ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ولله ميراث السماوات والأرض والله بما تعملون خبير
ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بيان لحال البخل ووخامة عاقبته وتخطئة لأهله في توهم خيريته حسب بيان حال الإملاء ، وإيراد ما بخلوا به بعنوان إيتاء الله تعالى إياه من فضله للمبالغة في بيان سوء صنيعهم فإن ذلك من موجبات بذله في سبيله كما في قوله تعالى: وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه والفعل مسند إلى الموصول والمفعول الأول محذوف لدلالة الصلة عليه وضمير الفصل راجع إليه، أي: لا يحسبن الباخلون بما آتاهم الله من فضله من غير أن يكون لهم مدخل فيه أو استحقاق له هو خيرا لهم من إنفاقه. وقيل: الفعل مسند إلى ضمير النبي صلى الله عليه وسلم أو إلى ضمير من يحسب والمفعول الأول هو الموصول بتقدير مضاف والثاني ما ذكر كما هو كذلك على قراءة الخطاب، أي: ولا يحسبن بخل الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم. بل هو شر لهم التنصيص على شريته لهم مع انفهامها من نفي خيريته للمبالغة في ذلك والتنوين للتفخيم. وقوله تعالى: سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة بيان لكيفية شريته، أي: سيلزمون وبال ما بخلوا به إلزام الطوق على أنه حذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه للإيذان بكمال المناسبة بينهما. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: وقيل: "ما من رجل لا يؤدي زكاة ماله إلا جعل الله له شجاعا في عنقه يوم القيامة". "يجعل ما بخل به من الزكاة حية في عنقه تنهشه من قرنه إلى قدمه وتنقر رأسه وتقول أنا مالك". ولله وحده لا لأحد غيره استقلالا أو اشتراكا. ميراث السماوات والأرض أي: ما يتوارثه أهلهما من مال وغيره من الرسالات التي يتوارثها أهل السموات والأرض فما لهم يبخلون عليه بملكه ولا ينفقونه في سبيله أو أنه يرث منهم ما يمسكونه ولا ينفقونه في سبيله تعالى عند هلاكهم وتبقى عليهم الحسرة والندامة. والله بما تعملون من المنع والبخل. خبير فيجازيكم على ذلك، وإظهار الاسم الجليل في موضع الإضمار [ ص: 121 ] لتربية المهابة والالتفات للمبالغة في الوعيد والإشعار باشتداد غضب الرحمن الناشئ من ذكر قبائحهم، وقرئ بالياء على الظاهر.