فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم .
فتلقى آدم من ربه كلمات : أي: استقبلها بالأخذ؛ والقبول؛ والعمل بها؛ حين علمها؛ ووفق لها؛ وقرئ بنصب "آدم"؛ ورفع "كلمات"؛ دلالة على أنها استقبلته وبلغته؛ وهي قوله (تعالى): ربنا ظلمنا أنفسنا ؛ الآية.. وقيل: "سبحانك اللهم وبحمدك؛ وتبارك اسمك؛ وتعالى جدك؛ لا إله إلا أنت؛ ظلمت نفسي؛ فاغفر لي؛ إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت"؛ وعن - رضي الله عنهما -: "قال: يا رب؛ ألم تخلقني بيدك؟ قال: بلى. قال: يا رب؛ ألم تنفخ في من روحك؟ قال: بلى. قال: يا رب؛ ألم تسبق رحمتك غضبك؟ قال: بلى. قال: ألم تسكني جنتك؟ قال: بلى. قال: يا رب؛ إني تبت؛ وأصلحت؛ أراجعي أنت إلى الجنة؟ قال: نعم". والفاء للدلالة على أن التوبة حصلت عقيب الأمر بالهبوط؛ قبل تحقق المأمور به. والتعرض لعنوان الربوبية؛ مع الإضافة إليه - عليه السلام -؛ للتشريف؛ والإيذان بعليته لإلقاء الكلمات المدلول عليه بتلقيها. ابن عباس
فتاب عليه : أي: رجع عليه بالرحمة؛ وقبول التوبة؛ والفاء للدلالة على ترتبه على تلقي الكلمات؛ المتضمن لمعنى التوبة؛ التي هي عبارة عن الاعتراف بالذنب؛ والندم عليه؛ والعزم على عدم العود إليه ؛ واكتفي بذكر شأن آدم - عليه السلام - لما أن حواء تبع له في الحكم؛ ولذلك طوي ذكر النساء في أكثر مواقع الكتاب؛ والسنة.
إنه هو التواب : أي: الرجاع على عباده بالمغفرة؛ أو: الذي يكثر إعانتهم على التوبة؛ وأصل التوب: الرجوع ؛ فإذا وصف به العبد كان رجوعا عن المعصية؛ وإذا وصف به الباري - عز وعلا - أريد به الرجوع عن العقاب إلى المغفرة.
الرحيم : المبالغ في الرحمة؛ وفي الجمع بين الوصفين وعد بليغ للتائب بالإحسان؛ مع العفو والغفران؛ والجملة تعليل لقوله (تعالى): فتاب عليه .