ما ضل صاحبكم وما غوى
ما ضل صاحبكم أي: ما عدل عن طريق الحق الذي هو مسلك الآخرة. وما غوى أي: وما اعتقد باطلا قط أي: هو في غاية الهدى والرشد وليس مما تتوهمونه من الضلال والغواية في شيء أصلا، وأما على الثالث فلأنه تنويه بشأن القرآن كما أشير إليه في مطلع سورة يس وسورة الزخرف وتنبيه على مناط اهتدائه عليه الصلاة والسلام ومدار رشاده كأنه قيل: والقرآن الذي هو علم في الهداية إلى مناهج الدين ومسالك الحق ما ضل عنها محمد عليه الصلاة والسلام وما غوى، والخطاب لقريش وإيراده عليه الصلاة والسلام بعنوان صاحبيته لهم وللإيذان بوقوفهم على تفاصيل أحواله الشريفة وإحاطتهم خبرا ببراءته عليه الصلاة والسلام مما نفى عنه بالكلية واتصافه عليه الصلاة والسلام بغاية الهدى والرشاد، فإن طول صحبتهم له عليه الصلاة والسلام ومشاهدتهم لمحاسن شؤونه العظيمة مقتضية لذلك حتما وتقييد القسم بوقت الهوي على الوجه الأخير ظاهر، وأما على الأولين فلأن النجم لا يهتدي به الساري عند كونه في وسط السماء ولا يعلم المشرق من المغرب ولا الشمال من الجنوب وإنما يهتدي به عند هبوطه أو صعوده مع ما فيه من كمال المناسبة لما سيحكى من تدلي جبريل من الأفق الأعلى ودنوه منه عليهما السلام هذا هو اللائق بشأن التنزيل الجليل، وأما حمل هويه على انتثاره يوم القيامة أو على انقضاض النجم الذي يرجم به أو حمل النجم على النبات وحمل هويه على سقوطه على الأرض أو [ ص: 155 ] على ظهوره منها فمما لا يناسب المقام.