ عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ; إِنَّكُمْ يَا كُفَّارَ
قُرَيْشٍ تَسْتَعْظِمُونَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، وَمَا تَفْعَلُونَ أَنْتُمْ مِنَ الصَّدِّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لِمَنْ أَرَادَ الْإِسْلَامَ، وَمَنْ كُفْرُكُمْ بِاللَّهِ وَإِخْرَاجُكُمْ أَهْلَ الْمَسْجِدِ مِنْهُ -كَمَا فَعَلُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ- أَكْبَرُ جُرْمًا عِنْدَ اللَّهِ.
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879وَمُجَاهِدٌ ، وَغَيْرُهُمَا قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=217قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً وَبِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16568عَطَاءٌ : لَمْ تُنْسَخْ، وَلَا يَنْبَغِي
nindex.php?page=treesubj&link=8195_8197الْقِتَالُ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ.
[ ص: 523 ] وَقَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=217وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ الْمَعْنَى عِنْدَ جُمْهُورِ الْمُفَسِّرِينَ: وَالْفِتْنَةُ الَّتِي كُنْتُمْ تَفْتِنُونَ الْمُسْلِمِينَ عَنْ دِينِهِمْ حَتَّى يَهْلَكُوا أَشَدَّ اجْتِرَامًا مِنْ قَتْلِكُمْ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى: وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنْ أَنْ لَوْ قَتَلُوا ذَلِكَ الْمَفْتُونَ، أَيْ: فِعْلُكُمْ عَلَى كُلِّ إِنْسَانٍ أَشَدُّ مِنْ فِعْلِنَا. وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ: "الْفِتْنَةُ" هُنَا: الْكُفْرُ، أَيْ كُفْرُكُمْ أَشَدُّ مِنْ قَتْلِنَا أُولَئِكَ.