إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه أي: كبائر الذنوب التي نهاكم الشرع عنها مما ذكر ههنا ومالم يذكر، وقرئ "كبير" على إرادة الجنس. نكفر عنكم بنون العظمة على طريقة الالتفات، وقرئ بالياء بالإسناد إليه تعالى والتكفير: إماطة المستحق من العقاب بثواب أزيد أو بتوبة، أي: نغفر لكم. سيئاتكم صغائركم ونمحها عنكم، قال المفسرون: الصلاة إلى الصلاة والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن من الصغائر إذا اجتنبت الكبائر، واختلف في الكبائر والأقرب أن الكبيرة كل ذنب رتب الشارع عليه الحد أو صرح بالوعيد، وقيل: ما علم حرمته بقاطع وعن النبي صلى الله عليه وسلم وعن "أنها سبع الإشراك بالله تعالى وقتل النفس التي حرمها الله تعالى وقذف المحصنات وأكل مال اليتيم والربا والفرار من الزحف وعقوق الوالدين"، رضي الله عنه التعقب بعد الهجرة مكان عقوق الوالدين، وزاد علي رضي الله عنهما السحر واستحلال ابن عمر البيت الحرام، وعن رضي الله عنهما أن رجلا قال له: الكبائر سبع; قال: هي إلى سبعمائة أقرب منها إلى سبع، وروي عنه إلى سبعين إذ لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار، وقيل: أريد به أنواع الشرك لقوله تعالى: ابن عباس إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء وقيل: صغر الذنوب وكبرها بالإضافة إلى ما فوقها وما تحتها وبحسب فاعلها بل بحسب الأوقات والأماكن أيضا، فأكبر الكبائر الشرك وأصغر الصغائر حديث النفس وما بينهما وسايط يصدق عليه الأمران فمن عن له أمران منها ودعت نفسه إليهما بحيث لا يتمالك فكفها عن أكبرهما كفر عنه ما ارتكبه لما استحق على اجتناب الأكبر من الثواب. وندخلكم مدخلا بضم الميم اسم مكان هو الجنة. كريما أي: حسنا مرضيا أو مصدر ميمي، أي: إدخالا مع كرامة، وقرئ بفتح الميم وهو أيضا يحتمل المكان والمصدر ونصبه على الثاني بفعل مقدر مطاوع للمذكور، أي: ندخلكم فتدخلون مدخلا أو دخولا كريما كما في قوله:
وعضة دهر يا ابن مروان لم تدع ... من المال إلا مسحت أو مجلف
أي: لم تدع فلم يبق إلا مسحت إلخ .